تعريف العمرة وحكمها
2 مشترك
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: الأبحاث الإسلامية في أصول الدين
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
تعريف العمرة وحكمها
تعريف العمرة وحكمها
تعريف العمرة
العمرة لغة: الزيارة.
وشرعا: زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص وهو النسك المعروف المتركب من الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير
حكم العمرة
أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة، وهل هي واجبة أم لا ؟ قولان:
الأول: وجوبها وهو المشهور عن أحمد والشافعي وجماعة من أهل الحديث وغيرهم - رحمهم الله - ومن أدلتهم على ذلك:
* ما رواه أهل السنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي - وافد بني المنتفق- أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال: حج عن أبيك واعتمر . صححه الترمذي. وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا، ولا أصح منه.
* وبحديث عمر في رواية الدارقطني، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: وتحج البيت وتعتمر .
* واستأنسوا بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله .
الثاني : أنها سنة وليست بواجبة، وهومذهب مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الشافعي وأحمد، وقول أكثرأهل العلم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلة ذلك:
* حديث جابر- رضي الله عنه - مرفوعا: سئل- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- عن العمرة: أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك . صححه الترمذي .
ولأن الأصل عدم وجوبها، والبراءة الأصيلة لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، مع اعتضاد الأصل بالأحاديث القاضية بعدم الوجوب.
* ويؤيده اقتصار الله تعالى على فرض الحج بقوله: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . ولفظ الحج في القرآن لا يتناول العمرة، فإنه سبحانه إذا أراد العمرة ذكرها مع الحج كقوله: وأتموا الحج والعمرة لله .
ففي الآية الأولى آية آل عمران: أوجب سبحانه الحج ولم يذكر العمرة.
وفى الآية الثانية آية البقرة: أوجب تمام الحج العمرة، فإنهما يجبان بالشروع فيهما، وإيجاب الإتمام لا يقتضي إيجاب الابتداء، فإن إيجاب الابتداء يحتاج إلى دليل خاص به - فإنه محل النزاع - ولا دليل يخصه سالم من العلة حتى يصلح للاستدلال به على المراد.
* وأيضا فإن قوله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله نزلت عام الحديبية سنة ست من الهجرة باتفاق أهل العلم، وليس فيها إلا الأمر بإتمام الحج والعمرة لمن شرع فيهما، وقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا نزلت متأخرة سنة تسع أو عشر، وقد اقتصرت على ذكر فرض الحج دون العمرة، ولهذا كان أصح القولين عند المحققين من أهل العلم أن فرض الحج كان متأخرا.
* ومما يؤيد ذلك اقتصارالنبي صلى الله عليه وسلم على ذكرالحج دون العمرة، كما في حديث ابن عمر- رضي الله عنه - في الصحيحين وغيرهما: بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام
* وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح - للذي قال بعد أن سأله عن الإسلام وبين له النبي صلى الله عليه وسلم أركانه: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : لئن صدق ليدخلن الجنة .
مع أن العمرة ليس فيها عمل غيرأعمال الحج، والحج إنما فرضه الله مرة واحدة، فبذلك يترجح - والله أعلم - أن الله لم يفرض العمرة وإنما فرض حجا واحدا هو الحج الأكبر، الذي فرضه على عباده وجعل له وقتا معلوم ا لايكون في غيره، فلم يفرض الله الحج إلا مرة واحدة، كما لم يفرض شيئا من فرائضه مرتين، فالأظهر أن العمرة ليست بواجبة - لهذه الأدلة وغيرها - وأن من لم يعتمر فلا شيء عليه، وإنما هي سنة يطلب بها المزيد من فيضل الله وعظيم مثوبته.
وقت العمرة
الأحاديث الدالة على فضل العمرة وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار، وأنه ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج. وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم سوى عمرتها التي كانت أهلت بها معه، أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد أو أقل، ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام، فمن فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل تفعل سائر شهور السنة.
وقد استحب بعض أهل العلم وقوع العمرة في رمضان وأنه أفضل لأدائها من غيره، لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمرفي رمضان، وأخبرها أن: عمرة في رمضان تعدل حجة . وفي لفظ: معي . أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث دال على فضل العمرة في رمضان، لكن قيده بعض أهل العلم فيمن كان قد عزم على الحج فلم يتيسر له، لمرض أو نحوه كما هو ظاهر في سياق الحديث.
قلت: والأولى عدم التقييد فإن فضل الله واسع، لكن من كان قد عزم على الحج ولم يتمكن لمانع منعه ثم اعتمرفي رمضان كان أوفر حظا من هذا الفضل، ومن لم يكن كذلك فيرجى له ذلك فإن للعبد على ربه ما احتسب.
وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة كلها في أشهر الحج.
قلت: وأذن لعائشة رضي الله عنها أن تعتمربعد فراغها من الحج حين راجعته في ذلك . قالوا: لم يكن الله ليختار لنبيه إلا أولى الأوقات وأحقها بها. فكان وقوع العمرة في أشهرالحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتا لها، والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها أشهر الحج. والله أعلم.
فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعها
قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله .
فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.
روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله . قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه .
وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه . والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.
وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء أخرجه مسلم بهذا اللفظ .
وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمرة في رمضان تعدل حجة
وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة .
ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين الألباني - حفظه الله تعالى-:
قوله صلى الله عليه وسلم : من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة .
قوله صلى الله عليه وسلم : ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة . وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم : الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم . وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.
وقوله صلى الله عليه وسلم : أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك .
فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.
ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.
ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون، قال تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .
ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم . أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.
أمور تنبغي لمن عزم على السفر للحج أو للعمرة
1- ينبغي لمن نوى السفر أو غيره من العبادات أن يستحضر نية التقرب إلى الله تعالى في جميع أحواله، لتكون أقواله وأفعاله ونفقاته مقربة إلى الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى متفق عليه . فيقصد بحجه وعمرته وتعبه ونفقته وجه الله تعالى والدار الآخرة، والتقرب إلى الله تعالى بما يرضيه من الأقوال والأعمال والإحسان إلى عباد الله، بالقول والفعل في هذه الأزمان الفاضلة والمواطن الشريفة والبقاع المباركة والمشاعر المعظمة، قال تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال تعالى: إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما .
2- وليحذر كل الحذرون أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد ومن الموجبات لحبوط العمل ورده وعدم قبوله، قال تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعلمون . وقال تعالى: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه .
3- ومما ينبغي له- أيضا- أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، وأثناء سفره وإقامته من الأحكام والآداب، ويتفقه في ذلك، ويسأل أهل الذكر عما أشكل عليه ليكون على بصيرة من دينه، وليجتنب الوقوع في المحظور، أو التقصير في مشروع، فإنه يشترط لقبول العمل شرطان:
أحدهما: الإخلاص لله.
وثانيهما: موافقة العامل فيه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أدلتهما قوله تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون . فإسلام الوجه لله هو الخضوع لله تعالى والانقياد له رغبة ورهبة، والإحسان هو العمل بالقرآن على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى في الحج: حنفاء لله غير مشركين به وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خذوا عني مناسككم وقال أيضا: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .
فلا يكون العمل صالحا وحسنا إلا إذا تحقق فيه الإخلاص لله تعالى والمتابعة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أحكام المناسك بقوله وفعله وتقريره وقال: خذوا عني مناسككم . وكثير من الناس يعرض نفسه للحرج والمشقة والشك والحيرة والخسارة المالية الباهظة بسبب عدم عنايته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
4- فإذا عزم على السفر للحج أو العمرة- أو أي سفر آخر- فينبغي أن يوفر لأهله ما يحتاجون إليه من مؤنة ونحوها، حتى لا يحتاجوا إلى الناس وليذكر ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها فهي له صدقة . متفق عليه.
5- وينبغي أن يوصيهم بتقوى الله: وهي فعل أوامره واجتناب نواهيه، رغبة ورهبة، فإن تقوى الله سبب لحصول كل خير والوقاية من كل شر في العاجلة والآجلة، وهي وصية الله للأولين والآخرين والمسافرين والمقيمين.
وقد رتب الله على التقوى تيسير الأمور وتنفيس الكروب، وتفريج الهموم، وسعة الرزق، وحصول الهدى، وتكفير السيئات، وعظم الأجور، والتوفيق لكل خير، والحفظ من الله لعبده في الدنيا والآخرة، والنجاة من النار، والفوز بالجنة، وتوالي البشارات بأنواع المسرات في سائر الأوقات، وكذلك فإن عليه- كما يوصي بها غيره- أن يتزود بها فإن الله أمر بها الحجاج على وجه الخصوص، وأخبر أنها خير الزاد وحلية أولي الألباب من العباد، كما قال سبحانه: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب .
6- ومما ينبغي له أيضا التوبة إلى الله من جميع الذنوب: فإن الله تعالى أمر جميع أهل الإيمان بالتوبة بقوله: وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون فمن تاب توبة نصوحا أفلح وفاز بكل محبوب مرغوب، وسلم من كل مكروه مرهوب، وقد وعد الله تعالى التائبين الصادقين بقبول التوبة بقوله: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .
وحقيقة التوبة الاعتراف بالخطيئة، وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم الرجوع إليها، وإن كان عنده مظالم للناس في نفس أو عرض أو مال رد المظالم إلى أهلها، أو تحللهم واستباحهم منها، وإن كان يترتب على ردها مفسدة أكبر فإنه يكثر الدعاء لهم بكل خير، والاستغفار لهم، والصدقة عنهم، ولاسيما في تلك البقاع الطاهرة والمشاعر المعظمة، فقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه .
7- وينبغي كذلك أن يهيئ لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لا شبهة فيه: فإن أكل الحلال يصلح القلب، وينشط على الطاعة، ويكون من أسباب وجل القلب وخوفه من الله، مما يعينه على الانكفاف عن المعصية والحياء من الله أن يجاهره بمخالفته، وقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
وروى الطبراني عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور .
فينبغي للحاج أن يطيب نفقته ليبر حجه وتقبل نفقته ويستجاب دعاؤه، وحتى يستغني بفضل الله عن الحاجة إلى ما في أيدي الناس، بل ويحسن إليهم بما فضل عن حاجته ويتصدق بما تيسر، اغتناما لشرف الزمان والمكان والعبادة، ولكن عليه أيضا أن يقتصد فلا يتوسع في المباحات حتى لا يحتاج إلى منة الناس، بل عليه أن يتعفف عن سؤالهم أو التطلع إلى ما في أيديهم، قال صلى الله عليه وسلم : ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام: القصد القصد تبلغوا وقال صلى الله عليه وسلم : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم : من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا أتكفل له بالجنة . رواه أبو داود.
وذكر أهل التفسير أن أناسا كانوا يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة أخذوا يسألون الناس، فأنزل الله تعالى فيهم قوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى يعني تزودوا لحجكم ما يكفيكم من النفقة على حسب حالكم.
ما ينبغي لسفر المرأة
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج وغيره إلا ومعها محرم، سواء كان السفر طويلا أم قصيرا، وسواء كان معها نساء أولم يكن معها، وسواء كانت شابة أو عجوزا، لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم .
والحكمة من لزوم المحرم أن المرأة عورة، وضعيفة، وذات عاطفة، ومطمع للرجال، فتفتن أو تفتتن، والمحرم يغار عليها فيصونها ويحافظ عليها ويمنعها مما يضرها، ويدافع عنها، وتهاب من أجله، ولذا يشترط أن يكون المحرم بالغا عاقلا.
والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة كالأب والجد والابن وابنه والأخ من أي جهة وابنه، وابن الأخت من أي جهة وابنه، والعم والخال، ومن هو بمنزلتهم من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم : يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وأبي زوجها وجده وأبناؤه وأبناء بناته، وأزواج البنات وبنات الأبناء وبنات البنات، أزواج الأمهات والجدات الذين دخلوا بهن.
فوجود المحرم للمرأة شرط في وجوب الحج عليها، فإذا توفر لها المحرم مع الزاد والراحلة وأمن الطريق، وجب عليها الحج وتستأذن زوجها وليس لزوجها منعها من الحج، فإن أذن وإلا حجت بغير إذنه، وعليه نفقتها.
المواقيت
المواقيت : جمع ميقات، وهو الزمان والمكان المضروب للفعل، أو هو الوقت المعين استعير للمكان المعين. فالتوقيت: التحديد، وبيان مقدار المدة. وأصله أن يجعل للشيء وقت يختص به، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان.
وهي في الاصطلاح: موضع العبادة من زمان أو مكان، والمقصود به هنا: ما جعله الشارع للإحرام من زمان أو مكان فعلق الإحرام به بالشروط المعتبرة له شرعا.
فالمواقيت نوعان:
تعريف العمرة
العمرة لغة: الزيارة.
وشرعا: زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص وهو النسك المعروف المتركب من الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير
حكم العمرة
أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة، وهل هي واجبة أم لا ؟ قولان:
الأول: وجوبها وهو المشهور عن أحمد والشافعي وجماعة من أهل الحديث وغيرهم - رحمهم الله - ومن أدلتهم على ذلك:
* ما رواه أهل السنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي - وافد بني المنتفق- أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال: حج عن أبيك واعتمر . صححه الترمذي. وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا، ولا أصح منه.
* وبحديث عمر في رواية الدارقطني، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: وتحج البيت وتعتمر .
* واستأنسوا بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله .
الثاني : أنها سنة وليست بواجبة، وهومذهب مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الشافعي وأحمد، وقول أكثرأهل العلم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلة ذلك:
* حديث جابر- رضي الله عنه - مرفوعا: سئل- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- عن العمرة: أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك . صححه الترمذي .
ولأن الأصل عدم وجوبها، والبراءة الأصيلة لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، مع اعتضاد الأصل بالأحاديث القاضية بعدم الوجوب.
* ويؤيده اقتصار الله تعالى على فرض الحج بقوله: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . ولفظ الحج في القرآن لا يتناول العمرة، فإنه سبحانه إذا أراد العمرة ذكرها مع الحج كقوله: وأتموا الحج والعمرة لله .
ففي الآية الأولى آية آل عمران: أوجب سبحانه الحج ولم يذكر العمرة.
وفى الآية الثانية آية البقرة: أوجب تمام الحج العمرة، فإنهما يجبان بالشروع فيهما، وإيجاب الإتمام لا يقتضي إيجاب الابتداء، فإن إيجاب الابتداء يحتاج إلى دليل خاص به - فإنه محل النزاع - ولا دليل يخصه سالم من العلة حتى يصلح للاستدلال به على المراد.
* وأيضا فإن قوله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله نزلت عام الحديبية سنة ست من الهجرة باتفاق أهل العلم، وليس فيها إلا الأمر بإتمام الحج والعمرة لمن شرع فيهما، وقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا نزلت متأخرة سنة تسع أو عشر، وقد اقتصرت على ذكر فرض الحج دون العمرة، ولهذا كان أصح القولين عند المحققين من أهل العلم أن فرض الحج كان متأخرا.
* ومما يؤيد ذلك اقتصارالنبي صلى الله عليه وسلم على ذكرالحج دون العمرة، كما في حديث ابن عمر- رضي الله عنه - في الصحيحين وغيرهما: بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام
* وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح - للذي قال بعد أن سأله عن الإسلام وبين له النبي صلى الله عليه وسلم أركانه: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : لئن صدق ليدخلن الجنة .
مع أن العمرة ليس فيها عمل غيرأعمال الحج، والحج إنما فرضه الله مرة واحدة، فبذلك يترجح - والله أعلم - أن الله لم يفرض العمرة وإنما فرض حجا واحدا هو الحج الأكبر، الذي فرضه على عباده وجعل له وقتا معلوم ا لايكون في غيره، فلم يفرض الله الحج إلا مرة واحدة، كما لم يفرض شيئا من فرائضه مرتين، فالأظهر أن العمرة ليست بواجبة - لهذه الأدلة وغيرها - وأن من لم يعتمر فلا شيء عليه، وإنما هي سنة يطلب بها المزيد من فيضل الله وعظيم مثوبته.
وقت العمرة
الأحاديث الدالة على فضل العمرة وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار، وأنه ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج. وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم سوى عمرتها التي كانت أهلت بها معه، أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد أو أقل، ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام، فمن فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل تفعل سائر شهور السنة.
وقد استحب بعض أهل العلم وقوع العمرة في رمضان وأنه أفضل لأدائها من غيره، لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمرفي رمضان، وأخبرها أن: عمرة في رمضان تعدل حجة . وفي لفظ: معي . أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث دال على فضل العمرة في رمضان، لكن قيده بعض أهل العلم فيمن كان قد عزم على الحج فلم يتيسر له، لمرض أو نحوه كما هو ظاهر في سياق الحديث.
قلت: والأولى عدم التقييد فإن فضل الله واسع، لكن من كان قد عزم على الحج ولم يتمكن لمانع منعه ثم اعتمرفي رمضان كان أوفر حظا من هذا الفضل، ومن لم يكن كذلك فيرجى له ذلك فإن للعبد على ربه ما احتسب.
وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة كلها في أشهر الحج.
قلت: وأذن لعائشة رضي الله عنها أن تعتمربعد فراغها من الحج حين راجعته في ذلك . قالوا: لم يكن الله ليختار لنبيه إلا أولى الأوقات وأحقها بها. فكان وقوع العمرة في أشهرالحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتا لها، والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها أشهر الحج. والله أعلم.
فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعها
قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله .
فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.
روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله . قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه .
وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه . والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.
وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء أخرجه مسلم بهذا اللفظ .
وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمرة في رمضان تعدل حجة
وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة .
ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين الألباني - حفظه الله تعالى-:
قوله صلى الله عليه وسلم : من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة .
قوله صلى الله عليه وسلم : ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة . وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم : الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم . وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.
وقوله صلى الله عليه وسلم : أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك .
فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.
ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.
ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون، قال تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .
ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم . أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.
أمور تنبغي لمن عزم على السفر للحج أو للعمرة
1- ينبغي لمن نوى السفر أو غيره من العبادات أن يستحضر نية التقرب إلى الله تعالى في جميع أحواله، لتكون أقواله وأفعاله ونفقاته مقربة إلى الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى متفق عليه . فيقصد بحجه وعمرته وتعبه ونفقته وجه الله تعالى والدار الآخرة، والتقرب إلى الله تعالى بما يرضيه من الأقوال والأعمال والإحسان إلى عباد الله، بالقول والفعل في هذه الأزمان الفاضلة والمواطن الشريفة والبقاع المباركة والمشاعر المعظمة، قال تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال تعالى: إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما .
2- وليحذر كل الحذرون أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد ومن الموجبات لحبوط العمل ورده وعدم قبوله، قال تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعلمون . وقال تعالى: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه .
3- ومما ينبغي له- أيضا- أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، وأثناء سفره وإقامته من الأحكام والآداب، ويتفقه في ذلك، ويسأل أهل الذكر عما أشكل عليه ليكون على بصيرة من دينه، وليجتنب الوقوع في المحظور، أو التقصير في مشروع، فإنه يشترط لقبول العمل شرطان:
أحدهما: الإخلاص لله.
وثانيهما: موافقة العامل فيه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن أدلتهما قوله تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون . فإسلام الوجه لله هو الخضوع لله تعالى والانقياد له رغبة ورهبة، والإحسان هو العمل بالقرآن على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى في الحج: حنفاء لله غير مشركين به وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خذوا عني مناسككم وقال أيضا: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .
فلا يكون العمل صالحا وحسنا إلا إذا تحقق فيه الإخلاص لله تعالى والمتابعة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أحكام المناسك بقوله وفعله وتقريره وقال: خذوا عني مناسككم . وكثير من الناس يعرض نفسه للحرج والمشقة والشك والحيرة والخسارة المالية الباهظة بسبب عدم عنايته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
4- فإذا عزم على السفر للحج أو العمرة- أو أي سفر آخر- فينبغي أن يوفر لأهله ما يحتاجون إليه من مؤنة ونحوها، حتى لا يحتاجوا إلى الناس وليذكر ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها فهي له صدقة . متفق عليه.
5- وينبغي أن يوصيهم بتقوى الله: وهي فعل أوامره واجتناب نواهيه، رغبة ورهبة، فإن تقوى الله سبب لحصول كل خير والوقاية من كل شر في العاجلة والآجلة، وهي وصية الله للأولين والآخرين والمسافرين والمقيمين.
وقد رتب الله على التقوى تيسير الأمور وتنفيس الكروب، وتفريج الهموم، وسعة الرزق، وحصول الهدى، وتكفير السيئات، وعظم الأجور، والتوفيق لكل خير، والحفظ من الله لعبده في الدنيا والآخرة، والنجاة من النار، والفوز بالجنة، وتوالي البشارات بأنواع المسرات في سائر الأوقات، وكذلك فإن عليه- كما يوصي بها غيره- أن يتزود بها فإن الله أمر بها الحجاج على وجه الخصوص، وأخبر أنها خير الزاد وحلية أولي الألباب من العباد، كما قال سبحانه: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب .
6- ومما ينبغي له أيضا التوبة إلى الله من جميع الذنوب: فإن الله تعالى أمر جميع أهل الإيمان بالتوبة بقوله: وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون فمن تاب توبة نصوحا أفلح وفاز بكل محبوب مرغوب، وسلم من كل مكروه مرهوب، وقد وعد الله تعالى التائبين الصادقين بقبول التوبة بقوله: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .
وحقيقة التوبة الاعتراف بالخطيئة، وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم الرجوع إليها، وإن كان عنده مظالم للناس في نفس أو عرض أو مال رد المظالم إلى أهلها، أو تحللهم واستباحهم منها، وإن كان يترتب على ردها مفسدة أكبر فإنه يكثر الدعاء لهم بكل خير، والاستغفار لهم، والصدقة عنهم، ولاسيما في تلك البقاع الطاهرة والمشاعر المعظمة، فقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه .
7- وينبغي كذلك أن يهيئ لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لا شبهة فيه: فإن أكل الحلال يصلح القلب، وينشط على الطاعة، ويكون من أسباب وجل القلب وخوفه من الله، مما يعينه على الانكفاف عن المعصية والحياء من الله أن يجاهره بمخالفته، وقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
وروى الطبراني عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور .
فينبغي للحاج أن يطيب نفقته ليبر حجه وتقبل نفقته ويستجاب دعاؤه، وحتى يستغني بفضل الله عن الحاجة إلى ما في أيدي الناس، بل ويحسن إليهم بما فضل عن حاجته ويتصدق بما تيسر، اغتناما لشرف الزمان والمكان والعبادة، ولكن عليه أيضا أن يقتصد فلا يتوسع في المباحات حتى لا يحتاج إلى منة الناس، بل عليه أن يتعفف عن سؤالهم أو التطلع إلى ما في أيديهم، قال صلى الله عليه وسلم : ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام: القصد القصد تبلغوا وقال صلى الله عليه وسلم : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم : من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا أتكفل له بالجنة . رواه أبو داود.
وذكر أهل التفسير أن أناسا كانوا يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة أخذوا يسألون الناس، فأنزل الله تعالى فيهم قوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى يعني تزودوا لحجكم ما يكفيكم من النفقة على حسب حالكم.
ما ينبغي لسفر المرأة
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج وغيره إلا ومعها محرم، سواء كان السفر طويلا أم قصيرا، وسواء كان معها نساء أولم يكن معها، وسواء كانت شابة أو عجوزا، لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم .
والحكمة من لزوم المحرم أن المرأة عورة، وضعيفة، وذات عاطفة، ومطمع للرجال، فتفتن أو تفتتن، والمحرم يغار عليها فيصونها ويحافظ عليها ويمنعها مما يضرها، ويدافع عنها، وتهاب من أجله، ولذا يشترط أن يكون المحرم بالغا عاقلا.
والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة كالأب والجد والابن وابنه والأخ من أي جهة وابنه، وابن الأخت من أي جهة وابنه، والعم والخال، ومن هو بمنزلتهم من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم : يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وأبي زوجها وجده وأبناؤه وأبناء بناته، وأزواج البنات وبنات الأبناء وبنات البنات، أزواج الأمهات والجدات الذين دخلوا بهن.
فوجود المحرم للمرأة شرط في وجوب الحج عليها، فإذا توفر لها المحرم مع الزاد والراحلة وأمن الطريق، وجب عليها الحج وتستأذن زوجها وليس لزوجها منعها من الحج، فإن أذن وإلا حجت بغير إذنه، وعليه نفقتها.
المواقيت
المواقيت : جمع ميقات، وهو الزمان والمكان المضروب للفعل، أو هو الوقت المعين استعير للمكان المعين. فالتوقيت: التحديد، وبيان مقدار المدة. وأصله أن يجعل للشيء وقت يختص به، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان.
وهي في الاصطلاح: موضع العبادة من زمان أو مكان، والمقصود به هنا: ما جعله الشارع للإحرام من زمان أو مكان فعلق الإحرام به بالشروط المعتبرة له شرعا.
فالمواقيت نوعان:
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: تعريف العمرة وحكمها
أ زمانية: وهي أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهي التي يقع فيها التمتع بالعمرة إلى الحج. قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وقال ابن عمر- رضي الله عنهما-: أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة
ب مكانية: وهي الأمكنة التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم ، ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة وهي خمسة:
الأول: ذو الحليفة: ويسمى أبيار علي، وبينه وبين مكة نحو عشر مراحل، وهو ميقات أهل المدينة، ومن مر به من غيرهم.
الثاني: الجحفة: وهي قرية قديمة: بينها وبين مكة نحو خمس مراحل، وقد خربت فصار الناس يحرمون بدلها من رابغ ، وهي ميقات أهل الشام، ومن مر بها من غيرهم.
الثالث: يلملم: وهو جبل أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل اليمن، ومن هربه من غيرهم.
الرابع: قرن المنازل: ويسمى السيل وبينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل نجد ومن هربه من غيرهم.
الخامس: ذات عرق: ويسمى الضريبة، بينها وبين مكة نحو مرحلتين، وهي ميقات أهل العراق، ومن هربها من غيرهم.
ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه يحرم منه، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، أما للعمرة فمن أدنى الحل. ومن كان طريقه يمينا أو شمالا من هذه المواقيت فإنه يحرم حين يحاذي أقرب هذه المواقيت إليه.
فهذه المواقيت وقتها النبي صلى الله عليه وسلم ، باتفاق أهل العلم، إلا ذات عرق فاختلف فيه، وقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم وقته لأهل العراق وثبت بتوقيت عمر- رضي الله عنه- ولعله خفي النص فوقته باجتهاده، فوافقه برأيه فإنه- رضي الله عنه- موفق للصواب.
فالصواب أن هذه المواقيت الخمسة منصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، للأحاديث الصحيحة والحسان والجياد، التي يجب العمل بمثلها عند أهل العلم.
روى الشيخان عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- يسأل عن المهل، فقال: سمعت- أحسبه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة- يعني أهل الشام -، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم .
وأما حديث النسائي فروي في سننه بسنده عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم .
قال المحققون من أهل العلم عن هذا الحديث: لا شك في صحة سنده ومتنه.
قال الخطابي- رحمه الله-: ومعنى التحديد في هذه المواقيت أن لا تتعدى ولا تتجاوز إلا بإحرام .
قلت: فمن أتى على أحد هذه المواقيت، أو حاذاه- برا أو بحرا أو جوا-، وهو مريد للحج أو العمرة، لزمه الإحرام بما نوى، ولا يحل له مجاوزته بغير إحرام.
وقال غير واحد من أهل العلم: لما كان بيت الله تعالى معظما مشرفا جعل الله له حصنا هو مكة، وحمى وهو الحرم، وللحرم حرما وهو هذه المواقيت حتى لا يجوز لمن دون هذه المواقيت أن يتجاوزها إلا بإحرام، تعظيما لبيت الله الحرام. وقد ورد الشرع بكيفية تعظيمه، وهي الإحرام على هيئة مخصوصة، فإن ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائر دينه، وقد قال تعالى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه . ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . وروي عن ابن عباس مرفوعا- وفيه ضعف-: لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام وصح من قوله - رضي الله عنه- واختاره الأكثر من أهل العلم، قالوا: لا يحل لمسلم مكلف حر أراد مكة أو الحرم تجاوز الميقات إلا بإحرام، قالوا: لأنه من أهل فرض الحج ولعدم تكرر حاجته .
وأما من أراد النسك من حج أو عمرة فوجوب الإحرام عليه باتفاق أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يجاوز الميقات- إذا أراد الحج أو العمرة- إلا بإحرام، وإن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع، وظاهر مذهب الشافعي ورواية عن أحمد عدم الوجوب. وقال ابن عباس- رضي الله عنهما-: لا يدخل إنسان مكة إلا محرما إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها احتج به الإمام أحمد.
قلت: وكذا مكي يتردد على قريته في الحل، ومثله أصحاب التاكسي- اليوم - ، وسائقوا الشاحنات، وذوو الوظائف الذين يترددون عليها يوميا داخلين مكة أو خارجين منها، فكل هؤلاء من ذوي الحاجات المتكررة.
فالحاصل أن من مر على أحد هذه المواقيت أو حاذاه برا أو جوا أو بحرا له ثلاث حالات:
أحدها: أن يكون مريدا للحج أو العمرة، فهذا يجب عليه الإحرام من الميقات الذي أتى عليه أو حاذاه، فإن تجاوزه دون إحرام أثم ولزمته الفدية، إلا أن يرجع فيحرم منه، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت ثم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج أو العمرة متفق عليه .
الثانية: أن لا يكون مريدا للحج والعمرة وليس ممن يتكرر مجيئه وذلك كمن جاء لزيارة أو حاجة ونحو ذلك، فإنه لا يجب عليه الإحرام، فإن مفهوم حديث ابن عباس السابق أن من لا يريد الحج والعمرة لا يجب عليه الإحرام منها، وإرادة الحج والعمرة غير واجبة على من سبق، وإن أدى فرضه، فإن الحج لا يجب في العمر إلا مرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الحج مرة فما زاد فهو تطوع . لكن الأولى أن لا يحرم نفسه التطوع بالنسك- ما دام أن الله يسر له المرور على الميقات، وهو في أمن وعافية- ليحصل له أجر الحج أو العمرة، وثواب تعظيم حرمات الله، فإن ذلك كما قال تعالى: فهو خير له عند ربه وقال فإنها من تقوى القلوب . ولا يدري المرء ما في الغيب هل يفسح له في الأجل، ويمد له في العمر حتى يرجع مرة أخرى إلى هذه البقاع الطاهرة والشعائر المعظمة.
وجمع من أهل العلم- كما سبق- يوجبون على من مر بأحد هذه المواقيت أو حاذاها الإحرام، ويؤثمونه على تركه إذا لم تكن حاجته متكررة، ومن هؤلاء ابن عباس- رضي الله عنهما-.
الثالثة: أصحاب الحاجات المتكررة، كالحطابين والحمالين والرعاة، ومثلهم- في هذا الزمان- سائقو سيارات النقل كسيارات الأجرة والشاحنات، وكذلك الموظفون الذين يمرون بهذه المواقيت يوميا من أجل الوظائف، فهؤلاء لا يلزمهم الإحرام لما فيه الحرج والمشقة.
المراد بالإحرام
الإحرام لغة: نية الدخول في التحريم، فإن المحرم يحرم على نفسه بالإحرام ما كان مباحا له قبله، من النكاح، والطيب، والحلق، وأشياء من اللباس ونحو ذلك.
الإحرام شرعا: نية الدخول في النسك مع التلبية وسوق الهدي، فذات الإحرام مع النية وجودا وعدما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يكون الرجل محرما بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته. فإن القصد ما زال في قلبه منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرما- يعني كالتلبية أو سوق الهدي- هذا هو الصحيح من الأقوال.
قلت: فإذا وصل من يريد الحج أو العمرة الميقات، فيستحب له قبل إحرامه:
1- أن يتجرد مما ينهى المحرم عن لبسه من الثياب، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط كما في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل .
2- أن يغتسل، لما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل، وصح أنه أمر بذلك عائشة- رضي الله عنها- لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة، فأمرها أن تغتسل، وتحرم بالحج، وكذلك أمر أسماء- رضي الله عنها- لما ولدت بذي الحليفة، أمرها أن تغتسل وتستثفر- أي تتحفظ- بثوب وتحرم فدل ذلك على:
أ- أنه يشرع لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف.
ب- أن المرأة إذا وصلت الميقات، وهي حائض أو نفساء أو مستحاضة، يشرع لها أن تغتسل وتحرم مع الناس بما أرادت من نسك، وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، حتى تطهر، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم . بذلك عائشة وأسماء- رضي الله عنهما- وقال لعائشة: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .
وأما المستحاضة فلها أن تطوف بالبيت، إذا أمنت من تلويثها للمسجد.
ب مكانية: وهي الأمكنة التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم ، ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة وهي خمسة:
الأول: ذو الحليفة: ويسمى أبيار علي، وبينه وبين مكة نحو عشر مراحل، وهو ميقات أهل المدينة، ومن مر به من غيرهم.
الثاني: الجحفة: وهي قرية قديمة: بينها وبين مكة نحو خمس مراحل، وقد خربت فصار الناس يحرمون بدلها من رابغ ، وهي ميقات أهل الشام، ومن مر بها من غيرهم.
الثالث: يلملم: وهو جبل أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل اليمن، ومن هربه من غيرهم.
الرابع: قرن المنازل: ويسمى السيل وبينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهو ميقات أهل نجد ومن هربه من غيرهم.
الخامس: ذات عرق: ويسمى الضريبة، بينها وبين مكة نحو مرحلتين، وهي ميقات أهل العراق، ومن هربها من غيرهم.
ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه يحرم منه، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، أما للعمرة فمن أدنى الحل. ومن كان طريقه يمينا أو شمالا من هذه المواقيت فإنه يحرم حين يحاذي أقرب هذه المواقيت إليه.
فهذه المواقيت وقتها النبي صلى الله عليه وسلم ، باتفاق أهل العلم، إلا ذات عرق فاختلف فيه، وقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم وقته لأهل العراق وثبت بتوقيت عمر- رضي الله عنه- ولعله خفي النص فوقته باجتهاده، فوافقه برأيه فإنه- رضي الله عنه- موفق للصواب.
فالصواب أن هذه المواقيت الخمسة منصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، للأحاديث الصحيحة والحسان والجياد، التي يجب العمل بمثلها عند أهل العلم.
روى الشيخان عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- يسأل عن المهل، فقال: سمعت- أحسبه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة- يعني أهل الشام -، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم .
وأما حديث النسائي فروي في سننه بسنده عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم .
قال المحققون من أهل العلم عن هذا الحديث: لا شك في صحة سنده ومتنه.
قال الخطابي- رحمه الله-: ومعنى التحديد في هذه المواقيت أن لا تتعدى ولا تتجاوز إلا بإحرام .
قلت: فمن أتى على أحد هذه المواقيت، أو حاذاه- برا أو بحرا أو جوا-، وهو مريد للحج أو العمرة، لزمه الإحرام بما نوى، ولا يحل له مجاوزته بغير إحرام.
وقال غير واحد من أهل العلم: لما كان بيت الله تعالى معظما مشرفا جعل الله له حصنا هو مكة، وحمى وهو الحرم، وللحرم حرما وهو هذه المواقيت حتى لا يجوز لمن دون هذه المواقيت أن يتجاوزها إلا بإحرام، تعظيما لبيت الله الحرام. وقد ورد الشرع بكيفية تعظيمه، وهي الإحرام على هيئة مخصوصة، فإن ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائر دينه، وقد قال تعالى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه . ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . وروي عن ابن عباس مرفوعا- وفيه ضعف-: لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام وصح من قوله - رضي الله عنه- واختاره الأكثر من أهل العلم، قالوا: لا يحل لمسلم مكلف حر أراد مكة أو الحرم تجاوز الميقات إلا بإحرام، قالوا: لأنه من أهل فرض الحج ولعدم تكرر حاجته .
وأما من أراد النسك من حج أو عمرة فوجوب الإحرام عليه باتفاق أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يجاوز الميقات- إذا أراد الحج أو العمرة- إلا بإحرام، وإن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع، وظاهر مذهب الشافعي ورواية عن أحمد عدم الوجوب. وقال ابن عباس- رضي الله عنهما-: لا يدخل إنسان مكة إلا محرما إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها احتج به الإمام أحمد.
قلت: وكذا مكي يتردد على قريته في الحل، ومثله أصحاب التاكسي- اليوم - ، وسائقوا الشاحنات، وذوو الوظائف الذين يترددون عليها يوميا داخلين مكة أو خارجين منها، فكل هؤلاء من ذوي الحاجات المتكررة.
فالحاصل أن من مر على أحد هذه المواقيت أو حاذاه برا أو جوا أو بحرا له ثلاث حالات:
أحدها: أن يكون مريدا للحج أو العمرة، فهذا يجب عليه الإحرام من الميقات الذي أتى عليه أو حاذاه، فإن تجاوزه دون إحرام أثم ولزمته الفدية، إلا أن يرجع فيحرم منه، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت ثم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج أو العمرة متفق عليه .
الثانية: أن لا يكون مريدا للحج والعمرة وليس ممن يتكرر مجيئه وذلك كمن جاء لزيارة أو حاجة ونحو ذلك، فإنه لا يجب عليه الإحرام، فإن مفهوم حديث ابن عباس السابق أن من لا يريد الحج والعمرة لا يجب عليه الإحرام منها، وإرادة الحج والعمرة غير واجبة على من سبق، وإن أدى فرضه، فإن الحج لا يجب في العمر إلا مرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الحج مرة فما زاد فهو تطوع . لكن الأولى أن لا يحرم نفسه التطوع بالنسك- ما دام أن الله يسر له المرور على الميقات، وهو في أمن وعافية- ليحصل له أجر الحج أو العمرة، وثواب تعظيم حرمات الله، فإن ذلك كما قال تعالى: فهو خير له عند ربه وقال فإنها من تقوى القلوب . ولا يدري المرء ما في الغيب هل يفسح له في الأجل، ويمد له في العمر حتى يرجع مرة أخرى إلى هذه البقاع الطاهرة والشعائر المعظمة.
وجمع من أهل العلم- كما سبق- يوجبون على من مر بأحد هذه المواقيت أو حاذاها الإحرام، ويؤثمونه على تركه إذا لم تكن حاجته متكررة، ومن هؤلاء ابن عباس- رضي الله عنهما-.
الثالثة: أصحاب الحاجات المتكررة، كالحطابين والحمالين والرعاة، ومثلهم- في هذا الزمان- سائقو سيارات النقل كسيارات الأجرة والشاحنات، وكذلك الموظفون الذين يمرون بهذه المواقيت يوميا من أجل الوظائف، فهؤلاء لا يلزمهم الإحرام لما فيه الحرج والمشقة.
المراد بالإحرام
الإحرام لغة: نية الدخول في التحريم، فإن المحرم يحرم على نفسه بالإحرام ما كان مباحا له قبله، من النكاح، والطيب، والحلق، وأشياء من اللباس ونحو ذلك.
الإحرام شرعا: نية الدخول في النسك مع التلبية وسوق الهدي، فذات الإحرام مع النية وجودا وعدما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يكون الرجل محرما بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته. فإن القصد ما زال في قلبه منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرما- يعني كالتلبية أو سوق الهدي- هذا هو الصحيح من الأقوال.
قلت: فإذا وصل من يريد الحج أو العمرة الميقات، فيستحب له قبل إحرامه:
1- أن يتجرد مما ينهى المحرم عن لبسه من الثياب، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد من المخيط كما في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل .
2- أن يغتسل، لما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل، وصح أنه أمر بذلك عائشة- رضي الله عنها- لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة، فأمرها أن تغتسل، وتحرم بالحج، وكذلك أمر أسماء- رضي الله عنها- لما ولدت بذي الحليفة، أمرها أن تغتسل وتستثفر- أي تتحفظ- بثوب وتحرم فدل ذلك على:
أ- أنه يشرع لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف.
ب- أن المرأة إذا وصلت الميقات، وهي حائض أو نفساء أو مستحاضة، يشرع لها أن تغتسل وتحرم مع الناس بما أرادت من نسك، وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، حتى تطهر، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم . بذلك عائشة وأسماء- رضي الله عنهما- وقال لعائشة: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .
وأما المستحاضة فلها أن تطوف بالبيت، إذا أمنت من تلويثها للمسجد.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: تعريف العمرة وحكمها
3- أن يأخذ ما تدعو الحاجة إلى الأخذ منه من الأظفار وشعر الإبط والعانة، ويتعاهد الرجل شاربه، حتى لا يحتاج المرء إلى أخذ شيء من ذلك بعد عقد الإحرام، فإن المحرم ممنوع من أخذ شيء من ذلك قبل أن يتحلل من العمرة، وقبل التحلل الأول من الحج.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء كل وقت، كما في الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفطرة خمس: الختان، والاستحداد- يعني حلق العانة-، وقص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الأباط متفق عليه .
وعن أنس- رضي الله عنه- قال: وقت لنا في قص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة رواه مسلم . وأخرجه النسائي وغيره بلفظ: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... .
وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام، لا في حق الرجال ولا في حق النساء.
وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات، بل يجب إعفاؤها وتوفيرها، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب .
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . فما كان يحلق لحيته أو يأخذ منها، فعليه أن يتوب من ذلك ولا يعود إلى الحلق أو التقصير منها بعد التحلل من الإحرام، فإن الله تعالى قال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
4- التطيب في الرأس والبدن لما ثبت في الصحيحين عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وقالت أيضا- رضي الله عنها-: كأني أنظر إلى وبيص- أي بريق- الطيب،- وفي لفظ: المسك- في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم متفق عليه .
قال شيخ الإسلام: إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم بذلك قبل الإحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولم يأمر به الناس، وظاهره كراهة تطييب ثوبه انتهى.
ودل الحديث على تخصيص البدن بالطيب، واستحباب استدامته، ولو بقي لونه ورائحته بلا نزع، ودل كذلك على وجود عين الطيب باقية لا الريح فقط. وإن أصاب لباس إحرامه شيء من الطيب تعين غسله كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
قال ابن القيم: ومذهب الجمهور جواز استدامة الطيب، للسنة الصحيحة أنه كان يرى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إحرامه، ولأنه غير متطيب بعد الإحرام .
5- ثم بعد ذلك يلبس ملابس إحرامه، وهي إزار ورداء نظيفان، فإن كانا أبيضين فهو أفضل، لحديث: ألبسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم رواه أبو داود والترمذي
وقال: حديث حسن صحيح. وعند النسائي: فإنها أطهر وأطيب . ولو أحرم في غيرها جاز إن كان مما يجوز لبسه. وقال ابن قدامة: ولو لبس إزارا موصلا أو اتشح بثوب مخيط كان جائزا.
قلت: لأن المنهي عنه من المخيط هو ما كان مخيطا على قدر البدن أو العضو الملبوس عليه، كالقميص ونحوه، وأن يلبس على هيئة لبسه المعتادة، ويستحب أن يحرم في نعلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين أخرجه الإمام أحمد .
قلت: فمن لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل السروال في لغة العامة فقد صح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات، يقول: السراويل لمن لم يجد الإزار متفق عليه . فيلبس السراويل ولا يحتاج إلى فتق كما هو الأصح من قولي العلماء، وكما قال شيخ الإسلام.
قلت: وهذه مسألة يخطئ فيها كثير من الناس، فيحدث أن ينسى أحدهم ملابس إحرامه أو يطرأ عليه الحج أو العمرة وهو في الطائرة، فنتيجة جهلهم أو غفلتهم عن هذه المسألة يؤخرون الإحرام إلى جدة، فيرتكبون محظورا، وهو تجاوزهم الميقات دون إحرام. والواجب على من هذه حاله أن يخلع ملابسه ما عدا السراويل، وأن يجعل ثوبه أو غيره على كتفيه عرضا ليكون بدلا عن الرداء، وإن احتاج إلى أن يتزر به عرضا، ثم يلبي بالحج أو العمرة وهو كذلك، ولا حرج عليه في ذلك، فإذا وصل إلى أقرب مكان يجد فيه ملابس الإحرام اشتراها ولبسها، وبهذا يحصل له الإحرام من الميقات والسلامة من ارتكاب المحظور وصدق الله العظيم إذ يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج . ويقول: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا . وهكذا من لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين، ولا يقطعهما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عرفات في لبس الخفين دون قطع لمن لم يجد النعلين . فلو كان القطع واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الجمع العظيم، ولهذا كان الصحيح أن للمحرم أن يلبس ما دون الكعبين من الخفاف، سواء كان واجدا لنعلين، أو فاقدا لها.
وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب، من أسود وأخضر أو غيرهما، مع الحذر مما فيه تبرج من شفاف، أو ضيق، أو قصير أو شهرة، وكذلك ما فيه تشبه بالرجال في لبسهم، أو ما هو من ألبسة الكفار أو ما كان مفصلا للوجه كالبرقع والنقاب، أو لليدين كالقفازين. وأما تخصيص العامة لونا معينا لإحرام المرأة، فهذا لا أصل له في الشرع.
6- ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام، إن كان وقت صلاة فريضة صلى، أو كان غير وقت صلاة فريضة وليس وقت نهي وأحب أن يصلي نفلا مطلقا كصلاة الضحى، أو الليل، أو أحب أن يصلي بعد تطهره ركعتي الوضوء فله ذلك، من أجل أن يقع إحرامه بعد صلاة. فقد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل- أي لبى بنسكه- بعد الصلاة على خلاف بين الصحابة- رضي الله عنهم- هل كان إهلاله صلى الله عليه وسلم في المسجد، أم كان حين استوى على راحلته، أم كان في البيداء؟ وإن كان الذي يترجح- والله أعلم- أنه لبى حين استقلت به راحلته كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن عمر وغيره، وقد بين ذلك ابن عباس- رضي الله عنهما- وبين اختلاف الصحابة- رضي الله عنهم- في ذلك، فقال: فلما صلى- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - في مسجد ذي الحليفة ركعتين،- أوجب من مجلسه فأهل بالحج حين فرغ منه فسمع منه- قوم فحفظوه ثم ركب فلما استقلت به راحلته أهل، وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى، فسمعوه حين ذلك، فقالوا: إنما أهل حين استقلت به راحلته، ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوا، فنقل كل واحد ما سمع، وإنما كان إهلاله في مصلاه وأيم الله ثم أهل ثانيا وثالثا رواه أبو داود والحاكم .
قلت: والمقصود أنه يستحب الإحرام بعد صلاة إن تيسر له- ولا يصلي من أجل الإحرام- قال الترمذي- رحمه الله-: والذي يستحبه أهل العلم أن يحرم دبر الصلاة. وذكر النووي رحمه الله: أن استحبابه قول عامة العلماء. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كان وقتها وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه . وقال ابن القيم- رحمه الله-: ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض، و إن لم يتفق له بعد فريضة وأراد أن يصلي- يعني ركعتي نافلة- فلا يركعهما وقت نهي للنهي عنه وليس من ذوات الأسباب .
أنواع الأنساك
قلت: فإذا انتهى مما يشرع للإحرام وعزم على المسير ينوي الدخول في النسك الذي يختاره ويلبي به، فلا بد من النية مع التلبية، كما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه - أو سوق الهدي - كما هو رواية عن أحمد وغيره، واختاره شيخ الإسلام، وقال: بل متى ما لبى قاصدا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع شيئا من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أحد من أصحابه، بل كان يقول: لبيك عمرة وحجا . وكان يقول للواحد من أصحابه: بم أهللت؟
ويخير الشخص بين أنواع النسك الثلاثة وهي:
أ - التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، فيقول: لبيك عمرة وإنما يقع التمتع فيما قبل غروب الشمس يوم عرفة، والأحوط له أن لا يتمتع إذا ضاق الوقت.
فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة، وحلق أو قصر فإذا كان يوم التروية- وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أفعاله. ولا يوصف الناسك بالتمتع إلا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج أما من أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج كرمضان فإنه يقال عنه معتمر ولا يقال متمتع وهكذا من أحرم بالحج وحده في أشهر الحج يقال له مفرد ولا يقال له متمتع.
ب - الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج فيقول: لبيك حجا فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للحج، ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه بل يبقى محرما حتى يحل منه بعد رمي جمرة العقبة والحلق يوم العيد، وإن أخرسي الحج إلى ما بعد طواف الحج يوم العيد أو بعده فلا بأس.
جـ - القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا أو يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد، إلا أن القارن يلبي بالعمرة والحج معا، وعليه الهدي شكرا لله تعالى إذ يسر له العمرة والحج عبادتين في سفر واحد، والمفرد يلبي بالحج وحده، وليس عليه هدي.
ودليل التخيير بين هذه الأنساك الثلاثة ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج... . الحديث. وفي صحيح مسلم عنها- رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل الحديث . وقد حكى النووي وابن قدامة وغيرهما - رحمهم الله تعالى- إجماع العلماء على جواز الأنساك الثلاثة.
الأفضل من هذه الأنساك :
1- إن تيسر للشخص أن يأتي بالهدي معه من بلده دون حرج ومشقة، أو من الطريق ولوعن أدنى الحل وأراد عمرة وحجا في أشهر الحج في سفرة واحدة فإن القران أفضل له، لأن هذا هو النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد اختاره الله له ولم يكن الله ليختار للنبي صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل.
2- فإن تعذر سوق الهدي، أو صار فيه حرج ومشقة- كما هو الحال في هذا الزمان- فالتمتع أفضل له، فإنه هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم - لمن لم يسق الهدي من أصحابه آخر الأمر وأمرهم به وحثهم عليه، وتمنى أنه لم يسق الهدي حتى يحل من إحرامه بعد العمرة، ليصير متمتعا مثلهم، موافقة لأصحابه وتطييبا لقلوبهم لما تبين له ما في نفوسهم من كراهية أن يحلوا من إحرامهم بعمرة، وهو صلى الله عليه وسلم باق على إحرامه كما في حديث جابر- رضي الله عنه- قال: أمرنا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - لما قدمنا مكة أن نحل من إحرامنا ونجعلها عمرة، فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا . وحديث ابن عباس: فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، وقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: الحل كله فكبر عليهم أن يحلوا، وهو صلى الله عليه وسلم لم يحل وثقل التمتع عليهم، لأنهم لم يسبق لهم أن تمتعوا مع الحج، فقال تطييبا لقلوبهم: لولا أن معي الهدي لأحللت . وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة . وفي رواية: افعلوا ما أمرتكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله . ففعلوا
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- في التفضيل بين أنواع النسك-: التحقيق أنه يتنوع باختلاف حال الحاج:
فإن كان يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج، ويعتمر ويقيم بها، فهذا الإفراد أفضل له باتفاق الأئمة.
وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل.
وإن لم يسق الهدي- يعني وجمع بين العمرة والحج، وقدم مكة في أشهر الحج- فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل له، وهو التمتع.
فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا في إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر .
قلت: ومما رجح به أهل العلم التمتع:
1- أن الله تعالى نص عليه في القرآن.
2- وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به - من لم يسق الهدي من أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة- وتأسف أنه لم يوافقهم لكونه ساق الهدي، وهو صلى الله عليه وسلم لا يختار لهم فيأمرهم إلا بالأفضل، ولا يتأسف إلا على الأفضل. وأحاديث التمتع متواترة رواها أكابر الصحابة.
3- ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر والسهولة.
قال الترمذي- رحمه الله: وأهل الحديث يختارون التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم
تقدمت الإشارة فيما سبق إلى أن القران وهو الجمع بين العمرة والحج بتلبية وبإحرام واحد دون فصل بينهما بتحلل هو النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو النسك الذي اختاره الله له فإنه ساق الهدي معه من المدينة وهذا هو الذي منعه صلى الله عليه وسلم من التحلل بالعمرة وأن يفعل مثل الذي أمر به أصحابه.
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما فعن ابن عمر- رضي الله عنهما-: أنه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - قرن الحج إلى العمرة متفق عليه. وقال عمران بن حصين. في مرضه الذي توفي فيه- لمطرف: اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة رواه مسلم .
وفي البخاري عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق- يقول: أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة . وعند مسلم عن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا: لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا .
صفة التلبية وما ينبغي لها
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء كل وقت، كما في الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفطرة خمس: الختان، والاستحداد- يعني حلق العانة-، وقص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الأباط متفق عليه .
وعن أنس- رضي الله عنه- قال: وقت لنا في قص الشارب، وقلم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة رواه مسلم . وأخرجه النسائي وغيره بلفظ: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... .
وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام، لا في حق الرجال ولا في حق النساء.
وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات، بل يجب إعفاؤها وتوفيرها، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب .
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . فما كان يحلق لحيته أو يأخذ منها، فعليه أن يتوب من ذلك ولا يعود إلى الحلق أو التقصير منها بعد التحلل من الإحرام، فإن الله تعالى قال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
4- التطيب في الرأس والبدن لما ثبت في الصحيحين عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وقالت أيضا- رضي الله عنها-: كأني أنظر إلى وبيص- أي بريق- الطيب،- وفي لفظ: المسك- في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم متفق عليه .
قال شيخ الإسلام: إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم بذلك قبل الإحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولم يأمر به الناس، وظاهره كراهة تطييب ثوبه انتهى.
ودل الحديث على تخصيص البدن بالطيب، واستحباب استدامته، ولو بقي لونه ورائحته بلا نزع، ودل كذلك على وجود عين الطيب باقية لا الريح فقط. وإن أصاب لباس إحرامه شيء من الطيب تعين غسله كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
قال ابن القيم: ومذهب الجمهور جواز استدامة الطيب، للسنة الصحيحة أنه كان يرى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إحرامه، ولأنه غير متطيب بعد الإحرام .
5- ثم بعد ذلك يلبس ملابس إحرامه، وهي إزار ورداء نظيفان، فإن كانا أبيضين فهو أفضل، لحديث: ألبسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم رواه أبو داود والترمذي
وقال: حديث حسن صحيح. وعند النسائي: فإنها أطهر وأطيب . ولو أحرم في غيرها جاز إن كان مما يجوز لبسه. وقال ابن قدامة: ولو لبس إزارا موصلا أو اتشح بثوب مخيط كان جائزا.
قلت: لأن المنهي عنه من المخيط هو ما كان مخيطا على قدر البدن أو العضو الملبوس عليه، كالقميص ونحوه، وأن يلبس على هيئة لبسه المعتادة، ويستحب أن يحرم في نعلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين أخرجه الإمام أحمد .
قلت: فمن لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل السروال في لغة العامة فقد صح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات، يقول: السراويل لمن لم يجد الإزار متفق عليه . فيلبس السراويل ولا يحتاج إلى فتق كما هو الأصح من قولي العلماء، وكما قال شيخ الإسلام.
قلت: وهذه مسألة يخطئ فيها كثير من الناس، فيحدث أن ينسى أحدهم ملابس إحرامه أو يطرأ عليه الحج أو العمرة وهو في الطائرة، فنتيجة جهلهم أو غفلتهم عن هذه المسألة يؤخرون الإحرام إلى جدة، فيرتكبون محظورا، وهو تجاوزهم الميقات دون إحرام. والواجب على من هذه حاله أن يخلع ملابسه ما عدا السراويل، وأن يجعل ثوبه أو غيره على كتفيه عرضا ليكون بدلا عن الرداء، وإن احتاج إلى أن يتزر به عرضا، ثم يلبي بالحج أو العمرة وهو كذلك، ولا حرج عليه في ذلك، فإذا وصل إلى أقرب مكان يجد فيه ملابس الإحرام اشتراها ولبسها، وبهذا يحصل له الإحرام من الميقات والسلامة من ارتكاب المحظور وصدق الله العظيم إذ يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج . ويقول: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا . وهكذا من لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين، ولا يقطعهما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عرفات في لبس الخفين دون قطع لمن لم يجد النعلين . فلو كان القطع واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الجمع العظيم، ولهذا كان الصحيح أن للمحرم أن يلبس ما دون الكعبين من الخفاف، سواء كان واجدا لنعلين، أو فاقدا لها.
وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب، من أسود وأخضر أو غيرهما، مع الحذر مما فيه تبرج من شفاف، أو ضيق، أو قصير أو شهرة، وكذلك ما فيه تشبه بالرجال في لبسهم، أو ما هو من ألبسة الكفار أو ما كان مفصلا للوجه كالبرقع والنقاب، أو لليدين كالقفازين. وأما تخصيص العامة لونا معينا لإحرام المرأة، فهذا لا أصل له في الشرع.
6- ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام، إن كان وقت صلاة فريضة صلى، أو كان غير وقت صلاة فريضة وليس وقت نهي وأحب أن يصلي نفلا مطلقا كصلاة الضحى، أو الليل، أو أحب أن يصلي بعد تطهره ركعتي الوضوء فله ذلك، من أجل أن يقع إحرامه بعد صلاة. فقد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل- أي لبى بنسكه- بعد الصلاة على خلاف بين الصحابة- رضي الله عنهم- هل كان إهلاله صلى الله عليه وسلم في المسجد، أم كان حين استوى على راحلته، أم كان في البيداء؟ وإن كان الذي يترجح- والله أعلم- أنه لبى حين استقلت به راحلته كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن عمر وغيره، وقد بين ذلك ابن عباس- رضي الله عنهما- وبين اختلاف الصحابة- رضي الله عنهم- في ذلك، فقال: فلما صلى- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - في مسجد ذي الحليفة ركعتين،- أوجب من مجلسه فأهل بالحج حين فرغ منه فسمع منه- قوم فحفظوه ثم ركب فلما استقلت به راحلته أهل، وأدرك ذلك منه قوم لم يشهدوه في المرة الأولى، فسمعوه حين ذلك، فقالوا: إنما أهل حين استقلت به راحلته، ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم يشهدوا، فنقل كل واحد ما سمع، وإنما كان إهلاله في مصلاه وأيم الله ثم أهل ثانيا وثالثا رواه أبو داود والحاكم .
قلت: والمقصود أنه يستحب الإحرام بعد صلاة إن تيسر له- ولا يصلي من أجل الإحرام- قال الترمذي- رحمه الله-: والذي يستحبه أهل العلم أن يحرم دبر الصلاة. وذكر النووي رحمه الله: أن استحبابه قول عامة العلماء. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كان وقتها وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه . وقال ابن القيم- رحمه الله-: ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى للإحرام ركعتين غير فرض، و إن لم يتفق له بعد فريضة وأراد أن يصلي- يعني ركعتي نافلة- فلا يركعهما وقت نهي للنهي عنه وليس من ذوات الأسباب .
أنواع الأنساك
قلت: فإذا انتهى مما يشرع للإحرام وعزم على المسير ينوي الدخول في النسك الذي يختاره ويلبي به، فلا بد من النية مع التلبية، كما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه - أو سوق الهدي - كما هو رواية عن أحمد وغيره، واختاره شيخ الإسلام، وقال: بل متى ما لبى قاصدا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع شيئا من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ذلك، ولا كان يتكلم بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أحد من أصحابه، بل كان يقول: لبيك عمرة وحجا . وكان يقول للواحد من أصحابه: بم أهللت؟
ويخير الشخص بين أنواع النسك الثلاثة وهي:
أ - التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، فيقول: لبيك عمرة وإنما يقع التمتع فيما قبل غروب الشمس يوم عرفة، والأحوط له أن لا يتمتع إذا ضاق الوقت.
فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة، وحلق أو قصر فإذا كان يوم التروية- وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أفعاله. ولا يوصف الناسك بالتمتع إلا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج أما من أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج كرمضان فإنه يقال عنه معتمر ولا يقال متمتع وهكذا من أحرم بالحج وحده في أشهر الحج يقال له مفرد ولا يقال له متمتع.
ب - الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج فيقول: لبيك حجا فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للحج، ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه بل يبقى محرما حتى يحل منه بعد رمي جمرة العقبة والحلق يوم العيد، وإن أخرسي الحج إلى ما بعد طواف الحج يوم العيد أو بعده فلا بأس.
جـ - القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا أو يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد، إلا أن القارن يلبي بالعمرة والحج معا، وعليه الهدي شكرا لله تعالى إذ يسر له العمرة والحج عبادتين في سفر واحد، والمفرد يلبي بالحج وحده، وليس عليه هدي.
ودليل التخيير بين هذه الأنساك الثلاثة ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج... . الحديث. وفي صحيح مسلم عنها- رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل الحديث . وقد حكى النووي وابن قدامة وغيرهما - رحمهم الله تعالى- إجماع العلماء على جواز الأنساك الثلاثة.
الأفضل من هذه الأنساك :
1- إن تيسر للشخص أن يأتي بالهدي معه من بلده دون حرج ومشقة، أو من الطريق ولوعن أدنى الحل وأراد عمرة وحجا في أشهر الحج في سفرة واحدة فإن القران أفضل له، لأن هذا هو النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد اختاره الله له ولم يكن الله ليختار للنبي صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل.
2- فإن تعذر سوق الهدي، أو صار فيه حرج ومشقة- كما هو الحال في هذا الزمان- فالتمتع أفضل له، فإنه هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم - لمن لم يسق الهدي من أصحابه آخر الأمر وأمرهم به وحثهم عليه، وتمنى أنه لم يسق الهدي حتى يحل من إحرامه بعد العمرة، ليصير متمتعا مثلهم، موافقة لأصحابه وتطييبا لقلوبهم لما تبين له ما في نفوسهم من كراهية أن يحلوا من إحرامهم بعمرة، وهو صلى الله عليه وسلم باق على إحرامه كما في حديث جابر- رضي الله عنه- قال: أمرنا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - لما قدمنا مكة أن نحل من إحرامنا ونجعلها عمرة، فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا . وحديث ابن عباس: فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، وقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: الحل كله فكبر عليهم أن يحلوا، وهو صلى الله عليه وسلم لم يحل وثقل التمتع عليهم، لأنهم لم يسبق لهم أن تمتعوا مع الحج، فقال تطييبا لقلوبهم: لولا أن معي الهدي لأحللت . وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة . وفي رواية: افعلوا ما أمرتكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله . ففعلوا
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- في التفضيل بين أنواع النسك-: التحقيق أنه يتنوع باختلاف حال الحاج:
فإن كان يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج، ويعتمر ويقيم بها، فهذا الإفراد أفضل له باتفاق الأئمة.
وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل.
وإن لم يسق الهدي- يعني وجمع بين العمرة والحج، وقدم مكة في أشهر الحج- فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل له، وهو التمتع.
فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا في إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر .
قلت: ومما رجح به أهل العلم التمتع:
1- أن الله تعالى نص عليه في القرآن.
2- وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به - من لم يسق الهدي من أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة- وتأسف أنه لم يوافقهم لكونه ساق الهدي، وهو صلى الله عليه وسلم لا يختار لهم فيأمرهم إلا بالأفضل، ولا يتأسف إلا على الأفضل. وأحاديث التمتع متواترة رواها أكابر الصحابة.
3- ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر والسهولة.
قال الترمذي- رحمه الله: وأهل الحديث يختارون التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم
تقدمت الإشارة فيما سبق إلى أن القران وهو الجمع بين العمرة والحج بتلبية وبإحرام واحد دون فصل بينهما بتحلل هو النسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو النسك الذي اختاره الله له فإنه ساق الهدي معه من المدينة وهذا هو الذي منعه صلى الله عليه وسلم من التحلل بالعمرة وأن يفعل مثل الذي أمر به أصحابه.
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما فعن ابن عمر- رضي الله عنهما-: أنه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم - قرن الحج إلى العمرة متفق عليه. وقال عمران بن حصين. في مرضه الذي توفي فيه- لمطرف: اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة رواه مسلم .
وفي البخاري عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق- يقول: أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة . وعند مسلم عن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا: لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا .
صفة التلبية وما ينبغي لها
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: تعريف العمرة وحكمها
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن تلبية النبي صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك .
وقد أجمع المسلمون على لفظ التلبية في حديث ابن عمر- كما حكاه غير واحد- واختلفوا في الزيادة عليه مثل ما روي عن عمر و ابنه- رضي الله عنهما- أنهما كانا يزيدان: لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل . فكرهها بعض أهل العلم وأجازها طائفة منهم واستحبها آخرون.
ولعل الذي يترجح- والله أعلم- الجواز لأنه ثبت في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- وذكر تلبية النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأهل الناس بهذا الذي يهلون به- يعني من الزيادة على تلبيته صلى الله عليه وسلم - فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فهذا يدل على جواز الزيادة التي أقرهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا من السنة التقريرية وهي أحد أنواع السنة لكن الاقتصار على تلبيته صلى الله عليه وسلم أفضل.
وقد أجمع المسلمون على لفظ التلبية في حديث ابن عمر- كما حكاه غير واحد- واختلفوا في الزيادة عليه مثل ما روي عن عمر و ابنه- رضي الله عنهما- أنهما كانا يزيدان: لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل . فكرهها بعض أهل العلم وأجازها طائفة منهم واستحبها آخرون.
ولعل الذي يترجح- والله أعلم- الجواز لأنه ثبت في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- وذكر تلبية النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأهل الناس بهذا الذي يهلون به- يعني من الزيادة على تلبيته صلى الله عليه وسلم - فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فهذا يدل على جواز الزيادة التي أقرهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا من السنة التقريرية وهي أحد أنواع السنة لكن الاقتصار على تلبيته صلى الله عليه وسلم أفضل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
رد: تعريف العمرة وحكمها
ومما ينبغي أن يعلم:
1- أن التلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم، ففيها ما يشعر بإكرام الله لعباده بأن كان إيفادهم باستدعاء منه عز وجل في قوله: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق . فإن معنى لبيك اللهم لبيك : أي إجابة لك بعد إجابة، أو أنا مقيم على طاعتك وإجابة دعوتك وأمرك لنا بالحج ، فإن الملبي هو المستسلم المنقاد لداعيه.
2- وأنها شعار الحج، ففي الحديث: أفضل الحج العج والثج .
والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي. ولهذا يستحب رفع الصوت بها من الرجال ما لم يفض إلى مشقة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولأنها شعار الحج، وليقتدى به.
قال أبو حازم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية. وفي الموطأ والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي، أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال يعني التلبية . ولفظ الموطأ: أن آمر أصحابي، أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال .
ولأحمد وابن ماجة وصححه ابن حبان عن زيد بن خالد رضي الله عنه مرفوعا: أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج .
3- وأنه يستحب الإكثار من التلبية والاستمرار حال الإحرام، فلا يقطعها في العمرة إلا عند الشروع في الطواف، ولا يقطعها في الحج إلا إذا شرع في رمي جمرة العقبة، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: استحباب الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال وتستحب في مكة، والبيت، وسائر مساجد الحرم، كمسجد منى وعرفات، لأنها مواضع النسك، وتتأكد دبر الصلوات المكتوبات، ولو في غير جماعة. روي عن جابر- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي في حجته إذا لقي راكبا أو علا أكمة أو هبط واديا، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي آخر الليل
قلت: وروى الشافعي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه كان يلبي راكبا ونازلا و مضطجعا وروى ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال: كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع: في دبر الصلوات، وإذا هبطوا واديا أو علوه، وعند التقاء الرفاق وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي .
فينبغي الإكثار من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان، إذا علا مرتفعا أو هبط منخفضا وعند الدخول والخروج، والركوب والنزول، وإقبال الأوقات وأدبارها، وعند تلاقي جموع الناس في الطرقات، فإن الاشتغال بالتلبية ورفع الصوت بها من الرجال إعلانا للتوحيد وتعظيما لتلك الشعيرة، وشغلا للوقت بالذكر، واشتغالا عما لا يفيد أو يضر من الكلام.
واستحب بعض أهل العلم الدعاء بعد التلبية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موضع يشرع فيه ذكر الله تعالى فشرعت فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة والأذان وقد روى الدارقطني وغيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سأل الله الجنة واستعاذ برحمته من النار .
الاشتراط في الإحرام
إذا خاف المحرم أن لا يتمكن من أداء نسكه لعارض من مرض، أو مطر أو خوف، أو غلب على ظنه أن يمنع من قبل ولاة الأمر بسبب الإجراءات النظامية، ونحو ذلك من العوائق، يستحب له أن يشترط عند الإحرام، فيقول ما ورد في الحديث: لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني رواه الترمذي وغيره وصححه .
وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: أن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية- أي مريضة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني . ولأحمد قال صلى الله عليه وسلم : فإن حبست- يعني مرضت- فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك فمتى حبس عن الحج بمرض أو عدو أو مطر أو نظام، حل من إحرامه، ولا شيء عليه، وهذه فائدة الاشتراط عند الإحرام. أما من لا يخاف من عائق يعوق عن أداء الحج أو العمرة، فإنه لا ينبغي له أن يشترط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر به إلا من كان مريضا.
محظورات الإحرام
أصل الحظر المنع، فالمحظور الممنوع، ومحظورات الإحرام هي: الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب الإحرام مدة الإحرام ففعلها حال الإحرام من غير عذر حرام، وتلزم بها الكفارة وهو أنواع:
أولا محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء
1- إزالة شعر الرأس بحلق أو نتف أو قلع ونحو ذلك- وإنما عبر بالحلق لأنه الغالب- قال تعالى: ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله . فنهى سبحانه عن حلق الرأس حال الإحرام، إذ حلق الشعر يؤذن بالرفاهية، وهي تنافي الإحرام لكون المحرم أشعث أغبر قيس على شعر الرأس شعر البدن اتفاقا- من أهل العلم- فإنه في معناه في حصول الترفه به، بل أولى، فإن الحاجة لا تدعو إليه.
ونص أهل العلم على أن تقليم الأظفار ممنوع منه المحرم حال الإحرام، أشبه إزالة الشعر . حكى الإجماع عليه غير واحد من أهل العلم. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، لكونه مؤذنا بالرفاهية وهي منافية لحال المحرم .
لكن لو انكسر ظفره وتأذى به فقال جماعة من أهل العلم لا بأس أن يزيل المؤذي منه فقط ولا شيء عليه.
2- لبس القفازين، وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط، أو مصنوع لليدين.
ففي صحيح البخاري رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين .
3- ويمنع المحرم من قتل الصيد حال الإحرام، وفي الحرم، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أي لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون بالحج أو العمرة، ولا تقتلوا الصيد عند الحرم، فكلاهما مراد بالآية، فيحرم الاصطياد حال الإحرام، وفي الحرم، بإجماع المسلمين وعليه الجزاء.
والمراد كل حيوان متوحش مأكول اللحم، مثل الظباء والأرانب والحمام والجراد والحمار الوحشي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يصطاد- يعني المحرم- صيدا بريا، ولا يعين عليه، ولا يذبحه، ولا يصطاد بالحرم صيدا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا ينفر صيده، مثل أن يقيمه ليقعد مكانه .
4- تعمد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما.
أما الطيب الذي يتطيب به قبل الإحرام، فإنه لا يضره بقاؤه بعد الإحرام، لأن الممنوع بعد الإحرام، ابتداء الطيب دون استدامته. وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ولا يلبس- أي المحرم- ثوبا مسه ورس ولا زعفران لأنهما من الطيب.
وقد حكى ابن رشد والنووي- رحمهما الله- إجماع الأمة على تحريم لبس ما مسه الورس والزعفران، والرجل منهي عن التزعفر خارج الإحرام، ففيه أشد، وألحقوا بهما جميع ما يقصد به الطيب، فإن الشارع نبه بهما على اجتناب الطيب وما يشبههما في ملاءمة الشم، فيؤخذ منه تحريم الطيب مطلقا على المحرم من رجل أو امرأة، وهو مجمع عليه فيما يقصد به التطيب كما سبق.
وقال بعض أهل العلم: نبه النبي صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما هو أطيب منهما كالمسك والعنبر ونحوهما، وإذا حرم في الثوب ففي البدن أولى . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم ليعلى بن أمية: انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك . وفى البخاري قال صلى الله عليه وسلم : اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق عنك واتق الصفرة . وقال في الذي وقصته راحلته يوم عرفة: ولا تحنطوه، ولا تمسوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وذكر بعض أهل- العلم أن من حكمة تحريم الطيب كونه داعيا إلى الجماع، ومنافيا لحال الحاج، فإن الحاج أشعث أغبر قد أعرض عن زينة الدنيا وملاذها، وجمع همه على الآخرة، وظهر بمظهر الخاشع الذليل المتذكر للقدوم على ربه.
5- ومن أعظم محظورات الإحرام على الرجل والمرأة الجماع في الفرج، ويفسد به الحج- إذا كان قبل التحلل الأول- ويلزم إكمال مناسك حجه، وإن كان فاسدا، وعليه فدية بدنة، وقضاؤه في العام الذي بعده، وذهب جمع من الصحابة والتابعين وغيرهم من فقهاء الأمة، أنه يجب التفريق بين الزوجين في حجة القضاء من المكان الذي حصل فيه الجماع، حتى يفرغا من أداء مناسكهما، إذا لم يترتب على تفريقهما مفسدة أكبر، والقصد من ذلك ألا يقع منهما الجماع في النسك مرة أخرى، فإن للأماكن تأثيرا على النفوس.
ومن دواعي الجماع و مقدماته وتحريمها في الإحرام من باب الذرائع:
1- عقد النكاح والموافقة عليه:
في صحيح مسلم عن عثمان- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب . يعني لا يعقد المحرم بحج أو عمرة النكاح لنفسه، ولا يتولى العقد لغيره بولاية ولا وكالة، بالجزم فيهما على النهي، وهو الرواية الصحيحة، وهو مذهب جمهور أهل العلم: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. مع أن النفي بمعنى النهي بل أبلغ. وفرق عمر- رضي الله عنه- بين رجل تزوج بامرأة وهو محرم. رواه مالك وغيره .
وحكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن المحرم لا يعقد لنفسه ولا لغيره، ويفسد العقد بالإحرام، فإن الإحرام يمنع الوطء ودواعيه، فمنع صحة العقد حسما لمواد النكاح عن المحرم، لأنه من دواعيه- كالطيب- لكن لا فدية عليه، لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم يجب به فدية.
2- النظر والمباشرة والتقبيل والغمز:
فإنها من الرفث المنهي عنه، بقوله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث . وفي الحديث الصحيح: من حج فلم يرفث...، . والمعنى من حج أوجب على نفسه الحج بالشروع فيه، فعليه أن يجتنب الرفث.
قال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة . وقال شيخ الإسلام: الرفث اسم للجماع قولا وعملا . وحكى ابن المنذر الإجماع من أهل العلم عليه.
ثانيا محظورات الإحرام الخاصة بالرجال
1- لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد. فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف . وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل . والمعنى أنه يلبس الخفين حتى يجد النعلين، ويلبس السراويل حتى يجد الإزار.
2- تغطية الرأس بملاصق، كالطاقية ونحوها، فإنه من محظورات الإحرام، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا- يعني تغطوا- رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه . أما غير الملاصق كالشمسية والخيمة وسقف السيارة فلا بأس به لما ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم رفع عليه ثوب- حين ذهب يرمي جمرة العقبة- يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة . رواه مسلم. قال ابن القيم: كل متصل ملامس يراد لستر الرأس كالعمامة والطاقية والقبعة والخوذة ونحوهما، ممنوع بالاتفاق، وكان ابن عمر- رضي الله عنهما- يقول: إحرام الرجل في رأسه، والأذنان منه للإخبار، فما كان منه حرم على الذكر تغطيته.
قلت: وهكذا تغطية الرجل وجهه فإنها من محظورات الإحرام على الصحيح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه واللفظ لمسلم.
ثالثا محظورات الإحرام الخاصة بالنساء
وأما الذي تنفرد به النساء دون الرجال من محظورات الإحرام فهو لبس البرقع والنقاب ونحوهما، مما هو مفصل للوجه قال صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري .
ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص و السراويل والخفين والجوارب للرجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها. قالت عائشة- رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود وغيره .
وعن فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت: كنا نخمر- تعني نغطي - وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها صححه الحاكم وأقره الذهبي.
وكذلك يباح لها تغطية يديها بثوبها أوعباءتها أو غيرهما سوى القفازين، إذا كانت بحضرة رجال أجانب وضابط الأجنبي هنا: هو كل من يحل له التزوج بالمرأة، إذا كانت غير ذات زوج فإن الوجه واليدين من أعظم زينة المرأة، والناس يستدلون بهما- عند النكاح- على غيرهما، وقد قال تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن . وأمر الرجال بقوله: وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
حكم من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام
من ارتكب محظورا من المحظورات السابقة، فله أحوال، لكل حال حكم يليق بها:
أولا: فإن فعل المحظور جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا إثم عليه، ولا فدية، لقوله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم . وقوله سبحانه: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى قال: قد فعلت أي لا أؤاخذكم على الخطأ والنسيان. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . فإن هذه نصوص عامة تفيد رفع المؤاخذة عن المعذور بالجهل والنسيان والإكراه، فيدخل فيها من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام وغيره.
ثانيا: أن يفعل المحظور لحاجة إلى ذلك، مثل أن يحتاج إلى لبس القميص لدفع برد يخاف منه الضرر، أو يحلق رأسه لمرض ونحوه. وهكذا قص الشعر و تقليم الأظافر و نحوه مما أطلق عليه الفقهاء رحمهم الله تعالى اصطلاح فدية الأذى فيجوز أن يفعل ذلك المحظور- من هذا القبيل- ولا إثم عليه ولكن عليه فديته وهي على التخيير: إما ذبح رأس من الضأن أو الماعز يجزيء في الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، لحديث كعب بن عجرة- رضي الله عنه-: حين حمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر من رأسه على وجهه، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه ويفدي ولا يلحقه الإثم لعذره. والحديث نص في حلق الرأس وقاس عليه الفقهاء المحظورات التي سبق ذكرها.
ثالثا: أن يفعل المحظور بلا عذر ولا حاجة، فهذا آثم متعرض للوعيد فيحتاج إلى توبة نصوح عن فعله مع الفدية التي سبقت الإشارة إليها، لقوله تعالى: ولكن ما تعمدت قلوبكم . يعني تؤاخذون عليه. وقوله في الصيد: ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم حيث جعل سبحانه الجزاء على متعمد القتل فقط.
أمور يباح للمحرم فعلها حال الإحرام إذا احتاج إليها
1- لبس النعلين، وإن كان حين عقد الإحرام حافيا.
2- عقد إزار الإحرام وربطه بخيط، أو كمر أو سبتة ونحو ذلك، لسترعورته، وحفظ نقوده و غيرها.
3- لبس ساعة اليد، والنظارات، والخاتم، وسماعة الأذن ونحوها، فإن هذه الأمور و شبهها مما ليس ساترا للعضو أو البدن، لكونه مفصلا على هيئة لم يرد فيها منع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليست في معنى المنصوص عليه منعه بل إن تحديد النبي صلى الله عليه وسلم ، لما لا يلبسه المحرم فيه تنبيه على أن كل ما سوى المذكورات فإن للمحرم لبسه، ولا سيما عند الحاجة.
4- غسل ملابس الإحرام إذا اتسخت، وتبديلها بمثلها إذا احتاج إلى ذلك.
5- الاغتسال بالماء وغسل رأسه وبدنه- عند الحاجة- بما ليس فيه روائح عطرية، وحك رأسه وجلده برفق وسهولة، ولو سقط منه شعر بسببه فلا حرج عليه. ويجب عليه الغسل من الجنابة.
6- حمل المتاع على رأسه، إذا لم يكن قصده ستر رأسه.
7- الاستظلال بغير ملاصق للرأس، كالشمسية والخيمة ونحوهما.
8- الحجامة في الرأس وغيره للحاجة- ولو احتاج إلى قطع شيء من الشعر- والافتصاد، وكذلك إجراء عملية جراحية له عند الحاجة، فإنه صلى الله عليه وسلم : احتجم في وسط رأسه وهو محرم . ولا يمكن ذلك إلا مع قطع بعض الشعر.
1- أن التلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم، ففيها ما يشعر بإكرام الله لعباده بأن كان إيفادهم باستدعاء منه عز وجل في قوله: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق . فإن معنى لبيك اللهم لبيك : أي إجابة لك بعد إجابة، أو أنا مقيم على طاعتك وإجابة دعوتك وأمرك لنا بالحج ، فإن الملبي هو المستسلم المنقاد لداعيه.
2- وأنها شعار الحج، ففي الحديث: أفضل الحج العج والثج .
والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي. ولهذا يستحب رفع الصوت بها من الرجال ما لم يفض إلى مشقة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولأنها شعار الحج، وليقتدى به.
قال أبو حازم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية. وفي الموطأ والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي، أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال يعني التلبية . ولفظ الموطأ: أن آمر أصحابي، أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال .
ولأحمد وابن ماجة وصححه ابن حبان عن زيد بن خالد رضي الله عنه مرفوعا: أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج .
3- وأنه يستحب الإكثار من التلبية والاستمرار حال الإحرام، فلا يقطعها في العمرة إلا عند الشروع في الطواف، ولا يقطعها في الحج إلا إذا شرع في رمي جمرة العقبة، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: استحباب الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال وتستحب في مكة، والبيت، وسائر مساجد الحرم، كمسجد منى وعرفات، لأنها مواضع النسك، وتتأكد دبر الصلوات المكتوبات، ولو في غير جماعة. روي عن جابر- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي في حجته إذا لقي راكبا أو علا أكمة أو هبط واديا، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي آخر الليل
قلت: وروى الشافعي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه كان يلبي راكبا ونازلا و مضطجعا وروى ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال: كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع: في دبر الصلوات، وإذا هبطوا واديا أو علوه، وعند التقاء الرفاق وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي .
فينبغي الإكثار من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان، إذا علا مرتفعا أو هبط منخفضا وعند الدخول والخروج، والركوب والنزول، وإقبال الأوقات وأدبارها، وعند تلاقي جموع الناس في الطرقات، فإن الاشتغال بالتلبية ورفع الصوت بها من الرجال إعلانا للتوحيد وتعظيما لتلك الشعيرة، وشغلا للوقت بالذكر، واشتغالا عما لا يفيد أو يضر من الكلام.
واستحب بعض أهل العلم الدعاء بعد التلبية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موضع يشرع فيه ذكر الله تعالى فشرعت فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة والأذان وقد روى الدارقطني وغيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سأل الله الجنة واستعاذ برحمته من النار .
الاشتراط في الإحرام
إذا خاف المحرم أن لا يتمكن من أداء نسكه لعارض من مرض، أو مطر أو خوف، أو غلب على ظنه أن يمنع من قبل ولاة الأمر بسبب الإجراءات النظامية، ونحو ذلك من العوائق، يستحب له أن يشترط عند الإحرام، فيقول ما ورد في الحديث: لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني رواه الترمذي وغيره وصححه .
وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: أن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية- أي مريضة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني . ولأحمد قال صلى الله عليه وسلم : فإن حبست- يعني مرضت- فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك فمتى حبس عن الحج بمرض أو عدو أو مطر أو نظام، حل من إحرامه، ولا شيء عليه، وهذه فائدة الاشتراط عند الإحرام. أما من لا يخاف من عائق يعوق عن أداء الحج أو العمرة، فإنه لا ينبغي له أن يشترط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر به إلا من كان مريضا.
محظورات الإحرام
أصل الحظر المنع، فالمحظور الممنوع، ومحظورات الإحرام هي: الأمور التي يمنع المحرم من فعلها بسبب الإحرام مدة الإحرام ففعلها حال الإحرام من غير عذر حرام، وتلزم بها الكفارة وهو أنواع:
أولا محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء
1- إزالة شعر الرأس بحلق أو نتف أو قلع ونحو ذلك- وإنما عبر بالحلق لأنه الغالب- قال تعالى: ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله . فنهى سبحانه عن حلق الرأس حال الإحرام، إذ حلق الشعر يؤذن بالرفاهية، وهي تنافي الإحرام لكون المحرم أشعث أغبر قيس على شعر الرأس شعر البدن اتفاقا- من أهل العلم- فإنه في معناه في حصول الترفه به، بل أولى، فإن الحاجة لا تدعو إليه.
ونص أهل العلم على أن تقليم الأظفار ممنوع منه المحرم حال الإحرام، أشبه إزالة الشعر . حكى الإجماع عليه غير واحد من أهل العلم. قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، لكونه مؤذنا بالرفاهية وهي منافية لحال المحرم .
لكن لو انكسر ظفره وتأذى به فقال جماعة من أهل العلم لا بأس أن يزيل المؤذي منه فقط ولا شيء عليه.
2- لبس القفازين، وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط، أو مصنوع لليدين.
ففي صحيح البخاري رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين .
3- ويمنع المحرم من قتل الصيد حال الإحرام، وفي الحرم، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أي لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون بالحج أو العمرة، ولا تقتلوا الصيد عند الحرم، فكلاهما مراد بالآية، فيحرم الاصطياد حال الإحرام، وفي الحرم، بإجماع المسلمين وعليه الجزاء.
والمراد كل حيوان متوحش مأكول اللحم، مثل الظباء والأرانب والحمام والجراد والحمار الوحشي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يصطاد- يعني المحرم- صيدا بريا، ولا يعين عليه، ولا يذبحه، ولا يصطاد بالحرم صيدا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا ينفر صيده، مثل أن يقيمه ليقعد مكانه .
4- تعمد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما.
أما الطيب الذي يتطيب به قبل الإحرام، فإنه لا يضره بقاؤه بعد الإحرام، لأن الممنوع بعد الإحرام، ابتداء الطيب دون استدامته. وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ولا يلبس- أي المحرم- ثوبا مسه ورس ولا زعفران لأنهما من الطيب.
وقد حكى ابن رشد والنووي- رحمهما الله- إجماع الأمة على تحريم لبس ما مسه الورس والزعفران، والرجل منهي عن التزعفر خارج الإحرام، ففيه أشد، وألحقوا بهما جميع ما يقصد به الطيب، فإن الشارع نبه بهما على اجتناب الطيب وما يشبههما في ملاءمة الشم، فيؤخذ منه تحريم الطيب مطلقا على المحرم من رجل أو امرأة، وهو مجمع عليه فيما يقصد به التطيب كما سبق.
وقال بعض أهل العلم: نبه النبي صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما هو أطيب منهما كالمسك والعنبر ونحوهما، وإذا حرم في الثوب ففي البدن أولى . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم ليعلى بن أمية: انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك . وفى البخاري قال صلى الله عليه وسلم : اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق عنك واتق الصفرة . وقال في الذي وقصته راحلته يوم عرفة: ولا تحنطوه، ولا تمسوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وذكر بعض أهل- العلم أن من حكمة تحريم الطيب كونه داعيا إلى الجماع، ومنافيا لحال الحاج، فإن الحاج أشعث أغبر قد أعرض عن زينة الدنيا وملاذها، وجمع همه على الآخرة، وظهر بمظهر الخاشع الذليل المتذكر للقدوم على ربه.
5- ومن أعظم محظورات الإحرام على الرجل والمرأة الجماع في الفرج، ويفسد به الحج- إذا كان قبل التحلل الأول- ويلزم إكمال مناسك حجه، وإن كان فاسدا، وعليه فدية بدنة، وقضاؤه في العام الذي بعده، وذهب جمع من الصحابة والتابعين وغيرهم من فقهاء الأمة، أنه يجب التفريق بين الزوجين في حجة القضاء من المكان الذي حصل فيه الجماع، حتى يفرغا من أداء مناسكهما، إذا لم يترتب على تفريقهما مفسدة أكبر، والقصد من ذلك ألا يقع منهما الجماع في النسك مرة أخرى، فإن للأماكن تأثيرا على النفوس.
ومن دواعي الجماع و مقدماته وتحريمها في الإحرام من باب الذرائع:
1- عقد النكاح والموافقة عليه:
في صحيح مسلم عن عثمان- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب . يعني لا يعقد المحرم بحج أو عمرة النكاح لنفسه، ولا يتولى العقد لغيره بولاية ولا وكالة، بالجزم فيهما على النهي، وهو الرواية الصحيحة، وهو مذهب جمهور أهل العلم: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. مع أن النفي بمعنى النهي بل أبلغ. وفرق عمر- رضي الله عنه- بين رجل تزوج بامرأة وهو محرم. رواه مالك وغيره .
وحكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن المحرم لا يعقد لنفسه ولا لغيره، ويفسد العقد بالإحرام، فإن الإحرام يمنع الوطء ودواعيه، فمنع صحة العقد حسما لمواد النكاح عن المحرم، لأنه من دواعيه- كالطيب- لكن لا فدية عليه، لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم يجب به فدية.
2- النظر والمباشرة والتقبيل والغمز:
فإنها من الرفث المنهي عنه، بقوله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث . وفي الحديث الصحيح: من حج فلم يرفث...، . والمعنى من حج أوجب على نفسه الحج بالشروع فيه، فعليه أن يجتنب الرفث.
قال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة . وقال شيخ الإسلام: الرفث اسم للجماع قولا وعملا . وحكى ابن المنذر الإجماع من أهل العلم عليه.
ثانيا محظورات الإحرام الخاصة بالرجال
1- لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد. فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف . وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل . والمعنى أنه يلبس الخفين حتى يجد النعلين، ويلبس السراويل حتى يجد الإزار.
2- تغطية الرأس بملاصق، كالطاقية ونحوها، فإنه من محظورات الإحرام، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا- يعني تغطوا- رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه . أما غير الملاصق كالشمسية والخيمة وسقف السيارة فلا بأس به لما ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم رفع عليه ثوب- حين ذهب يرمي جمرة العقبة- يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة . رواه مسلم. قال ابن القيم: كل متصل ملامس يراد لستر الرأس كالعمامة والطاقية والقبعة والخوذة ونحوهما، ممنوع بالاتفاق، وكان ابن عمر- رضي الله عنهما- يقول: إحرام الرجل في رأسه، والأذنان منه للإخبار، فما كان منه حرم على الذكر تغطيته.
قلت: وهكذا تغطية الرجل وجهه فإنها من محظورات الإحرام على الصحيح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله الذي وقصته راحلته: ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليه واللفظ لمسلم.
ثالثا محظورات الإحرام الخاصة بالنساء
وأما الذي تنفرد به النساء دون الرجال من محظورات الإحرام فهو لبس البرقع والنقاب ونحوهما، مما هو مفصل للوجه قال صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري .
ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص و السراويل والخفين والجوارب للرجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها. قالت عائشة- رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود وغيره .
وعن فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت: كنا نخمر- تعني نغطي - وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها صححه الحاكم وأقره الذهبي.
وكذلك يباح لها تغطية يديها بثوبها أوعباءتها أو غيرهما سوى القفازين، إذا كانت بحضرة رجال أجانب وضابط الأجنبي هنا: هو كل من يحل له التزوج بالمرأة، إذا كانت غير ذات زوج فإن الوجه واليدين من أعظم زينة المرأة، والناس يستدلون بهما- عند النكاح- على غيرهما، وقد قال تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن . وأمر الرجال بقوله: وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
حكم من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام
من ارتكب محظورا من المحظورات السابقة، فله أحوال، لكل حال حكم يليق بها:
أولا: فإن فعل المحظور جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا إثم عليه، ولا فدية، لقوله تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم . وقوله سبحانه: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى قال: قد فعلت أي لا أؤاخذكم على الخطأ والنسيان. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . فإن هذه نصوص عامة تفيد رفع المؤاخذة عن المعذور بالجهل والنسيان والإكراه، فيدخل فيها من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام وغيره.
ثانيا: أن يفعل المحظور لحاجة إلى ذلك، مثل أن يحتاج إلى لبس القميص لدفع برد يخاف منه الضرر، أو يحلق رأسه لمرض ونحوه. وهكذا قص الشعر و تقليم الأظافر و نحوه مما أطلق عليه الفقهاء رحمهم الله تعالى اصطلاح فدية الأذى فيجوز أن يفعل ذلك المحظور- من هذا القبيل- ولا إثم عليه ولكن عليه فديته وهي على التخيير: إما ذبح رأس من الضأن أو الماعز يجزيء في الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، لحديث كعب بن عجرة- رضي الله عنه-: حين حمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر من رأسه على وجهه، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه ويفدي ولا يلحقه الإثم لعذره. والحديث نص في حلق الرأس وقاس عليه الفقهاء المحظورات التي سبق ذكرها.
ثالثا: أن يفعل المحظور بلا عذر ولا حاجة، فهذا آثم متعرض للوعيد فيحتاج إلى توبة نصوح عن فعله مع الفدية التي سبقت الإشارة إليها، لقوله تعالى: ولكن ما تعمدت قلوبكم . يعني تؤاخذون عليه. وقوله في الصيد: ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم حيث جعل سبحانه الجزاء على متعمد القتل فقط.
أمور يباح للمحرم فعلها حال الإحرام إذا احتاج إليها
1- لبس النعلين، وإن كان حين عقد الإحرام حافيا.
2- عقد إزار الإحرام وربطه بخيط، أو كمر أو سبتة ونحو ذلك، لسترعورته، وحفظ نقوده و غيرها.
3- لبس ساعة اليد، والنظارات، والخاتم، وسماعة الأذن ونحوها، فإن هذه الأمور و شبهها مما ليس ساترا للعضو أو البدن، لكونه مفصلا على هيئة لم يرد فيها منع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليست في معنى المنصوص عليه منعه بل إن تحديد النبي صلى الله عليه وسلم ، لما لا يلبسه المحرم فيه تنبيه على أن كل ما سوى المذكورات فإن للمحرم لبسه، ولا سيما عند الحاجة.
4- غسل ملابس الإحرام إذا اتسخت، وتبديلها بمثلها إذا احتاج إلى ذلك.
5- الاغتسال بالماء وغسل رأسه وبدنه- عند الحاجة- بما ليس فيه روائح عطرية، وحك رأسه وجلده برفق وسهولة، ولو سقط منه شعر بسببه فلا حرج عليه. ويجب عليه الغسل من الجنابة.
6- حمل المتاع على رأسه، إذا لم يكن قصده ستر رأسه.
7- الاستظلال بغير ملاصق للرأس، كالشمسية والخيمة ونحوهما.
8- الحجامة في الرأس وغيره للحاجة- ولو احتاج إلى قطع شيء من الشعر- والافتصاد، وكذلك إجراء عملية جراحية له عند الحاجة، فإنه صلى الله عليه وسلم : احتجم في وسط رأسه وهو محرم . ولا يمكن ذلك إلا مع قطع بعض الشعر.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56473
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» شرح كيفية اداء العمرة مع الصور
» تعريف الفلسفة
» تعريف الذرة :
» تعريف التميز
» تعريف الشخصيه ونظرياتها
» تعريف الفلسفة
» تعريف الذرة :
» تعريف التميز
» تعريف الشخصيه ونظرياتها
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: الأبحاث الإسلامية في أصول الدين
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى