علم الاثار
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: البــحـــــــث العـلـمــــــي :: رســـــائـل ماجستــــير و دكتــوراه البحــــث العلمــــــي و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: الموسوعة العلمية الشاملة
صفحة 3 من اصل 3
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
رد: علم الاثار
تابع علم الاثار
أولاً : المسح بالموجات الكهربائية :
تعتمد أقطاب كهربائية على جهاز الجراديوميتر أو البليبر وتقوم فكرته على حفر أربع حفرات في التربة على خط مستقيم وأبعاد متساوية وتوضع أقطاب كهربائية في الحفرة الأولى والأخيرة وتوصل بتيار متقطع ويقدر فارق الجهد في الحفرتين الخاليتين إذ إن الجهد يتناسب عكسيا مع عمق كل حفرة والمسافة بينهما . وبتغيير المسافات يمكن تقدير مقاومة الأجسام غير المتجانسة مع التربة وعمقها على وجه التقريب ، تطورت هذه الطريقة للتغلب على المشكلات التي واجهتها وهي اختلاف الرطوبة في المواقع المختلفة مما جعل القراءات غير دقيقة ، لذا يجب تسجيل القراءات على جدران المبنى فالقراءة العالية تبين ارتفاع نسبة الرطوبة مما يبرهن على وجند خندق أو حفرة خالية من المباني .
المسح المغناطيسي :
يعتمد هذا النوع من المسح على جهاز الماجنوميتر البريتوني الذي يسجل القراءات المختلفة للمجال المغناطيسي أي أنه يمكن بواسطته قياس المجال المغناطيسي داخل التربة ، فإذا كانت التربة متجانسة وتخلو من الآثار فإن قراءات الجهاز تكون بنفس الدرجة أما إذا اختلفت القراءة فيعني هذا وجود مواد لها مجال مغناطيسي في هذه التربة .
ولتطبيق هذه الطريقة تقسم الأرض على مربعات وعند كل تقاطع يقاس التردد المغناطيسي وتسجل لمقارنتها ببقية المربعات وبالتباين يمكن تحديد موقع الأثر وامتداده .
ولكن يجب توخي الحذر عند استخدام هذا الجهاز فإن أي مادة لها مجال مغناطيسي بالقرب منه تجعل قراءاته غير صحيحة .
الجس باستخدام البريسكوب :
كان بريسكوب نستري وهو عبارة عن حفار أسطواني في نهايته كاميرا تصوير فوتوغرافي هو الوسيلة المستخدمة في معرفة محتويات حفرة أو حجرة مجوفة أو مقبرة منذ أن استخدمته مؤسسة :ليرتشي" التابعة لجامعة ميلانو في الكشف عن مقابر تاركويني بجنوب إيطاليا إلى أن تطورت التقنية الحديثة واستطاع معهد ستامفورد بالولايات المتحدة استخدام البريسكوب المزود بكاميرا تصوير فيديو تتصل بجهاز عرض أمكن من خلالها معرفة محتويات حفرة ضخمة بجوار مراكب الشمس بالجيزة ووجدوا أجزاء مركب آخر لم يتم استخراجه لحين إعداد متحف خاص به وحتى لا يضار إذا استخرج دون التجهيزات المسبقة .
التحليل الكيميائي لعناصر التربة :
يمكن بتحليل عينات التربة تحديد ما إذا كانت توجد بها عناصر تبرهن على الوجود الإنساني في هذه المنطقة من خلال نسبة فوسفات الكالسيوم والنتروجين والكربون الموجودة في عظام الحيوانات وفضلاتها وعظام الإنسان . كما أن حبوب اللقاح تبين أنواع النباتات التي كانت تنمو في المنطقة قديم ويمكن فحصها بالميكروسكوب .
المسح الأثري
قبل القيام بالمسح الأثري يجب تجهيز خرائط مساحية وكنتورية وطبيعية عن الموقع لا يقل مقياسها عن 1/20000 أو 1/25000 لفائدتها في تحديد الطرق القديمة والسدود والمواقع بشكل واضح . وخرائط قديمة إن توفر ذلك .
تجميع كل ما كتب قديما وحديثا عن الموقع سواء كانت كتابات مباشرة أو غير مباشرة ، خاصة الكتابات الكلاسيكية وتقارير الحفائر السابقة إن كان قد جرى به حفائر . وإعداد كافة التي سبق ذكرها في الفصل الخاص بها ويجهز فريق للمسح الأثري حسب مساحة المكان المقترح فإن كانت المساحة كبيرة يمكن تجهيز مجموعتين أو ثلاث واستخدام عداد السيارة كوسيلة قياس .
يتم البحث عن مقومات الاستيطان من مياه ومناجم أو مراعي أو غيرها من مقومات الحياة دون أن يضع في اعتباره الحدود السياسية كحد للاستقرار وكذلك عليه أن يفكر في وسائل التنقل القديمة البرية والنهرية والبحرية ليربط بين أماكن الاستقرار قديما ويضع في اعتباره تأثير التضاريس وأن منها ما يمكن أن يكون مستقرا قديما ولا يصلح حديثا .
إن عملية المسح الأثري تقوم على جمع المخلفات الأثرية من سطح الأرض ومعاينة المباني وتوقيعها على الخرائط إن كانت أطلالها باقية أو ظاهرة للعين المجردة . مع الوضع في الاعتبار تأثير عوامل التعرية والظروف الطبيعية المناوئة للأثر .
تبدأ عملية المسح أولا بالتصوير الفوتوغرافي ثم تقسيمه إلى مربعات لتسجيل اللقى الخاصة بكل مربع ووضعها في كيس واحد مع بياناته ، وعمل نسخ مطاطية شفافة ثم مادة اللاتيكس لكل نقش وتصويره ويحسن استخدام كاميرا الفيديو إلى جانب التصوير الفوتوغرافي أهم المخلفات التي يتم جمعها هي الفخار والزجاج والعملة والجص الملون وعينات من المونة وأحجار البناء والمعادن والفحم الكربوني والخشب والعظام دونما إهمال لصغيرة أو كبيرة وتسجيلها في الموقع لضمان الدقة في قراءة هذه المخلفات وتحديد أكثر المربعات أهمية واحتمالاته من حيث الآثار التي يحويها .
يجب أيضا اصطحاب دليل من سكان المنطقة خاصة في المناطق النائية ويحسن التعرف بأهل المنطقة ومناقشتهم للحصول على معلومات عن الموقع يمكن الاستفادة منها فمثلا في منطقة بوتو خارج المنطقة المقدسة توجد منطقة يطلق عليها الآهلون كوم الذهب وبمناقشة الأهالي ذكروا أن أجدادهم كانوا يحفرون بها ويستخرجون تماثيل من الذهب .
إذا كان المسح لمنطقة من عصر ما قبل التاريخ فيجب أخذ عينات من التربة لتحليلها .
تخطيط موقع الحفائر
يتحكم نوع وهدف الحفائر في حجم البعثة وتخطيط الحفائر ومنهاج العمل فيها ، فمثلا إذا كان الهدف من الحفائر إنقاذ تهدده الأخطار مثل الغرق أو مشروع حديث يتهدها فهنا تكون البعثة قليلة العدد يكفي عضوان لهما خبرة من الأثريين ويتم عمل مجسات لجمع أكبر قدر من المعلومات في أقصر وقت مع تبسيط طريق الحفر .
أفضل نظام لحفر هذه الحفائر هو تخطيط الخنادق المتبادلة بحيث يتم تخطيط الموقع على شكل سلسلة متوازية متساوية في المساحة من الخنادق المجاورة لبعضها بحيث يلقى الرديم الناتج عن حفر خندق في الخندق الذي يليه .
أما إذا كان الهدف الحصول على معلومات أساسية عن حضارة بعينها فيكون نظام العمل بالحفائر محدودا من الوقت والتكاليف وهذا النوع من الحفائر يعرف بالحفائر المنتقاة Selective أما الحفائر المنظمة الكاملة فيجب جمع المعلومات عن الحضارة التي نبحث عنها وهنا يتأتى الهدف ونظام العمل للإجابة عن كل التساؤلات التي يحيط بها الغموض عن هذه الحضارة .
هنا يجب أن ندرك ما الهدف من عملية التنقيب وكيف يمكن تحقيقه دونما إخلال بالقواعد العامة في التنقيب ، وهي من التي أصبحت بديهيات تقنية مثل متابعة تغير لون كل طبقة وحفظ وتسجيل مخلفاتها أولا بأول وبدقة تضمن التفسير الصحيح وتؤمن عدم ضياع التراث البشري . وهنا يجب ألا نغفل القاعدة الأساسية وهي لابد من أن تكون للمنقب الخبرة والثقافة التي تؤهله لتنفيذ هذا العمل . ويجب أن يكون مرنا في فكره ليحل المشكلات التقنية في التنقيب ، رغم أنه لا توجد طريقة مثالية أو نموذجية للإحتذاء بها في تخطيط الموقع إلا إن هناك ضرورة لوضع نظام لتحقيق القواعد التي تضمن دقة وسلامة العمل .
إن طبيعة الموقع تفرض على المنقب أحيانا نظما بعينها لكن المنقب الخبير يستطيع التغلب على هذه العقبات دونما الحاجة إلى كسر قواعد التنقيب الصحيحة . قبل البدء في العمل وعند الشروع فيه لابد من اختيار الموقع المناسب لرمى الرديم الناتج عن الحفائر بحيث لا يكون في مهب للرياح فيردم الموقع عند هبوب الرياح ولا يجب أن يكون من الأماكن التي توجد بها آثار مما يضطرنا لرفعة ثانية عندما تمتد الحفائر إليه وفي نفس الوقت يجب ألا يكون بعيدا جدا فيرهق العمال ويبطيء العمل .
أنماط تخطيط مواقع الحفائر
النظام الشبكي Grid System:
يتم تحديد الموقع وتحديد الاتجاهات الأصلية ومستوى سطح البحر وإن لم يتيسر يجب تحديد أعلى نقطة في الموقع يمكن رؤيتها من جميع الجهات لتكون مقياسا وتعرف بالنقطة المحددة Datum Point وتوضع أربعة أوتاد عند أركان الموقع لتحديده مساحيا ثم يقسم الموقع إلى مربعات طول ضلعها يتناسب مع المساحة الكلية المراد تنقيبها والمدة المقترحة والتمويل الكافي لها . وإن يفضل أن تكون في حدود عشرة أمتار إذا كان المتوقع العثور على مباني متوسطة والأمر متروك للمنقب . يراعي ألا يخرج التخطيط عن الأركان الأربعة المحددة للمربع الأصلي . تفصل بين المربعات ممرات لمرور العمال في دود المتر ليسير عليها العمال الذين يحملون الرديم .
النظام الشبكي المتقطع Interrupted Grid System :
يخطط الموقع على شكل مربعات أو مستطيلات أبعادها متران طولا ومتر عرضا وفصل بين كل مربع وآخر متر كممر للعمال ولا يزيد الحفر عن متر عمقا ويمكن حفر الممرات للحصول على رؤية كاملة للقطاع ولكن الهدف من هذا النظام جس أكبر مساحة ممكنة على عمق متر.
نظام النقطPoint System :
يقسم الموقع نقطياً إلى مربعات بواسطة إشارات أو أوتاد ليكون كل وتد كعلامة لعمل مجسات مربعة طول ضلعها متر ونصف بهدف إجراء مسح سريع لمساحة كبيرة مع ضرورة أن تكون المربعات قريبة من بعضها حتى لا نفقد أثرا تحت الأرض ويرجع تقدير المسافة بين كل مربعين إلى طبيعة الموقع ونتائج جس المربعات الأولى .
نظام التخطيط الصندوقي Box System :
يستخدم هذا النظام إذا كان الهدف دراسة مخلفات الطبقات بغرض تأريخ المنطقة إذ أن هذا النظام يهدف إلى الوصول الصخر البكر virgin rock ،ويتم فيه تقسيم الموقع إلى مربعات بواسطة أوتاد طول ضلع المربع من 5 أمتار إلى 8 أمتار بداخله مربع أصغر يبعد نصف المتر عن الوتد من كل جانب فتصبح هناك ممرات عرضها مترا . تصلح لمرور العمال وعربات اليد كما يمكن أن نحدد قطاعات كل مربع لدراسة طبقاته.
كيفية تخطيط الموقع الأثري للتنقيب
تعتمد عملية التنقيب على عدة قواعد واعتبارات أساسية لضمان دقة النتائج وتطبيق النظام الأمثل في التنقيب ، ويجب أن يقوم بها المساح المعماري عضو البعثة في إطار تلك القواعد بعد أن يقوم بتحديد الموقع على الخريطة وعلى الطبيعة في ضوء مدة الحفائر وطبيعة الموقع المقترح ونوع الحفائر والعمق الذي سيتم حفره .
عند تخطيط الموقع يجب مراعاة عدة أساسيات أن يكون التخطيط مربعا او مستطيلا ويتم تقسيمه في نطاق الخطة الموضوعة للتنقيب ويحسن وضع علامات واضحة عند الأركان الأربعة قبل التقسيم ثم يتم تقسيم الموقع إلى مربعات قائمة الزوايا باستخدام الأوتاد الخشبية والدوبار وإن استخدام الجير مثل ملاعب الكرة وإن كانت التربة من النوع المتماسك على السطح يمكن إذابة الجير في الماء مع قليل من الملح وتخطيط الموقع به وذلك حتى نضمن ثبات التخطيط على التربة السطحية طوال الموسم .
تقسيم المربعات للتنقيب :
ليست هناك مقاسات ثابتة لتقسيم المربعات أو بالأحرى إن عملية تقسيم المربعات تتم بناء على مساحة الموقع الكلية والعمق المتوقع فيها ستة أمتار ، ومن هنا فلابد للمربع المتوقع حفره ستة أمتار أن يكون عرضه ثلاثة أمتار تجنبا للمخاطر وحتى يمكن حفر الموقع بسهولة في العمق المقترح . أي أن النسبة بين العرض والعمق يجب تكون 1/2.
يجب مراعاة الدقة في تخطيط المربعات والممرات الفاصلة بينهما وترقيمها أفقيا ورأسيا على المخططات بحيث يمكن تسجيل العمل بسهولة دون أخطاء .
تقسيم الموقع الأثري ككل :
يقوم المساح بعمل المخطط بطريقة بسيطة يفضل أن يعرف الثرى كيف يؤديها بنفسه . أولاً: يتم تنصيب التيودليت وضبطه أفقيا بواسطة ميزان الفقاعة المثبت في قاعدة الجهاز ثم يقف شخصان أو أكثر على خط واحد يمسك كل واحد شاخص ويتم توجيههم بحيث لا يظهر سوى الشاخص الأمامي عندئذ يثبت مكان كل شاخص وتحت مركز حامل التيودليت وتد أو إشارة معدنية أو مسمار كبير ثم يشد بينها دوبار وينثر فوق الدوبار الجير حتى يمكن رؤية الخط بوضوح . يلف التيودليت نحو الجانب المراد تخطيطه داخل الموقع بزاوية قائمة وتكرر العملية الأولى مرة ثانية . ثم ينقل التيودليت إلى أي طرف من طرفي الخطين ويثبت ويضبط بزاوية قائمة على الخط المثبت فوقه وتكرارا العملية لينشأ خط موازي للخط الأول . وتثبت الأوتاد أو المسامير ويخطط الخط بالجير أو يشد عليه الدوبار والأوتاد .
: تقسيم المربع الكبير إلى مربعات صغيرة
يكون الأمر سهلا إذ يقسم كل خط إلى مسافات متساوية في حدود خمسة لأمتار أو يزيد طبقاً للمعايير التي أوردتها سلفا . ثم توصل كل نقطة بنظيرتها فتنشأ شبكة من المربعات .
يــتــبــع
أولاً : المسح بالموجات الكهربائية :
تعتمد أقطاب كهربائية على جهاز الجراديوميتر أو البليبر وتقوم فكرته على حفر أربع حفرات في التربة على خط مستقيم وأبعاد متساوية وتوضع أقطاب كهربائية في الحفرة الأولى والأخيرة وتوصل بتيار متقطع ويقدر فارق الجهد في الحفرتين الخاليتين إذ إن الجهد يتناسب عكسيا مع عمق كل حفرة والمسافة بينهما . وبتغيير المسافات يمكن تقدير مقاومة الأجسام غير المتجانسة مع التربة وعمقها على وجه التقريب ، تطورت هذه الطريقة للتغلب على المشكلات التي واجهتها وهي اختلاف الرطوبة في المواقع المختلفة مما جعل القراءات غير دقيقة ، لذا يجب تسجيل القراءات على جدران المبنى فالقراءة العالية تبين ارتفاع نسبة الرطوبة مما يبرهن على وجند خندق أو حفرة خالية من المباني .
المسح المغناطيسي :
يعتمد هذا النوع من المسح على جهاز الماجنوميتر البريتوني الذي يسجل القراءات المختلفة للمجال المغناطيسي أي أنه يمكن بواسطته قياس المجال المغناطيسي داخل التربة ، فإذا كانت التربة متجانسة وتخلو من الآثار فإن قراءات الجهاز تكون بنفس الدرجة أما إذا اختلفت القراءة فيعني هذا وجود مواد لها مجال مغناطيسي في هذه التربة .
ولتطبيق هذه الطريقة تقسم الأرض على مربعات وعند كل تقاطع يقاس التردد المغناطيسي وتسجل لمقارنتها ببقية المربعات وبالتباين يمكن تحديد موقع الأثر وامتداده .
ولكن يجب توخي الحذر عند استخدام هذا الجهاز فإن أي مادة لها مجال مغناطيسي بالقرب منه تجعل قراءاته غير صحيحة .
الجس باستخدام البريسكوب :
كان بريسكوب نستري وهو عبارة عن حفار أسطواني في نهايته كاميرا تصوير فوتوغرافي هو الوسيلة المستخدمة في معرفة محتويات حفرة أو حجرة مجوفة أو مقبرة منذ أن استخدمته مؤسسة :ليرتشي" التابعة لجامعة ميلانو في الكشف عن مقابر تاركويني بجنوب إيطاليا إلى أن تطورت التقنية الحديثة واستطاع معهد ستامفورد بالولايات المتحدة استخدام البريسكوب المزود بكاميرا تصوير فيديو تتصل بجهاز عرض أمكن من خلالها معرفة محتويات حفرة ضخمة بجوار مراكب الشمس بالجيزة ووجدوا أجزاء مركب آخر لم يتم استخراجه لحين إعداد متحف خاص به وحتى لا يضار إذا استخرج دون التجهيزات المسبقة .
التحليل الكيميائي لعناصر التربة :
يمكن بتحليل عينات التربة تحديد ما إذا كانت توجد بها عناصر تبرهن على الوجود الإنساني في هذه المنطقة من خلال نسبة فوسفات الكالسيوم والنتروجين والكربون الموجودة في عظام الحيوانات وفضلاتها وعظام الإنسان . كما أن حبوب اللقاح تبين أنواع النباتات التي كانت تنمو في المنطقة قديم ويمكن فحصها بالميكروسكوب .
المسح الأثري
قبل القيام بالمسح الأثري يجب تجهيز خرائط مساحية وكنتورية وطبيعية عن الموقع لا يقل مقياسها عن 1/20000 أو 1/25000 لفائدتها في تحديد الطرق القديمة والسدود والمواقع بشكل واضح . وخرائط قديمة إن توفر ذلك .
تجميع كل ما كتب قديما وحديثا عن الموقع سواء كانت كتابات مباشرة أو غير مباشرة ، خاصة الكتابات الكلاسيكية وتقارير الحفائر السابقة إن كان قد جرى به حفائر . وإعداد كافة التي سبق ذكرها في الفصل الخاص بها ويجهز فريق للمسح الأثري حسب مساحة المكان المقترح فإن كانت المساحة كبيرة يمكن تجهيز مجموعتين أو ثلاث واستخدام عداد السيارة كوسيلة قياس .
يتم البحث عن مقومات الاستيطان من مياه ومناجم أو مراعي أو غيرها من مقومات الحياة دون أن يضع في اعتباره الحدود السياسية كحد للاستقرار وكذلك عليه أن يفكر في وسائل التنقل القديمة البرية والنهرية والبحرية ليربط بين أماكن الاستقرار قديما ويضع في اعتباره تأثير التضاريس وأن منها ما يمكن أن يكون مستقرا قديما ولا يصلح حديثا .
إن عملية المسح الأثري تقوم على جمع المخلفات الأثرية من سطح الأرض ومعاينة المباني وتوقيعها على الخرائط إن كانت أطلالها باقية أو ظاهرة للعين المجردة . مع الوضع في الاعتبار تأثير عوامل التعرية والظروف الطبيعية المناوئة للأثر .
تبدأ عملية المسح أولا بالتصوير الفوتوغرافي ثم تقسيمه إلى مربعات لتسجيل اللقى الخاصة بكل مربع ووضعها في كيس واحد مع بياناته ، وعمل نسخ مطاطية شفافة ثم مادة اللاتيكس لكل نقش وتصويره ويحسن استخدام كاميرا الفيديو إلى جانب التصوير الفوتوغرافي أهم المخلفات التي يتم جمعها هي الفخار والزجاج والعملة والجص الملون وعينات من المونة وأحجار البناء والمعادن والفحم الكربوني والخشب والعظام دونما إهمال لصغيرة أو كبيرة وتسجيلها في الموقع لضمان الدقة في قراءة هذه المخلفات وتحديد أكثر المربعات أهمية واحتمالاته من حيث الآثار التي يحويها .
يجب أيضا اصطحاب دليل من سكان المنطقة خاصة في المناطق النائية ويحسن التعرف بأهل المنطقة ومناقشتهم للحصول على معلومات عن الموقع يمكن الاستفادة منها فمثلا في منطقة بوتو خارج المنطقة المقدسة توجد منطقة يطلق عليها الآهلون كوم الذهب وبمناقشة الأهالي ذكروا أن أجدادهم كانوا يحفرون بها ويستخرجون تماثيل من الذهب .
إذا كان المسح لمنطقة من عصر ما قبل التاريخ فيجب أخذ عينات من التربة لتحليلها .
تخطيط موقع الحفائر
يتحكم نوع وهدف الحفائر في حجم البعثة وتخطيط الحفائر ومنهاج العمل فيها ، فمثلا إذا كان الهدف من الحفائر إنقاذ تهدده الأخطار مثل الغرق أو مشروع حديث يتهدها فهنا تكون البعثة قليلة العدد يكفي عضوان لهما خبرة من الأثريين ويتم عمل مجسات لجمع أكبر قدر من المعلومات في أقصر وقت مع تبسيط طريق الحفر .
أفضل نظام لحفر هذه الحفائر هو تخطيط الخنادق المتبادلة بحيث يتم تخطيط الموقع على شكل سلسلة متوازية متساوية في المساحة من الخنادق المجاورة لبعضها بحيث يلقى الرديم الناتج عن حفر خندق في الخندق الذي يليه .
أما إذا كان الهدف الحصول على معلومات أساسية عن حضارة بعينها فيكون نظام العمل بالحفائر محدودا من الوقت والتكاليف وهذا النوع من الحفائر يعرف بالحفائر المنتقاة Selective أما الحفائر المنظمة الكاملة فيجب جمع المعلومات عن الحضارة التي نبحث عنها وهنا يتأتى الهدف ونظام العمل للإجابة عن كل التساؤلات التي يحيط بها الغموض عن هذه الحضارة .
هنا يجب أن ندرك ما الهدف من عملية التنقيب وكيف يمكن تحقيقه دونما إخلال بالقواعد العامة في التنقيب ، وهي من التي أصبحت بديهيات تقنية مثل متابعة تغير لون كل طبقة وحفظ وتسجيل مخلفاتها أولا بأول وبدقة تضمن التفسير الصحيح وتؤمن عدم ضياع التراث البشري . وهنا يجب ألا نغفل القاعدة الأساسية وهي لابد من أن تكون للمنقب الخبرة والثقافة التي تؤهله لتنفيذ هذا العمل . ويجب أن يكون مرنا في فكره ليحل المشكلات التقنية في التنقيب ، رغم أنه لا توجد طريقة مثالية أو نموذجية للإحتذاء بها في تخطيط الموقع إلا إن هناك ضرورة لوضع نظام لتحقيق القواعد التي تضمن دقة وسلامة العمل .
إن طبيعة الموقع تفرض على المنقب أحيانا نظما بعينها لكن المنقب الخبير يستطيع التغلب على هذه العقبات دونما الحاجة إلى كسر قواعد التنقيب الصحيحة . قبل البدء في العمل وعند الشروع فيه لابد من اختيار الموقع المناسب لرمى الرديم الناتج عن الحفائر بحيث لا يكون في مهب للرياح فيردم الموقع عند هبوب الرياح ولا يجب أن يكون من الأماكن التي توجد بها آثار مما يضطرنا لرفعة ثانية عندما تمتد الحفائر إليه وفي نفس الوقت يجب ألا يكون بعيدا جدا فيرهق العمال ويبطيء العمل .
أنماط تخطيط مواقع الحفائر
النظام الشبكي Grid System:
يتم تحديد الموقع وتحديد الاتجاهات الأصلية ومستوى سطح البحر وإن لم يتيسر يجب تحديد أعلى نقطة في الموقع يمكن رؤيتها من جميع الجهات لتكون مقياسا وتعرف بالنقطة المحددة Datum Point وتوضع أربعة أوتاد عند أركان الموقع لتحديده مساحيا ثم يقسم الموقع إلى مربعات طول ضلعها يتناسب مع المساحة الكلية المراد تنقيبها والمدة المقترحة والتمويل الكافي لها . وإن يفضل أن تكون في حدود عشرة أمتار إذا كان المتوقع العثور على مباني متوسطة والأمر متروك للمنقب . يراعي ألا يخرج التخطيط عن الأركان الأربعة المحددة للمربع الأصلي . تفصل بين المربعات ممرات لمرور العمال في دود المتر ليسير عليها العمال الذين يحملون الرديم .
النظام الشبكي المتقطع Interrupted Grid System :
يخطط الموقع على شكل مربعات أو مستطيلات أبعادها متران طولا ومتر عرضا وفصل بين كل مربع وآخر متر كممر للعمال ولا يزيد الحفر عن متر عمقا ويمكن حفر الممرات للحصول على رؤية كاملة للقطاع ولكن الهدف من هذا النظام جس أكبر مساحة ممكنة على عمق متر.
نظام النقطPoint System :
يقسم الموقع نقطياً إلى مربعات بواسطة إشارات أو أوتاد ليكون كل وتد كعلامة لعمل مجسات مربعة طول ضلعها متر ونصف بهدف إجراء مسح سريع لمساحة كبيرة مع ضرورة أن تكون المربعات قريبة من بعضها حتى لا نفقد أثرا تحت الأرض ويرجع تقدير المسافة بين كل مربعين إلى طبيعة الموقع ونتائج جس المربعات الأولى .
نظام التخطيط الصندوقي Box System :
يستخدم هذا النظام إذا كان الهدف دراسة مخلفات الطبقات بغرض تأريخ المنطقة إذ أن هذا النظام يهدف إلى الوصول الصخر البكر virgin rock ،ويتم فيه تقسيم الموقع إلى مربعات بواسطة أوتاد طول ضلع المربع من 5 أمتار إلى 8 أمتار بداخله مربع أصغر يبعد نصف المتر عن الوتد من كل جانب فتصبح هناك ممرات عرضها مترا . تصلح لمرور العمال وعربات اليد كما يمكن أن نحدد قطاعات كل مربع لدراسة طبقاته.
كيفية تخطيط الموقع الأثري للتنقيب
تعتمد عملية التنقيب على عدة قواعد واعتبارات أساسية لضمان دقة النتائج وتطبيق النظام الأمثل في التنقيب ، ويجب أن يقوم بها المساح المعماري عضو البعثة في إطار تلك القواعد بعد أن يقوم بتحديد الموقع على الخريطة وعلى الطبيعة في ضوء مدة الحفائر وطبيعة الموقع المقترح ونوع الحفائر والعمق الذي سيتم حفره .
عند تخطيط الموقع يجب مراعاة عدة أساسيات أن يكون التخطيط مربعا او مستطيلا ويتم تقسيمه في نطاق الخطة الموضوعة للتنقيب ويحسن وضع علامات واضحة عند الأركان الأربعة قبل التقسيم ثم يتم تقسيم الموقع إلى مربعات قائمة الزوايا باستخدام الأوتاد الخشبية والدوبار وإن استخدام الجير مثل ملاعب الكرة وإن كانت التربة من النوع المتماسك على السطح يمكن إذابة الجير في الماء مع قليل من الملح وتخطيط الموقع به وذلك حتى نضمن ثبات التخطيط على التربة السطحية طوال الموسم .
تقسيم المربعات للتنقيب :
ليست هناك مقاسات ثابتة لتقسيم المربعات أو بالأحرى إن عملية تقسيم المربعات تتم بناء على مساحة الموقع الكلية والعمق المتوقع فيها ستة أمتار ، ومن هنا فلابد للمربع المتوقع حفره ستة أمتار أن يكون عرضه ثلاثة أمتار تجنبا للمخاطر وحتى يمكن حفر الموقع بسهولة في العمق المقترح . أي أن النسبة بين العرض والعمق يجب تكون 1/2.
يجب مراعاة الدقة في تخطيط المربعات والممرات الفاصلة بينهما وترقيمها أفقيا ورأسيا على المخططات بحيث يمكن تسجيل العمل بسهولة دون أخطاء .
تقسيم الموقع الأثري ككل :
يقوم المساح بعمل المخطط بطريقة بسيطة يفضل أن يعرف الثرى كيف يؤديها بنفسه . أولاً: يتم تنصيب التيودليت وضبطه أفقيا بواسطة ميزان الفقاعة المثبت في قاعدة الجهاز ثم يقف شخصان أو أكثر على خط واحد يمسك كل واحد شاخص ويتم توجيههم بحيث لا يظهر سوى الشاخص الأمامي عندئذ يثبت مكان كل شاخص وتحت مركز حامل التيودليت وتد أو إشارة معدنية أو مسمار كبير ثم يشد بينها دوبار وينثر فوق الدوبار الجير حتى يمكن رؤية الخط بوضوح . يلف التيودليت نحو الجانب المراد تخطيطه داخل الموقع بزاوية قائمة وتكرر العملية الأولى مرة ثانية . ثم ينقل التيودليت إلى أي طرف من طرفي الخطين ويثبت ويضبط بزاوية قائمة على الخط المثبت فوقه وتكرارا العملية لينشأ خط موازي للخط الأول . وتثبت الأوتاد أو المسامير ويخطط الخط بالجير أو يشد عليه الدوبار والأوتاد .
: تقسيم المربع الكبير إلى مربعات صغيرة
يكون الأمر سهلا إذ يقسم كل خط إلى مسافات متساوية في حدود خمسة لأمتار أو يزيد طبقاً للمعايير التي أوردتها سلفا . ثم توصل كل نقطة بنظيرتها فتنشأ شبكة من المربعات .
يــتــبــع
رد: علم الاثار
تابع علم الاثار
التنقيب مهارة وعلم يكتسب
يختلف التنقيب عن الآثار عن غيره من عمليات الحفر إذ هناك أسلوب علمي في التنقيب يهدف إلى تسجيل التراث الإنساني بكل دقة وأمانة لا يمكن للشخص العادي القيام بها فلا بد من توافر عنصر الخبرة والعلم ، ويتخلص منهج الحفر في عدم حفر عدة طبقات في وقت واحد وضرورة متابعة العمل لحظة بلحظة للوقوف على كل تطور أو تغير يحدث في لون ومخلفات الطبقة . ولكن كيف تسير خطوات العمل لتنفيذ هذا المنهج ؟
وإذا أردنا أن نسير العمل بلا مشكلات ولتنفيذ عمل ناجح بكل المقاييس فهناك عدة أسس وقواعد يجب مراعاتها :
أولاً : يجب تنظيف الموقع من كافة المخلفات الحديثة قبل العمل ، ويظل الحرص على أن يبدو الموقع نظيفا أثناء العمل فيه
ثانياً : وضع نظام للعمل بحيث يتلاقى الحوادث والأخطاء والعوامل المؤدية إليها ، مثال ذلك تحديد مسار للعمال داخل
وخارج المربع وعدم السماح لأي من العمال أن يسير أمام العامل الذي يضرب بالفأس أو الذي يستخدم الحجاري
حتى لا يصاب .
ثالثاً: تنظيم العمل داخل المربع لضمان دقة العمل والنتائج وإمكانية ومراقبة كل ضربة فأس بالمربع .
رابعاً: تنظيم العمل داخل المربع يبدأ بتحديد أحد جوانب المربع بعرض متر أو أكثر على حسب عرض المربع لبدء الحفر
فيه ثم تكرر العملية حتى يحفر المربع كله في مستوى واحد لكل طبقة . وينظف الجزء المحفور مباشرة للحفاظ
على نظافة الموقع .
خامساً: يتم الحفر بعمق متساو في حدود عشرة أو خمسة عشرة سنتيمترا بشكل منتظم في كل مربع.
سادساً: إذا حدث خطأ ولاحظنا أن التربة تتغير على عمق أقل مما نحفر يجب تدارك الأمر مباشرة ويقلل العمق بحيث
نحافظ على بداية ظهور البقعة الجديدة حتى وإن كانت على عمق خمس سنتيمترات ، في أي جزء من المربع مع
متابعة العمل بحفر نفس العمق في كل مربع . فالحفاظ على كل طبقة يضمن عدم اختلاط الطبقات ويحافظ على
الترتيب الزمني لها بما يضمن دقة العمل وسلامة النتائج .
سابعاً : يجب متابعة كل تغيير يطرأ على التربة من حيث التكوين واللون والمخلفات والتوقف عند كل تغير حتى تتم أعمال
التسجيل للطبقة .
ثامناً : يجب وضع نظام لعملية الحفر داخل المربع بدءا من أول ضربة معول ، مثال ذلك تقسيم المربع إلى عدة أقسام
بطول المربع ويقوم العامل بتفتيت الطبقة العليا بعمق لا يزيد عن خمسة عشر سنتيمترا بطول واحد متر ثم يفحص
التراب جيدا وينقل مباشرة خارج الموقع عبر الممر الفاصل بين مربعين ، ومن هنا يبدأ مسار العامل ليحفر الطبقة
بامتداد طول المربع.
تاسعاً: إذا كانت مساحة المربع تسمح بوجود مجموعتين من العمال يجب ألا يتعارض عملهما ويوزع العمال بحيث لا
يزدحم الموقع ولا تقع حوادث وحتى يمكن متابعة تطور الحفر بدقة .
عاشراً: يجب تنظيف كل طبقة بعد الانتهاء من حفر كل مستوى في كل قسم من أقسام المربع ونقل الرديم بمجرد الحفر
حتى يمكن الاستمرار في حفر بقية الأقسام .
حادي عشر : يجب التحقق دائماً من أن جوانب المربع قائمة الزاوية وقطاع كل جانب واضح ويمكن قراءته بسهولة
خاصة إذا لم يكن العمق قد وصل ضعف طول المربع وإذا اضطررنا للتعمق أكثر من ضعف طول المربع
يجب أن تميل جوانب المربع نحو الداخل قليلا حتى لا تنهار .
ثاني عشر : لا يجب ان تتعدي حدود المربع بأي حال من الاحوال عن ذلك يفسد عملية التسجيل ويخلط اللقى بما يربك
تأريخ ونسب تلك اللقى والموقع بالكامل ز حتى لو كان هناك لقى أثرية نصفها في المربع ونصفها تحت
الممر فالأجدى تركها لحين تصفية الممرات لتسجل في طبقتها لتستقيم العملية التأريخية .
ثالث عشر : يجب استخدام الأدوات المناسبة من حيث الشكل والحجم بما يتناسب مع الطبقات وتكوينها وأنواعها فليس
هناك داعي لاستخدام الأدوات الثقيلة في التربة غير المتماسكة ، بينما يمكن استخدام الحجاري والفأس في
الطبقة المتماسكة لكن مع تزايد احتمالات العثور على لقى أثرية يجب أن نكف عن استخدامها ويمكن
الاستعاضة عنها بالقادوم والمسطرين وعند ظهور آثار دقيقة نتوقف نهائيا عن استخدام الأدوات الصلبة
ونكتفي بالمسطرين والفرشاة والمنفاخ.
رابع عشر: عند ظهور عناصر معمارية مثل أجزاء من جدار أو كتل حجرية يجب التروي للتأكد إن كانت معلقة ولا
تتصل بالمبنى أم أنها تمثل مبنى مستقل مع ملاحظة التغير في التربة جيداً وهل تمثل أرضية أم أنها امتداد
للبقعة التي يجري العمل فيها
خامس عشر: يجب التنبه للحفرات التي تقوم فوقها أساسيات الجدران وتلك الحفرات التي يقوم بها الإنسان لتثبيت شئ أو
دفن شئ، فحفرات الأساسات تظهر على شكل قطع يتخلل التربة ويبدو واضحا من لونها المغاير للون
التربة، الحفرات الحديثة غالبا ما توجد بها مخلفات حديثة في نهايتها
ويمكن تمييز تلك الحفرات الحديثة والحفرات القديمة من لونها أيضا ونعومة الرديم ، وحفرات التثبيت القديمة
دائما صغيرة الحجم والرديم الموجود بها ناعم
سادس عشر: إذا ظهرت تكوينات معمارية يجب تتبع امتدادها ويحس عدم استخدام أدوات صلبة بالقرب من الجدران لأنه
من الممكن أن تكون مكسية بطبقة الجص عليها رسومات، مع الحرص الشديد على جمع كافة المخلفات
الموجودة ضمن الرديم لامكانية مساهمتها في تفسير المبنى وتأريخه بالشكل الصحيح.
سابع عشر: يجب الوصول بالحفر إلى الصخرة البكر التي لم تصلها يد إنسان من قبل ويمكن تمييزها بحبيبات الرمل التي
تتجمع عند نقطة التقاء الصخرة البكر بالطبقة التي تعلوها وهي خاصية معروفة بظاهرة البسلة الجافة؛لأن
حبات الرمل المتجمعة تشبه حبات البسلة الجافة وتظهر مع كل أنواع التربة عدا التربة الطينية أما صادفتنا
أرضية مكسية بالحجارة أو الفسيفساء فيجب متابعة الكشف عنها بالكامل ثم نتابع عملية الحفر لتحديد ما إذا
كانت عصور سابقة لها وذلك بالحفر خارج حدود الأرضية ويحسن أيضاً الوصول للطبقة البكر.
ثامن عشر: يجب جمع المخلفات الأثرية من كل طبقة على حدي خاصة الفخار ثم توضع بيانات تشمل رقم المربع والطبقة
والتاريخ على النموذج المعد سلفاً وإن لم يتيسر يكتب على الدلو المحفظة فيه القطع وينقل إلى المعمل ليغسل
لتظهر النقوش ولون الطينة وتتم عملية التصنيف والدراسة المبدئية وانقاء العينات التي تلزم لعملية التأريخ
ويمكن الاستعاضة عن الدلاء بتخطيط مربعات بنفس تخطيط الموقع تنقل إليها المخلفات بنفس الترتيب بحيث
نضمن عدم اختلاط مخلفات الطبقات ، ويتم وضع المخلفات بترتيب معين بأن توضع مخلفات الطبقة العليا في
الركن الأيمن العلوي ثم التالية لها في المنتصف والثالثة في الركن الأيسر العلوي وهكذا تكرر العملية بالنسبة
للطبقات ويقوم أحد العمال بغسل الناتج أولاً بأول، ثم تتم عملية الفرز تمهيداً للتسجيل.
باتباع تلك القواعد في التنقيب تصبح طريقة الحرف منظمة وتسير بشكل تلقائي ويتحقق الهدف المرجو من الحفائر وهو ليس الكشف عن المباني أو اللقى الأثرية ، بل يشمل الكشف عن حضارة الإنسان في هذا المكان خلال العصور المختلفة وهو المعنى الحقيقي لعلم الآثار. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تلك القواعد التي ورد ذكرها تتبع في كافة المناطق والمواقع ولكن تظهر بعض المشكلات الخاصة في التنقيب حسب طبيعة الموقع ونوعية الآثار التي يجب الكشف عنها سواء آثار معمارية أو أعمال فنية أو فخارية .
مشكلات التنقيب في المواقع المختلفة :
هناك نوعان من المشكلات تواجه المنقب النوع الأول ، مشكلات خاصة بطبيعة الموقع، والثاني مشكلات تقنية خاصة بطبيعة ونوعية المكتشفات الأثرية و فيما يلى نبذة عن كل نوع:
- صعوبات خاصة بطبيعة الموقعو منها :
أ – التنقيب في التلال الأثرية وتصفيتها:
التنقيب في التلال الأثرية تعتريه بعض المشكلات خاصة إذا كانت تلك التلال تضم مباني أثرية حيث تكثر التكوينات الحجرية وغالبا ما تكون قمم التلال مناطق السكنى ثم تمتد لتشمله ، لذا على المنقب التيقن تماما من أبعاد تلك المشكلة ويدرك جيدا أن التل الأثري لا يجب التعمق في الحفر فيه من القمة، بل يكتفي بالتوقف عند ظهور المباني في أعلى التل ثم يجري تتبع امتداد تلك الطبقة على بقية التل ، فإن الترتيب الطبقي في التل يمتد أفقيا .
كما توجد بعض المشكلات الفنية التي تعترض المنقب منها على سبيل المثال تحديد أساسات المبنى خاصة إذا كان المبنى قد تعرض لتعديلات وتحويرات أو سلب لأحجاره عبر العصور، كما تنشأ بعض المشكلات من جراء تفكك المباني خاصة تلك التي بنيت من كتل حجرية غير منتظمة ، إذا كانت المراحل المتتالية التي مر بها المبنى قريبة من بعضها البعض ولا يمكن تحديدها بدقة ، كما تحدث بعض المشكلات في تعقب بعض المباني من العصر البيزنطي المبنية من كتل حجرية صغيرة غير منتظمة خاصة إذا ما تهدمت وتناثرت أحجارها . لذا يجب أن يكون الهدف الأساسي في الحفر في التلال الأثرية ربط العلاقة بين الجدران والمباني المختلفة ، ومن الجائز أيضا إجراء دراسة لطبقات التل بحفر مجس من أعلى التل إلى قاعدته وصولا للتسلسل الحضاري في التل . وللتغلب على كل مشكلات التنقيب من البداية يجب تخطيط الموقع إلى مربعات بطريقة الصندوق لإمكانية الوصول للعمائر الموجودة بتكويناتها المختلفة ، ويجب ألا يقل عمق المربع عن ثمانية أمتار تحسبا للتعمق في الحفر بما يضمن عدم حدوث انهيارات مع مراعاة أن تكون الممرات عريضة وآمنة.
عند ظهور جدران يجب أن يكون الحفر رأسيا بمحازاة الجدار وبدقة شديدة حتى لا نهشم طبقة الجص إن وجدت ويجب ملاحظة الحفرات التي تخلل الطبقات سواء القديم منها أو التي حفرها الباحثون عن الثراء غير المشروع لتحفر مع الطبقة التي حفرت بها ومع ظهور أرضيات متماسكة من التراب أو التربة الصناعية يجب الكشف عن كل المبنى أولا وتحديد ماهيته وأهميته وتقرير ما إذا كان سيزال أم لا والأفضل هنا أن يكون القرار مدروسا على أسس علمية أحيانا يكون المبنى صغير لكنه صغير ونادر وإذا كان من الضروري الاستمرار في العمل فيجب تسجيل المبنى تسجيلا دقيقا ثم ترقيم كل كتلة حجرية وفكه بنظام وتسلسل بحيث يمكن إعادة بناؤه مرة أخرى في موقع آخر.
لمتابعة العمل في التنقيب بالتل الأثري عقب تسجيل المبنى وفكه وتقطيع الأرضيات الهامة مثل الرخام أو الفسيفساء أو حتى الأحجار المشكلة بأشكال هندسية ثم نتابع التنقيب عن الطبقات التالية والمراحل السابقة لما كشف عنها ولمواجهة مشكلة تداخل المباني المتعاقبة في التل الأثري يجب أولا تحديد العناصر الأصلية ثم العناصر المتداخلة والتي يجب فكها ورفعها بعد تسجيلها بالكتابة والرسم والتصوير ، ثم نختبر أساسات تلك العناصر بعمل مجس اختباري نجمع فيه كل المخلفات وصولا لعمق الحفرة التي حفرت لبناء الأساسات .
عند إزالة الحفرات المستحدثة على الموقع يجب إزالة الرديم الناعم غير المتماسك مع ملاحظة المخلفات الموجودة فيه وتجميعها لتحديد متى حفرت تلك الحفرات والطبقة التي تنتمي إليها. يجب توفير سير متحرك يعمل بموتور يعمل ببطارية السيارة لنقل الرديم الناتج عن الحفائر أو توفير مولد كهربائي لتشغيله وإن لم يتيسر ذلك يمكن استخدام مواسير قطرها كبير تثبت فوهتها أعلى التل وتنتهي أسفل التل حيث توجد عربات نقل الرديم أو يمكن أن يشكل جانب من التل بدرج يسمح للعمال بالنزول والصعود أما إذا كان الهدف تصفية التل من الآثار واستخدام الأرض لأغراض حديثة كالزراعة أو إقامة مشروع أو مبنى فالأفضل الاحتفاظ بالرديم الناتج بحيث يوضع بالقرب من الموقع لإعادة الردم وتسوية الموقع عقب انتهاء عملية التنقيب.
ب – مشكلات الحفر في المواقع الطينية:
غالبا ما تواجه المنقب مشكلة في التنقيب بالتربة الطينية خاصة إذا كانت المباني مبنية بالطوب اللبن وتعرضت لعوامل التعرية فيصعب التفرقة بينها وبين الرديم وللتغلب على مشكلة التنقيب في التربة الطينية يجب أن تكون الحفائر في الاعتدالين ولا يفضل أن تكون في شهري يوليو وأغسطس وذلك لارتفاع درجات الحرارة والتي تؤثر على المباني اللبنية وتفتتها كما أن شهور الشتاء يستحيل العمل فيها لأن الرديم يتحول إلى كتل من الطمي يصعب السير فيه كما قد تضيع اللقى الأثرية ضمن الرديم. ومن الناحية التقنية في التنقيب يجب أن يبدأ العمل عقب الفجر مباشرة حتى تكون الأرض منداة بالرطوبة فيسهل التمييز بين المباني والرديم ، كما يجب أن يفتت الرديم ويفحص جيدا حتى لا نفقد أيه لقية كما يفضل غربلة الرديم في الموقع يفضل أيضا استخدام الفأس والقادوم والمسترين العريض طبقا لمقتضيات العمل ويحسن تنظيف الأدوات أولا بأول حتى لا تعلق بها الطينة وتفسدها كما أنها تكون أثقل وزنا وأصعب في الاستخدام فضلا عن الأضرار التي يمكن أن تلحق بالأثر.
ج - مشكلات الحفر في التربة الجيرية والحصوية:
تتمثل مشكلة تواجد كتل وحصى جيرية في هذه التربة وهي تستوجب حرصا شديدا والتأكد من الأحجار التي لا تنتمي لمباني ولا توجد عليها زخارف أو نقوش ، ولعلاج المشكلات الناتجة عن هذه التربة أو يجب تفكيك الرديم باستخدام الحجاري مع الوضع في الاعتبار أن تهشيم أي حجر تحسبا لكونه جزء من مبنى أو ينتمي إلى مبنى ثم رفع الرديم وتنقل الأحجار غير المنتظمة بالقرب من الموقع أما الأحجار المنتظمة فمن الأفضل ترقيمها وكتابة الطبقة التي عثر عليها فيها لإمكانية استخدامها في الترميم ، أما الأحجار التي تحمل نقوش أو زخارف فيجب نفلها بعيدا عن عوامل التعرية والاحتفاظ بها في المخازن الملحقة بمعسكر البعثة أما إذا كانت تنتمي إلى مبنى وسقطت منه فالأفضل إعادتها إلى مكانها مباشرة استرشادا بتكملة الزخارف.
صعوبات خاصة بطبيعة المكتشفات الأثرية :
أ - الكشف عن العناصر المعمارية:
تواجه المنقب مشكلات متعددة في التنقيب عن الآثار المعمارية أولى هذه المشكلات والتي تطلب الخبرة والعلم هو تصور الأثري المنقب لماهية المبنى وتخطيطه وإعمال الذهن في مقارنته بمباني مشابهة في البلد الذي يحفر به أو أي حضارة أخرى مع وضع عدة تساؤلات للإجابة عليها يمكن من خلالها وضع الخطة المناسبة للكشف عن المبنى وتأتي على رأس هذه التساؤلات كما ذكرت ماهية المبنى ومخططه وطريقة بنائه وتاريخه والعصور التي مر بها وهل تعرض تعديلات وتحويرا وما هي الإضافات وغيرها من الأسئلة التي تجيب عن تساؤل أهم وهو ما أهمية هذا المبنى؟ .
هناك طريقتان للإجابة عن تلك التساؤلات الأولى تعتمد على علم وثقافة وخبرة المنقب وهي وضع التصور الصحيح في ضوء الشواهد الأثرية وهو أمر نسبي بين منقب وآخر ، أما الطريقة الثانية وهي الأكثر شيوعا وانتشارا – رغم أخطائها- هي تتبع ما يظهر من جدران والكشف عن المبنى بما لحق به من تغييرات وتحويرات وإضافات ، ثم تأتي بعد دراسة المبنى لتحديد العناصر الأصلية من دونها ويمكن التوصل لتلك العناصر بالكشف عن أساسات المبنى وتحديد أي الجدران تتصل بها ومن هنا فإن كل الجدران التي تتصل بالمبنى تكون إضافات لاحقة غير أساسية لكن هناك مشكلة أخرى يجب التنبه إليها وهي أن الجدران الأصلية من الممكن أن تكون قد أعيد بناؤها في فترات لاحقة لتأسيسه أو تكون شهدت تعديلات مثل إغلاق مدخل أو نافذة أو فتح فتحة لتغيير الغرض منها ومثل هذا الموقف تعرضنا له أثناء حفر المبنى ذي الثلاث صلات المعروف بالمدرسة في حفائر كوم الدكة بالإسكندرية أذ عند الكشف عنه وجدنا طبقة من الدفنات الإسلامية يرجع تاريخها للقرن الثامن وبعد إزالتها وتجميع الكتل الحجرية كشفنا عن المبنى وكانت القاعة الأمامية والوسطى تنتهي بجدار على نصف دائرة تتخللها صفوف المقاعد ولكن عند متابعة الحفر لدراسة المبنى والكشف عن الأساسات تبين أن الجدار الأصلي في نهاية الصالة الوسطى كان مستقيما فتبين لنا ان المبنى أعيد استخدامه في مرحلة لاحقة وتم إضافة الحنية ربما لزيادة سعته أو للاستفادة من القاعة المسقوف في فصل الشتاء وفي نفس المرحلة تم إغلاق المدخل الواصل بين القاعدتين الأولى والثانية حيث يبدو الاختلاف واضحا في المونة وحجم كتل الأحجار.
من الناحية التقنية الفنية في التنقيب والكشف عن المباني:
أولاً : يجب تحديد وجود مبنى من عدمه وذلك بعمل مجس اختباري فإذا ما تيقن المنقب من وجود جدران يجب عليه أن
يحدد الحجرات للتنقيب بداخلها والحصول على مخطط المبنى ويمكن الكشف عن امتداد الجدران بمجرد تحديد اتجاه
أول جدار يظهر ثم نحفر مربعات على نفس المحور بحيث تتقاطع مع الجدران وعندئذ يمكن تحديد مخطط المبنى
وتحديد مناطق الحفر وتعديل مساحة المربعات في ضوء الشواهد والنتائج التي توصلنا إليها .
ويمكن استخدام تقنيات حديثة في تحديد مخطط المبنى وذلك باستخدام أجهزة السونار أو الرنين المغناطيسي أو
الطرق على القضبان النحاسية وتعتبر أجهزة السونار أحدث وأسرع وأدق ويمكن الاعتماد عليها في تخطيط
المربعات بحيث تصبح الحجرات هي نفسها وحدات الحفر . كما إن هذه التقنيات تساعد أيضا في جس الطبقات
التالية أسفل المبنى وتحديد ما إذا كان يمكننا الاحتفاظ به أم متابعة العمل بعد تسجيله وفكه .
وإذا لم تتوفر تلك الأجهزة يجب اختبار أساسات المبنى من الخارج ودراسة المخلفات الأثرية بها لتأريخ فترة
التأسيس ثم تبدأ إزالة المبنى بالقواعد والأسس العلمية دونما تدمير ، وتستأنف عملية التنقيب بالتعمق في الطبقات
التالية مع ترك عينات من الطبقات العليا ليمكن دراسة كافة المراحل التي مر بها الموقع .
ثانياً يجب عدم تغيير ملامح المبنى إلا إذا كان الهدف من الحفائر تصفية المنطقة أو دراسة التطور التاريخي الكامل لها
ثالثاً: يجب عدم الكشف عن جزء من مبنى في نهاية موسم الحفر بل يجب أن يكون هناك الوقت الكافي والميزانية للكشف
عنه خلال موسم وواحد أو في المدة المتبقية من الموسم وإذا كانت المنطقة تضم مجموعة من المباني المتجاورة
فيحسن أن توضع خطة للكشف عنها بالكامل أفقيا ورأسيا في فترة واحدة متصلة وتحديد العلاقة بينها أما إذا كان
الموقع مساحته واسعة ويستحيل العمل فيها وتغطيتها في موسم واحد مثال مدينة بوتو أو كوم الدكة بالإسكندرية
والتي تحتاج للعديد من المواسم تمتد لعشرات السنوات فيجب وضع خطة للتنقيب والترميم السريع وعمل الصيانة
الدورية حتى يمكن الحفاظ على الآثار بحالة جيدة من أول أثر عثر عليه إلى أحدث أثر كشف عنه .
رابعاً: عند الحفر في الجبانات والمقابر في أنواع التربة المختلفة تظهر بعض الصعوبات التي على المنقب التغلب عليها
بعضها يتطلب العلم والخبرة مثل التعرف على نوع وطريقة الدفن والعقائد والطقوس المصاحبة لها أثناء وبعد الحفر
والمستوى الاجتماعي لصاحب المقبرة وطرازها وغيرها أما الصعوبات الأخرى فهي تقنية في المقام الأول فالمقابر
المبنية والمنحوتة في الصخرغالباً ما تضم أكثر من دفنه ومن هنا يجب أن نضع في الاعتبار استخدام المقبرة على
فترات متتالية أما الجبانات فهي تظل مستخدمة لفترات طويلة لذا فإن التنقيب في الجبانات يقتضي عدم استخدام
أدوات ثقيلة ويفضل الحفر باستخدام الفرشاة والمسطرين والمنفاخ ، ويحسن أن يقوم بالتنقيب من لديه دراية بعلم
التشريح ولديه القدرة الفائقة على التمييز بين الطبقات . وللتنقيب الصحيح في المقابر يجب أن يبدأ الحفر عند الحافة
ويمتد نحو الداخل ولا يزيد عمق الحفر عن 5 سم ، أما دفنات الحفرات فيجب أن تراعي مساحة الحفرة وعدد العمال
والفني والمنقب ويفضل أن يقتصر العدد على عامل فني ومراقب فقط ولا تستخدم أدوات ثقيلة
وتصلح هذه الطريقة في مقابر قبل التاريخ ومقابر الفقراء والمقابر الإسلامية ، أما مقابر التلال أو المعرفة بالمقابر
المستجيرة فهناك طريقتان لحفرها وبتكرار العملية حتى ظهور الدفنات والهياكل العظيمة أما الطريقة الثانية يقسم فيها
التل أربعة أقسام بممرين متقاطعين ويتم الحفرفي كل قسم طبقة ثم تنتقل للتالي وهكذا ببقية الأقسام الأربعة ويبدأ العمل
فيها في الحافة الخارجية ونتجه نحو المركز .
وبالنسبة للمقابر المنحوتة في الصخر فتعتبر مقابر الفتحات Loculi أسهل في التنقيب وليس هناك مشكلات تقنية فيها
إذ إنه بفتح اللوحة الغالقة لها يتم استخراج الرديم منها بالمسطرين وبعدها يمكن استخراج أواني حفظ الرماد أو التابوت
بينما النوع الثاني من المقابر والمكونة من صالة أمامية وحجرة الدفن فمجرد تحديد مدخل المقبرة يصير الأمر ميسرا
للمنقب إذ إن هذا النوع غالبا ما يحتوي على أكثر من تابوت أو مجموعة من الفتحات وهو غالبا ما يعاد استخدامه عبر
العصور فتلزم الحيطة في تحديد المراحل المختلفة للاستخدام وهو الأمر الذي يتطلب معلومات عن أساليب الدفن
والعادات الجنائزية والعقائد الدينية حتى يمكن التميز بين كل طراز وآخر .
التنقيب عن الآثار المعدنية والفخارية المتهالكة :
غالبا ما توجد أثناء التنقيب آثار مصنوعة من الفخار أو المعادن تأثرت بعوامل الطبيعة أو تآكلت نتيجة تأكسدها ربما بسبب المياه الجوفية أو الرطوبة وتبدأ أول مراحل العمل بترك تلك الآثار لتتخلص من نسبة الماء وتجف ثم تزال الأتربة من حولها وتبدأ بعدها مرحلة العزل والقوية ثم الاستخراج .
تقوم فكرة عزل الآثار بتنديتها بمناديل ورقية مبللة بالماء ولفها بها ثم تعمل جبيرة من الجبس حول الأثر وذلك بلف الجزء الظاهر بطبقة سمكها 1 سم من القطن أو الشاش المغموس في الجبس السائل بينما والجزء السفلى يستند على كتلة من التربة وبعد أن يجف الجبس يقلب الأثر برفق بكتلة التربة العالقة به ثم تنظف برفق وتستكمل الجبيرة وبعد أن تجف كلية توضع في صندوق وحولها فللين أو فوم أو ورق أو قش وتنقل للمعمل للمعالجة والترميم .
من الممكن صهر شمع وصبه فوق الأثر ليتجمد عليه ثم ينقا للمعمل وهذه الطريقة تناسب الآثار الصغيرة والتي يخشى عليها من التلف السريع وهي طريقة اقتصادية إذ يمكن أن يصهر الشمع بالتسخين في المعمل ويعاد استخدامه وسائل .
يــتــبــع
التنقيب مهارة وعلم يكتسب
يختلف التنقيب عن الآثار عن غيره من عمليات الحفر إذ هناك أسلوب علمي في التنقيب يهدف إلى تسجيل التراث الإنساني بكل دقة وأمانة لا يمكن للشخص العادي القيام بها فلا بد من توافر عنصر الخبرة والعلم ، ويتخلص منهج الحفر في عدم حفر عدة طبقات في وقت واحد وضرورة متابعة العمل لحظة بلحظة للوقوف على كل تطور أو تغير يحدث في لون ومخلفات الطبقة . ولكن كيف تسير خطوات العمل لتنفيذ هذا المنهج ؟
وإذا أردنا أن نسير العمل بلا مشكلات ولتنفيذ عمل ناجح بكل المقاييس فهناك عدة أسس وقواعد يجب مراعاتها :
أولاً : يجب تنظيف الموقع من كافة المخلفات الحديثة قبل العمل ، ويظل الحرص على أن يبدو الموقع نظيفا أثناء العمل فيه
ثانياً : وضع نظام للعمل بحيث يتلاقى الحوادث والأخطاء والعوامل المؤدية إليها ، مثال ذلك تحديد مسار للعمال داخل
وخارج المربع وعدم السماح لأي من العمال أن يسير أمام العامل الذي يضرب بالفأس أو الذي يستخدم الحجاري
حتى لا يصاب .
ثالثاً: تنظيم العمل داخل المربع لضمان دقة العمل والنتائج وإمكانية ومراقبة كل ضربة فأس بالمربع .
رابعاً: تنظيم العمل داخل المربع يبدأ بتحديد أحد جوانب المربع بعرض متر أو أكثر على حسب عرض المربع لبدء الحفر
فيه ثم تكرر العملية حتى يحفر المربع كله في مستوى واحد لكل طبقة . وينظف الجزء المحفور مباشرة للحفاظ
على نظافة الموقع .
خامساً: يتم الحفر بعمق متساو في حدود عشرة أو خمسة عشرة سنتيمترا بشكل منتظم في كل مربع.
سادساً: إذا حدث خطأ ولاحظنا أن التربة تتغير على عمق أقل مما نحفر يجب تدارك الأمر مباشرة ويقلل العمق بحيث
نحافظ على بداية ظهور البقعة الجديدة حتى وإن كانت على عمق خمس سنتيمترات ، في أي جزء من المربع مع
متابعة العمل بحفر نفس العمق في كل مربع . فالحفاظ على كل طبقة يضمن عدم اختلاط الطبقات ويحافظ على
الترتيب الزمني لها بما يضمن دقة العمل وسلامة النتائج .
سابعاً : يجب متابعة كل تغيير يطرأ على التربة من حيث التكوين واللون والمخلفات والتوقف عند كل تغير حتى تتم أعمال
التسجيل للطبقة .
ثامناً : يجب وضع نظام لعملية الحفر داخل المربع بدءا من أول ضربة معول ، مثال ذلك تقسيم المربع إلى عدة أقسام
بطول المربع ويقوم العامل بتفتيت الطبقة العليا بعمق لا يزيد عن خمسة عشر سنتيمترا بطول واحد متر ثم يفحص
التراب جيدا وينقل مباشرة خارج الموقع عبر الممر الفاصل بين مربعين ، ومن هنا يبدأ مسار العامل ليحفر الطبقة
بامتداد طول المربع.
تاسعاً: إذا كانت مساحة المربع تسمح بوجود مجموعتين من العمال يجب ألا يتعارض عملهما ويوزع العمال بحيث لا
يزدحم الموقع ولا تقع حوادث وحتى يمكن متابعة تطور الحفر بدقة .
عاشراً: يجب تنظيف كل طبقة بعد الانتهاء من حفر كل مستوى في كل قسم من أقسام المربع ونقل الرديم بمجرد الحفر
حتى يمكن الاستمرار في حفر بقية الأقسام .
حادي عشر : يجب التحقق دائماً من أن جوانب المربع قائمة الزاوية وقطاع كل جانب واضح ويمكن قراءته بسهولة
خاصة إذا لم يكن العمق قد وصل ضعف طول المربع وإذا اضطررنا للتعمق أكثر من ضعف طول المربع
يجب أن تميل جوانب المربع نحو الداخل قليلا حتى لا تنهار .
ثاني عشر : لا يجب ان تتعدي حدود المربع بأي حال من الاحوال عن ذلك يفسد عملية التسجيل ويخلط اللقى بما يربك
تأريخ ونسب تلك اللقى والموقع بالكامل ز حتى لو كان هناك لقى أثرية نصفها في المربع ونصفها تحت
الممر فالأجدى تركها لحين تصفية الممرات لتسجل في طبقتها لتستقيم العملية التأريخية .
ثالث عشر : يجب استخدام الأدوات المناسبة من حيث الشكل والحجم بما يتناسب مع الطبقات وتكوينها وأنواعها فليس
هناك داعي لاستخدام الأدوات الثقيلة في التربة غير المتماسكة ، بينما يمكن استخدام الحجاري والفأس في
الطبقة المتماسكة لكن مع تزايد احتمالات العثور على لقى أثرية يجب أن نكف عن استخدامها ويمكن
الاستعاضة عنها بالقادوم والمسطرين وعند ظهور آثار دقيقة نتوقف نهائيا عن استخدام الأدوات الصلبة
ونكتفي بالمسطرين والفرشاة والمنفاخ.
رابع عشر: عند ظهور عناصر معمارية مثل أجزاء من جدار أو كتل حجرية يجب التروي للتأكد إن كانت معلقة ولا
تتصل بالمبنى أم أنها تمثل مبنى مستقل مع ملاحظة التغير في التربة جيداً وهل تمثل أرضية أم أنها امتداد
للبقعة التي يجري العمل فيها
خامس عشر: يجب التنبه للحفرات التي تقوم فوقها أساسيات الجدران وتلك الحفرات التي يقوم بها الإنسان لتثبيت شئ أو
دفن شئ، فحفرات الأساسات تظهر على شكل قطع يتخلل التربة ويبدو واضحا من لونها المغاير للون
التربة، الحفرات الحديثة غالبا ما توجد بها مخلفات حديثة في نهايتها
ويمكن تمييز تلك الحفرات الحديثة والحفرات القديمة من لونها أيضا ونعومة الرديم ، وحفرات التثبيت القديمة
دائما صغيرة الحجم والرديم الموجود بها ناعم
سادس عشر: إذا ظهرت تكوينات معمارية يجب تتبع امتدادها ويحس عدم استخدام أدوات صلبة بالقرب من الجدران لأنه
من الممكن أن تكون مكسية بطبقة الجص عليها رسومات، مع الحرص الشديد على جمع كافة المخلفات
الموجودة ضمن الرديم لامكانية مساهمتها في تفسير المبنى وتأريخه بالشكل الصحيح.
سابع عشر: يجب الوصول بالحفر إلى الصخرة البكر التي لم تصلها يد إنسان من قبل ويمكن تمييزها بحبيبات الرمل التي
تتجمع عند نقطة التقاء الصخرة البكر بالطبقة التي تعلوها وهي خاصية معروفة بظاهرة البسلة الجافة؛لأن
حبات الرمل المتجمعة تشبه حبات البسلة الجافة وتظهر مع كل أنواع التربة عدا التربة الطينية أما صادفتنا
أرضية مكسية بالحجارة أو الفسيفساء فيجب متابعة الكشف عنها بالكامل ثم نتابع عملية الحفر لتحديد ما إذا
كانت عصور سابقة لها وذلك بالحفر خارج حدود الأرضية ويحسن أيضاً الوصول للطبقة البكر.
ثامن عشر: يجب جمع المخلفات الأثرية من كل طبقة على حدي خاصة الفخار ثم توضع بيانات تشمل رقم المربع والطبقة
والتاريخ على النموذج المعد سلفاً وإن لم يتيسر يكتب على الدلو المحفظة فيه القطع وينقل إلى المعمل ليغسل
لتظهر النقوش ولون الطينة وتتم عملية التصنيف والدراسة المبدئية وانقاء العينات التي تلزم لعملية التأريخ
ويمكن الاستعاضة عن الدلاء بتخطيط مربعات بنفس تخطيط الموقع تنقل إليها المخلفات بنفس الترتيب بحيث
نضمن عدم اختلاط مخلفات الطبقات ، ويتم وضع المخلفات بترتيب معين بأن توضع مخلفات الطبقة العليا في
الركن الأيمن العلوي ثم التالية لها في المنتصف والثالثة في الركن الأيسر العلوي وهكذا تكرر العملية بالنسبة
للطبقات ويقوم أحد العمال بغسل الناتج أولاً بأول، ثم تتم عملية الفرز تمهيداً للتسجيل.
باتباع تلك القواعد في التنقيب تصبح طريقة الحرف منظمة وتسير بشكل تلقائي ويتحقق الهدف المرجو من الحفائر وهو ليس الكشف عن المباني أو اللقى الأثرية ، بل يشمل الكشف عن حضارة الإنسان في هذا المكان خلال العصور المختلفة وهو المعنى الحقيقي لعلم الآثار. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تلك القواعد التي ورد ذكرها تتبع في كافة المناطق والمواقع ولكن تظهر بعض المشكلات الخاصة في التنقيب حسب طبيعة الموقع ونوعية الآثار التي يجب الكشف عنها سواء آثار معمارية أو أعمال فنية أو فخارية .
مشكلات التنقيب في المواقع المختلفة :
هناك نوعان من المشكلات تواجه المنقب النوع الأول ، مشكلات خاصة بطبيعة الموقع، والثاني مشكلات تقنية خاصة بطبيعة ونوعية المكتشفات الأثرية و فيما يلى نبذة عن كل نوع:
- صعوبات خاصة بطبيعة الموقعو منها :
أ – التنقيب في التلال الأثرية وتصفيتها:
التنقيب في التلال الأثرية تعتريه بعض المشكلات خاصة إذا كانت تلك التلال تضم مباني أثرية حيث تكثر التكوينات الحجرية وغالبا ما تكون قمم التلال مناطق السكنى ثم تمتد لتشمله ، لذا على المنقب التيقن تماما من أبعاد تلك المشكلة ويدرك جيدا أن التل الأثري لا يجب التعمق في الحفر فيه من القمة، بل يكتفي بالتوقف عند ظهور المباني في أعلى التل ثم يجري تتبع امتداد تلك الطبقة على بقية التل ، فإن الترتيب الطبقي في التل يمتد أفقيا .
كما توجد بعض المشكلات الفنية التي تعترض المنقب منها على سبيل المثال تحديد أساسات المبنى خاصة إذا كان المبنى قد تعرض لتعديلات وتحويرات أو سلب لأحجاره عبر العصور، كما تنشأ بعض المشكلات من جراء تفكك المباني خاصة تلك التي بنيت من كتل حجرية غير منتظمة ، إذا كانت المراحل المتتالية التي مر بها المبنى قريبة من بعضها البعض ولا يمكن تحديدها بدقة ، كما تحدث بعض المشكلات في تعقب بعض المباني من العصر البيزنطي المبنية من كتل حجرية صغيرة غير منتظمة خاصة إذا ما تهدمت وتناثرت أحجارها . لذا يجب أن يكون الهدف الأساسي في الحفر في التلال الأثرية ربط العلاقة بين الجدران والمباني المختلفة ، ومن الجائز أيضا إجراء دراسة لطبقات التل بحفر مجس من أعلى التل إلى قاعدته وصولا للتسلسل الحضاري في التل . وللتغلب على كل مشكلات التنقيب من البداية يجب تخطيط الموقع إلى مربعات بطريقة الصندوق لإمكانية الوصول للعمائر الموجودة بتكويناتها المختلفة ، ويجب ألا يقل عمق المربع عن ثمانية أمتار تحسبا للتعمق في الحفر بما يضمن عدم حدوث انهيارات مع مراعاة أن تكون الممرات عريضة وآمنة.
عند ظهور جدران يجب أن يكون الحفر رأسيا بمحازاة الجدار وبدقة شديدة حتى لا نهشم طبقة الجص إن وجدت ويجب ملاحظة الحفرات التي تخلل الطبقات سواء القديم منها أو التي حفرها الباحثون عن الثراء غير المشروع لتحفر مع الطبقة التي حفرت بها ومع ظهور أرضيات متماسكة من التراب أو التربة الصناعية يجب الكشف عن كل المبنى أولا وتحديد ماهيته وأهميته وتقرير ما إذا كان سيزال أم لا والأفضل هنا أن يكون القرار مدروسا على أسس علمية أحيانا يكون المبنى صغير لكنه صغير ونادر وإذا كان من الضروري الاستمرار في العمل فيجب تسجيل المبنى تسجيلا دقيقا ثم ترقيم كل كتلة حجرية وفكه بنظام وتسلسل بحيث يمكن إعادة بناؤه مرة أخرى في موقع آخر.
لمتابعة العمل في التنقيب بالتل الأثري عقب تسجيل المبنى وفكه وتقطيع الأرضيات الهامة مثل الرخام أو الفسيفساء أو حتى الأحجار المشكلة بأشكال هندسية ثم نتابع التنقيب عن الطبقات التالية والمراحل السابقة لما كشف عنها ولمواجهة مشكلة تداخل المباني المتعاقبة في التل الأثري يجب أولا تحديد العناصر الأصلية ثم العناصر المتداخلة والتي يجب فكها ورفعها بعد تسجيلها بالكتابة والرسم والتصوير ، ثم نختبر أساسات تلك العناصر بعمل مجس اختباري نجمع فيه كل المخلفات وصولا لعمق الحفرة التي حفرت لبناء الأساسات .
عند إزالة الحفرات المستحدثة على الموقع يجب إزالة الرديم الناعم غير المتماسك مع ملاحظة المخلفات الموجودة فيه وتجميعها لتحديد متى حفرت تلك الحفرات والطبقة التي تنتمي إليها. يجب توفير سير متحرك يعمل بموتور يعمل ببطارية السيارة لنقل الرديم الناتج عن الحفائر أو توفير مولد كهربائي لتشغيله وإن لم يتيسر ذلك يمكن استخدام مواسير قطرها كبير تثبت فوهتها أعلى التل وتنتهي أسفل التل حيث توجد عربات نقل الرديم أو يمكن أن يشكل جانب من التل بدرج يسمح للعمال بالنزول والصعود أما إذا كان الهدف تصفية التل من الآثار واستخدام الأرض لأغراض حديثة كالزراعة أو إقامة مشروع أو مبنى فالأفضل الاحتفاظ بالرديم الناتج بحيث يوضع بالقرب من الموقع لإعادة الردم وتسوية الموقع عقب انتهاء عملية التنقيب.
ب – مشكلات الحفر في المواقع الطينية:
غالبا ما تواجه المنقب مشكلة في التنقيب بالتربة الطينية خاصة إذا كانت المباني مبنية بالطوب اللبن وتعرضت لعوامل التعرية فيصعب التفرقة بينها وبين الرديم وللتغلب على مشكلة التنقيب في التربة الطينية يجب أن تكون الحفائر في الاعتدالين ولا يفضل أن تكون في شهري يوليو وأغسطس وذلك لارتفاع درجات الحرارة والتي تؤثر على المباني اللبنية وتفتتها كما أن شهور الشتاء يستحيل العمل فيها لأن الرديم يتحول إلى كتل من الطمي يصعب السير فيه كما قد تضيع اللقى الأثرية ضمن الرديم. ومن الناحية التقنية في التنقيب يجب أن يبدأ العمل عقب الفجر مباشرة حتى تكون الأرض منداة بالرطوبة فيسهل التمييز بين المباني والرديم ، كما يجب أن يفتت الرديم ويفحص جيدا حتى لا نفقد أيه لقية كما يفضل غربلة الرديم في الموقع يفضل أيضا استخدام الفأس والقادوم والمسترين العريض طبقا لمقتضيات العمل ويحسن تنظيف الأدوات أولا بأول حتى لا تعلق بها الطينة وتفسدها كما أنها تكون أثقل وزنا وأصعب في الاستخدام فضلا عن الأضرار التي يمكن أن تلحق بالأثر.
ج - مشكلات الحفر في التربة الجيرية والحصوية:
تتمثل مشكلة تواجد كتل وحصى جيرية في هذه التربة وهي تستوجب حرصا شديدا والتأكد من الأحجار التي لا تنتمي لمباني ولا توجد عليها زخارف أو نقوش ، ولعلاج المشكلات الناتجة عن هذه التربة أو يجب تفكيك الرديم باستخدام الحجاري مع الوضع في الاعتبار أن تهشيم أي حجر تحسبا لكونه جزء من مبنى أو ينتمي إلى مبنى ثم رفع الرديم وتنقل الأحجار غير المنتظمة بالقرب من الموقع أما الأحجار المنتظمة فمن الأفضل ترقيمها وكتابة الطبقة التي عثر عليها فيها لإمكانية استخدامها في الترميم ، أما الأحجار التي تحمل نقوش أو زخارف فيجب نفلها بعيدا عن عوامل التعرية والاحتفاظ بها في المخازن الملحقة بمعسكر البعثة أما إذا كانت تنتمي إلى مبنى وسقطت منه فالأفضل إعادتها إلى مكانها مباشرة استرشادا بتكملة الزخارف.
صعوبات خاصة بطبيعة المكتشفات الأثرية :
أ - الكشف عن العناصر المعمارية:
تواجه المنقب مشكلات متعددة في التنقيب عن الآثار المعمارية أولى هذه المشكلات والتي تطلب الخبرة والعلم هو تصور الأثري المنقب لماهية المبنى وتخطيطه وإعمال الذهن في مقارنته بمباني مشابهة في البلد الذي يحفر به أو أي حضارة أخرى مع وضع عدة تساؤلات للإجابة عليها يمكن من خلالها وضع الخطة المناسبة للكشف عن المبنى وتأتي على رأس هذه التساؤلات كما ذكرت ماهية المبنى ومخططه وطريقة بنائه وتاريخه والعصور التي مر بها وهل تعرض تعديلات وتحويرا وما هي الإضافات وغيرها من الأسئلة التي تجيب عن تساؤل أهم وهو ما أهمية هذا المبنى؟ .
هناك طريقتان للإجابة عن تلك التساؤلات الأولى تعتمد على علم وثقافة وخبرة المنقب وهي وضع التصور الصحيح في ضوء الشواهد الأثرية وهو أمر نسبي بين منقب وآخر ، أما الطريقة الثانية وهي الأكثر شيوعا وانتشارا – رغم أخطائها- هي تتبع ما يظهر من جدران والكشف عن المبنى بما لحق به من تغييرات وتحويرات وإضافات ، ثم تأتي بعد دراسة المبنى لتحديد العناصر الأصلية من دونها ويمكن التوصل لتلك العناصر بالكشف عن أساسات المبنى وتحديد أي الجدران تتصل بها ومن هنا فإن كل الجدران التي تتصل بالمبنى تكون إضافات لاحقة غير أساسية لكن هناك مشكلة أخرى يجب التنبه إليها وهي أن الجدران الأصلية من الممكن أن تكون قد أعيد بناؤها في فترات لاحقة لتأسيسه أو تكون شهدت تعديلات مثل إغلاق مدخل أو نافذة أو فتح فتحة لتغيير الغرض منها ومثل هذا الموقف تعرضنا له أثناء حفر المبنى ذي الثلاث صلات المعروف بالمدرسة في حفائر كوم الدكة بالإسكندرية أذ عند الكشف عنه وجدنا طبقة من الدفنات الإسلامية يرجع تاريخها للقرن الثامن وبعد إزالتها وتجميع الكتل الحجرية كشفنا عن المبنى وكانت القاعة الأمامية والوسطى تنتهي بجدار على نصف دائرة تتخللها صفوف المقاعد ولكن عند متابعة الحفر لدراسة المبنى والكشف عن الأساسات تبين أن الجدار الأصلي في نهاية الصالة الوسطى كان مستقيما فتبين لنا ان المبنى أعيد استخدامه في مرحلة لاحقة وتم إضافة الحنية ربما لزيادة سعته أو للاستفادة من القاعة المسقوف في فصل الشتاء وفي نفس المرحلة تم إغلاق المدخل الواصل بين القاعدتين الأولى والثانية حيث يبدو الاختلاف واضحا في المونة وحجم كتل الأحجار.
من الناحية التقنية الفنية في التنقيب والكشف عن المباني:
أولاً : يجب تحديد وجود مبنى من عدمه وذلك بعمل مجس اختباري فإذا ما تيقن المنقب من وجود جدران يجب عليه أن
يحدد الحجرات للتنقيب بداخلها والحصول على مخطط المبنى ويمكن الكشف عن امتداد الجدران بمجرد تحديد اتجاه
أول جدار يظهر ثم نحفر مربعات على نفس المحور بحيث تتقاطع مع الجدران وعندئذ يمكن تحديد مخطط المبنى
وتحديد مناطق الحفر وتعديل مساحة المربعات في ضوء الشواهد والنتائج التي توصلنا إليها .
ويمكن استخدام تقنيات حديثة في تحديد مخطط المبنى وذلك باستخدام أجهزة السونار أو الرنين المغناطيسي أو
الطرق على القضبان النحاسية وتعتبر أجهزة السونار أحدث وأسرع وأدق ويمكن الاعتماد عليها في تخطيط
المربعات بحيث تصبح الحجرات هي نفسها وحدات الحفر . كما إن هذه التقنيات تساعد أيضا في جس الطبقات
التالية أسفل المبنى وتحديد ما إذا كان يمكننا الاحتفاظ به أم متابعة العمل بعد تسجيله وفكه .
وإذا لم تتوفر تلك الأجهزة يجب اختبار أساسات المبنى من الخارج ودراسة المخلفات الأثرية بها لتأريخ فترة
التأسيس ثم تبدأ إزالة المبنى بالقواعد والأسس العلمية دونما تدمير ، وتستأنف عملية التنقيب بالتعمق في الطبقات
التالية مع ترك عينات من الطبقات العليا ليمكن دراسة كافة المراحل التي مر بها الموقع .
ثانياً يجب عدم تغيير ملامح المبنى إلا إذا كان الهدف من الحفائر تصفية المنطقة أو دراسة التطور التاريخي الكامل لها
ثالثاً: يجب عدم الكشف عن جزء من مبنى في نهاية موسم الحفر بل يجب أن يكون هناك الوقت الكافي والميزانية للكشف
عنه خلال موسم وواحد أو في المدة المتبقية من الموسم وإذا كانت المنطقة تضم مجموعة من المباني المتجاورة
فيحسن أن توضع خطة للكشف عنها بالكامل أفقيا ورأسيا في فترة واحدة متصلة وتحديد العلاقة بينها أما إذا كان
الموقع مساحته واسعة ويستحيل العمل فيها وتغطيتها في موسم واحد مثال مدينة بوتو أو كوم الدكة بالإسكندرية
والتي تحتاج للعديد من المواسم تمتد لعشرات السنوات فيجب وضع خطة للتنقيب والترميم السريع وعمل الصيانة
الدورية حتى يمكن الحفاظ على الآثار بحالة جيدة من أول أثر عثر عليه إلى أحدث أثر كشف عنه .
رابعاً: عند الحفر في الجبانات والمقابر في أنواع التربة المختلفة تظهر بعض الصعوبات التي على المنقب التغلب عليها
بعضها يتطلب العلم والخبرة مثل التعرف على نوع وطريقة الدفن والعقائد والطقوس المصاحبة لها أثناء وبعد الحفر
والمستوى الاجتماعي لصاحب المقبرة وطرازها وغيرها أما الصعوبات الأخرى فهي تقنية في المقام الأول فالمقابر
المبنية والمنحوتة في الصخرغالباً ما تضم أكثر من دفنه ومن هنا يجب أن نضع في الاعتبار استخدام المقبرة على
فترات متتالية أما الجبانات فهي تظل مستخدمة لفترات طويلة لذا فإن التنقيب في الجبانات يقتضي عدم استخدام
أدوات ثقيلة ويفضل الحفر باستخدام الفرشاة والمسطرين والمنفاخ ، ويحسن أن يقوم بالتنقيب من لديه دراية بعلم
التشريح ولديه القدرة الفائقة على التمييز بين الطبقات . وللتنقيب الصحيح في المقابر يجب أن يبدأ الحفر عند الحافة
ويمتد نحو الداخل ولا يزيد عمق الحفر عن 5 سم ، أما دفنات الحفرات فيجب أن تراعي مساحة الحفرة وعدد العمال
والفني والمنقب ويفضل أن يقتصر العدد على عامل فني ومراقب فقط ولا تستخدم أدوات ثقيلة
وتصلح هذه الطريقة في مقابر قبل التاريخ ومقابر الفقراء والمقابر الإسلامية ، أما مقابر التلال أو المعرفة بالمقابر
المستجيرة فهناك طريقتان لحفرها وبتكرار العملية حتى ظهور الدفنات والهياكل العظيمة أما الطريقة الثانية يقسم فيها
التل أربعة أقسام بممرين متقاطعين ويتم الحفرفي كل قسم طبقة ثم تنتقل للتالي وهكذا ببقية الأقسام الأربعة ويبدأ العمل
فيها في الحافة الخارجية ونتجه نحو المركز .
وبالنسبة للمقابر المنحوتة في الصخر فتعتبر مقابر الفتحات Loculi أسهل في التنقيب وليس هناك مشكلات تقنية فيها
إذ إنه بفتح اللوحة الغالقة لها يتم استخراج الرديم منها بالمسطرين وبعدها يمكن استخراج أواني حفظ الرماد أو التابوت
بينما النوع الثاني من المقابر والمكونة من صالة أمامية وحجرة الدفن فمجرد تحديد مدخل المقبرة يصير الأمر ميسرا
للمنقب إذ إن هذا النوع غالبا ما يحتوي على أكثر من تابوت أو مجموعة من الفتحات وهو غالبا ما يعاد استخدامه عبر
العصور فتلزم الحيطة في تحديد المراحل المختلفة للاستخدام وهو الأمر الذي يتطلب معلومات عن أساليب الدفن
والعادات الجنائزية والعقائد الدينية حتى يمكن التميز بين كل طراز وآخر .
التنقيب عن الآثار المعدنية والفخارية المتهالكة :
غالبا ما توجد أثناء التنقيب آثار مصنوعة من الفخار أو المعادن تأثرت بعوامل الطبيعة أو تآكلت نتيجة تأكسدها ربما بسبب المياه الجوفية أو الرطوبة وتبدأ أول مراحل العمل بترك تلك الآثار لتتخلص من نسبة الماء وتجف ثم تزال الأتربة من حولها وتبدأ بعدها مرحلة العزل والقوية ثم الاستخراج .
تقوم فكرة عزل الآثار بتنديتها بمناديل ورقية مبللة بالماء ولفها بها ثم تعمل جبيرة من الجبس حول الأثر وذلك بلف الجزء الظاهر بطبقة سمكها 1 سم من القطن أو الشاش المغموس في الجبس السائل بينما والجزء السفلى يستند على كتلة من التربة وبعد أن يجف الجبس يقلب الأثر برفق بكتلة التربة العالقة به ثم تنظف برفق وتستكمل الجبيرة وبعد أن تجف كلية توضع في صندوق وحولها فللين أو فوم أو ورق أو قش وتنقل للمعمل للمعالجة والترميم .
من الممكن صهر شمع وصبه فوق الأثر ليتجمد عليه ثم ينقا للمعمل وهذه الطريقة تناسب الآثار الصغيرة والتي يخشى عليها من التلف السريع وهي طريقة اقتصادية إذ يمكن أن يصهر الشمع بالتسخين في المعمل ويعاد استخدامه وسائل .
يــتــبــع
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
رسالتنا للزوار الكرام : سجل عضويتك اليوم لتصلك رسائلنا لأخر مواضيع الأبحاث ورسائل الماجستير و الدكتورة عبر الايميل بشكل جميل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: علم الاثار
تابع علم الاثار
التقويم الزمني للآثار - التأريخ علم وخبرة :
يستخدم علماء الآثار وسائل متعددة لتأريخ المكتشفات الأثرية طبقا لنوع الآثار المكتشفة ، ويمكن تقسيم تلك الوسائل إلى قسمين رئيسين الأول منهما الوسائل المعملية والثاني هو الوسائل الحقلية ، ولبيان أهمية التأريخ الصحيح في علم الآثار علينا أن نتذكر التعريف العلمي للآثار وهو كل ما هو قبيح أو جميل خلفه الإنسان في مكان ما في زمن ما أي أن الزمن وهو التأريخ في العمل الميداني شطر الآثار ومن ثم تبرز أهمية الوسائل المستخدمة في التأريخ ودقتها بنوعيها.
أولاً: الوسائل الحقلية :
تعتمد الوسائل الحقلية على دراسة المعالم الفنية للأثر من خلال ثلاثة عناصر أساسية أولها المادة المصنوع منها الأثر ، ثانيها الموضوع الذي يصوره أو يمثله وثالثها التقنية التي نفذ بها ومكان صناعته ن وتجتمع هذه العناصر لتحدد الطراز الفني وبالتالي زمن صناعته واستخدامه كما تعتمد الوسائل الحقلية على علم دراسة الكلام Philology في قراءة النقوش والكتابات من خلال النص نفسه وسطر الكتابة وشكل الحروف وجميع تلك الوسائل تخضع للإمكانيات العلمية وتخصص المنقب العام والدقيق .
دراسة الطبقات Stratigraphy :
تنقسم دراسة الطبقات إلى نوعين أساسيين الأول منهما الترتيب الجيولوجي والثاني دراسة ترتيب طبقات التربة ومخلفاتها الأثرية بالتحليل والمقارنة مع مناطق مشابهة في ذات الحضارة أو حضارات مشابهة .
أ – دراسة الترتيب الجيولوجي لطبقات الموقع :
لا تصلح هذه الدراسات إلا في المناطق التي ترجع حضاريا للعصر الحجري القديم ، نظرا لطبيعة تكوين التربة الجيولوجي في هذا العصر ، فعقب التنقيب في الطبقات المترسبة نتيجة لعوامل التعرية في هذا المناطق تظهر الطبقة الطبيعية بتكويناتها الجيولوجي ، وهي غالبا ما تكون بنفس التكوين الطبيعي مثل التربة الحصوية التي عثر فيها على آثار من عصر البلايستوسين في مناطق وسط أوروبا ،والتربة الطينية بالقرب من مجرى النهر خاصة في المناطق السهلية شبه المستوية حيث تتيسر وسائل الحياة ، وتمثل المواقع من هذا النوع وسيلة سهلة في تحديد تأريخ تقريبي للموقع للجيولوجي المتخصص .
ب- دراسة الترتيب الطبقي للتربة :
في المناطق التي تكونت تربتها بفعل العوامل الطبيعية مثل ترسيبات الأنهار وقت الفيضان أو ترسيبات الرياح الموسمية في المناطق الصحراوية والمهجورة إذ إن هذه العوامل متغيرة وغير ثابتة على قوة واحدة وغير منظمة سنويا لذا جاءت التقديرات لعمق هذه الطبقات خلال فترة ما في مكانين مختلفين غير دقيقة وأحيانا غير صحيحة .
أما إذا كان الظروف المناخية مستقرة هنا فقط يمكن الاعتداد بهذه الطريقة لأن الترسيبات ستكون بنفس السمك مع كل تغيرتعتمد هذه الدراسة على قانون ستينو لترتيب الطبقات بأن الطبقات الأحدث تعلو الأقدم ، ويصلح هذا القانون في الطبقات الناتجة عن العوامل البشرية والطبيعية على حد سواء لكنه على المنقب أن يدرك جيدا أن لكل موقعه ظروفه التاريخية الخاصة لذا فليس من الضروري أن تكون الطبقة التي سمكها نصف متر مثلا وتمتد لمائتي عام أن كل نصف متر يساوي مائتي عام ، بل ومن الممكن أن تكون طبقة سمكها ثلاثة أمتار تمتد لفترة زمنية تعادل نفس العمر الزمني للطبقة التي سمكها نصف متر عن عمر الطبقة لا يقر بعمقها وإنما بموادها ومخلفاتها الأثرية في الطبقات الناتجة عن النشاط العمراني والإنساني .
ومن هنا كانت الدراسات الأثرية للمخلفات المختلفة وسيلة في تحديد عمر كل طبقة زمنياً تعتمد هذه الدراسة على تطور الفنون البشرية عبر العصور إذ إن الفن يعبر عن العصر الذي وجد فيه فهو مرآة تعكس أحوال المجتمع ، لذا فإن دراسة المخلفات الأثرية من خلال تاريخها الفني هي في الواقع تأريخ لعمر التي وجدت فيها .
تبرز أهمية المكتشفات الاثرية في إمكانية تطبيق تطور الطرز الفنية في كافة فروع الفن من رسم وتصوير ونحت وفخار ، ويأتي الفخار في مقدمة المواد التي يعتمد عليها في تأريخ الطبقات نظرا لأن طريقة صناعته تكسبه صلابة تساعده على البقاء على نفس الحالة التي صنع عليها ويحتفظ بآثار استخدامه ، إذ يمكن التمييز بسهولة بين المصابيح الفخارية التي استعملت وتلك التي لم تستعمل من خلال آثار الحرق عند فتحة الفتيل .
ولعل طبيعة استخدام الفخار وقابليته للكسر تجعل مه مادة متطورة بشكل مستمر عبرالعصور فجاء فخار كل عصر ومكان بسمات خاصة تجعل منه مادة خصبة أساسية في التأريخ عكف الكثير من الأثريين على دراسة الفخار وتصنيفه لوضع قواعد للتأريخ بطرز الفخار ، وكان سير فليندرز بتري صاحب الفضل في تأسيس هذه المدرسة في بداية القرن العشرين حوالى عام 1901 من خلال الزخارف والرسوم المصورة على الفخار الذي كشف عنه في ديوس بوليس بارفا Diospolis Parva ، لكن التأريخ من الزخارف فقط قد ينتج عنه بعض الأخطاء إذ من الممكن أن يعاود طراز فني الظهور مرة أخرى بعد أن يتداول لفترة .
لذا يجب أن يستند الطراز الفني إلى عوامل أخرى لتسانده وتؤكد صحته مثل المادة المصنوع منها مصدرها وطريقة صناعتها وحجمها وشكلها ويسري هذا على كافة فروع الفن والطريقة المثلى لتأريخ المكتشفات الأثرية بصفة عامة تتمثل في تغطية أربعة تساؤلات ،ماهية للأثر ومادته ويقصد بها التعريف بالأثر والسؤال الثاني مصدره وهنا يكون المقصود أين صنع والثالث كيف صنع أو بالأحرى التقنية الحديثة في تنفيذه ورابع التساؤلات ما هو الطراز الفني والإجابة عن هذه التساؤلات تؤدي إلى الإجابة المطلوبة عن تحديد الفترة الزمنية التي ينتمي إليها أي تاريخ الأثر ومن ثم يمكن تفسيره التفسير الصحيح فعلى سبيل المثال كان الفخار في عصور ما قبل التأريخ غير جيد لحرق بل يمكن قياس جودة الفخار بجودة الحرق وصلابته ودرجة لمعانه ، ويجسد الفخار اليوناني نموذجا للتطور ويمثل خصائص يمكن الإفادة منها في التاريخ وفخار فترات المبكرة كان لها حمراء عليها زخارف سوداء ثم في القرن الخامس قبل الميلاد أصبحت الأرضية سوداء والرسوم حمراء ثم في القرن الرابع أصبحت الزخارف بارزة ثم منذ العصر الهلينستي وخلال العصر الروماني بظهور ذلك النوع المعروف التراسيجيلاتا ثم شهد العصر البيزنطي تصوير رموز دينية مسيحية مثل الصليب .
رغم ذلك فعلينا التنبه جيدا للطينة المصنوع منها لتحديد مكان صناعته حسب لون الطينة فالتربة الطميية السوداء مصدرها بالقرب من النهر بينما الطفلة الصفراء والبيضاء مصدرها المناطق البركانية ز بل قد تختلف الطينة في البلد الواحد إذ إن الطين في قنا يقدم فخارا داكنا صلبا وهو أجود أنواع نظرا لارتفاع نسبة أكسيد الحديد في الطمي ز أما الفخار الفيومي فلونه بني فاتح لاختلاط الطمي بالرمال في منطقة الفيوم ن أما الفخار الصحراوي فلونه أصفر .
كما يمكن تمييز نسبة وجود الشوائب أو العوالق الجيرية في الفخار عند أخذ مقطع منه ن كما يمكن تمييز رداءة الفخار من هشاشته ووجود فقاعات هواء متفاوتة في الطين . المواد المستخدمة في الفنون المعمارية والنحت ومدلولها التاريخي وأهميتها في التاريخ لا تقل في أهميتها عن الطراز الفني والموضوعات المصورة منها ، مثال ذلك حجر البورفير المصري الذي أصدر الامبراطور كلاوديوس مرسوما بحظر استخدامه لغير الأغراض الامبراطورية ، ومن هنا يتأكد لنا أن جميع الأعمال التي صنعت من البورفير في عصر كلاوديوس كانت أعمالا رسمية ، ومثال آخر نجده في مصر إذ لا يوجد في مصر محاجر رخام أبيض وكان الرخام المادة المفضلة للإغريق لذا جاء الفن السكندري متميزا بأحجام التماثيل الصغيرة نسبيا إذا ما قورنت بمثيلتها في بلاد اليونان وآسيا الصغرى .
وعلى النقيض من ذلك فلم يعرف الإغريق ولا الرومان استخدام الأحجار المصرية الصلبة مثل الجرانيت والبازلت إلا عندما وفوا إلى مصر وهكذا فإن المادة المستخدمة لها مدلولها التاريخي والحضاري وعلينا أن نستخدمها كأحد عوامل التاريخ للمكتشفات الأثرية ومن الأسس التي يمكن الاعتماد عليها الطراز الفني للمكتشفات الأثرية ، فعلى سبيل المثال تميز كل فنان بطرز وخصائص وبالتالي يمن نسبها إليه وتاريخها بعصره ، فالفنانون الإغريق أمثال بوليكلايتوس وغيره من الفنانين في القرن الخامس وقعوا فلك آلهة الأولمب وصورتهم الرياضية المثالية وعمدوا على تصوير موضوعات مستوحاة من الأساطير وليسبوس في القرن الرابع قبل الميلاد كان له طرازه الخاص وأسلوبه من حيث التقنيات والمواضيع والأعمال ، ويعتبر المصور الشخصي للإسكندر الأكبر ومن بعده عرف الإغريق التصوير الشخصي وامتد للعصر الروماني ويمكن أن مراحل تطور الشخصية في النحت الروماني في تلك التقسيمات التي قام بها بيانكوفسكي
التأريخ بالنقوش والكتابات :
تعتبر النقوش والكتابات القديمة من أهم الوسائل الحقلية وأكثرها دقة إذا كشف عنها في الموقع ، ففي بعض الأحيان يكون النقش المكتوب يحمل تاريخا أو حدثا مؤكدا وهنا بمجرد قراءة وترجمة النص يتأكد التاريخ . وفي بعض الأحيان لا يذكر النص أي من الأحداث المعلومة أو الملوك أو الشخصيات لكنه أيضا لا يمكن إهماله إذ يمكن استقاء معلومات من سياق النص أو التأريخ بشكل الحروف والطريقة المكتوبة بها ، مثال ذلك الحروف التي أضيف للابجدية المصرية القديمة في العصر البطلمي أو تطور شكل الحروف اليونانية من عصر لآخر .
ويمكن ايضا التأريخ بطريقة الكتابة إذ قد تكون أفقية أو رأسية أو من اليمين لليسار إلى اليمين أو بطريقة سير الثور المعروفة باسم ( بوستروفيدون) حيث يبدأ السطر الثاني من نفس اتجاه انتهاء الفصل السطر الأول أي إذا كان السطر الأول ينتهي في اليمين فالسطر الثاني يبدأ في اليمين وينتهي في الشمال والثالث يبدأ في الشمال وهكذا .
العملة القديمة وسيلة هامة في التاريخ الحقلي لا تقل في اهميتها عن النقوش التي تحمل تاريخا لأنها تحمل نقوشا محددة التاريخ والمصدر وسنة السك ةدار السك وأسماء من صدرت في عهدهم أو على شرفهم ، لكن لا يمكن الأخذ بالعملة بسنة إصدارهاكتأريخ للموقع بل يؤخذ بفترة استخدامها فالعملة قد تظل مستخدمة لفترات طويلة لذا فإنه يجب على المنقب أن يضع في اعتباره عدد العملات ونسبة كل فئة وعصرها بالمقارنة مع الإصدارات الأخرى التي عثر عليها معها ، فمن المحتمل أن يعثر على لقية أو خبيئة من عدة إصدارات لذا يجب تصنيفها لمعرفة الأحدث والأقدم وبذلك يمكنه التأريخ الصحيح ومعرفة مدة استخدام العملات الأقدم في مجموعته.
التأريخ بواسطة حلقات الشجر :
يعتمد هذا الأسلوب على مبدأ Denderchronology دندركرونولوجي على أساس عدد الحلقات السنوية في جذوع الأشجار المعمرة إذ أن كل سنة من عمر الأشجار تتكون فيها حلقة في جذعها ومن هنا عند قطع جزوع الأشجار يمكن حصر هذه الدوائر المتداخلة وبعددها يمكن تحديد عمر الشجرة بالسنوات ، بل أمكن أيضا تحديد نوع الطقس السائد في فترة نموها فالحلقات الواسعة الكبيرة تنتمي للمناطق المطيرة ، ورغم دقة هذا الأسلوب في التاريخ إلا إنه يمكن الاعتماد عليه في المناطق التي توجد بها أشجار معمرة ولا ينطبق هذا بالتأكيد على مصر والمناطق المجاورة لها أثبتت هذه الطريقة نجاحها ودقتها في مجالات التاريخ للمناطق ذات الأشجار المعمرة وأمكن من خلالها عمل خريطة طقسية لأمريكا الشمالية للثلاثة آلاف عام الماضية .
الوسائل المعملية التحليل - الذري للكربون المشع :
ليس في الامكان تقدير مدى أهمية التاريخ باستخدام الكربون المشع (14) في مجال الآثار منذ اكتشاف هذا الكربون عقب الحرب العالمية الأولى ونال مخترعها ويلاردف ليبي جائزة نوبل للسلام على هذا الاختراع والأساس الذي تقوم عليه هذه الطريقة هو أن الأرض تتعرض باستمرار لإشعاع كوني ،وينتج كربون 14 من رد الفعل الذي يترتب على ذلك في طبقات الجو العليا بين النيوترونات وذرات الازوت ولما كان تفق النيوترونات ثابتة طيلة آلاف السنوات الأخيرة فإن نسبة الكربون على هذا النحو لم تتغير أيضاً.
وفي الهواء الجوي تتفاعل ذرات الكربون 14 كيميائيا مع الأكسجين فتكون غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يختلط بالتالي مع ثاني أكسيد الكربون العادي (ذراته التي تحتوي على 6 نيوترونات خاملة ليس لها نشاط و6 بروتونات) وينفذ هذا الغاز الكربوني الجوي في الأنسجة الحية عن طريق النبات فالحيوانات آكلة العشب ثم الحيوانات التي تتغذى عليها ...إلخ ومن ثم تحتوي الحيوانات على كربون 14 وعلى ذلك فإن كل كائن حي يحتوي على كربون 14 بالتركيز الذي يوجد فيه هذا الكربون في الهواء الجوي في الزمن الذي يعيش فيه الكائن الحي، وعندما يموت الكائن الحي وتنقطع صلته بالهواء الجوي لا يتخذ الكربون 14 الذي يحتويه بإضافة من كربون 14 الآتي من السلسلة الغذائية ، ومن ثم يبدأ تركيز كربون 14 في التناقص من الأنسجة
وتبعا لقوانين النشاط الإشعاعي تختفي المادة المشعة بمعدل النصف كل حقبة أو "نصف العمر" وتساوي حقبة الكربون 14 حوالي 6000سنة تختفي نصف الذرات الباقية بدورها أي أن الرقم البدائي يستهلك ثلاثة أرباعه. وحتى عام 1900 كان تركيز الكربون 14 في الهواء المحيط بنا يعطي لكل جرام من الكربون نشاطا إشعاعيا يقدر بحوالي 15انحلالا في الدقيقةDPM دي بي إم وتسمى هذه الطريقة للتعبير عن النشاط الإشعاعي "النشاط النوعي "بعبارة أخرى فإن 15انحلالا في الدقيقة للجرام الواحد في حالتنا هذه يعني أن بين الخمسين ألف مليون مليون مليون ذرة كربون 12في جرام واحد يوجد حوالي 650مليار ذرة من كربون 14 يختفي منها 15كل دقيقة بفقد النشاط الإشعاعي ،وعلى هذا فبعد انقضاء 6000سنة على موت الكائن الحي يصير النشاط النوعي للكربون 14 حوالي 7.5دي بي إم للجرام الواحد وبعد 12 ألف سنة لا يزيد عن 3.75 دي بي إم للجرام الواحد وهكذا دواليك.
وباستخدام عينات كبيرة إذا تيسر ذلك وأجهزة فعالة القياس للنشاط الإشعاعي وأمكن مثلا تأريخ أشياء خشبية ترجع إلى 5000سنة مضت ومع ذلك يطبق التاريخ باستعمال الكربون 14 على أشياء لم يمض عليها ما يتراوح بين 10000سنة و15000سنة ومعظمها من الخشب ولكن يمكن استخدام هذه الطريقة أيضا مع العظام والأنسجة والعاج والحديد (يحتوي الحديد على نسبة قليلة من الكربون الناتج من العينات القديمة من الخشب.
اختبار التألق الحراري:
التألق الحراري المستحث طريقة أخرى لتأريخ الأواني الخزفية والفخارية و هذه الطريقة استخدمت لأول مرة عام 1960على يد جورج كيندي وأصبحت بالتالي بعد أن طواها الباحثون في جامعتي اكسفورد وبنسلفانيا أداة مفيدة للغاية وذات أهمية كبيرة بسبب كثرة وجود الفخار في المواقع الثرية والحفائر وتعتمد هذه الطريقة على تأثر الإشعاع بتغير التأثير الإلكتروني للمواد العازلة فتخزن كمية الطاقة فإذا سخنا المادة إلى درجة حرارة معينة تبدأ بالقوى التي تحتجز الألكترونات التي تغير وضعها في الانطلاق ويرتخي البنيان وتتحرر الطاقة المختزنة في هيئة انبعاث ضوئي حيث يصدر جزء كبير من الإشعاع الذي يستثير هذا التغيير من عناصر مشعة طبيعية موجودة بمقدار ضئيل في الفخار مثل اليورانيوم والنيوريوم والبوتاسيوم وتحتوي التربة المدفون فيها الخزف أيضا على عناصر مشعة طبيعية تؤثر في الفخار بكيفية مماثلة وتسهم الأشعة الكونية أيضا في التلفيات المترتبة على الإشعاعات .
وبمرور الزمن تختزن المادة مزيدا من الطاقة ويعمل الجهاز عندئذ عمل الكرونوميتر - مقياس الوقت - ونقطة الصفر فيه تقابل آخر تسخين للمادة إلى درجة الحرارة التي تتيح للجهاز أن ينطلق وهي بالنسبة للفخار تمثل تاريخ إحراقة في المرحلة النهائية من صنعه فإذا أريد تأريخ جزء فخارى باستخدام هذا الكرونوميتر فانه يتعين معرفة عناصر هامة وقياسها مثل جرعة الإشعاع التي سجلها الكرونوميتر منذ أن بدأ يعمل ويمكن الحصول على هذا بقياس المركبات المشعة من هذا الجزء والتربة المدفونة فيها ويمكن تقدير الإسهام الضئيل للأشعة الكونية وحساب المقدار السنوي للإشعاع و كمية الطاقة المختزنة في العينة ولقياسها يجب أولا بسط وتثبيت طبقة رقيقة من مسحوق دقيق جدا مأخوذ من العينة فوق كتلة معدنية ويوضع أمامها جهاز لقياس الضوء( مضاعف ضوئي) ثم تسخن الكتلة المعدنية تسخينا إلاكترونيا بحيث ترتفع درجة حرارتها (وكذا درجة حرارة العينة ) بالتدريج وانتظام وتقاس درجة الحرارة والضوء المنبعث وتسجلان باستمرار لإعطاء منحنى للتألق الحراري الصناعي وكل مادة تسخن تبدأ من درجة حرارة معينة في انبعاث الضوء، والمطلوب إذن في هذه الحالة قياس الضوء الإضافي الذي يشعه الفخارو حساسية العينة بالنسبة إلى الإشعاع المستحث وتقدر بقياس التألق الحراري الصناعي المستحث بتعريض العينة للإشعاع بكمية معينة من الأشعة حين يبلغ القياس الأولى نهايته.
وبجمع هذه العوامل الثلاثة في معادلة نحصل على عمر الجزء الفخارى وتتطلب عملية التأريخ بهذه التقنية عملا متقنا وعناية شديدة من ذلك أنه يجب طحن العينة باحتراس وإذا طحنت طحنا سريعا وعنيفا فإنها قد تسخن بسرعة وتبعث الضوء قبل الأوان ومع ذلك فقد أصبحت هذه التقنيات دقيقة ومضبوطة وتتيح إجراء عددا كبيرا من التأريخات التي كانت حتى وقت قريب مشكوكا في صحتها وهناك فضلا عن الاجزاء الفخارية أشياء خزفية أخرى أمكن تأريخها فقد أجريت تحليلات لتماثيل من طين محروق وفخار كشف أحيانا أنها مزيفة.
اختبار نسبة الفلورين في العظام:
يقوم هذا التحليل على أساس أن العظام تمتص مادة الفلورين من التربة الرملية والحصوية التي دفنت فيها والفلورين عنصر غازي على شكل فلوريدات موجودة بكثرة في المياه الجوفية عادة بنسبة جزء واحد في المليون ، ولذلك فعندما تتصل أيونات الفلورين مع فوسفات الكالسيوم الموجودة في العظام والأسنان وآلاف السنين في أرض رطبة أو رملية أوحتى في بعض أنواع الطين فإنها تمتص أيونات الفلورين من المياه الجوفية ، وعندما تدخل هذه الأيونات في العظام تبقى (إلا إذا أصبحت التربة حمضية تتحلل بسببها العظام) وتستمر هذه العملية بصفة مستمرة وتزداد كمية الفلورين في العظام مع مرور السنين.
هذه الطريقة لا تنجح إلا مع المناطق المكشوفة الشاسعة التي تكون التربة فيها دائما رطبة ولا تصلح للمناطق الجافة وتحتاج العظام الفارق الزمني بينها طولا في نفس المنطقة.
قياس القوة المغناطيسية للفخار:
تعتمد هذه الطريقة على قياس القوة المغناطيسية الناتجة عن وجود 5% من أكسيد الحديد وعند حرق الطين توجه دقائق أكاسيد الحديد المغناطيسية في اتجاه المجال المغناطيسي الأرضي ويظل هذا الوضع حتى بعد أن يبرد الفخار وبقياس قوة المغناطيسية في الكرة الأرضية في أقصى قوة لها وأضعف قوة لها مقارنة مع القوة الحالية واستطاع العلماء بناء على تغير اتجاه المجال المغناطيسي في كل مكان به فرن حرق ثابت عبر العصور أن يوضحوا العلاقة بين اتجاهات المجال المغناطيسي والسنين لكن جدوى هذه العملية تقتصر على تحديد زمن آخر حرق في الفرن الثابت.
أهمية التسجيل الأثري:
تكمن أهمية عملية التسجيل الأثري للموقع تسجيلا عمليا دقيقا بكل الوسائل من وصف ورسم وتصوير وراء أسباب مختلفة فإذا ما تمت هذه العملية بشكل دقيق دونما إغفال لمظاهر التباين في الطبقات المختلفة وموضع اكتشاف الأثر وحالته و وقت الكشف عنه فانه يمكن حينئذ فقط إعادة ترتيب وبناء الموقع الأثري على حالته قبل الحفر على الورق كما يمكن أيضا استنتاج حقائق عملية من واقع البيانات الدقيقة للسجل إذ يمكننا من خلال تحديد موضع العثورعلى الأثر وطبيعة الطبقة التي كشف عنه فيها وعلاقة المكتشفات معا أن نقرأ هذه الطبقات قراءة صحيحة وتبرز أهمية التسجيل الأثري في كونها ذاكرة ثابتة تسجل كل ظروف الكشف الأثري ومراحله ومحتوياته وغيرها من البيانات التي قد تفقدها الذاكرة الآدمية مما يعتبر صيانة لترتيب الطبقات التي لا يمكن إعادته إلى أصله الأول .
وتقوم عملية التسجيل بدور هام لدارسي الآثار المتخصصين بما تتيحه لهم من فرصة دقيقة للتعرف على كافة البيانات اللازمة للدراسة بما يحقق الهدف الأصلي من ميدان علم الآثار ألا وهو التعرف على الحضارات البشرية الغابرة ، كما يستطيع دارسي الآثار من خلال التسجيل الدقيق أيضا أن يصححوا أو يعيدوا تقييم استنتاج المكتشفات بما يعود بالفائدة على الهدف الأصلي الذي أجريت من أجله الحفائر.
وسائل التسجيل الأثري:
أ - الخرائط ومساقط ومقاطع المجسات:
وتستخدم هذه الخرائط في مرحلة المسح الأثري وأثناء الحفائر ، ويمكن للأثري بقليل من مبادئ المساحة والرياضيات أن يجيد استخدام هذه الخرائط وأن تكون دقيقة بالدرجة الكافية وإن كان من الأفضل وجود مساح متخصص في مرحلة المسح الأثري.
ب – التصوير الفوتوغرافي:
يبدأ استخدام الكاميرا من اللحظة الأولى لعملية المسح الأثري وقبل بدء الحفائر ويستمر استخدامها أثناء الحفر في كل لحظة قبل بدء العمل اليومي وأثناء عملية الحفر، وعند الاكتشاف وعقب الاكتشاف وعقب انتهاء العمل اليومي، يجب أن يكون لدينا سجلا كاملا من الصور لكل مجس وموقع أثري من أكثرمن زاوية وبأنواع من السلبياتNEGATIVES والشرائح POSITIVES يمكن من خلالها إعادة بناء الموقع مرة أخرى.
ويجب أن يكون هناك أرشيفا خاصا بالبيانات يحمل أرقاما وموضوعاته تسجل عليه حتى يمكن إعادة طبعها عند الضرورة وأن يكون هذا الأرشيف في ظروف ضوئية مناسبة للحفاظ عليه أطول فترة ممكنة.
ج – التصوير بالفيديو:
يمكن استخدام كاميرات الفيديو والوسائل المرئية الحديثة في عملية التسجيل الأثري إلى جانب التصوير الفوتوغرافي ، ويمكن الإفادة من التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة باستخدام (الحاسب الآلي ) في التصوير بكاميرات الفيديو وطبع صور فوتوغرافية منها.
د – الحاسب الآلي " الكمبيوتر" :
قدمت التكنولوجيا الحديثة برامج خاصة تستخدم في عملية التسجيل الأثري من حفظ معلومات وفهرسة ورسم معماري وإعداد تصورات متكاملة للأصول القديمة للمكتشفات بل وإعداد الدراسات التحليلية البيانية اللازمة في حينها ،لذا يمكن الاعتماد على هذا الجهاز الحديث ولكن يجب أن تكون هناك نسخ متعددة من الأقراص "الديسكات".
هـ - مذكرات تسجيل اليومية :
تدون في المذكرات اليومية كافة الملاحظات والأحداث منذ اللحظة الأولى لإعداد الحفائر ، يراعى الأمانة والدقة وقوة الملاحظة عند تدوين كافة المشاهدات لتصبح حقائق واقعية يمكن الرجوع إليها، وهذا الجزء يتم بصورة آلية دونما استنتاج أو تفسيرأما عند كتابة ملاحظات خاصة أو استنتاجات بعينها يجب أن تكون منفصلة عن المشاهدات والمتغيرات التي تحدث في الحفر.
ح ـ السجلات الخاصة بالقى الأثري:
تنقسم هذه السجلات بدورها إلى قسمين الأول هو سجل عام يضم كافة المكتشفات الأثرية التي عثر عليها أثناء الحفر ويأخذ كل أثر رقما خاصا بالحفائر وتوضع في هذا السجل عدة بيانات تضمن موضع العثور عليه ، والطبقة التي عليه فيها ، والعمق ، المادة المصنوع منها، ومقاساته، وحالته عند الكشف ، تاريخ الاكتشاف رسم المكتشف، وصف دقيق للأثر.
أما النوع الثاني من السجلات فهو السجل الخاص ويتم فيه عمل سجل خاص حسب نوعية مادة الآثار كالفخار ، المعدن ، الأحجار ، الصخور أو أن تكون حسب نوع الأثر كالمسارح ، العملة ، النحت ، الأواني، الأدوات، التوابيت ، والجعارين ...إلخ.
ويجب أن يتضمن هذا السجل نفس بيانات السجل العام بالإضافة لرقم خاص حسب النوع بالإضافة لرسم وصورة من مختلف الجوانب قبل وبعد الترميم إن حدث، ومكان حفظ الأثر ويفضل أن تكون هناك خانة خاصة بالمتابعة بالنسبة للمواد التي قد تتفاعل مع البيئة الجديدة التي تحفظ الأثر، وخانة خاصة بالعصر الذي ينتمي إليه ،والنشر إن وجد.
يــتــبــع
التقويم الزمني للآثار - التأريخ علم وخبرة :
يستخدم علماء الآثار وسائل متعددة لتأريخ المكتشفات الأثرية طبقا لنوع الآثار المكتشفة ، ويمكن تقسيم تلك الوسائل إلى قسمين رئيسين الأول منهما الوسائل المعملية والثاني هو الوسائل الحقلية ، ولبيان أهمية التأريخ الصحيح في علم الآثار علينا أن نتذكر التعريف العلمي للآثار وهو كل ما هو قبيح أو جميل خلفه الإنسان في مكان ما في زمن ما أي أن الزمن وهو التأريخ في العمل الميداني شطر الآثار ومن ثم تبرز أهمية الوسائل المستخدمة في التأريخ ودقتها بنوعيها.
أولاً: الوسائل الحقلية :
تعتمد الوسائل الحقلية على دراسة المعالم الفنية للأثر من خلال ثلاثة عناصر أساسية أولها المادة المصنوع منها الأثر ، ثانيها الموضوع الذي يصوره أو يمثله وثالثها التقنية التي نفذ بها ومكان صناعته ن وتجتمع هذه العناصر لتحدد الطراز الفني وبالتالي زمن صناعته واستخدامه كما تعتمد الوسائل الحقلية على علم دراسة الكلام Philology في قراءة النقوش والكتابات من خلال النص نفسه وسطر الكتابة وشكل الحروف وجميع تلك الوسائل تخضع للإمكانيات العلمية وتخصص المنقب العام والدقيق .
دراسة الطبقات Stratigraphy :
تنقسم دراسة الطبقات إلى نوعين أساسيين الأول منهما الترتيب الجيولوجي والثاني دراسة ترتيب طبقات التربة ومخلفاتها الأثرية بالتحليل والمقارنة مع مناطق مشابهة في ذات الحضارة أو حضارات مشابهة .
أ – دراسة الترتيب الجيولوجي لطبقات الموقع :
لا تصلح هذه الدراسات إلا في المناطق التي ترجع حضاريا للعصر الحجري القديم ، نظرا لطبيعة تكوين التربة الجيولوجي في هذا العصر ، فعقب التنقيب في الطبقات المترسبة نتيجة لعوامل التعرية في هذا المناطق تظهر الطبقة الطبيعية بتكويناتها الجيولوجي ، وهي غالبا ما تكون بنفس التكوين الطبيعي مثل التربة الحصوية التي عثر فيها على آثار من عصر البلايستوسين في مناطق وسط أوروبا ،والتربة الطينية بالقرب من مجرى النهر خاصة في المناطق السهلية شبه المستوية حيث تتيسر وسائل الحياة ، وتمثل المواقع من هذا النوع وسيلة سهلة في تحديد تأريخ تقريبي للموقع للجيولوجي المتخصص .
ب- دراسة الترتيب الطبقي للتربة :
في المناطق التي تكونت تربتها بفعل العوامل الطبيعية مثل ترسيبات الأنهار وقت الفيضان أو ترسيبات الرياح الموسمية في المناطق الصحراوية والمهجورة إذ إن هذه العوامل متغيرة وغير ثابتة على قوة واحدة وغير منظمة سنويا لذا جاءت التقديرات لعمق هذه الطبقات خلال فترة ما في مكانين مختلفين غير دقيقة وأحيانا غير صحيحة .
أما إذا كان الظروف المناخية مستقرة هنا فقط يمكن الاعتداد بهذه الطريقة لأن الترسيبات ستكون بنفس السمك مع كل تغيرتعتمد هذه الدراسة على قانون ستينو لترتيب الطبقات بأن الطبقات الأحدث تعلو الأقدم ، ويصلح هذا القانون في الطبقات الناتجة عن العوامل البشرية والطبيعية على حد سواء لكنه على المنقب أن يدرك جيدا أن لكل موقعه ظروفه التاريخية الخاصة لذا فليس من الضروري أن تكون الطبقة التي سمكها نصف متر مثلا وتمتد لمائتي عام أن كل نصف متر يساوي مائتي عام ، بل ومن الممكن أن تكون طبقة سمكها ثلاثة أمتار تمتد لفترة زمنية تعادل نفس العمر الزمني للطبقة التي سمكها نصف متر عن عمر الطبقة لا يقر بعمقها وإنما بموادها ومخلفاتها الأثرية في الطبقات الناتجة عن النشاط العمراني والإنساني .
ومن هنا كانت الدراسات الأثرية للمخلفات المختلفة وسيلة في تحديد عمر كل طبقة زمنياً تعتمد هذه الدراسة على تطور الفنون البشرية عبر العصور إذ إن الفن يعبر عن العصر الذي وجد فيه فهو مرآة تعكس أحوال المجتمع ، لذا فإن دراسة المخلفات الأثرية من خلال تاريخها الفني هي في الواقع تأريخ لعمر التي وجدت فيها .
تبرز أهمية المكتشفات الاثرية في إمكانية تطبيق تطور الطرز الفنية في كافة فروع الفن من رسم وتصوير ونحت وفخار ، ويأتي الفخار في مقدمة المواد التي يعتمد عليها في تأريخ الطبقات نظرا لأن طريقة صناعته تكسبه صلابة تساعده على البقاء على نفس الحالة التي صنع عليها ويحتفظ بآثار استخدامه ، إذ يمكن التمييز بسهولة بين المصابيح الفخارية التي استعملت وتلك التي لم تستعمل من خلال آثار الحرق عند فتحة الفتيل .
ولعل طبيعة استخدام الفخار وقابليته للكسر تجعل مه مادة متطورة بشكل مستمر عبرالعصور فجاء فخار كل عصر ومكان بسمات خاصة تجعل منه مادة خصبة أساسية في التأريخ عكف الكثير من الأثريين على دراسة الفخار وتصنيفه لوضع قواعد للتأريخ بطرز الفخار ، وكان سير فليندرز بتري صاحب الفضل في تأسيس هذه المدرسة في بداية القرن العشرين حوالى عام 1901 من خلال الزخارف والرسوم المصورة على الفخار الذي كشف عنه في ديوس بوليس بارفا Diospolis Parva ، لكن التأريخ من الزخارف فقط قد ينتج عنه بعض الأخطاء إذ من الممكن أن يعاود طراز فني الظهور مرة أخرى بعد أن يتداول لفترة .
لذا يجب أن يستند الطراز الفني إلى عوامل أخرى لتسانده وتؤكد صحته مثل المادة المصنوع منها مصدرها وطريقة صناعتها وحجمها وشكلها ويسري هذا على كافة فروع الفن والطريقة المثلى لتأريخ المكتشفات الأثرية بصفة عامة تتمثل في تغطية أربعة تساؤلات ،ماهية للأثر ومادته ويقصد بها التعريف بالأثر والسؤال الثاني مصدره وهنا يكون المقصود أين صنع والثالث كيف صنع أو بالأحرى التقنية الحديثة في تنفيذه ورابع التساؤلات ما هو الطراز الفني والإجابة عن هذه التساؤلات تؤدي إلى الإجابة المطلوبة عن تحديد الفترة الزمنية التي ينتمي إليها أي تاريخ الأثر ومن ثم يمكن تفسيره التفسير الصحيح فعلى سبيل المثال كان الفخار في عصور ما قبل التأريخ غير جيد لحرق بل يمكن قياس جودة الفخار بجودة الحرق وصلابته ودرجة لمعانه ، ويجسد الفخار اليوناني نموذجا للتطور ويمثل خصائص يمكن الإفادة منها في التاريخ وفخار فترات المبكرة كان لها حمراء عليها زخارف سوداء ثم في القرن الخامس قبل الميلاد أصبحت الأرضية سوداء والرسوم حمراء ثم في القرن الرابع أصبحت الزخارف بارزة ثم منذ العصر الهلينستي وخلال العصر الروماني بظهور ذلك النوع المعروف التراسيجيلاتا ثم شهد العصر البيزنطي تصوير رموز دينية مسيحية مثل الصليب .
رغم ذلك فعلينا التنبه جيدا للطينة المصنوع منها لتحديد مكان صناعته حسب لون الطينة فالتربة الطميية السوداء مصدرها بالقرب من النهر بينما الطفلة الصفراء والبيضاء مصدرها المناطق البركانية ز بل قد تختلف الطينة في البلد الواحد إذ إن الطين في قنا يقدم فخارا داكنا صلبا وهو أجود أنواع نظرا لارتفاع نسبة أكسيد الحديد في الطمي ز أما الفخار الفيومي فلونه بني فاتح لاختلاط الطمي بالرمال في منطقة الفيوم ن أما الفخار الصحراوي فلونه أصفر .
كما يمكن تمييز نسبة وجود الشوائب أو العوالق الجيرية في الفخار عند أخذ مقطع منه ن كما يمكن تمييز رداءة الفخار من هشاشته ووجود فقاعات هواء متفاوتة في الطين . المواد المستخدمة في الفنون المعمارية والنحت ومدلولها التاريخي وأهميتها في التاريخ لا تقل في أهميتها عن الطراز الفني والموضوعات المصورة منها ، مثال ذلك حجر البورفير المصري الذي أصدر الامبراطور كلاوديوس مرسوما بحظر استخدامه لغير الأغراض الامبراطورية ، ومن هنا يتأكد لنا أن جميع الأعمال التي صنعت من البورفير في عصر كلاوديوس كانت أعمالا رسمية ، ومثال آخر نجده في مصر إذ لا يوجد في مصر محاجر رخام أبيض وكان الرخام المادة المفضلة للإغريق لذا جاء الفن السكندري متميزا بأحجام التماثيل الصغيرة نسبيا إذا ما قورنت بمثيلتها في بلاد اليونان وآسيا الصغرى .
وعلى النقيض من ذلك فلم يعرف الإغريق ولا الرومان استخدام الأحجار المصرية الصلبة مثل الجرانيت والبازلت إلا عندما وفوا إلى مصر وهكذا فإن المادة المستخدمة لها مدلولها التاريخي والحضاري وعلينا أن نستخدمها كأحد عوامل التاريخ للمكتشفات الأثرية ومن الأسس التي يمكن الاعتماد عليها الطراز الفني للمكتشفات الأثرية ، فعلى سبيل المثال تميز كل فنان بطرز وخصائص وبالتالي يمن نسبها إليه وتاريخها بعصره ، فالفنانون الإغريق أمثال بوليكلايتوس وغيره من الفنانين في القرن الخامس وقعوا فلك آلهة الأولمب وصورتهم الرياضية المثالية وعمدوا على تصوير موضوعات مستوحاة من الأساطير وليسبوس في القرن الرابع قبل الميلاد كان له طرازه الخاص وأسلوبه من حيث التقنيات والمواضيع والأعمال ، ويعتبر المصور الشخصي للإسكندر الأكبر ومن بعده عرف الإغريق التصوير الشخصي وامتد للعصر الروماني ويمكن أن مراحل تطور الشخصية في النحت الروماني في تلك التقسيمات التي قام بها بيانكوفسكي
التأريخ بالنقوش والكتابات :
تعتبر النقوش والكتابات القديمة من أهم الوسائل الحقلية وأكثرها دقة إذا كشف عنها في الموقع ، ففي بعض الأحيان يكون النقش المكتوب يحمل تاريخا أو حدثا مؤكدا وهنا بمجرد قراءة وترجمة النص يتأكد التاريخ . وفي بعض الأحيان لا يذكر النص أي من الأحداث المعلومة أو الملوك أو الشخصيات لكنه أيضا لا يمكن إهماله إذ يمكن استقاء معلومات من سياق النص أو التأريخ بشكل الحروف والطريقة المكتوبة بها ، مثال ذلك الحروف التي أضيف للابجدية المصرية القديمة في العصر البطلمي أو تطور شكل الحروف اليونانية من عصر لآخر .
ويمكن ايضا التأريخ بطريقة الكتابة إذ قد تكون أفقية أو رأسية أو من اليمين لليسار إلى اليمين أو بطريقة سير الثور المعروفة باسم ( بوستروفيدون) حيث يبدأ السطر الثاني من نفس اتجاه انتهاء الفصل السطر الأول أي إذا كان السطر الأول ينتهي في اليمين فالسطر الثاني يبدأ في اليمين وينتهي في الشمال والثالث يبدأ في الشمال وهكذا .
العملة القديمة وسيلة هامة في التاريخ الحقلي لا تقل في اهميتها عن النقوش التي تحمل تاريخا لأنها تحمل نقوشا محددة التاريخ والمصدر وسنة السك ةدار السك وأسماء من صدرت في عهدهم أو على شرفهم ، لكن لا يمكن الأخذ بالعملة بسنة إصدارهاكتأريخ للموقع بل يؤخذ بفترة استخدامها فالعملة قد تظل مستخدمة لفترات طويلة لذا فإنه يجب على المنقب أن يضع في اعتباره عدد العملات ونسبة كل فئة وعصرها بالمقارنة مع الإصدارات الأخرى التي عثر عليها معها ، فمن المحتمل أن يعثر على لقية أو خبيئة من عدة إصدارات لذا يجب تصنيفها لمعرفة الأحدث والأقدم وبذلك يمكنه التأريخ الصحيح ومعرفة مدة استخدام العملات الأقدم في مجموعته.
التأريخ بواسطة حلقات الشجر :
يعتمد هذا الأسلوب على مبدأ Denderchronology دندركرونولوجي على أساس عدد الحلقات السنوية في جذوع الأشجار المعمرة إذ أن كل سنة من عمر الأشجار تتكون فيها حلقة في جذعها ومن هنا عند قطع جزوع الأشجار يمكن حصر هذه الدوائر المتداخلة وبعددها يمكن تحديد عمر الشجرة بالسنوات ، بل أمكن أيضا تحديد نوع الطقس السائد في فترة نموها فالحلقات الواسعة الكبيرة تنتمي للمناطق المطيرة ، ورغم دقة هذا الأسلوب في التاريخ إلا إنه يمكن الاعتماد عليه في المناطق التي توجد بها أشجار معمرة ولا ينطبق هذا بالتأكيد على مصر والمناطق المجاورة لها أثبتت هذه الطريقة نجاحها ودقتها في مجالات التاريخ للمناطق ذات الأشجار المعمرة وأمكن من خلالها عمل خريطة طقسية لأمريكا الشمالية للثلاثة آلاف عام الماضية .
الوسائل المعملية التحليل - الذري للكربون المشع :
ليس في الامكان تقدير مدى أهمية التاريخ باستخدام الكربون المشع (14) في مجال الآثار منذ اكتشاف هذا الكربون عقب الحرب العالمية الأولى ونال مخترعها ويلاردف ليبي جائزة نوبل للسلام على هذا الاختراع والأساس الذي تقوم عليه هذه الطريقة هو أن الأرض تتعرض باستمرار لإشعاع كوني ،وينتج كربون 14 من رد الفعل الذي يترتب على ذلك في طبقات الجو العليا بين النيوترونات وذرات الازوت ولما كان تفق النيوترونات ثابتة طيلة آلاف السنوات الأخيرة فإن نسبة الكربون على هذا النحو لم تتغير أيضاً.
وفي الهواء الجوي تتفاعل ذرات الكربون 14 كيميائيا مع الأكسجين فتكون غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يختلط بالتالي مع ثاني أكسيد الكربون العادي (ذراته التي تحتوي على 6 نيوترونات خاملة ليس لها نشاط و6 بروتونات) وينفذ هذا الغاز الكربوني الجوي في الأنسجة الحية عن طريق النبات فالحيوانات آكلة العشب ثم الحيوانات التي تتغذى عليها ...إلخ ومن ثم تحتوي الحيوانات على كربون 14 وعلى ذلك فإن كل كائن حي يحتوي على كربون 14 بالتركيز الذي يوجد فيه هذا الكربون في الهواء الجوي في الزمن الذي يعيش فيه الكائن الحي، وعندما يموت الكائن الحي وتنقطع صلته بالهواء الجوي لا يتخذ الكربون 14 الذي يحتويه بإضافة من كربون 14 الآتي من السلسلة الغذائية ، ومن ثم يبدأ تركيز كربون 14 في التناقص من الأنسجة
وتبعا لقوانين النشاط الإشعاعي تختفي المادة المشعة بمعدل النصف كل حقبة أو "نصف العمر" وتساوي حقبة الكربون 14 حوالي 6000سنة تختفي نصف الذرات الباقية بدورها أي أن الرقم البدائي يستهلك ثلاثة أرباعه. وحتى عام 1900 كان تركيز الكربون 14 في الهواء المحيط بنا يعطي لكل جرام من الكربون نشاطا إشعاعيا يقدر بحوالي 15انحلالا في الدقيقةDPM دي بي إم وتسمى هذه الطريقة للتعبير عن النشاط الإشعاعي "النشاط النوعي "بعبارة أخرى فإن 15انحلالا في الدقيقة للجرام الواحد في حالتنا هذه يعني أن بين الخمسين ألف مليون مليون مليون ذرة كربون 12في جرام واحد يوجد حوالي 650مليار ذرة من كربون 14 يختفي منها 15كل دقيقة بفقد النشاط الإشعاعي ،وعلى هذا فبعد انقضاء 6000سنة على موت الكائن الحي يصير النشاط النوعي للكربون 14 حوالي 7.5دي بي إم للجرام الواحد وبعد 12 ألف سنة لا يزيد عن 3.75 دي بي إم للجرام الواحد وهكذا دواليك.
وباستخدام عينات كبيرة إذا تيسر ذلك وأجهزة فعالة القياس للنشاط الإشعاعي وأمكن مثلا تأريخ أشياء خشبية ترجع إلى 5000سنة مضت ومع ذلك يطبق التاريخ باستعمال الكربون 14 على أشياء لم يمض عليها ما يتراوح بين 10000سنة و15000سنة ومعظمها من الخشب ولكن يمكن استخدام هذه الطريقة أيضا مع العظام والأنسجة والعاج والحديد (يحتوي الحديد على نسبة قليلة من الكربون الناتج من العينات القديمة من الخشب.
اختبار التألق الحراري:
التألق الحراري المستحث طريقة أخرى لتأريخ الأواني الخزفية والفخارية و هذه الطريقة استخدمت لأول مرة عام 1960على يد جورج كيندي وأصبحت بالتالي بعد أن طواها الباحثون في جامعتي اكسفورد وبنسلفانيا أداة مفيدة للغاية وذات أهمية كبيرة بسبب كثرة وجود الفخار في المواقع الثرية والحفائر وتعتمد هذه الطريقة على تأثر الإشعاع بتغير التأثير الإلكتروني للمواد العازلة فتخزن كمية الطاقة فإذا سخنا المادة إلى درجة حرارة معينة تبدأ بالقوى التي تحتجز الألكترونات التي تغير وضعها في الانطلاق ويرتخي البنيان وتتحرر الطاقة المختزنة في هيئة انبعاث ضوئي حيث يصدر جزء كبير من الإشعاع الذي يستثير هذا التغيير من عناصر مشعة طبيعية موجودة بمقدار ضئيل في الفخار مثل اليورانيوم والنيوريوم والبوتاسيوم وتحتوي التربة المدفون فيها الخزف أيضا على عناصر مشعة طبيعية تؤثر في الفخار بكيفية مماثلة وتسهم الأشعة الكونية أيضا في التلفيات المترتبة على الإشعاعات .
وبمرور الزمن تختزن المادة مزيدا من الطاقة ويعمل الجهاز عندئذ عمل الكرونوميتر - مقياس الوقت - ونقطة الصفر فيه تقابل آخر تسخين للمادة إلى درجة الحرارة التي تتيح للجهاز أن ينطلق وهي بالنسبة للفخار تمثل تاريخ إحراقة في المرحلة النهائية من صنعه فإذا أريد تأريخ جزء فخارى باستخدام هذا الكرونوميتر فانه يتعين معرفة عناصر هامة وقياسها مثل جرعة الإشعاع التي سجلها الكرونوميتر منذ أن بدأ يعمل ويمكن الحصول على هذا بقياس المركبات المشعة من هذا الجزء والتربة المدفونة فيها ويمكن تقدير الإسهام الضئيل للأشعة الكونية وحساب المقدار السنوي للإشعاع و كمية الطاقة المختزنة في العينة ولقياسها يجب أولا بسط وتثبيت طبقة رقيقة من مسحوق دقيق جدا مأخوذ من العينة فوق كتلة معدنية ويوضع أمامها جهاز لقياس الضوء( مضاعف ضوئي) ثم تسخن الكتلة المعدنية تسخينا إلاكترونيا بحيث ترتفع درجة حرارتها (وكذا درجة حرارة العينة ) بالتدريج وانتظام وتقاس درجة الحرارة والضوء المنبعث وتسجلان باستمرار لإعطاء منحنى للتألق الحراري الصناعي وكل مادة تسخن تبدأ من درجة حرارة معينة في انبعاث الضوء، والمطلوب إذن في هذه الحالة قياس الضوء الإضافي الذي يشعه الفخارو حساسية العينة بالنسبة إلى الإشعاع المستحث وتقدر بقياس التألق الحراري الصناعي المستحث بتعريض العينة للإشعاع بكمية معينة من الأشعة حين يبلغ القياس الأولى نهايته.
وبجمع هذه العوامل الثلاثة في معادلة نحصل على عمر الجزء الفخارى وتتطلب عملية التأريخ بهذه التقنية عملا متقنا وعناية شديدة من ذلك أنه يجب طحن العينة باحتراس وإذا طحنت طحنا سريعا وعنيفا فإنها قد تسخن بسرعة وتبعث الضوء قبل الأوان ومع ذلك فقد أصبحت هذه التقنيات دقيقة ومضبوطة وتتيح إجراء عددا كبيرا من التأريخات التي كانت حتى وقت قريب مشكوكا في صحتها وهناك فضلا عن الاجزاء الفخارية أشياء خزفية أخرى أمكن تأريخها فقد أجريت تحليلات لتماثيل من طين محروق وفخار كشف أحيانا أنها مزيفة.
اختبار نسبة الفلورين في العظام:
يقوم هذا التحليل على أساس أن العظام تمتص مادة الفلورين من التربة الرملية والحصوية التي دفنت فيها والفلورين عنصر غازي على شكل فلوريدات موجودة بكثرة في المياه الجوفية عادة بنسبة جزء واحد في المليون ، ولذلك فعندما تتصل أيونات الفلورين مع فوسفات الكالسيوم الموجودة في العظام والأسنان وآلاف السنين في أرض رطبة أو رملية أوحتى في بعض أنواع الطين فإنها تمتص أيونات الفلورين من المياه الجوفية ، وعندما تدخل هذه الأيونات في العظام تبقى (إلا إذا أصبحت التربة حمضية تتحلل بسببها العظام) وتستمر هذه العملية بصفة مستمرة وتزداد كمية الفلورين في العظام مع مرور السنين.
هذه الطريقة لا تنجح إلا مع المناطق المكشوفة الشاسعة التي تكون التربة فيها دائما رطبة ولا تصلح للمناطق الجافة وتحتاج العظام الفارق الزمني بينها طولا في نفس المنطقة.
قياس القوة المغناطيسية للفخار:
تعتمد هذه الطريقة على قياس القوة المغناطيسية الناتجة عن وجود 5% من أكسيد الحديد وعند حرق الطين توجه دقائق أكاسيد الحديد المغناطيسية في اتجاه المجال المغناطيسي الأرضي ويظل هذا الوضع حتى بعد أن يبرد الفخار وبقياس قوة المغناطيسية في الكرة الأرضية في أقصى قوة لها وأضعف قوة لها مقارنة مع القوة الحالية واستطاع العلماء بناء على تغير اتجاه المجال المغناطيسي في كل مكان به فرن حرق ثابت عبر العصور أن يوضحوا العلاقة بين اتجاهات المجال المغناطيسي والسنين لكن جدوى هذه العملية تقتصر على تحديد زمن آخر حرق في الفرن الثابت.
أهمية التسجيل الأثري:
تكمن أهمية عملية التسجيل الأثري للموقع تسجيلا عمليا دقيقا بكل الوسائل من وصف ورسم وتصوير وراء أسباب مختلفة فإذا ما تمت هذه العملية بشكل دقيق دونما إغفال لمظاهر التباين في الطبقات المختلفة وموضع اكتشاف الأثر وحالته و وقت الكشف عنه فانه يمكن حينئذ فقط إعادة ترتيب وبناء الموقع الأثري على حالته قبل الحفر على الورق كما يمكن أيضا استنتاج حقائق عملية من واقع البيانات الدقيقة للسجل إذ يمكننا من خلال تحديد موضع العثورعلى الأثر وطبيعة الطبقة التي كشف عنه فيها وعلاقة المكتشفات معا أن نقرأ هذه الطبقات قراءة صحيحة وتبرز أهمية التسجيل الأثري في كونها ذاكرة ثابتة تسجل كل ظروف الكشف الأثري ومراحله ومحتوياته وغيرها من البيانات التي قد تفقدها الذاكرة الآدمية مما يعتبر صيانة لترتيب الطبقات التي لا يمكن إعادته إلى أصله الأول .
وتقوم عملية التسجيل بدور هام لدارسي الآثار المتخصصين بما تتيحه لهم من فرصة دقيقة للتعرف على كافة البيانات اللازمة للدراسة بما يحقق الهدف الأصلي من ميدان علم الآثار ألا وهو التعرف على الحضارات البشرية الغابرة ، كما يستطيع دارسي الآثار من خلال التسجيل الدقيق أيضا أن يصححوا أو يعيدوا تقييم استنتاج المكتشفات بما يعود بالفائدة على الهدف الأصلي الذي أجريت من أجله الحفائر.
وسائل التسجيل الأثري:
أ - الخرائط ومساقط ومقاطع المجسات:
وتستخدم هذه الخرائط في مرحلة المسح الأثري وأثناء الحفائر ، ويمكن للأثري بقليل من مبادئ المساحة والرياضيات أن يجيد استخدام هذه الخرائط وأن تكون دقيقة بالدرجة الكافية وإن كان من الأفضل وجود مساح متخصص في مرحلة المسح الأثري.
ب – التصوير الفوتوغرافي:
يبدأ استخدام الكاميرا من اللحظة الأولى لعملية المسح الأثري وقبل بدء الحفائر ويستمر استخدامها أثناء الحفر في كل لحظة قبل بدء العمل اليومي وأثناء عملية الحفر، وعند الاكتشاف وعقب الاكتشاف وعقب انتهاء العمل اليومي، يجب أن يكون لدينا سجلا كاملا من الصور لكل مجس وموقع أثري من أكثرمن زاوية وبأنواع من السلبياتNEGATIVES والشرائح POSITIVES يمكن من خلالها إعادة بناء الموقع مرة أخرى.
ويجب أن يكون هناك أرشيفا خاصا بالبيانات يحمل أرقاما وموضوعاته تسجل عليه حتى يمكن إعادة طبعها عند الضرورة وأن يكون هذا الأرشيف في ظروف ضوئية مناسبة للحفاظ عليه أطول فترة ممكنة.
ج – التصوير بالفيديو:
يمكن استخدام كاميرات الفيديو والوسائل المرئية الحديثة في عملية التسجيل الأثري إلى جانب التصوير الفوتوغرافي ، ويمكن الإفادة من التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة باستخدام (الحاسب الآلي ) في التصوير بكاميرات الفيديو وطبع صور فوتوغرافية منها.
د – الحاسب الآلي " الكمبيوتر" :
قدمت التكنولوجيا الحديثة برامج خاصة تستخدم في عملية التسجيل الأثري من حفظ معلومات وفهرسة ورسم معماري وإعداد تصورات متكاملة للأصول القديمة للمكتشفات بل وإعداد الدراسات التحليلية البيانية اللازمة في حينها ،لذا يمكن الاعتماد على هذا الجهاز الحديث ولكن يجب أن تكون هناك نسخ متعددة من الأقراص "الديسكات".
هـ - مذكرات تسجيل اليومية :
تدون في المذكرات اليومية كافة الملاحظات والأحداث منذ اللحظة الأولى لإعداد الحفائر ، يراعى الأمانة والدقة وقوة الملاحظة عند تدوين كافة المشاهدات لتصبح حقائق واقعية يمكن الرجوع إليها، وهذا الجزء يتم بصورة آلية دونما استنتاج أو تفسيرأما عند كتابة ملاحظات خاصة أو استنتاجات بعينها يجب أن تكون منفصلة عن المشاهدات والمتغيرات التي تحدث في الحفر.
ح ـ السجلات الخاصة بالقى الأثري:
تنقسم هذه السجلات بدورها إلى قسمين الأول هو سجل عام يضم كافة المكتشفات الأثرية التي عثر عليها أثناء الحفر ويأخذ كل أثر رقما خاصا بالحفائر وتوضع في هذا السجل عدة بيانات تضمن موضع العثور عليه ، والطبقة التي عليه فيها ، والعمق ، المادة المصنوع منها، ومقاساته، وحالته عند الكشف ، تاريخ الاكتشاف رسم المكتشف، وصف دقيق للأثر.
أما النوع الثاني من السجلات فهو السجل الخاص ويتم فيه عمل سجل خاص حسب نوعية مادة الآثار كالفخار ، المعدن ، الأحجار ، الصخور أو أن تكون حسب نوع الأثر كالمسارح ، العملة ، النحت ، الأواني، الأدوات، التوابيت ، والجعارين ...إلخ.
ويجب أن يتضمن هذا السجل نفس بيانات السجل العام بالإضافة لرقم خاص حسب النوع بالإضافة لرسم وصورة من مختلف الجوانب قبل وبعد الترميم إن حدث، ومكان حفظ الأثر ويفضل أن تكون هناك خانة خاصة بالمتابعة بالنسبة للمواد التي قد تتفاعل مع البيئة الجديدة التي تحفظ الأثر، وخانة خاصة بالعصر الذي ينتمي إليه ،والنشر إن وجد.
يــتــبــع
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
رسالتنا للزوار الكرام : سجل عضويتك اليوم لتصلك رسائلنا لأخر مواضيع الأبحاث ورسائل الماجستير و الدكتورة عبر الايميل بشكل جميل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: علم الاثار
تابع علم الاثار
تسجيل موقع الحفائر:
يجب تحديد مستوى سطح البحر قبل إجراء الحفائر وإن تعذر ذلك يجب أن تحدد نقطة ثابتة بالقرب من موقع الحفائر معلوم ارتفاعها عن مستوى سطح البحر و يراعى عند اختيار هذه النقطة أن يمكن رؤيتها من جميع زوايا موقع الحفر وإن أعمال التنقيب لن تصل إليها سواء بالرديم أو الحفر و يحسن اختيار النقطة الثابتة على صخر بارز ويكون تحديدها بألوان ثابتة أو سيخ من الحديد يثبت بالأسمنت ، وإذا اتسع نطاق الحفائر يمكن اختيار عدة نقاط ثانوية لها علاقة بالنقطة الثابتة الأصلية من حيث الارتفاع والبعد والزاوية والاتجاه ... إلخ، وتعرف هذه النقطة اصطلاحا Datum point. وعند تسجيل أعمال اليومية في المذكرات يجب أن نحدد موقع هذه النقطة والمعدن المصنوعة منه ووصفها وصفا دقيقا ، كما يجب أن يحدد موقعها على كافة خرائط التسجيل سواء كانت داخل موقع الحفائر أو خارجه، غالبا ما يصطلح عليها في الخرائظ بشكل صليب داخل دائرة.
التصوير الفوتوجرامتري:
يتم التصوير الفوتوجرامتري من الجو بحيث تظهر على الورق كما لو كانت رسمت بخطوط تحديدية تسجل كافة العناصر من ارتفاعات وانخفاضات بنسب طبيعية، حيث تؤخذ الصورة من جهاز Stereo Scope بمساعدة جهاز phototheodolite وتخرج الصورة موضحة بخطوط طولية وكافة المقاسات اللازمة للتسجيل.
و لا يصلح هذا الجهاز إلا للتصوير والتسجيل في الأماكن الواسعة والمكشوفة نظرا لأنه يشغل حجم حجرة كبيرة ولا يصلح لتصوير أماكن مغلقة ضيقة كالمقابر ويفضل استخدام هذه الطريقة قبل الحفر لتسجيل الموقع قبل الحفر ثم في نهاية الحفر لتوضيح نتائج الحفائر.
كيفية تحديد موقع اللقى الأثرية :
يجب أولا تحديد ارتفاع أوتاد الأركان الأربعة للمربع ويفضل أن يسجل مستوى الارتفاع كتابة على الوتد وهناك طريقتان لتحديد موقع اللقية الأثرية، الأولى باستخدام مثلث قياس Measuring Triangle وهو مثلث خشبي (من الأبلاكاج) قائم الزاوية مثبت في كل ضلع من ضلعي الزاوية القائمة ميزان مائي يمكن رؤيته من الجانبين وللقياس الدقيق يستخدم ميزان تقاله مع المثلث
أما الطريقة الثانية فهي أبسط ويمكن صناعتها يدويا في الموقع حيث تتطلب وجود دوبار وثقل ومشبك كبير ومسامير تثبت فوق الأوتاد . بحيث يثقب المشبك عند طرفي الضغط وينفذ منها دوبار يمر بين طرفي المشبك (الماسك) يثبت في نهايته ثقل خفيف ويدلى الطرف بالثقل حتى يلامس اللقى ثم يضغط المشبك مباشرة وبقياس المسافة من موضع المشبك حتى طرف الثقل يكون العمق ويجدر الإشارة أن المشبك يمر بين دوبار يصل بين وتدين أو ثلاث من أوتاد المربع العلوية وهو مستوى القياس. تسجيل الطبقات: تأتي أهمية دراسة الطبقات وتسجيلها تسجيلا دقيقا ، ونظرا لأن الطبقات الأثرية ليست مستوية ولا متساوية وليس بسمك ثابت فمن النادر أن تدمر مدينة ويعاد بناؤها بالكامل في فترة واحدة بل ليس هناك منزل أو مبنى يدمر ويبنى في نفس الوقت ، ويتضح هذا بجلاء في المدن ذات الموقع الثابت والتي تتطور طوبوغرافيتها رأسيا وأفقيا مثال ذلك : مدينة الإسكندرية ، فالمدينة الرومانية تنخفض عن المدينة البيزنطية بحوالي3.5م بينما تنخفض البيزنطية 6.5م عن مستوى المدينة الحديثة بينما تقع المدينة البطلمية على عمق 13م من مستوى المدينة الحديثة وعلى الرغم من هذا فإن بعض الشوارع الرومانية والتي أقيمت فوق شوارع هلينستية ارتفعت بما يزيد عن قامة رجل مرتين خلال عصر واحد بينما هناك شوارع أخرى ظلت على أهميتها ولم يتغير منسوبها.
يبدأ التسجيل العلمي للطبقات أثناء الحفر منذ بدء العمل ويجب أ ن يلاحظ التغيير الذي يطرأ على لون الطبقة حتى يمكن أن تميز طبقة عن غيرها وعند تغير اللون يجب أن يثبت مسمار وبطاقة في القطاع الرأسي وهكذا كلما تغير اللون تثبت بطاقة جديدة ،ويسجل على هذه البطاقة البيانات التالية:
1 - منطقة الحفائر:..............................
2 - موقع الحفر:.............................
3 - رقم المربع :............................
4 - اتجاه الجانب الذي ثبتت فيه البطاقة :...................
5 - الطبقة ووصفها ومكوناتها كأن تكون أحجار أو صخور أو رمل أو زلط أو طين أحمر أوأسمر...إلخ.
6 - مقاس الطبقة من سمك وامتداد:...........................
7 - المخلفات الأثرية التي وجدت ضمن الطبقة كأن تكون فخار- زجاج – عظم – صاج- رصاص ... إلخ(أي المادة).
8 - رقم الطبقة:.................................
حيث يبدأ الترميم من أعلى أي من بداية الظهور.
كيفية رسم كسرات الفخار المخصصة للدراسة :
لعل من أسوأ الأفكار التي تطبق في دراسة الفخار هي السماح بكسر الكسرات الفخارية باستخدام المنشار لمعرفة الطينة ولونها ودرجة الحرق وغيرها من البيانات اللازمة لدراسة الفخار ، أولا يجب أن يراعى أن يكون خط النشر بالمنشار بزاوية قائمة تماما أي عبارة عن خط مستقيم يشطر الكسرة طوليا ، توضع نقاط على الكسرة تحدد خط القطع أو النشر ، ثانيا ترسم الكسرة باستخدام المشط المتحرك بنفس الأسلوب المتبع في رسم أجزاء الأواني ، ويستخدم قلم رصاص سميك نسبيا لتمييز هذا الرسم وفي حالة إعداده للنشر العلمي يجب أن ترسم بقلم رفيع السن .
تفسير المكتشفات الأثرية
كيف يستفيد عالم الآثار المنقب من نتائج حفائرة ؟ وكيف يستغل تلك الآثار ؟ هذا السؤال سوف يظل دائما محل اهتمام كل من ينقب عن الآثار فتفسير تلك الآثار وتاريخها من أهم أهداف عملية التنقيب ، وواقع الأمر أن التسجيل الدقيق لكافة مراحل التنقيب بكافة الوسائل المقروءة والمصورة والراية الواسعة بطبيعة الموقع وتاريخه والثقافة الواسعة للمنقب تمكنه من أن يفسر مكتشفاته تفسيرا علميا دقيقا .
يجب أن ندرك تماما طبيعة عملية التنقيب وكيف أننا نعود بعجلة الزمن إلى الوراء ورب طبقة واحدة تضم مخلفات قرن أو اثنين من الزمان وأنه مهما تعاظمت معلوماتنا عن الماضي فهي محدودة بل هناك العديد من الجوانب التي قد تكون مجهولة تماما وإذا كانت طبيعة دراسة المنقب تنصب على عصور زمنية طويلة فإن القرن يعتبر فترة قصيرة في عرف هذه الدراسة .
فتصير مشكلة التاريخ والتفسير عسيرة جدا متى اختلطت مخلفات عدة قرون في طبقة واحدة ويزداد الأمر صعوبة متى تباينت جودة وقيمة تلك المكتشفات خاصة إذا كانت داخل مبنى واحد ولعل هذا ما يضفي على علم الآثار نوعا من التحدي الذهني والثقافي فعلم الآثار هو الوحيد الذي يستنطق الحجر فيجعله يبوح بأسراره فهذا هو بالتحديد طبيعة عمل عالم الآثار.
تعتمد عملية التفسير على دقة التنقيب وتدوين كافة الملاحظات الهامة والثانوية على السواء فقد تكون ملاحظة عابرة مفتاحا لتفسير ماهية مبنى وطبيعة استخدامه فدقة الملاحظة وتسجيل كافة المخلفات واللقى في طبقاتها يساعد على دقة وصحة الاستنتاج وهنا أضرب مثلا أنه أثناء قيام البعثة المصرية البولندية بالتنقيب في منطقة كوم الدكة عام 1986 لاحظت ضمن الرديم وجود صف من أعناق الأواني الفخارية متتالية ومتداخلة ضمن الرديم ولما كانت هذه الظاهرة غريبة تم تصويرها وتسجيلها ثم تابعنا الحفر وتصادف بعد ذلك أن عثرنا على صف آخر في مبنى فيلا في وسط التل يستخدم في صرف مياه الحمام ومن هنا استطعنا تفسير المبنى السابق على اعتباره مرحاضا ملحقا بمبنى البلايسترا ولو كنا أغفلنا هذا الصف من أعناق الأواني الفخارية لظل هذا المبنى مجهول الهوية.
وتزداد صعوبة التفسير والتأريخ أكثر متى كانت الاكتشافات تخلو من الكتابات والنقوش وهنا فقط تتعاظم أهمية التسجيل الدقيق وتدوين الملاحظات الدقيقة مع خبرة وسرعة بديهة المنقب ومهاراته الأساسية فوسائله الشخصية وشخصيته وثقافته الواسعة هي وسيلته التي تتيح له تفسير تلك المكتشفات فعليه أن يستنتج الترتيب الزمني من ملاحظاته التي سجلها فعلى سبيل المثال إذا كان ينقب في جبانة متعددة العصور عليه أن يدون أولا بأول أوجه الشبه والاختلاف معماريا ومن حيث الأساس الجنائزي والزخارف وطرق الدفن بل وطبيعة الرديم في كل مقبرة وحالة الدفنات وغيرها، فكل اختلاف بين مقبرة وأخرى قد يبرهن به كدليل للتأريخ من خلال الدراسة المقارنة ومن يجب أن يفهم المنقب دائما ويتذكر أن الشيء الذي لا يعرفه يجب ألا يهمله .
يعتبر منهج الدراسة المقارنة للمكتشفات أحد أهم وأنجح الوسائل في تفسير وتأريخ تلك المكتشفات خاصة إذا لم يتوافر النص القديم فمن المؤكد سيلاحظ المنقب اختلافا في التقنيات والطرز والزخارف بما يبين أن هناك مراحل فنية متدرجة في المستوى وبالتالي يستطيع ترتيبها بين تقدم وتدهور ، أو بدائي ومتطور تبعا لترتيب الطبقات وتعتبر الأمثلة الواضحة لأي عملية من هذا النوع دليلا في تأريخ بعض هذه المقابر ، وقد يتفق التطور الفني والتقني لهذه اللقى الأثرية والأساس الجنائزي مع مواضعها في الجبانة ، ولن يغيب عن فطنة الأثري المنقب انتظام مواضع العثور على هذه اللقى بما يوحي بالاستقرار وهو الأمر الذي ينعكس على تخطيط الجبانة نفسها ولعل خير مثال على هذا جبانة تونا الجبل بصحراء دوره في محافظة المنيا إذ جاء هنا طرازان من المقابر الأول مبنى بالحجر الجيري ويأخذ معبد ويرجع تاريخه للعصر البطلمي أما الثاني فمبنى بالطوب اللبني والمقبرة على شكل منزل وزخارفها ملونة والجنائز صارت أقل انتظاما في التخطيط وهو الأمر الذي يتأكد بمقارنة كافة العناصر الفنية المكتشفة بهذه المقابر .
يعتبر تخطيط الجبانة هنا هو الخطوة الأولى في التصنيف وهو الأمر الذي ينطبق على كافة مخططات الجبانات سواء كانت مبنية أو منحوتة في الصخر أو في طبقات متتالية ضمن الرديم ومثلما هو الحال في جبانة بوتو بالدلتا ، ولعل تطبيق قانون ستينو في ترتيب الطبقات هو الحقيقة الثابتة حتى الآن والتي تقول أن الطبقة الأحدث هي الطبقة الأعلى وهو الأصوب ما لم تكن تلك الطبقات غير منتظمة أو امتدت إليها أيدي بشرية أدت لخلط تلك الطبقات وهو الأمر الذي يدركه المنقب الخبير لأول وهلة .
أما الدراسة التحليلية التي تعتبر الوسيلة الثانية والأهم بالنسبة للمنقب في تأريخ وتفسير المكتشفات التي لا توافر معها نصوص ، إذ يجب أن يقوم بتحليل كل ما سجله في سجل اليومية الخاص بالحفائر ذلك عن طريق عمل جداول في أعمدة متوازية يوضح فيها رقم كل مقبرة وعمقها ووصفها واتجاهها والمكتشفات التي عثر عليها بداخلها مع رمز يوضح عدد وطراز كل نوع من هذه المكتشفات ثم عليه تحليل تلك البيانات فيبدأ بمجموعة المقابر الأعمق لأنها الأقدم ثم يقارن بين محتوياتها ليستخلص أوجه الشبه والاختلاف بينها ثم ينتقل على المجموعة الأعلى وهي الأحدث ويكرر نفس المقارنات بين المجموعة ذاتها ثم يقارن بينها وبين المجموعة السفلى ليرصد ظواهر ومخلفات اختفت في المجموعة الأعلى وتظهر فقط في السفلى أو يرصد مستحدثات تظهر فقط في المجموعة العليا ن أو يمكنه أن يلاحظ تطورا في الطراز أو التقنيات أو الفنون وبالتالي يستطيع أن يستقر على جدول زمني في ضوء تلك المقارنات لا ينقصه الصواب .
ومن خلال هذا الجدول يستطيع أن يفحص بقية المقابر باعتبار أن المقابر الأقدم تاريخيا هي السفلى أو الأعمق وأن الحدث هي العليا وبالتالي فإنهما تمثلان مرحلتي البداية والنهاية لتاريخ تلك الجبانة وبناء عليه فإن بقية المقابر تمثل بقية مراحل التطور الزمني للجبانة ولكن إذا تشابهت أي من بقية المقابر مع إحدى الطبقتين تنسب إليها أما التي تختلط فيها عناصر المستويين فهي تمثل المرحلة الوسطى أي مرحلة التطور من القديم إلى الحديث ، وللتيقن من صحة تلك الاستنتاجات للدراسة التحليلية يمكن ملاحظة ترتيب مقابر كل نوع وعمقها بالمقارنة مع النوعين الآخرين ، ويجب أن يتفق عمق مقابر هذه المجموعة الوسطى مع ترتيبها الزمني وتدعيم تلك النتيجة بمقارنة مكتشفاتها واللقى الأثرية مع المرحلتين السابقة والتالية لها .
و بمتابعة التحليل للبيانات المدونة بالجدول الذي يعده المنقب يستطيع أن يستخلص نتائج أكثر دقة وذلك بمقارنة مقابر كل مجموعة من كافة النواحي المعمارية والفنية والجنائزية والدينية ليخلص إلى جدول تاريخي يحدد الأقدم والأحدث بين كل مجموعة ومن هنا يستطيع أن يرصد كافة مراحل الجبانة من خلال تلك الدراسة التحليلية و لعل ما يزيد تلك الدراسة والتفسيرات قوة ويضفي عليها مزيدا من الدقة تصل إلى درجة الحقيقة هي الربط بين هذه النتائج ونتائج التنقيب في بقية الموقع سواء كانت المنازل السكنية أو المعابد أو المباني العامة أو غيرها ولعل أفضل هذه المقارنات غالبا ما تكون فمع نتائج التنقيب في المنازل السكنية خاصة إذا كان ترتيب الطبقات يتشابه مع ترتيب طبقات الجبانة ، فيمكن مقارنة مخلفات كل طبقة مع نظيرتها في الأخرى وبالتالي يمكن الربط بين طبقات البناء المختلفة بالعصور المتتابعة في الجبانة واستخلاص خصائص كل مرحلة من حيث ظروف الحياة اليومية متى كشف عن أطلال معابد تلك المدينة .
أما تفسير المكتشفات التي تحمل نقوشا أو كتابات فالأمر أكثر سهولة إذ إن قراءة النقش وترجمته غالبا ما تعطي معلومة مؤكدة عن هذا الأثر قد يكون النقش اسما أو يشير إلى حدث تاريخي معروف أو يحمل تاريخا محددا أو قد يكون عبارة عن توقيع الصانع أو أي معلومة من المعلومات التي يمكن توظيفها بالشكل الصحيح لتفسير الأثر وتاريخه .
يجب على المنقب أن يتذكر أن عملية التنقيب عملية جماعية وانه لا يمكن لفرد مهما بلغ علمه أن يقوم بدراسة كل المكتشفات ، فيجب أن يستعين بمتخصصين في كافة فروع مكتشفاته ليتسنى لهم الوصول إلى نتائج دقيقة ومؤكدة ، لذا فإن الواجب على المنقب ـ إذا لم يتوافر له فريق العمل المناسب ـ أن يكتب تقريرا مفصلا ودقيقا عن كافة مراحل التنقيب لا يهمل فيه صغيرة أو كبيرة ولا يخشى أن يصيب القاريء بالملل فإن مثل تلك الكتابات يقرأها المتخصص الذي يحتاج كافة التفصيلات ليكمل عمل المنقب ويحقق الهدف المرتجي من عملية التنقيب وذلك بدراسة تلك المكتشفات من زاوية اهتمامه وبالتالي يميط اللثام عن جانب من جوانب الحياة الاجتماعية أو الدينية أو الاقتصادية أو غيرها من جوانب تلك الحضارة الغابرة .
يجب على المنقب أن يسجل رأيه ويقدم معه كل المادة التي كشف عنها وسائر الدلائل التي اعتمد عليها ليدرسها المتخصصون ليقولوا كلمتهم في هذا الشأن فعلى سبيل المثال يقوم عالم الأجناس والسلالات البشرية بدراسة الدفنات ومن خلال علمه بالخصائص العضوية للأجناس يستطيع أن يستنتج معلومات عن الجنس والنوع والعمر والمرض الذي أصابه وغيرها من المعلومات التي يتعذر على المنقب أن يستخلصها.
إن واجب المنقب الأول هو تجميع المادة التي حصل عليها بالتنقيب ثم ينظمها وينسقها وليعلم انه صاحب الكلمة الأولى فقط ولن تكون له الكلمة الأخيرة أبدا لذا فإن نشر تلك المادة مفصلة تفصيلا دقيقا يسمح للآخرين بأن يدلو بدلوهم ليس فقط في تأييد وجهة نظره بل ربما لتفنيد رأيه واستخلاص الجديد ،رغم كل هذا فإن معايشة المنقب للحظة ميلاد الأثر وتلك المشاعر التي تجتاحه أو الانفعالات التي تعتريه وانطباعاته الشخصية وغيرها من الأهازيج قد لا يعبر عتها تعبيرا دقيقا ـ فالمنقب ليس أديبا ـ لكنه يعرف كيف يسجل ويلاحظ وقد يفتقد المقدرة على الاستنتاج وربما كان لا يملك تلك الموهبة التي تجعل منه مؤرخا ، لكنه يظل صاحب أكبر المميزات من خلال معايشه للكشف الأثري فإن ما يدور بخلده في تلك اللحظة وذلك الطوفان من المعلومات التي تتواثب إلى ذهنه في ومضات سريعة تجعله الشخص الوحيد في العالم الذي انصهرت بداخل عقله تجربة لن تكرر مع غيره ومن هنا تأتي أهمية ما يكتبه فهي تسجل لحظة لا تتكرر، أما إذا كان المنقب صاحب خبرة ومهارة وعلم وله ثقله فإن النتائج التي يصل اليها لا بد وأن تكون ذات شأن لها من القوة ما يدعمه من العلم والخبرة والحجج والبراهين التي غالبا ما تستقيم معها النتائج .
مجمل القول عن تفسير المكتشفات الأثرية يحتاج على عقلية نابهة مثقفة وإنسان له من الخبرة والدراية وسرعة وحضور البديهة وقوة الذاكرة ، يدعمه علم ومتى توفرت تلك الشروط فإن النتيجة حتما تنحو نحو الصواب وتضيف دائما الجديد من تلك المكتشفات البالغة في القدم .
تـــم بــحــمــد الــلــه
تسجيل موقع الحفائر:
يجب تحديد مستوى سطح البحر قبل إجراء الحفائر وإن تعذر ذلك يجب أن تحدد نقطة ثابتة بالقرب من موقع الحفائر معلوم ارتفاعها عن مستوى سطح البحر و يراعى عند اختيار هذه النقطة أن يمكن رؤيتها من جميع زوايا موقع الحفر وإن أعمال التنقيب لن تصل إليها سواء بالرديم أو الحفر و يحسن اختيار النقطة الثابتة على صخر بارز ويكون تحديدها بألوان ثابتة أو سيخ من الحديد يثبت بالأسمنت ، وإذا اتسع نطاق الحفائر يمكن اختيار عدة نقاط ثانوية لها علاقة بالنقطة الثابتة الأصلية من حيث الارتفاع والبعد والزاوية والاتجاه ... إلخ، وتعرف هذه النقطة اصطلاحا Datum point. وعند تسجيل أعمال اليومية في المذكرات يجب أن نحدد موقع هذه النقطة والمعدن المصنوعة منه ووصفها وصفا دقيقا ، كما يجب أن يحدد موقعها على كافة خرائط التسجيل سواء كانت داخل موقع الحفائر أو خارجه، غالبا ما يصطلح عليها في الخرائظ بشكل صليب داخل دائرة.
التصوير الفوتوجرامتري:
يتم التصوير الفوتوجرامتري من الجو بحيث تظهر على الورق كما لو كانت رسمت بخطوط تحديدية تسجل كافة العناصر من ارتفاعات وانخفاضات بنسب طبيعية، حيث تؤخذ الصورة من جهاز Stereo Scope بمساعدة جهاز phototheodolite وتخرج الصورة موضحة بخطوط طولية وكافة المقاسات اللازمة للتسجيل.
و لا يصلح هذا الجهاز إلا للتصوير والتسجيل في الأماكن الواسعة والمكشوفة نظرا لأنه يشغل حجم حجرة كبيرة ولا يصلح لتصوير أماكن مغلقة ضيقة كالمقابر ويفضل استخدام هذه الطريقة قبل الحفر لتسجيل الموقع قبل الحفر ثم في نهاية الحفر لتوضيح نتائج الحفائر.
كيفية تحديد موقع اللقى الأثرية :
يجب أولا تحديد ارتفاع أوتاد الأركان الأربعة للمربع ويفضل أن يسجل مستوى الارتفاع كتابة على الوتد وهناك طريقتان لتحديد موقع اللقية الأثرية، الأولى باستخدام مثلث قياس Measuring Triangle وهو مثلث خشبي (من الأبلاكاج) قائم الزاوية مثبت في كل ضلع من ضلعي الزاوية القائمة ميزان مائي يمكن رؤيته من الجانبين وللقياس الدقيق يستخدم ميزان تقاله مع المثلث
أما الطريقة الثانية فهي أبسط ويمكن صناعتها يدويا في الموقع حيث تتطلب وجود دوبار وثقل ومشبك كبير ومسامير تثبت فوق الأوتاد . بحيث يثقب المشبك عند طرفي الضغط وينفذ منها دوبار يمر بين طرفي المشبك (الماسك) يثبت في نهايته ثقل خفيف ويدلى الطرف بالثقل حتى يلامس اللقى ثم يضغط المشبك مباشرة وبقياس المسافة من موضع المشبك حتى طرف الثقل يكون العمق ويجدر الإشارة أن المشبك يمر بين دوبار يصل بين وتدين أو ثلاث من أوتاد المربع العلوية وهو مستوى القياس. تسجيل الطبقات: تأتي أهمية دراسة الطبقات وتسجيلها تسجيلا دقيقا ، ونظرا لأن الطبقات الأثرية ليست مستوية ولا متساوية وليس بسمك ثابت فمن النادر أن تدمر مدينة ويعاد بناؤها بالكامل في فترة واحدة بل ليس هناك منزل أو مبنى يدمر ويبنى في نفس الوقت ، ويتضح هذا بجلاء في المدن ذات الموقع الثابت والتي تتطور طوبوغرافيتها رأسيا وأفقيا مثال ذلك : مدينة الإسكندرية ، فالمدينة الرومانية تنخفض عن المدينة البيزنطية بحوالي3.5م بينما تنخفض البيزنطية 6.5م عن مستوى المدينة الحديثة بينما تقع المدينة البطلمية على عمق 13م من مستوى المدينة الحديثة وعلى الرغم من هذا فإن بعض الشوارع الرومانية والتي أقيمت فوق شوارع هلينستية ارتفعت بما يزيد عن قامة رجل مرتين خلال عصر واحد بينما هناك شوارع أخرى ظلت على أهميتها ولم يتغير منسوبها.
يبدأ التسجيل العلمي للطبقات أثناء الحفر منذ بدء العمل ويجب أ ن يلاحظ التغيير الذي يطرأ على لون الطبقة حتى يمكن أن تميز طبقة عن غيرها وعند تغير اللون يجب أن يثبت مسمار وبطاقة في القطاع الرأسي وهكذا كلما تغير اللون تثبت بطاقة جديدة ،ويسجل على هذه البطاقة البيانات التالية:
1 - منطقة الحفائر:..............................
2 - موقع الحفر:.............................
3 - رقم المربع :............................
4 - اتجاه الجانب الذي ثبتت فيه البطاقة :...................
5 - الطبقة ووصفها ومكوناتها كأن تكون أحجار أو صخور أو رمل أو زلط أو طين أحمر أوأسمر...إلخ.
6 - مقاس الطبقة من سمك وامتداد:...........................
7 - المخلفات الأثرية التي وجدت ضمن الطبقة كأن تكون فخار- زجاج – عظم – صاج- رصاص ... إلخ(أي المادة).
8 - رقم الطبقة:.................................
حيث يبدأ الترميم من أعلى أي من بداية الظهور.
كيفية رسم كسرات الفخار المخصصة للدراسة :
لعل من أسوأ الأفكار التي تطبق في دراسة الفخار هي السماح بكسر الكسرات الفخارية باستخدام المنشار لمعرفة الطينة ولونها ودرجة الحرق وغيرها من البيانات اللازمة لدراسة الفخار ، أولا يجب أن يراعى أن يكون خط النشر بالمنشار بزاوية قائمة تماما أي عبارة عن خط مستقيم يشطر الكسرة طوليا ، توضع نقاط على الكسرة تحدد خط القطع أو النشر ، ثانيا ترسم الكسرة باستخدام المشط المتحرك بنفس الأسلوب المتبع في رسم أجزاء الأواني ، ويستخدم قلم رصاص سميك نسبيا لتمييز هذا الرسم وفي حالة إعداده للنشر العلمي يجب أن ترسم بقلم رفيع السن .
تفسير المكتشفات الأثرية
كيف يستفيد عالم الآثار المنقب من نتائج حفائرة ؟ وكيف يستغل تلك الآثار ؟ هذا السؤال سوف يظل دائما محل اهتمام كل من ينقب عن الآثار فتفسير تلك الآثار وتاريخها من أهم أهداف عملية التنقيب ، وواقع الأمر أن التسجيل الدقيق لكافة مراحل التنقيب بكافة الوسائل المقروءة والمصورة والراية الواسعة بطبيعة الموقع وتاريخه والثقافة الواسعة للمنقب تمكنه من أن يفسر مكتشفاته تفسيرا علميا دقيقا .
يجب أن ندرك تماما طبيعة عملية التنقيب وكيف أننا نعود بعجلة الزمن إلى الوراء ورب طبقة واحدة تضم مخلفات قرن أو اثنين من الزمان وأنه مهما تعاظمت معلوماتنا عن الماضي فهي محدودة بل هناك العديد من الجوانب التي قد تكون مجهولة تماما وإذا كانت طبيعة دراسة المنقب تنصب على عصور زمنية طويلة فإن القرن يعتبر فترة قصيرة في عرف هذه الدراسة .
فتصير مشكلة التاريخ والتفسير عسيرة جدا متى اختلطت مخلفات عدة قرون في طبقة واحدة ويزداد الأمر صعوبة متى تباينت جودة وقيمة تلك المكتشفات خاصة إذا كانت داخل مبنى واحد ولعل هذا ما يضفي على علم الآثار نوعا من التحدي الذهني والثقافي فعلم الآثار هو الوحيد الذي يستنطق الحجر فيجعله يبوح بأسراره فهذا هو بالتحديد طبيعة عمل عالم الآثار.
تعتمد عملية التفسير على دقة التنقيب وتدوين كافة الملاحظات الهامة والثانوية على السواء فقد تكون ملاحظة عابرة مفتاحا لتفسير ماهية مبنى وطبيعة استخدامه فدقة الملاحظة وتسجيل كافة المخلفات واللقى في طبقاتها يساعد على دقة وصحة الاستنتاج وهنا أضرب مثلا أنه أثناء قيام البعثة المصرية البولندية بالتنقيب في منطقة كوم الدكة عام 1986 لاحظت ضمن الرديم وجود صف من أعناق الأواني الفخارية متتالية ومتداخلة ضمن الرديم ولما كانت هذه الظاهرة غريبة تم تصويرها وتسجيلها ثم تابعنا الحفر وتصادف بعد ذلك أن عثرنا على صف آخر في مبنى فيلا في وسط التل يستخدم في صرف مياه الحمام ومن هنا استطعنا تفسير المبنى السابق على اعتباره مرحاضا ملحقا بمبنى البلايسترا ولو كنا أغفلنا هذا الصف من أعناق الأواني الفخارية لظل هذا المبنى مجهول الهوية.
وتزداد صعوبة التفسير والتأريخ أكثر متى كانت الاكتشافات تخلو من الكتابات والنقوش وهنا فقط تتعاظم أهمية التسجيل الدقيق وتدوين الملاحظات الدقيقة مع خبرة وسرعة بديهة المنقب ومهاراته الأساسية فوسائله الشخصية وشخصيته وثقافته الواسعة هي وسيلته التي تتيح له تفسير تلك المكتشفات فعليه أن يستنتج الترتيب الزمني من ملاحظاته التي سجلها فعلى سبيل المثال إذا كان ينقب في جبانة متعددة العصور عليه أن يدون أولا بأول أوجه الشبه والاختلاف معماريا ومن حيث الأساس الجنائزي والزخارف وطرق الدفن بل وطبيعة الرديم في كل مقبرة وحالة الدفنات وغيرها، فكل اختلاف بين مقبرة وأخرى قد يبرهن به كدليل للتأريخ من خلال الدراسة المقارنة ومن يجب أن يفهم المنقب دائما ويتذكر أن الشيء الذي لا يعرفه يجب ألا يهمله .
يعتبر منهج الدراسة المقارنة للمكتشفات أحد أهم وأنجح الوسائل في تفسير وتأريخ تلك المكتشفات خاصة إذا لم يتوافر النص القديم فمن المؤكد سيلاحظ المنقب اختلافا في التقنيات والطرز والزخارف بما يبين أن هناك مراحل فنية متدرجة في المستوى وبالتالي يستطيع ترتيبها بين تقدم وتدهور ، أو بدائي ومتطور تبعا لترتيب الطبقات وتعتبر الأمثلة الواضحة لأي عملية من هذا النوع دليلا في تأريخ بعض هذه المقابر ، وقد يتفق التطور الفني والتقني لهذه اللقى الأثرية والأساس الجنائزي مع مواضعها في الجبانة ، ولن يغيب عن فطنة الأثري المنقب انتظام مواضع العثور على هذه اللقى بما يوحي بالاستقرار وهو الأمر الذي ينعكس على تخطيط الجبانة نفسها ولعل خير مثال على هذا جبانة تونا الجبل بصحراء دوره في محافظة المنيا إذ جاء هنا طرازان من المقابر الأول مبنى بالحجر الجيري ويأخذ معبد ويرجع تاريخه للعصر البطلمي أما الثاني فمبنى بالطوب اللبني والمقبرة على شكل منزل وزخارفها ملونة والجنائز صارت أقل انتظاما في التخطيط وهو الأمر الذي يتأكد بمقارنة كافة العناصر الفنية المكتشفة بهذه المقابر .
يعتبر تخطيط الجبانة هنا هو الخطوة الأولى في التصنيف وهو الأمر الذي ينطبق على كافة مخططات الجبانات سواء كانت مبنية أو منحوتة في الصخر أو في طبقات متتالية ضمن الرديم ومثلما هو الحال في جبانة بوتو بالدلتا ، ولعل تطبيق قانون ستينو في ترتيب الطبقات هو الحقيقة الثابتة حتى الآن والتي تقول أن الطبقة الأحدث هي الطبقة الأعلى وهو الأصوب ما لم تكن تلك الطبقات غير منتظمة أو امتدت إليها أيدي بشرية أدت لخلط تلك الطبقات وهو الأمر الذي يدركه المنقب الخبير لأول وهلة .
أما الدراسة التحليلية التي تعتبر الوسيلة الثانية والأهم بالنسبة للمنقب في تأريخ وتفسير المكتشفات التي لا توافر معها نصوص ، إذ يجب أن يقوم بتحليل كل ما سجله في سجل اليومية الخاص بالحفائر ذلك عن طريق عمل جداول في أعمدة متوازية يوضح فيها رقم كل مقبرة وعمقها ووصفها واتجاهها والمكتشفات التي عثر عليها بداخلها مع رمز يوضح عدد وطراز كل نوع من هذه المكتشفات ثم عليه تحليل تلك البيانات فيبدأ بمجموعة المقابر الأعمق لأنها الأقدم ثم يقارن بين محتوياتها ليستخلص أوجه الشبه والاختلاف بينها ثم ينتقل على المجموعة الأعلى وهي الأحدث ويكرر نفس المقارنات بين المجموعة ذاتها ثم يقارن بينها وبين المجموعة السفلى ليرصد ظواهر ومخلفات اختفت في المجموعة الأعلى وتظهر فقط في السفلى أو يرصد مستحدثات تظهر فقط في المجموعة العليا ن أو يمكنه أن يلاحظ تطورا في الطراز أو التقنيات أو الفنون وبالتالي يستطيع أن يستقر على جدول زمني في ضوء تلك المقارنات لا ينقصه الصواب .
ومن خلال هذا الجدول يستطيع أن يفحص بقية المقابر باعتبار أن المقابر الأقدم تاريخيا هي السفلى أو الأعمق وأن الحدث هي العليا وبالتالي فإنهما تمثلان مرحلتي البداية والنهاية لتاريخ تلك الجبانة وبناء عليه فإن بقية المقابر تمثل بقية مراحل التطور الزمني للجبانة ولكن إذا تشابهت أي من بقية المقابر مع إحدى الطبقتين تنسب إليها أما التي تختلط فيها عناصر المستويين فهي تمثل المرحلة الوسطى أي مرحلة التطور من القديم إلى الحديث ، وللتيقن من صحة تلك الاستنتاجات للدراسة التحليلية يمكن ملاحظة ترتيب مقابر كل نوع وعمقها بالمقارنة مع النوعين الآخرين ، ويجب أن يتفق عمق مقابر هذه المجموعة الوسطى مع ترتيبها الزمني وتدعيم تلك النتيجة بمقارنة مكتشفاتها واللقى الأثرية مع المرحلتين السابقة والتالية لها .
و بمتابعة التحليل للبيانات المدونة بالجدول الذي يعده المنقب يستطيع أن يستخلص نتائج أكثر دقة وذلك بمقارنة مقابر كل مجموعة من كافة النواحي المعمارية والفنية والجنائزية والدينية ليخلص إلى جدول تاريخي يحدد الأقدم والأحدث بين كل مجموعة ومن هنا يستطيع أن يرصد كافة مراحل الجبانة من خلال تلك الدراسة التحليلية و لعل ما يزيد تلك الدراسة والتفسيرات قوة ويضفي عليها مزيدا من الدقة تصل إلى درجة الحقيقة هي الربط بين هذه النتائج ونتائج التنقيب في بقية الموقع سواء كانت المنازل السكنية أو المعابد أو المباني العامة أو غيرها ولعل أفضل هذه المقارنات غالبا ما تكون فمع نتائج التنقيب في المنازل السكنية خاصة إذا كان ترتيب الطبقات يتشابه مع ترتيب طبقات الجبانة ، فيمكن مقارنة مخلفات كل طبقة مع نظيرتها في الأخرى وبالتالي يمكن الربط بين طبقات البناء المختلفة بالعصور المتتابعة في الجبانة واستخلاص خصائص كل مرحلة من حيث ظروف الحياة اليومية متى كشف عن أطلال معابد تلك المدينة .
أما تفسير المكتشفات التي تحمل نقوشا أو كتابات فالأمر أكثر سهولة إذ إن قراءة النقش وترجمته غالبا ما تعطي معلومة مؤكدة عن هذا الأثر قد يكون النقش اسما أو يشير إلى حدث تاريخي معروف أو يحمل تاريخا محددا أو قد يكون عبارة عن توقيع الصانع أو أي معلومة من المعلومات التي يمكن توظيفها بالشكل الصحيح لتفسير الأثر وتاريخه .
يجب على المنقب أن يتذكر أن عملية التنقيب عملية جماعية وانه لا يمكن لفرد مهما بلغ علمه أن يقوم بدراسة كل المكتشفات ، فيجب أن يستعين بمتخصصين في كافة فروع مكتشفاته ليتسنى لهم الوصول إلى نتائج دقيقة ومؤكدة ، لذا فإن الواجب على المنقب ـ إذا لم يتوافر له فريق العمل المناسب ـ أن يكتب تقريرا مفصلا ودقيقا عن كافة مراحل التنقيب لا يهمل فيه صغيرة أو كبيرة ولا يخشى أن يصيب القاريء بالملل فإن مثل تلك الكتابات يقرأها المتخصص الذي يحتاج كافة التفصيلات ليكمل عمل المنقب ويحقق الهدف المرتجي من عملية التنقيب وذلك بدراسة تلك المكتشفات من زاوية اهتمامه وبالتالي يميط اللثام عن جانب من جوانب الحياة الاجتماعية أو الدينية أو الاقتصادية أو غيرها من جوانب تلك الحضارة الغابرة .
يجب على المنقب أن يسجل رأيه ويقدم معه كل المادة التي كشف عنها وسائر الدلائل التي اعتمد عليها ليدرسها المتخصصون ليقولوا كلمتهم في هذا الشأن فعلى سبيل المثال يقوم عالم الأجناس والسلالات البشرية بدراسة الدفنات ومن خلال علمه بالخصائص العضوية للأجناس يستطيع أن يستنتج معلومات عن الجنس والنوع والعمر والمرض الذي أصابه وغيرها من المعلومات التي يتعذر على المنقب أن يستخلصها.
إن واجب المنقب الأول هو تجميع المادة التي حصل عليها بالتنقيب ثم ينظمها وينسقها وليعلم انه صاحب الكلمة الأولى فقط ولن تكون له الكلمة الأخيرة أبدا لذا فإن نشر تلك المادة مفصلة تفصيلا دقيقا يسمح للآخرين بأن يدلو بدلوهم ليس فقط في تأييد وجهة نظره بل ربما لتفنيد رأيه واستخلاص الجديد ،رغم كل هذا فإن معايشة المنقب للحظة ميلاد الأثر وتلك المشاعر التي تجتاحه أو الانفعالات التي تعتريه وانطباعاته الشخصية وغيرها من الأهازيج قد لا يعبر عتها تعبيرا دقيقا ـ فالمنقب ليس أديبا ـ لكنه يعرف كيف يسجل ويلاحظ وقد يفتقد المقدرة على الاستنتاج وربما كان لا يملك تلك الموهبة التي تجعل منه مؤرخا ، لكنه يظل صاحب أكبر المميزات من خلال معايشه للكشف الأثري فإن ما يدور بخلده في تلك اللحظة وذلك الطوفان من المعلومات التي تتواثب إلى ذهنه في ومضات سريعة تجعله الشخص الوحيد في العالم الذي انصهرت بداخل عقله تجربة لن تكرر مع غيره ومن هنا تأتي أهمية ما يكتبه فهي تسجل لحظة لا تتكرر، أما إذا كان المنقب صاحب خبرة ومهارة وعلم وله ثقله فإن النتائج التي يصل اليها لا بد وأن تكون ذات شأن لها من القوة ما يدعمه من العلم والخبرة والحجج والبراهين التي غالبا ما تستقيم معها النتائج .
مجمل القول عن تفسير المكتشفات الأثرية يحتاج على عقلية نابهة مثقفة وإنسان له من الخبرة والدراية وسرعة وحضور البديهة وقوة الذاكرة ، يدعمه علم ومتى توفرت تلك الشروط فإن النتيجة حتما تنحو نحو الصواب وتضيف دائما الجديد من تلك المكتشفات البالغة في القدم .
تـــم بــحــمــد الــلــه
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
رسالتنا للزوار الكرام : سجل عضويتك اليوم لتصلك رسائلنا لأخر مواضيع الأبحاث ورسائل الماجستير و الدكتورة عبر الايميل بشكل جميل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: البــحـــــــث العـلـمــــــي :: رســـــائـل ماجستــــير و دكتــوراه البحــــث العلمــــــي و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: الموسوعة العلمية الشاملة
صفحة 3 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى