المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة في المحاسبة الحكومية
2 مشترك
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث المحاسبه
صفحة 1 من اصل 1
المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة في المحاسبة الحكومية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
موضوع البحث
إن للأصول الثابتة من أراضي ومباني وآلات وسيارات وأثاث 000 أهمية كبري في الوحدات الحكومية للقيام بأنشطتها في تقديم الخدمات للمواطنين، وتظهر هذه الأهمية أيضاً في أن حجم الإنفاق الرأس المالي السنوي للحصول علي هذه الأصول في أية دولة يتزايد خاصة في مراحل التنمية والتحديث للخدمات الحكومية التي تتم في أغلب دول العالم الآن، وإذا أضفنا إلى ذلك الأصول المتراكمة من سنوات سابقة يتضح مدي كبر حجم الأموال المستثمرة في الأصول الثابتة في القطاع الحكومي، هذا ولما كانت من أهم أهداف المحاسبة – بوجه عام – ومنها فرع المحاسبة الحكومية، حماية الأصول والمحافظة عليها، لذلك فإنه يلزم تتبعها في جميع مراحلها في جميع مراحلها (الإنفاق – الحيازة – الاستخدام) بالتسجيل في الدفاتر وإظهار البيانات عنها في القوائم والتقارير المالية التي يمكن بواسطتها إجراء الرقابة علي هذه الأصول وترشيد القرارات المتعلقة بها وصولاً إلى الحماية المنشودة .
ومع هذا الصور المتفق علية في الفكر المحاسبي بالنسبة لدور المحاسبة حيال الأصول الثابتة فإن الأمر يختلف في المحاسبة الحكومية، حيث يقوم الأمر – فكراً وتطبيقاً – علي تسجيل الأصول الثابتة في مرحلة الإنفاق فقط واهتماماً بعملية الدفع النقدي لأثمانها دون التكوين العيني لها، وهذا ما سنطلق علية في البحث "الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة" والذي في ظله تصبح الدفاتر خالية من أية بيانات عن هذه الأصول خلال فترة حيازة الوحدات الحكومية لها اكتفاءً بإثباتها في سجلات المخازن، فضلاً عن عدم المحاسبة عليها بالمرة في مرحلة الاستخدام، وبالتالي لا يمكن إظهار بيانات كاملة ومفيدة عنها في القوائم والتقارير المالية الأمر الذي يمثل قصوراً كبيراً يضعف من دور المحاسبة الحكومية في حماية المال العام بكفاءة، ولا يتمشى مع التطورات الحديثة في إعداد الموازنة العامة للدولة والرقابة علي المال العام، وهذا ما دعي بعض جهات الاختصاص وعلي جميع المستويات إلى الاهتمام بهذا الموضوع:
1- فعلي المستوى الدولي: نظمت الأمم المتحدة حلقة عمل في نيويورك عام 1981م لبحث الاتجاهات الحديثة لتطوير الإدارة المالية العامة والنظام المحاسبي الحكومي، ومن ضمن الموضوعات التي تناولتها الحلقة موضوع: "المحاسبة علي الأصول الثابتة" وانتهت التوصيات إلى ضرورة المحاسبة عليها وإن كانت قد أشارت إلى أن ذلك الأمر تختلف فيه الآراء ويحتاج إلى دراسة موسعة.
2- وعلي المستوى الإقليمي: أصدرت جامعة الدول العربية "النظام المحاسبي الحكومي الموحد" للدول العربية عام 1981م وجاء فيه ضمن القواعد الأساسية للنظام المحاسبي الحكومي، ضرورة المحاسبة علي الأصول الثابتة وإظهارها في المركز المالي علي مستوى الوحدة المحاسبية بتوسيط حسابات نظامية.
ويلاحظ أنه بالرغم من مرور عقد من الزمان علي هذه الدراسات فإنها لم تسفر عن تغيير في الأسلوب التقليدي كما أشار إلى ذلك البنك الدولي للإنشاء والتعمير في تقريره عن التنمية في العام 1988م، كما سنوضحه في صلب البحث.
3- أما علي المستوى المحلي:في جمهورية مصر العربية فلقد قطع النظام المحاسبي الحكومي المصري شوطاً كبيراً نحو الأخذ بالأسلوب المتطور للمحاسبة علي الأصول الثابتة بدءاً من عام 1974م، إلا أن الوصول إلى المعالجة المتكاملة لم تتم كما سنتعرف علي ذلك في صلب البحث .
وفي ضوء هذا التحليل لمشكلة البحث وما دار حولها من دراسات يتضح أنها مازالت في حاجة إلى دراسة تعمق من الناحية النظرية الحاجة إلى المعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة، وتحدد من الناحية التطبيقية الأساليب والإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه المعالجة، وهذا هو موضوع البحث الذي نستهدف به تحقيق ما يلي:
هدف البحث: يهدف البحث بصورة عامة إلى وضع تصور للمعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة في المحاسبة الحكومية بتحديد العناصر والإجراءات والترتيبات اللازمة لذلك، ولما كان الأسلوب التقليدي يكاد يكون مستقراً فكراً وتطبيقاً، فإنه قبل الوصول إلى الهدف العام سوف نبين نواحي القصور في هذا الأسلوب وتفنيد المبررات التي يستند إليها لتتأكد الحاجة إلى تطويره، وإن كان هذا البحث يدخل في إطار "دراسات في الفكر المحاسبي الحكومي" إلا أنه لزيادة التوضيح سوف نستشهد في ثناياه ببعض التطبيقات في الدول المعاصرة خاصة في مصر، ولتحقيق هذه الأهداف فإن البحث سوف ينتظم وفق الخطة التالية:
خطة البحث: ينتظم البحث في ثلاثة مباحث هي :
المبحث الأول: الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
المبحث الثاني: الترتيبات اللازمة لتطوير المحاسبة علي الأصول الثابتة .
المبحث الثالث: الأسلوب المحاسبي المتكامل للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
المبحث الأول
الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
لما كان المطلوب هو تطوير الأسلوب التقليدي، لذا فإنه من المناسب أن نتعرف عليه لنحدد نواحي القصور فيه، ونفند المبررات التي يستند إليها، وبناء علي ذلك تتأكد الحاجة إلي تطويره، وهذا ما سنتناوله في الفقرات التالية:
أولاً : مضمون الأسلوب التقليدي: تمر الأصول الثابتة كعمليات مالية بالمراحل التالية:
- مرحلة الحصول عليها: ووجهها المالي يتمثل في الإنفاق علي اقتنائها في صورة مصروفات الشراء أو الإنشاء
الداخلي وتجهيزها للاستخدام.
- مرحلة الحيازة: ووجهها المالي يتمثل في كونها أحد ممتلكات الوحدة التي يجب أن تظهر بالدفاتر والقوائم المالية
خلال فترة حيازتها وحتى الاستغناء عنها.
- مرحلة الاستخدام: ووجهها المالي يتمثل في احتساب الإهلاك مقابل أحد الاستخدام كأحد عناصر التكاليف من جهة، وللوصول إلى صافي قيمة الأصل التي تظهر بها بالقوائم المالية من جهة أخري.
1- بالنسبة لمرحلة الحصول عليها :
وهذه هي المرحلة الوحيدة التي تتم فيها معالجة الأصول الثابتة طبقاً لهذا الأسلوب ومع ذلك فهي معالجة ناقصة حيث أن عملية الحصول علي الأصل الثابت تحتوي علي وجهين ماليين، أحدهما: عملية الإنفاق أو الدف النقدي لأثمانها، والثاني: عملية امتلاك الأصل، والأسلوب التقليدي يتوجه إلي الاهتمام بوجه واحد فقط هو الإنفاق أو الدفع النقدي، ويظهر ذلك في أنه إذا تم الحصول علي أصل ثابت ولم يدفع مقابله بعد، فإن العملية لا تسجل بالدفاتر إلا عند الدفع الفعلي حتى لو تم في سنة تالية لسنة الحصول علي الأصول، كما أنه إذا تم دفع المبلغ قبل الحصول علي الأصل فإن العملية تسجل كإنفاق رغم عدم وجود الأصل بعد، وفي كل الأحوال فإن الذي يسجل هو عملية الإنفاق كمصرفات دون ذكر الأصل كتكوين عيني وأحد ممتلكات الوحدة.
2- بالنسبة لمرحلة الحيازة:
إن تسجيل عملية الحصول علي الأصول الثابتة كمصروفات واهتماماً بعملية الإنفاق فقط تؤدي إلى إقفال حـ/ المصروفات في نهاية السنة المالية بحساب النتيجة (الحساب الختامي للدولة) وطبقاً لاستقلال السنوات المالية كأحد خصائص المحاسبة الحكومية فإن هذه المصروفات لا تدور لسنوات قادمة، ومعني هذا أنه لا يصبح للأصول الثابتة وجود بالدفاتر المحاسبية في صورة رصيد يمثلها، رغم وجودها في الواقع كأحد ممتلكات الوحدة واستخدامها في النشاط، ويكتفي في ظل الأسلوب التقليدي لإثبات حيازتها بالتسجيل المخزني.
3- بالنسبة لمرحلة الاستخدام:
والتي تقضي كما سبق القول باحتساب وتسجيل إهلاكات الأصول الثابتة كتعبير عن استخدامها في النشاط فإن، الأسلوب التقليدي يري أنه ليست هناك حاجة أو إمكانية للمحاسبة عليا في هذه المرحلة حيث يعتبر الأصل ومنذ الإنفاق للحصول علية كأنه أستخدم بالكامل في نفس السنة المالية التي تم الحصول علية، وتعتبر قيمته بالكامل من تكاليف هذه الفترة وبالتالي يصبح رصيده صفراً بالدفاتر بالرغم من أن الواقع يؤكد وجود الأصل طوال سنوات عمره الإنتاجي واستفادة هذه السنوات به دون أن يقابل هذه الاستفادة تكاليف ممثلة في القسط إهلاك الأصل
وهكذا نصل إلى أن مضمون الأسلوب التقليدي يقوم علي تسجيل الأصول الثابتة في مرحلة الحصول عليها واهتماما بعملية الإنفاق فقط وليس بالتكوين العيني، أما في مرحلة الحيازة فإنه يكتفي بإظهارها في السجلات المخزنية، وبالنسبة لمرحلة الاستخدام فإنه لا تتم معالجتها بالمرة، وهذا الموقف ينطوي علي أوجه قصور عديدة نوضح أهمها في الفترة الأصل:
ثانياً: نواحي القصور في الأسلوب التقليدي:
(أ) عدم إحكام السيطرة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة:
من المعروف أن الأموال العامة تستخدم بواسطة العديد من الوحدات الحكومية ذات مستويات تنظيمية متعددة ومتباعدة، كما أنها تنتشر في جميع أنحاء الدولة وعلي مستوى اتساع نطاقها الجغرافي وأن يربط بينها وبين الجهات المركزية المسئولة عن إدارة المال العام خطوط اتصال متباعدة تنظيمياً وجغرافياً، وفي ظل هذه الاعتبارات تظهر ضرورة توفير البيانات المناسبة لإمكان إدارة هذه الأموال إدارة رشيدة والسيطرة علي الممتلكات العامة، بمعني القدرة علي اتخاذ القرارات المتعلقة بها بناء علي المعلومات المتاحة عنها، ومن المعروف أن المحاسبة هي المصدر الرسمي الموثوق به للحصول علي هذه المعلومات، لذلك فإن إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة وفقاً للأسلوب التقليدي لا يمكن من توفير البيانات اللازمة لإحكام السيطرة عليها في مرحلتي الحيازة والاستخدام ويظهر ذلك بصورة واضحة في أنه يصعب في ظل التسجيل الخزني إعطاء بيان كاف بقيمة هذه الأصول، فضلا عن عدم إمكانية التعرف علي كفاءة استخدامها لعدم توافر بيانات عنها في مرحلة الاستخدام .
(ب) عدم مواكبة التطورات الحديثة في إعادة الموازنة العامة للدولة:
يشهد الفكر العالمي والمحاسبي ومنذ 1949م تطوراً في أساليب إعداد الموازنة العامة للدولة( ) للانتقال بها من الموازنة التقليدية (موازنة البنود) التي تركز علي الرقابة القانونية أو النظامية، إلى أساليب حديثة مثل موازنة البرامج والأداء التي تركز علي تقييم الأداء، وموازنة البرمجة والتخطيط التي تركز علي الرقابة علي تحقيق الأهداف، ثم الموازنة الصغيرة التي تعمل علي الخروج من رصد اعتمادات في الموازنة لم تعد لها ما يبررها والاقتصار علي ماله هدف ووظيفة فعلية.
ومن المعروف أن تطبيق هذه الأساليب الحديثة لم يحقق النجاح المطلوب، وأن سبب ذلك يعود كما يؤكد الأمين العام المساعد للأمم المتحدة إلى عدم مواكبة النظم المحاسبية الحكومية لهذه التطورات حيث يقول : "أستطيع أن أقول أن واحداً من الأسباب الرئيسية للنجاح المحدود أو الفشل الذي حققته هذه المحاولات لتنفيذ الأساليب الحديثة لإعداد الموازنة، يرجع إلى ضعف وعدم ملائمة النظم المحاسبية في جميع هذه الدول"( ) وأحد نواحي هذا الضعف أو عدم الملائمة يرجع بالضرورة إلى إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام، وذلك أنه من أهم ملامح المحاسبة الحكومية ضرورة الارتباط بين النظام المحاسبي الحكومي والموازنة العامة لأن وظائف كل منها متكاملة .
1- الاستقلال المالي والإداري لوحدات الحكومية:
وذلك بتحويل بعض الوحدات إلى مؤسسات أو هيئات عامة مستقلة كالجامعات والمستشفيات العامة وبعض المرافق العامة، وقد أخذ هذا التطور في الأتساع بين الدول ويعده البنك الدولي للإنشاء والتعمير( )أحد خمس اتجاهات للإصلاح الشامل للمالية العامة، وأثر هذا الاستقلال من الناحية المالية يظهر في جعل هذه الوحدات أكثر قدرة علي تدبير موارد ذاتية تغطي جزءاً من نفقاتها ويمول الجزء الباقي من الموازنة العامة للدولة في صورة إعانة خدمات سيادية، أما من الناحية المحاسبية فإن هذا الاستقلال يتطلب ترتيبات معينة لإمكان تحديد مقدار الإعانة السنوية لها من الموازنة العامة في ضوء احتياجات تكاليف النشاط التي يمثل إهلاك الأصول الثابتة أحد عناصرها الهامة، والنظر أيضاً إلي هذه التنظيمات كوحدات محاسبية مستقلة لها حق تملك موجداتها وإعداد مركز مالي لها تظهر به هذه الممتلكات( )ومنها بالطبع الأصول الثابتة.
2- نظرية تجزئة السلع العامة :
وهي إحدى النظريات في المالية العامة( )والتي تساعد علي زيادة الإيرادات العامة وحسن توجيه الإنفاق العام والحد من الحد المزمن من العجز المزمن في موازنات أغلب الدول، وتقوم هذه النظرية علي فكرة تقسيم السلع والخدمات العامة إلى نوعين، سلع يمكن تجزئتها وسلع لا يمكن تجزئتها، أما الأولي كخدمات التعليم والصحة فإنه يمكن للدولة أن تقدم جزءاً منها بأجر للقادرين طبقاً لما معروف بسياسة السعر التمايزي للخدمات العامة ( )((أو برسوم المستفيدين)) والجزء الآخر تقدمه مجاناً للفقراء علي أن يستخدم عائد هذه الرسوم علي زيادة وتحسين الخدمة في الوحدات التي يتم تحصيلها بما يوفر الاعتمادات لتوسيع الخدمات الحكومية وتحسينها في الوحدات الأخرى، وقد تم تطبيق هذا الأسلوب في مصر في بعض المجالات ففي مجال الصحة هناك ما يسمى بالعلاج الاقتصادي في المستشفيات العامة، وفي مجال التعليم أنشئت مدارس حكومية بمصروفات قد أعتبر البنك الدولي للإنشاء والتعمير ( )ذلك من ركائز إصلاح المالية العامة تحت مسمي (الاعتماد بصورة متزايدة علي رسوم المستفيدين) ويري أنه وإن كانت رسوم المستفيدين قضية استقرت تماماً بالنسبة للمرافق العامة كالغاز والماء والكهرباء والتليفونات فإنه يمكن زيادتها بطريقة انتقائية في مسائل التعليم والصحة وحتى في مجال الري وصيانة الطرق.
ونقطة التقاء هذا الأسلوب بموضوعنا تتصل بعملية تحديد أسعار الخدمات العامة التي يتقرر تقديمها بمقابل حيث يتردد هذا السعر في الفكر المالي بين أن يكون مساوياً للتكلفة أو أقل منعا أو أعلي منها، ففي كل الأحوال يعتبر تحديد تكلفة هذه الخدمات عاملاً هاماً في تطبيق الأسلوب، وبما أن جزءاً لا يستهان به من هذه التكاليف هو مقابل استخدام الأصول الثابتة (الإهلاك) وهو ما لا يمكن الوصول إليه في ظل الأسلوب التقليدي، إذا فذلك يمثل قصوراً فيه عن مواكبة التطورات في إدارة المال العام.
(هـ)عدم إمكانية توفير البيانات اللازمة للمحاسبة القومية:
بعد الحرب العالمية الأولي وما تلاها في الكساد الاقتصاد العظيم (1930) تأكدت ضرورة تدخل الدول في إدارة الاقتصاد القومي بالتخطيط والتوجيه والرقابة، وكان لابد لتنفيذ هذا التدخل من توفير بيانات كافية عن قطاعات الاقتصاد القومي، ومن هنا نشأت واكتملت المحاسبة القومية ( ) والتي ازدادت الحاجة إليها بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت تطبيق في دول العالم وقامت الأمم المتحدة بإصدار (نظام المحاسبة القومية) لمساعدة الدول في تطبيقها، ومن المعروف أن بيانات المحاسبة القومية هي بيانات تجميعية من الإحصاءات العامة ومن مخرجات النظم المحاسبية في الوحدات التنظيمية لقطاعات الاقتصاد القومي والذي يمثل القطاع الحكومي أحدهما حيث يعد عنه علي المستوى القطاعي حـ / الإنتاج لمنتجي الخدمات الحكومية و حـ/التكوين الرأسمالي وفي كل منهما يظهر إهلاك الأصول الثابتة كأحد عناصر تكلفة الإنتاج في الحساب الأول وأحد مصادر التمويل في الحساب الثاني والذي يظهر به أيضاً الإضافات للأصول الثابتة كأحد عناصر التكوين الرأس مالي، كما أنه علي المستوى القومي تعد الميزانية العمومية القومية مشتملة علي الأصول والخصوم في كل قطاعات الاقتصاد القومي( )، وفي ظل الأسلوب التقليدي لا يمكن توفير هذه البيانات عن القطاع الحكومي بما يمثل قصوراً في النظام المحاسبي الحكومي.
وهكذا نصل إلى أنه توجد نواحي قصور عديدة في الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة، وأن هذا القصور يضعف من دور المحاسبة الحكومية عن مجاراة التطورات الحديثة في إدارة المال العام وهو ما يؤكده إجمالا وكتقرير لواقع الحال، البنك الدولي للإنشاء والتعمير حيث جاء في تقريره عن التنمية في العالم 1988 وما نصه ( ) (حتى يتأتي لسياسات المالية العامة أن تكون سياسات فعالة لابد من أن تستند إلى إحصاءات دقيقة وشاملة للعمليات المالية) ثم يؤكد أن ذلك غير ممكن في الوقت الحاضر لأنه (ما زال تحليل المالية العامة معرقلاً بسبب المتقيدات الخطيرة المتعلقة بالبيانات) وأخذ هذه المعوقات يحددها التقرير نصاً في عدم المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام فوردبة (كما أن الإحصاءات المالية الحكومية لا تسجل الأوضاع الخاصة بالأصول والخصوم المتعلقة بالحكومة ولا تسجل استهلاك الأصول الثابتة المملوكة للحكومة ويتم تسجيل الحسابات علي أساس نقدي لا علي أساس الاستحقاقات) .
وفي ذلك ما يدل علي ما سبق ذكره في مقدمة البحث من أن مشكلة المحاسبة علي الأصول الثابتة وحتى نهاية العقد من القرن العشرين لم تحل بعد مما يؤكد ضرورة القيام بمثل هذا البحث لتطوير الأسلوب التقليدي، غير أنه من اللافت للنظر وبرغم وضوح نواحي القصور في الأسلوب التقليدي عن حل هذه المشكلة إلا أن البعض يري ضرورة التمسك به لمبررات يعتقد أنها أولى الاعتبارات من تلاقي أوجه القصور، فما هي هذه المبررات؟ وما مدى جديتها؟
هذا ما سنجيب علية في الفقرة التالية.
ثالثاً : مبررات الأسلوب التقليدي: ( )
يستند الأسلوب التقليدي في إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام إلى إعادة مبررات تدور كلها حول عدم الحاجة ألي، أو إمكانية هذه المحاسبة، وسوف نتناول فيما يلي أهم هذه المبررات بتحليل مضمونها وتفنيدها فيما يلي:
(أ) التعارض بين المحاسبة علي الأصول الثابتة وبين الهدف الأساسي للمحاسبة الحكومية:
يقوم المبرر علي أن الهدف الأساسي للمحاسبة الحكومية هو بيان نتائج تنفيذ الموازنة من خلال التحقق من أن الاعتمادات الواردة بها قد أنفقت في الأغراض التي رصدت من أجلها وأن الإيرادات المقدرة قد حصلت وتم توريدها لحساب الخزانة العامة، كل ذلك وفقاً للنظم والتشريعات السائدة، ثم إظهار نتيجة ذلك في الحساب الختامي للدولة الذي يتم فيه حصر الإيرادات والمصروفات الفعلية ومقارنتها بالأرقام التقديرية المماثلة لها والواردة بالموازنة العامة لتحديد الفروق بينهما من وفر أو عجز وبيان أسباب ذلك ( ) وطبقاً لضرورة ارتباط النظام المحاسبي الحكومي بحسابات الموازنة، وبناء علي مبدأ السنوية كأحد مبادئ الموازنة العامة، فإنه يجب أن تقفل جميع حسابات الموازنة في نهاية السنة بالحساب الختامي للدولة ولا يدور منها شيء للسنوات القادمة لا فرق في ذلك بين المصروفات الجارية والمصروفات الرأسمالية، لأن أية محاولة لاستبعاد النفقات الرأسمالية من الحساب الختامي ورسملتها في صورة أصول ثابتة يؤدي إلي أن ما يظهر بالحساب الختامي سيكون غير معبر عن نتائج تنفيذ الموازنة.
وللرد علي ذلك نري أن التمسك بقصر هدف المحاسبة الحكومية علي إظهار نتائج تنفيذ الموازنة فقط يقلل من دورها في إدارة المال العام كما أكدت ذلك حلقة العمل بالأمم المتحدة حيث جاء (إن حسابات الموازنة لوحدها لم تعد تستطيع أن توفر البيانات المطلوبة لأغراض رسم السياسات وخدمة الإدارة والرقابة المتطورة) ( )وبالتالي فإن الأمر يتطلب توسيع دور المحاسبة الحكومية وفق ما حدده دليل المحاسبة الحكومية الصادر عن الأمم المتحدة في أنه (يجب علي النظم المحاسبية أن تكون قادرة علي تلبية الحاجة إلي المعلومات الأساسية اللازمة للتخطيط وإعداد البرامج ومراجعة وتقييم الأداء عينياً ومالياً ( ) ) وقد سبقت الإشارة إلى أن تحقيق ذلك يتطلب المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام خاصة وأن الأمر بجانب توفيره للبيانات اللازمة للسيطرة علي هذه الأصول، فإنه لا يحتاج إلى جهود أو تكلفة إضافية لتنفيذه، فضلاً علي أن هذه المحاسبة علي الأصول الثابتة لا تتعارض أو تخل بالالتزام الأساسي للمحاسبة الحكومية في متابعة حسابات الموازنة وبيان نتائج تنفيذها، وهذا ما أكده النظام المحاسبي الحكومي الموحد للدولة العربية حيث جاء فيه (إن النفقات الرأسمالية كجزء من حسابات الموازنة تعتبر إحدى المجموعات المكونة لحسابات قياس النتيجة، إلا أنه لا مانع من أن تظهر في المركز المالي علي مستوى الوحدة المحاسبية كموجودات – أصول ثابتة بقيمتها الشرائية أو المعدلة بتوسيط حسابات نظامية ( ) ).
(ب) الاكتفاء بالأسلوب المخزني لسيطرة علي حيازة الأصول الثابتة :
لقد سبق القول أن السيطرة علي الأصول الثابتة تعني القدرة علي اتخاذ القرارات المتعلقة بها في ضوء المعلومات المتاحة عنها، ويرى أنصار الأسلوب التقليدي أن ذلك أمر ممكن في ظل الأسلوب المخزني الذي يحتوي علي بيانات عن الأصول الثابتة كإحدى موجودات المخازن أو العهد طرف الموظفين بالوحدة الحكومية، وبما أن المطلوب لتحقيق هذه السيطرة هو توفير البيانات عن الأصول الثابتة فلا يهم نوع الوسيلة التي يتم بها توفيرها سواء كانت السجلات المحاسبية أو السجلات المخزنية خاصة وأن الأخيرة يعتمد عليها منذ زمن طويل في جميع بلاد العالم ومستقرة في التطبيق وفق لوائح منظمة.
ورداً علي ذلك نقول إن الأسلوب المخزني رغم شيوعه واستقراره في التطبيق، غير كاف وحده لتوفير البيانات المطلوبة للآتي:
1- أنه لا يشتمل علي جميع الأصول الثابتة، حيث يقتصر التسجيل المخزني علي الأصول التي تخضع لإجراءات الإدخال والإخراج والمخزني والحيازة الفعلية كعهدة طرف أحد الموظفين، وذلك ينطبق علي الأصول المنقولة فقط، أما العقارات من أراضي ومباني ومرافقتها فل تسجل في دفاتر المخازن وبالتالي لا تتوافر بيانات عنها.
2- إن التسجيل المخزني يهتم أساساً بالتسجيل العيني أو المادي للأصول دون التسجيل القيمى الذي تتوافر معه قيمة الأصل في كل وقت وليس قيمة الشراء، فقط دون تعديلها بما يطرأ عليها من إهلاكات، وبالتالي فإن هذه الأسلوب لا يوفر إلا البيانات التي تحقق الرقابة المادية علي الأصول دون الرقابة الاقتصادية التي يمكن بواسطتها التأكد من كفاءة استخدامها وفقاً للحياة الإنتاجية المتوقعة من كل أصل .( )
3- إن عملية تخريد الأصول بمعني انتهاء عمرها الإنتاجي لا تتم وفقاً لما هو متعارف علية في الفكر المحاسبي نتيجة متابعة الأصول وإظهار قيمتها المتناقصة بالإهلاك حتى قيمة الخردة بل يتم ذلك وفق قرار إداري قد يصدر بسوء نية – قبل انتهاء عمرها الإنتاجي بغرض حصول بعض موظفي الوحدة عليها بالشراء بقيمة الخردة، أو لتبرير طلب اعتماد جديد في الموازنة لإحلالها، كما أنه قد لا تتم عملية التخريد في نهاية العمر الإنتاجي للأصل إهمالاً ولعدم توافر بيانات لمتابعة هذه الأصول خلال فترة حيازتها بالوحدة، وفي كل الأحوال تصبح البيانات المستخرجة من سجلات المخازن عن هذه الأصول غير متفقة مع الواقع مما لا يمكن من السيطرة علي حيازتها.
4- ولماذا نذهب بعيداً، والواقع الماثل أمامنا يؤكد فشل الأسلوب المخزني في توفير البيانات عن الأصول الثابتة، ففي المملكة العربية السعودية صدرت تعليمات من وزارة المالية( )للمؤسسات العامة المستقلة، والمفروض أنها تعد قائمة للمركز المالي، بحصر الأصول الثابتة وإعداد بيان تفصيلي إيضاحي إحصائي بها وإظهارها في قائمة المركز المالي للمؤسسة، ولما كانت وزارة المالية تعلم أنه لا يمكن استخراج هذه البيانات من سجلات المخازن – رغم وجودها – فقد تناولت هذه التعليمات كيفية إعداد البيان بالنسبة للأصول القائمة، عن طريق تشكيل لجان جرد لحصر الأصول وتدعيم ملكيتها بالمستندات اللازمة، أما بالنسبة للأصول التي تشتري فأشارت التعليمات إلى إتباع الأسلوب المحاسبي بإعداد قيد نظامي لتسجيلها في الدفاتر المحاسبية، وبالرغم من صدور هذه التعليمات منذ مدة فلم يتم تنفيذها لصعوبة إجراءات جرد وتقييم الأصول القائمة، ولو كان الأسلوب المخزني كفئاً في توفير هذه البيانات لسهل الأمر ولم تطلب التعليمات إجراء الجرد والتسجيل بقيد نظامي.
أما في مصر فمنذ عام 1970 وبناء علي ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات أصدرت وزارة المالية عدة كتب دورية أرقام 43 لسنة 1970 تطلب من الجهات الحكومية إعداد بيان بقيمة إجمالي موجودات المخازن، وغيرها من الأصول غير المخزنة كالأراضي والمباني والمرافق، وإخطار الوحدات الحسابية عند تخريد الأصول، إلا أن تلك التعليمات لم تسفر عن تحقيق المطلوب ( ) ورغم اتجاه النظام المحاسبي الحكومي المصري إلى الأسلوب المحاسبي منذ عام 1973 فمازالت مشكلة حصر الأصول القائمة قبل تطبيق هذا الأسلوب قائمة لا تتوافر بيانات عنها حتى الآن، أن الزمن حل جزءاً من المشكلة لانقضاء العمر الإنتاجي لكثير من هذه الأصول خلال العشرين سنة التي مضت على إصدار تلك التعليمات ولو كان الأسلوب المخزني قادراً علي توفير هذه البيانات لما كانت هناك مشكلة.
5- إن إتباع الأسلوب المحاسبي في تسجيل الأصول الثابتة لا يلغي الأسلوب المخزني وليس بديلاً عنه، بل يمكن أن يرتبطان معاً بتحقيق رقابة مزدوجة علي حيازة هذه الأصول من خلال المطابقة المستمرة بين بيانات سجلات المخازن والسجلات المحاسبية والجرد الفعلي لهذه الأصول بما يؤدي إلى زيادة إحكام السيطرة عليها وحمياتها.
(جـ) عدم الحاجة إلى المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة:
ذلك أنه إذا كان الغرض من المحاسبة علي الاستخدام هو احتساب الإهلاك كأحد عناصر تكاليف النشاط، فإن تحديد هذه التكاليف غير مطلوب في النظام المحاسبي الحكومي للأتي ( ) :
1- إن تحديد التكاليف يلزم لإمكان تحديد الأرباح والخسائر التي تأتي بمقابلة الإيرادات بالتكاليف والفرق يمثل ربح أو خسارة النشاط وذلك غير مطلوب في المحاسبة الحكومية لأن الحكومة لا تهدف من وراء القيام بأنشطتها الخدمية إلى تحقيق الأرباح فضلاً علي أنه لا توجد علاقة سببية بين الإيرادات العامة والمصروفات العامة تقتضي المقابلة بينهما وإظهار الفرق في صورة ربح أو خسارة .
2- إن تحديد التكاليف يلزم لتسعير المنتجات بغرض بيعها، وذلك أمر غير مطلوب في الوحدات الحكومية لأنها تقدم خدماتها للمواطنين مجاناً أو بسعر رمزي في صورة رسوم لا يرتبط تحديدها بتكاليف إنتاج تلك الخدمات.
3- إن تحديد الإهلاك – كتكلفة استخدام الأصول الثابتة – يلزم من وجه آخر لإمكان إظهار صافي قيمة الأصول الثابتة ي الميزانية العمومية، وذلك غير مطلوب في الوحدات الحكومية لأنه لا تتم من الأصل التفرقة ين المصروفات الايرادية والرأسمالية والتي تعالج كل منها محاسبياً بطريقة مختلفة بإظهار الأولي في حساب النتيجة والثانية في الميزانية العمومية، بل تقفل كلها – بالنسبة للنظام المحاسبي الحكومي – بحساب النتيجة (الحساب الختامي للدولة) وبالتالي لا توجد أرصدة للمصروفات الرأسمالية في صورة أصول ثابتة يلزم إعداد ميزانية عمومية لإظهارها بها.
ورداً علي ذلك نقول أنه إذا كانت الوحدات الحكومية لا تهدف من وراء القيام بأنشطتها إلى تحقيق الأرباح – وهو ما نوافق علية. فإن المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة تلزم لأغراض أخرى ذات أهمية كبري منها :
1- تحديد أسعار البيع لبعض الخدمات العامة التي تقبل التجزئة كما سبق القول، وفي وحدات المرافق العامة.
2- لإمكان توفير البيانات اللازمة للمحاسبة القومية عن القطاع الحكومي كما سبق القول.
3- لإمكان الرقابة علي استخدام الأصول الثابتة، والرقابة علي الأداء بصفة عامة.
4- إن المحاسبة علي الإهلاك تفيد في تخطيط سياسة إحلال الأصول الثابتة عند نهاية عمرها الإنتاجي بدلاً من تركها لعوامل التقدير والحكومي الشخصي ( ).
(د) صعوبة المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة:
فإذا كانت هناك أغراض مطلوبة من تحديد التكاليف في النشاط الحكومي ومنها تكلفة استخدام الأصول الثابتة (الإهلاك)، فإن هناك بعض الصعوبات التي لا تمكن من تحديد هذه التكاليف من أهمها:
1- صعوبة تحديد وحدة التكلفة في النشاط الحكومي الخدمي.
2- كبر حجم التكاليف غير المباشرة بما يصعب معه تحديد نصيب الوحدة منها بدقة تامة.
3- زيادة معدلات التضخم الأمر الذي يجعل الإهلاك المحسوب علي أساس التكلفة التاريخية للأصول غير متجانس مع باقي عناصر التكلفة الجارية.
4- عدم إمكان ترجمة إنجازات الوحدات الحكومية إلى وحدات قياس نقدية يمكن – بمقارنتها بالتكاليف – الحكم علي كفاءة الأداء، ورداً علي ذلك نقول إن العمل علي تدليل هذه الصعوبات أمر ضروري بالمقارنة مع الفوائد التي يمكن الحصول عليها، وهو أمر ليس بالمستحيل بل هو قائم فعلاً حيث أن كثيراً من الخدمات الحكومية الآن تتم بواسطة تنظيمات مستقلة كالمرافق العامة، وبعضها يتم القيام به بواسطة القطاع الخاص كالمدارس والجامعات والمستشفيات الخاصة ( ) وفي كل هذه التنظيمات تتم المحاسبة علي التكاليف كما أن الفكر المحاسبي أفرز أساليب عديدة للقضاء علي هذه الصعوبات مثل توزيع التكاليف المشتركة والمحاسبة عن التضخم، أما صعوبة ترجمة إنجازات بعض الوحدات الحكومية في صورة نقدية فإنه يمكن إيجاد معايير مناسبة لتقييم الأداء فيها ( )مثل مقارنة التكاليف الفعلية بالتكاليف المحددة مسبقاً، أو بتكاليف أنشطة مماثلة في أقاليم أو إدارات أخري بالدولة أو بغيرها من الدول التي تتشابه معها( ).
وفي نهاية هذا المبحث يمكن القول إنه تأكدت الحاجة إلي المحاسبة علي الأصول الثابتة في جميع مراحلها، وأن الأسلوب التقليدي يشوبه كثيراً من أوجه القصور ويستند إلي مبررات يمكن التغلب عليها لأمر الذي يتطلب تطويره، ويبدأ هذا التطوير ببعض الترتيبات التي نوضحها في المبحث التالي.
المبحث الثاني
الترتيبات اللازمة لتطوير المحاسبة علي الأصول الثابتة
بعد أن تأكدت الحاجة إلى المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام، ننتقل إلى بيان كيفية تحقيق ذلك، ولو كانت أغلب النظم المحاسبية الموجودة الآن قد جرى وضعها علي إهمال ذلك طبقاً للأسلوب التقليدي، لذلك فإن الأمر يتطلب تطويرها نحو المعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة، وهذا يتطلب بداية إجراء بعض الترتيبات في المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها النظام المحاسبي الحكومي وهي كل من (الوحدة المحاسبية للموازنة العامة – الحسابات – القوائم العامة) ذلك أنه إذا أريد تطوير حسابات الحكومة لتستوعب الأصول الثابتة فلابد أن ينعكس هذا التطوير علي باقي مرتكزات النظام المحاسبي للارتباط المتكامل بينهما جميعاً، وفي هذا المبحث سنحاول تحديد أهم هذه الترتيبات في الآتي:
أولاً :الترتيبات الخاصة بالوحدة المحاسبية:
من المعروف أن الوحدة المحاسبية في النظام المحاسبي هي (الأموال الشخصية) والتي تعرف بأنها "مبلغ من النقود أو أية موارد أخرى يتم تحديدها أو احتجازها أو وقفها للقيام بنشاط معين الوصول إلي هدف محدد طبقاً لتشريعات أو تعليمات أو قيود خاصة( )وينظر لهذا المال علي أنه وحدة مالية ومحاسبية تحتوي علي مجموعة من الحسابات المتوازنة ذاتياً لتوضيح مصادر المال واستخداماته .
إذا نظرنا إلى الأموال التي تستخدم في أداء النشاط الحكومي بصفة عامة، ومدي انطباق مفهوم المال السابق كوحدة محاسبية عليها والمعالجة المحاسبية للأصول الثابتة في إطار هذه الوحدة، نجد أن هذه الأموال تنقسم إلي ثلاثة أنواع رئيسية هي ( ).
(أ) الأموال الحكومية، وتنقسم فرعياً إلى :
1- أموال مخصصة:
وتسمي بالغرض المخصصة له كأموال التحسينات وأموال النظافة وأموال خدمة الدين وأموال المشروعات الاستثمارية وأموال صيانة الطرق وأموال البحوث00 وهي ما يطلق عليها في النظام المحاسبي الحكومي المصري (الحسابات والصناديق الخاصة)
2- أموال غير مخصصة ويطلق عليها (المال العام) بمفهوم عمومية الأغراض التي يوجه المال لتحقيقها، وتشمل كل الموارد العامة ماعدا تلك التي يتم المحاسبة عنها في مال آخر.
مصدر تمويل الأموال الحكومية، بنوعيها السابقين هو الضرائب والرسوم وإيراد الممتلكات العامة أو أية موارد سيادية أخرى بالإضافة إلى القروض، ومحور المحاسبة في هذه الأموال ليس التنظيم التي تستخدم فيه وإنما هي الأموال ذاتها كوحدة محاسبية.
أما المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة التي يتم الحصول عليها من هذه الأموال وتساهم في أداء النشاط المخصصة له، فإنه نظراً لأن هذه الأموال قابلة للأنفاق بمعني أن أوجه إنفاقها محددة سلفاً عند تحديد الإيراد، فإن المحاسبة عليها تتم علي أساس سنوي بمعني إنفاق كل الموارد المحددة لفترة سنة في الأغراض المخصصة لها، وبالتالي تقفل الحسابات المعبرة عنها سواء بالنسبة للإيرادات أو المصروفات في نهاية السنة، بالحساب الختامي، لذا فإن الأصول الثابتة التي يتم الحصول عليها من هذه الأموال تعالج كنفقات تقفل أيضاً مع باقي الحسابات في نهاية السنة، علي أن تنشأ لهذه الأصول وحدة محاسبية أخرى تسمي (حسابات الأصول الثابتة العامة( )) وتنشأ لها سجلات وتع عنها تقارير خاصة، كل ذلك خارج النظام المحاسبي للوحدة المحاسبية الأساسية (المال) .
(ب) أموال الملكية: وتنقسم فرعياً إلى:
1- أموال المرافق العامة :
مثل مرافق الكهرباء والغاز والمياه والنقل والأتصالات000 وهي ما يطلق عليها في النظام المحاسبي الحكومي المصري (الهيئة العامة الاقتصادية) .
2- أموال الخدمة الداخلية :
وهي الإدارات الحكومية التي تنشأ لتقديم السلع والخدمات للوحدات الحكومية الأخرى مثل مركز إصلاح وصيانة السيارات الحكومية، والمطابع الحكومية.
وأهم خصائص هذين النوعين من الأموال (أموال الملكية) أنه يخصص لكل مرفق أو وحدة خدمة رأس مال خاصاً بها، وأنه يتم بيع الخدمات والسلع التي تنتجها بمقابل يغطي التكاليف في العادة وقد يزيد بما تحقق معه أرباحا، وبالتالي فهي تعتمد علي مواردها الذاتية كما قد تحقق خسارة ويتم تمويل العجز فيها العجز فيها من المال العام السابق إما في صورة إعانة لا ترد إذا كانت الخسارة ناتجة عن بيع منتجاتها بأسعار اجتماعية تقل عن تكلفة إنتاجها، وإما في صورة قروض ترد إذا كانت الخسارة ناتجة عن غير هذا السبب. وأموال الملكية بشقيها لا ينطبق عليها مفهوم المال السابق ذكره كوحدة مالية ومحاسبية، ولكنها في واقع الأمر تنظيمات قائمة ومستمرة ولها استقلال ومعنوية، لذا فإنه ينظر إلى التنظيم (مرفق أو وحدة خدمة) كوحدة محاسبية مثل أي تنظيم في قطاع الأعمال، وبناء عليه تعالج الأصول الثابتة فيها ضمن الحسابات الأساسية وتظهر في الميزانية العمومية لها كأحد ممتلكاتها وتتم المحاسبة علي الإهلاك كأحد عناصر التكاليف داخل إطار محاسبة التكاليف بها.
(جـ) أموال الأمانة ولوكالة:
وهي أموال الغير التي يعهد بها إلي الحكومة لإدارتها، مثل أموال الأوقاف وأموال التأمينات الاجتماعية والمعاشات، والوحدة المحاسبية فيها قد تكون (المال) إذا كان المال قابلاً للإنفاق، وقد يكون التنظيم إذا كان المال غير قابل للإنفاق كأموال الأوقاف التي تستغل لإيجاد دخل يصرف منه علي أغراض الوقف.
وبالنظر في هذا التحليل نخرج بأنه يوجد أكثر من وحدة محاسبية للمحاسبة علي الأموال التي تستخدمها الوحدات الحكومية في أداء أنشطتها وتقديم الخدمات للمواطنين، وان المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة تختلف في كل منها طبقاً لطبيعتها (المال أو التنظيم) وللوصول إلى معالجة محاسبية متكاملة للأصول الثابتة في القطاع الحكومي ككل، فإن الأمر يتطلب بعض الترتيبات نلخصها فيما يلي:
1- إن المحاسبة علي الأصول الثابتة في أموال الأمانة والوكالة لا تدخل في موضوعنا لأنها أموال غير مملوكة للحكومة ولا تؤثر علي مركزها المالي.
2- إن المحاسبة علي الأصول الثابتة في أموال الملكية لا تمثل مشكلة لأنها تتم ضمن الحسابات الأساسية وفي جميع مراحلها (الحصول الحيازة – الاستخدام) وتظهر في الميزانية العمومية) للمرفق أو وحدة الخدمة).
3- أما بالنسبة (للمال الحكومي) فللتوفيق بين طبيعة الوحدة المحاسبية فيها وهي (المال) وما يقتضيه ذلك من إقفال النفقات الرأسمالية في نهاية السنة، وبين الحاجة إلي تأمين السيطرة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة يمكن أن يتم إثباتها كنفقات ضمن حسابات المال ثم وفي نفس الوقت تسجيل قيود نظامية لمتابعة الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام طبقاً لما سنذكره تفصيلاً في المبحث القادم.
4- نظراً لأن جميع الأموال المذكورة ماعدا أموال الوكالة والأمانة – وهي في نهاية الأمر أموال عامة بمفهوم المال العام في الفكر المالي، أي مملوكة للدول فإنه يمكن النظر إلى الدولة (القطاع الحكومي) كتنظيم يمثل (وحدة محاسبية مركزية) تتفرع عنها وحدات محاسبية فرعية (المال – المرفق – وحدة الخدمة الداخلية) كما يحدث في المحاسبة القومية بالنظر إلي الاقتصاد القومي كوحدة محاسبية مركزية وقطاعات الاقتصاد القومي (الأعمال – الحكومي – العالم الخارج) كوحدات محاسبية فرعية وبذلك نعالج الأصول الثابتة لدي كل وحدة محاسبية فرعية بما يناسب طبيعتها، ثم يتم تجميع البيانات عنها وتظهر في الميزانية العمومية للدولة (القطاع الحكومي) طبقاً لما سنوضحه تفصيلاً في البحث القادم.
ثانياً:الترتيبات الخاصة بالموازنة العامة للدولة:
لقد سبق القول أن المحاسبة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة أحد المتطلبات لتطوير حسابات الحكومة حتى يمكن تطبيق الأساليب الحديثة لإعداد الموازنة العامة، وعلي الجانب الآخر فإن هذا التطور يلزم له ترتيب معين بالنسبة للموازنة حتى لو أستمر إعدادها بالطريقة التقليدية، ويتحدد هذا الترتيب في:
التفرقة بين المصروفات الجارية والمصروفات الرأسمالية، فالأولي هي التي تنفق علي احتياجات التشغيل المكررة وتتم الاستفادة بها خلال دورة تشغيل واحدة (سنة في الغالب) وتقفل في نهاية السنة بحسابات النتيجة، أما المصروفات الرأسمالية فهي ما تنفق علي احتياجات يستفاد بها في التشغيل لمدة طويلة أكثر من سنة في الغالب ومن أهمها المبالغ التي تنفق للحصول علي الأصول الثابتة، ولما كان من الضروري ربط حسابات الحكومة بالموازنة العامة، فإنه ينبغي استخدام التبويب ونفس المصطلحات في كل من الموازنة والحسابات( )، وبناء علي ذلك فإنه إذا أريد تطوير حسابات الحكومة لتظهر بها الحكومة الثابتة، فإنه يلزم فصل المصروفات الخاصة بها (الرأسمالية) في الموازنة العامة في مجموعة مستقلة وعدم الخلط بينها وبين المصروفات الجارية حتى يمكن حصرها بسهولة وتسجيلها لحساب الأصول الثابتة في نفس الوقت التي تسجل فيها كإنفاق بحسابات الموازنة، ويؤكد ذلك فيما يرد أن السبب الرئيسي في عدم التفرقة بين المصروفات الجارية والرأسمالية يعود إلى إن الوحدات الحكومية لا تمسك حسابات لأصولها وممتلكاتها ( )علي أنه تجدر الإشارة إلى أنه تتم في موازنات بعض الدول هذه التفرقة ولكن لأغراض لا تتعلق بالحاجة إلى المحاسبة علي الأصول الثابتة( ) مما يجعل هذه التفرقة إن وجدت لا تلبي هذه الحاجة، كأن تدرج بعض المصروفات الجارية مثلما كان يحدث بمصر بإدراج بند (8) بالباب الثاني في الموازنة الجارية ضمن مجموعة المستلزمات السلعية رغم أن بعض عناصره مصروفات رأسمالية ) ، وأيضاً مثلما يحدث بالسعودية بإدراج الإنفاق علي السيارات والآلات والأثاث ضمن نفقات التشغيل بالباب الثاني وقصر الباب الرابع الخاص بالإنفاق الاستثماري علي المشاريع العامة فقط (المباني والإنشاءات) ( ) .
ثالثاً :الترتيبات الخاصة بحسابات الحكومة:
لكي يمكن تطوير حسابات الحكومة بحيث تشتمل علي الأصول الثابتة، فإنه يلزم القيام ببعض الترتيبات في هذه الحسابات من أهمها:
(أ) إتباع أساس الاستحقاق في القياس المحاسبي:
من المعروف أنه يسود استخدام الأساس النقدي في أغلب النظم المحاسبية الحكومية خاصة في الدول النامية( )، والذي في ظله لا يمكن المحاسبية علي الأصول الثابتة للأتي: ( )
1- في ظل الأساس النقدي تسجل جميع النفقات عند دفعها سواء كانت جارية أو رأسمالية وعلي أساس أنها تخص الفترة التي دفعت فيها وبذلك تقفل جميع النفقات في نهاية الفترة التي دفعت فيها، وبالتالي لا يظهر للأصول الثابتة وجود بالدفاتر، إضافة أنه لا يتم احتساب إهلاك لها نظراً لأنه لا تنطوي علي عمليات دفع نقدي من جهة، ولأنه يتم اعتبار الأصل استهلك بالكامل في نفس الفترة التي دفع فيها ثمنه فيها.
2- يؤدي اتباع الأساس النقدي إلى الخلط بين المصروفات الجارية والرأسمالية وما يتبع ذلك من صعوبة المحاسبة علي الأصول الثابتة كما سبق القول.
3- عدم إمكان متابعة حسابات الأصول الثابتة، لأن الأساس النقدي يهتم بعملية الدفع النقدي فقط دون التكوين العيني.
ولذا فإنه للانتقال من الأسلوب التقليدي إلى الأسلوب المطور في المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة يلزم تغيير الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق أو الأساس المعدل علي أن يطبق الجزء الخاص بالاستحقاق فيه علي النفقات الرأسمالية.
(ب) تحديد أنواع الأصول الثابتة التي تخضع للمحاسبة:
من الضروري ونحن نسعى على المحاسبة المتكاملة علي الأصول الثابتة تحديد أي الأصول التي يمكن أن تخضع لهذه المحاسبة إلا أنه إذا كان تحديدها علي مستوى المشروع الاقتصادي أمراً سهلا لارتباطه بمعيار الحيازة والملكية، فإن التحديد علي مستوى المشروع الوحدات الحكومية تكتنفه بعض الصعوبات كما أشارت إلى ذلك حلقة العمل بالأمم المتحدة حيث جاء (بالنظر للاختلاف الكبير في طبيعة الموجودات التي تملكها الدولة ( )) ويمكن رد أسباب صعوبة هذا الاختيار للآتي:
1- تعدد أساليب تكوين الأصول الثابتة العامة: وفي هذا الصدد يمكن أن نفرق بين أصول تمثل هبات إلهية أو تراثاً حضارياً مثل الأراضي التي تتكون منها مساحة الدولة والموارد البشرية والموارد الطبيعية من بحار وأنهار وغابات واحتياطي المعادن في باطن الأرض والآثار التاريخية والتحف والوثائق، ويقابلها أصول من صنع الإنسان كالمباني والآلات والسيارات والأثاث .
2- ازدواج ملكية الأصول الثابتة العامة: بين أصول تمثل ملكية الدولة، والتي لها القدرة علي التصرف فيها كالمباني الحكومية، والأثاث والتجهيزات والسيارات 000 التي تقتنيها الوحدات الحكومية لأداء أعمالها، وبين أصول تمثيل ملكية عامة وليس للدولة التصرف فيها عن طريق البيع أو الهبة أو منح امتيازات للأفراد عليها، بل ينحصر دور الدولة في إدارة هذه الأصول بما يكفل حق انتفاع جميع المواطنين بها كالأنهار، والطرق العامة والغابات والمنتزهات العامة...، وغيرها مما لا يختص بالانتفاع بها أحد أو مجموعة من المواطنين دون الآخرين.
3- اعتبارات السرية وأعمال السيادة للدولة، وذلك بالنسبة للأصول التي تمنع اعتبارات الأمن القومي أو الوطني إظهارها في القوائم المالية كالعتاد العسكري.
لذا فإنه يلزم الاختيار لتحديد أي نوع من الأصول السابقة يخضع للمحاسبة ضمن النظام المحاسبي الحكومي للدولة، وذلك بإصدار تشريعات أو تعليمات حكومية لتحديدها، ويمكن الاسترشاد في ذلك ببعض النظم المحاسبية التي تتم المحاسبة فيها علي الأصول الثابتة مثل النظام المحاسبي الحكومي المصري، والنظام المحاسبي الحكومي الموحد للدولة العربية( ) والذي حددها في كل من الأثاث والسيارات ووسائط النقل الأخرى والأجهزة والآلات والأراضي والمباني والكتب والسجلات والأفلام السينمائية والأسلحة الحيوانات والتجهيزات، ولقد جاء هذا التحديد علي أساس الأصول التي بحيازة الوحدة ولا يدخل ضمنها الأراضي الأميرية والطرق والجسور واحتياطي الثروات الطبيعية، وهناك رأي أخر( )يري ضم الأراضي وتجهيزات الجيش ومعداته العسكرية والسبائك الذهبية.
(جـ) حصر وتقويم الأصول الثابتة القائمة:
لكي تكون الدفاتر المحاسبية شاملة لكل الأصول، فإنه يلزم البدء بتسجيل الأصول القائمة والموجودة بالفعل لدي الوحدات الحكومية، ونظراً لما سبق ذكره من أنه لا يمكن الحصول من سجلات المخازن علي البيانات عن هذه الأصول فإن الأمر يستلزم تشكيل لجان علي مستوى الدولة في كل الوحدات الحكومية لحصر هذه الأصول وجردها في الواقع، ونظراً لفشل عملية الحصر التي طالبت بها – علي سبيل المثال – كل من وزارة المالية في السعودية ومصر، فإنه يلزم أن تعطي عناية خاصة باللجان المقترحة سواء من حيث تحديد المدة وتفرغ أعضائها وإصدار تعليمات دقيقة لعملية الجرد وما يتصل بها من عملية تقويم الأصول خاصة في ظل التضخم الكبير الذي يسود اقتصاديات جميع الدول، ووجود أصناف راكدة أو انتهي عمرها الإنتاجي وما زالت تعمل، وصعوبة الحصول علي التكلفة التاريخية لبعض الأصول لطول مدة حيازتها، ويمكن حلاً لذلك تقويم الأصول بالتكلفة الاستبدالية حسب أسع
مقدمة
موضوع البحث
إن للأصول الثابتة من أراضي ومباني وآلات وسيارات وأثاث 000 أهمية كبري في الوحدات الحكومية للقيام بأنشطتها في تقديم الخدمات للمواطنين، وتظهر هذه الأهمية أيضاً في أن حجم الإنفاق الرأس المالي السنوي للحصول علي هذه الأصول في أية دولة يتزايد خاصة في مراحل التنمية والتحديث للخدمات الحكومية التي تتم في أغلب دول العالم الآن، وإذا أضفنا إلى ذلك الأصول المتراكمة من سنوات سابقة يتضح مدي كبر حجم الأموال المستثمرة في الأصول الثابتة في القطاع الحكومي، هذا ولما كانت من أهم أهداف المحاسبة – بوجه عام – ومنها فرع المحاسبة الحكومية، حماية الأصول والمحافظة عليها، لذلك فإنه يلزم تتبعها في جميع مراحلها في جميع مراحلها (الإنفاق – الحيازة – الاستخدام) بالتسجيل في الدفاتر وإظهار البيانات عنها في القوائم والتقارير المالية التي يمكن بواسطتها إجراء الرقابة علي هذه الأصول وترشيد القرارات المتعلقة بها وصولاً إلى الحماية المنشودة .
ومع هذا الصور المتفق علية في الفكر المحاسبي بالنسبة لدور المحاسبة حيال الأصول الثابتة فإن الأمر يختلف في المحاسبة الحكومية، حيث يقوم الأمر – فكراً وتطبيقاً – علي تسجيل الأصول الثابتة في مرحلة الإنفاق فقط واهتماماً بعملية الدفع النقدي لأثمانها دون التكوين العيني لها، وهذا ما سنطلق علية في البحث "الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة" والذي في ظله تصبح الدفاتر خالية من أية بيانات عن هذه الأصول خلال فترة حيازة الوحدات الحكومية لها اكتفاءً بإثباتها في سجلات المخازن، فضلاً عن عدم المحاسبة عليها بالمرة في مرحلة الاستخدام، وبالتالي لا يمكن إظهار بيانات كاملة ومفيدة عنها في القوائم والتقارير المالية الأمر الذي يمثل قصوراً كبيراً يضعف من دور المحاسبة الحكومية في حماية المال العام بكفاءة، ولا يتمشى مع التطورات الحديثة في إعداد الموازنة العامة للدولة والرقابة علي المال العام، وهذا ما دعي بعض جهات الاختصاص وعلي جميع المستويات إلى الاهتمام بهذا الموضوع:
1- فعلي المستوى الدولي: نظمت الأمم المتحدة حلقة عمل في نيويورك عام 1981م لبحث الاتجاهات الحديثة لتطوير الإدارة المالية العامة والنظام المحاسبي الحكومي، ومن ضمن الموضوعات التي تناولتها الحلقة موضوع: "المحاسبة علي الأصول الثابتة" وانتهت التوصيات إلى ضرورة المحاسبة عليها وإن كانت قد أشارت إلى أن ذلك الأمر تختلف فيه الآراء ويحتاج إلى دراسة موسعة.
2- وعلي المستوى الإقليمي: أصدرت جامعة الدول العربية "النظام المحاسبي الحكومي الموحد" للدول العربية عام 1981م وجاء فيه ضمن القواعد الأساسية للنظام المحاسبي الحكومي، ضرورة المحاسبة علي الأصول الثابتة وإظهارها في المركز المالي علي مستوى الوحدة المحاسبية بتوسيط حسابات نظامية.
ويلاحظ أنه بالرغم من مرور عقد من الزمان علي هذه الدراسات فإنها لم تسفر عن تغيير في الأسلوب التقليدي كما أشار إلى ذلك البنك الدولي للإنشاء والتعمير في تقريره عن التنمية في العام 1988م، كما سنوضحه في صلب البحث.
3- أما علي المستوى المحلي:في جمهورية مصر العربية فلقد قطع النظام المحاسبي الحكومي المصري شوطاً كبيراً نحو الأخذ بالأسلوب المتطور للمحاسبة علي الأصول الثابتة بدءاً من عام 1974م، إلا أن الوصول إلى المعالجة المتكاملة لم تتم كما سنتعرف علي ذلك في صلب البحث .
وفي ضوء هذا التحليل لمشكلة البحث وما دار حولها من دراسات يتضح أنها مازالت في حاجة إلى دراسة تعمق من الناحية النظرية الحاجة إلى المعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة، وتحدد من الناحية التطبيقية الأساليب والإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه المعالجة، وهذا هو موضوع البحث الذي نستهدف به تحقيق ما يلي:
هدف البحث: يهدف البحث بصورة عامة إلى وضع تصور للمعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة في المحاسبة الحكومية بتحديد العناصر والإجراءات والترتيبات اللازمة لذلك، ولما كان الأسلوب التقليدي يكاد يكون مستقراً فكراً وتطبيقاً، فإنه قبل الوصول إلى الهدف العام سوف نبين نواحي القصور في هذا الأسلوب وتفنيد المبررات التي يستند إليها لتتأكد الحاجة إلى تطويره، وإن كان هذا البحث يدخل في إطار "دراسات في الفكر المحاسبي الحكومي" إلا أنه لزيادة التوضيح سوف نستشهد في ثناياه ببعض التطبيقات في الدول المعاصرة خاصة في مصر، ولتحقيق هذه الأهداف فإن البحث سوف ينتظم وفق الخطة التالية:
خطة البحث: ينتظم البحث في ثلاثة مباحث هي :
المبحث الأول: الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
المبحث الثاني: الترتيبات اللازمة لتطوير المحاسبة علي الأصول الثابتة .
المبحث الثالث: الأسلوب المحاسبي المتكامل للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
المبحث الأول
الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة.
لما كان المطلوب هو تطوير الأسلوب التقليدي، لذا فإنه من المناسب أن نتعرف عليه لنحدد نواحي القصور فيه، ونفند المبررات التي يستند إليها، وبناء علي ذلك تتأكد الحاجة إلي تطويره، وهذا ما سنتناوله في الفقرات التالية:
أولاً : مضمون الأسلوب التقليدي: تمر الأصول الثابتة كعمليات مالية بالمراحل التالية:
- مرحلة الحصول عليها: ووجهها المالي يتمثل في الإنفاق علي اقتنائها في صورة مصروفات الشراء أو الإنشاء
الداخلي وتجهيزها للاستخدام.
- مرحلة الحيازة: ووجهها المالي يتمثل في كونها أحد ممتلكات الوحدة التي يجب أن تظهر بالدفاتر والقوائم المالية
خلال فترة حيازتها وحتى الاستغناء عنها.
- مرحلة الاستخدام: ووجهها المالي يتمثل في احتساب الإهلاك مقابل أحد الاستخدام كأحد عناصر التكاليف من جهة، وللوصول إلى صافي قيمة الأصل التي تظهر بها بالقوائم المالية من جهة أخري.
1- بالنسبة لمرحلة الحصول عليها :
وهذه هي المرحلة الوحيدة التي تتم فيها معالجة الأصول الثابتة طبقاً لهذا الأسلوب ومع ذلك فهي معالجة ناقصة حيث أن عملية الحصول علي الأصل الثابت تحتوي علي وجهين ماليين، أحدهما: عملية الإنفاق أو الدف النقدي لأثمانها، والثاني: عملية امتلاك الأصل، والأسلوب التقليدي يتوجه إلي الاهتمام بوجه واحد فقط هو الإنفاق أو الدفع النقدي، ويظهر ذلك في أنه إذا تم الحصول علي أصل ثابت ولم يدفع مقابله بعد، فإن العملية لا تسجل بالدفاتر إلا عند الدفع الفعلي حتى لو تم في سنة تالية لسنة الحصول علي الأصول، كما أنه إذا تم دفع المبلغ قبل الحصول علي الأصل فإن العملية تسجل كإنفاق رغم عدم وجود الأصل بعد، وفي كل الأحوال فإن الذي يسجل هو عملية الإنفاق كمصرفات دون ذكر الأصل كتكوين عيني وأحد ممتلكات الوحدة.
2- بالنسبة لمرحلة الحيازة:
إن تسجيل عملية الحصول علي الأصول الثابتة كمصروفات واهتماماً بعملية الإنفاق فقط تؤدي إلى إقفال حـ/ المصروفات في نهاية السنة المالية بحساب النتيجة (الحساب الختامي للدولة) وطبقاً لاستقلال السنوات المالية كأحد خصائص المحاسبة الحكومية فإن هذه المصروفات لا تدور لسنوات قادمة، ومعني هذا أنه لا يصبح للأصول الثابتة وجود بالدفاتر المحاسبية في صورة رصيد يمثلها، رغم وجودها في الواقع كأحد ممتلكات الوحدة واستخدامها في النشاط، ويكتفي في ظل الأسلوب التقليدي لإثبات حيازتها بالتسجيل المخزني.
3- بالنسبة لمرحلة الاستخدام:
والتي تقضي كما سبق القول باحتساب وتسجيل إهلاكات الأصول الثابتة كتعبير عن استخدامها في النشاط فإن، الأسلوب التقليدي يري أنه ليست هناك حاجة أو إمكانية للمحاسبة عليا في هذه المرحلة حيث يعتبر الأصل ومنذ الإنفاق للحصول علية كأنه أستخدم بالكامل في نفس السنة المالية التي تم الحصول علية، وتعتبر قيمته بالكامل من تكاليف هذه الفترة وبالتالي يصبح رصيده صفراً بالدفاتر بالرغم من أن الواقع يؤكد وجود الأصل طوال سنوات عمره الإنتاجي واستفادة هذه السنوات به دون أن يقابل هذه الاستفادة تكاليف ممثلة في القسط إهلاك الأصل
وهكذا نصل إلى أن مضمون الأسلوب التقليدي يقوم علي تسجيل الأصول الثابتة في مرحلة الحصول عليها واهتماما بعملية الإنفاق فقط وليس بالتكوين العيني، أما في مرحلة الحيازة فإنه يكتفي بإظهارها في السجلات المخزنية، وبالنسبة لمرحلة الاستخدام فإنه لا تتم معالجتها بالمرة، وهذا الموقف ينطوي علي أوجه قصور عديدة نوضح أهمها في الفترة الأصل:
ثانياً: نواحي القصور في الأسلوب التقليدي:
(أ) عدم إحكام السيطرة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة:
من المعروف أن الأموال العامة تستخدم بواسطة العديد من الوحدات الحكومية ذات مستويات تنظيمية متعددة ومتباعدة، كما أنها تنتشر في جميع أنحاء الدولة وعلي مستوى اتساع نطاقها الجغرافي وأن يربط بينها وبين الجهات المركزية المسئولة عن إدارة المال العام خطوط اتصال متباعدة تنظيمياً وجغرافياً، وفي ظل هذه الاعتبارات تظهر ضرورة توفير البيانات المناسبة لإمكان إدارة هذه الأموال إدارة رشيدة والسيطرة علي الممتلكات العامة، بمعني القدرة علي اتخاذ القرارات المتعلقة بها بناء علي المعلومات المتاحة عنها، ومن المعروف أن المحاسبة هي المصدر الرسمي الموثوق به للحصول علي هذه المعلومات، لذلك فإن إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة وفقاً للأسلوب التقليدي لا يمكن من توفير البيانات اللازمة لإحكام السيطرة عليها في مرحلتي الحيازة والاستخدام ويظهر ذلك بصورة واضحة في أنه يصعب في ظل التسجيل الخزني إعطاء بيان كاف بقيمة هذه الأصول، فضلا عن عدم إمكانية التعرف علي كفاءة استخدامها لعدم توافر بيانات عنها في مرحلة الاستخدام .
(ب) عدم مواكبة التطورات الحديثة في إعادة الموازنة العامة للدولة:
يشهد الفكر العالمي والمحاسبي ومنذ 1949م تطوراً في أساليب إعداد الموازنة العامة للدولة( ) للانتقال بها من الموازنة التقليدية (موازنة البنود) التي تركز علي الرقابة القانونية أو النظامية، إلى أساليب حديثة مثل موازنة البرامج والأداء التي تركز علي تقييم الأداء، وموازنة البرمجة والتخطيط التي تركز علي الرقابة علي تحقيق الأهداف، ثم الموازنة الصغيرة التي تعمل علي الخروج من رصد اعتمادات في الموازنة لم تعد لها ما يبررها والاقتصار علي ماله هدف ووظيفة فعلية.
ومن المعروف أن تطبيق هذه الأساليب الحديثة لم يحقق النجاح المطلوب، وأن سبب ذلك يعود كما يؤكد الأمين العام المساعد للأمم المتحدة إلى عدم مواكبة النظم المحاسبية الحكومية لهذه التطورات حيث يقول : "أستطيع أن أقول أن واحداً من الأسباب الرئيسية للنجاح المحدود أو الفشل الذي حققته هذه المحاولات لتنفيذ الأساليب الحديثة لإعداد الموازنة، يرجع إلى ضعف وعدم ملائمة النظم المحاسبية في جميع هذه الدول"( ) وأحد نواحي هذا الضعف أو عدم الملائمة يرجع بالضرورة إلى إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام، وذلك أنه من أهم ملامح المحاسبة الحكومية ضرورة الارتباط بين النظام المحاسبي الحكومي والموازنة العامة لأن وظائف كل منها متكاملة .
1- الاستقلال المالي والإداري لوحدات الحكومية:
وذلك بتحويل بعض الوحدات إلى مؤسسات أو هيئات عامة مستقلة كالجامعات والمستشفيات العامة وبعض المرافق العامة، وقد أخذ هذا التطور في الأتساع بين الدول ويعده البنك الدولي للإنشاء والتعمير( )أحد خمس اتجاهات للإصلاح الشامل للمالية العامة، وأثر هذا الاستقلال من الناحية المالية يظهر في جعل هذه الوحدات أكثر قدرة علي تدبير موارد ذاتية تغطي جزءاً من نفقاتها ويمول الجزء الباقي من الموازنة العامة للدولة في صورة إعانة خدمات سيادية، أما من الناحية المحاسبية فإن هذا الاستقلال يتطلب ترتيبات معينة لإمكان تحديد مقدار الإعانة السنوية لها من الموازنة العامة في ضوء احتياجات تكاليف النشاط التي يمثل إهلاك الأصول الثابتة أحد عناصرها الهامة، والنظر أيضاً إلي هذه التنظيمات كوحدات محاسبية مستقلة لها حق تملك موجداتها وإعداد مركز مالي لها تظهر به هذه الممتلكات( )ومنها بالطبع الأصول الثابتة.
2- نظرية تجزئة السلع العامة :
وهي إحدى النظريات في المالية العامة( )والتي تساعد علي زيادة الإيرادات العامة وحسن توجيه الإنفاق العام والحد من الحد المزمن من العجز المزمن في موازنات أغلب الدول، وتقوم هذه النظرية علي فكرة تقسيم السلع والخدمات العامة إلى نوعين، سلع يمكن تجزئتها وسلع لا يمكن تجزئتها، أما الأولي كخدمات التعليم والصحة فإنه يمكن للدولة أن تقدم جزءاً منها بأجر للقادرين طبقاً لما معروف بسياسة السعر التمايزي للخدمات العامة ( )((أو برسوم المستفيدين)) والجزء الآخر تقدمه مجاناً للفقراء علي أن يستخدم عائد هذه الرسوم علي زيادة وتحسين الخدمة في الوحدات التي يتم تحصيلها بما يوفر الاعتمادات لتوسيع الخدمات الحكومية وتحسينها في الوحدات الأخرى، وقد تم تطبيق هذا الأسلوب في مصر في بعض المجالات ففي مجال الصحة هناك ما يسمى بالعلاج الاقتصادي في المستشفيات العامة، وفي مجال التعليم أنشئت مدارس حكومية بمصروفات قد أعتبر البنك الدولي للإنشاء والتعمير ( )ذلك من ركائز إصلاح المالية العامة تحت مسمي (الاعتماد بصورة متزايدة علي رسوم المستفيدين) ويري أنه وإن كانت رسوم المستفيدين قضية استقرت تماماً بالنسبة للمرافق العامة كالغاز والماء والكهرباء والتليفونات فإنه يمكن زيادتها بطريقة انتقائية في مسائل التعليم والصحة وحتى في مجال الري وصيانة الطرق.
ونقطة التقاء هذا الأسلوب بموضوعنا تتصل بعملية تحديد أسعار الخدمات العامة التي يتقرر تقديمها بمقابل حيث يتردد هذا السعر في الفكر المالي بين أن يكون مساوياً للتكلفة أو أقل منعا أو أعلي منها، ففي كل الأحوال يعتبر تحديد تكلفة هذه الخدمات عاملاً هاماً في تطبيق الأسلوب، وبما أن جزءاً لا يستهان به من هذه التكاليف هو مقابل استخدام الأصول الثابتة (الإهلاك) وهو ما لا يمكن الوصول إليه في ظل الأسلوب التقليدي، إذا فذلك يمثل قصوراً فيه عن مواكبة التطورات في إدارة المال العام.
(هـ)عدم إمكانية توفير البيانات اللازمة للمحاسبة القومية:
بعد الحرب العالمية الأولي وما تلاها في الكساد الاقتصاد العظيم (1930) تأكدت ضرورة تدخل الدول في إدارة الاقتصاد القومي بالتخطيط والتوجيه والرقابة، وكان لابد لتنفيذ هذا التدخل من توفير بيانات كافية عن قطاعات الاقتصاد القومي، ومن هنا نشأت واكتملت المحاسبة القومية ( ) والتي ازدادت الحاجة إليها بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت تطبيق في دول العالم وقامت الأمم المتحدة بإصدار (نظام المحاسبة القومية) لمساعدة الدول في تطبيقها، ومن المعروف أن بيانات المحاسبة القومية هي بيانات تجميعية من الإحصاءات العامة ومن مخرجات النظم المحاسبية في الوحدات التنظيمية لقطاعات الاقتصاد القومي والذي يمثل القطاع الحكومي أحدهما حيث يعد عنه علي المستوى القطاعي حـ / الإنتاج لمنتجي الخدمات الحكومية و حـ/التكوين الرأسمالي وفي كل منهما يظهر إهلاك الأصول الثابتة كأحد عناصر تكلفة الإنتاج في الحساب الأول وأحد مصادر التمويل في الحساب الثاني والذي يظهر به أيضاً الإضافات للأصول الثابتة كأحد عناصر التكوين الرأس مالي، كما أنه علي المستوى القومي تعد الميزانية العمومية القومية مشتملة علي الأصول والخصوم في كل قطاعات الاقتصاد القومي( )، وفي ظل الأسلوب التقليدي لا يمكن توفير هذه البيانات عن القطاع الحكومي بما يمثل قصوراً في النظام المحاسبي الحكومي.
وهكذا نصل إلى أنه توجد نواحي قصور عديدة في الأسلوب التقليدي للمحاسبة علي الأصول الثابتة، وأن هذا القصور يضعف من دور المحاسبة الحكومية عن مجاراة التطورات الحديثة في إدارة المال العام وهو ما يؤكده إجمالا وكتقرير لواقع الحال، البنك الدولي للإنشاء والتعمير حيث جاء في تقريره عن التنمية في العالم 1988 وما نصه ( ) (حتى يتأتي لسياسات المالية العامة أن تكون سياسات فعالة لابد من أن تستند إلى إحصاءات دقيقة وشاملة للعمليات المالية) ثم يؤكد أن ذلك غير ممكن في الوقت الحاضر لأنه (ما زال تحليل المالية العامة معرقلاً بسبب المتقيدات الخطيرة المتعلقة بالبيانات) وأخذ هذه المعوقات يحددها التقرير نصاً في عدم المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام فوردبة (كما أن الإحصاءات المالية الحكومية لا تسجل الأوضاع الخاصة بالأصول والخصوم المتعلقة بالحكومة ولا تسجل استهلاك الأصول الثابتة المملوكة للحكومة ويتم تسجيل الحسابات علي أساس نقدي لا علي أساس الاستحقاقات) .
وفي ذلك ما يدل علي ما سبق ذكره في مقدمة البحث من أن مشكلة المحاسبة علي الأصول الثابتة وحتى نهاية العقد من القرن العشرين لم تحل بعد مما يؤكد ضرورة القيام بمثل هذا البحث لتطوير الأسلوب التقليدي، غير أنه من اللافت للنظر وبرغم وضوح نواحي القصور في الأسلوب التقليدي عن حل هذه المشكلة إلا أن البعض يري ضرورة التمسك به لمبررات يعتقد أنها أولى الاعتبارات من تلاقي أوجه القصور، فما هي هذه المبررات؟ وما مدى جديتها؟
هذا ما سنجيب علية في الفقرة التالية.
ثالثاً : مبررات الأسلوب التقليدي: ( )
يستند الأسلوب التقليدي في إهمال المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام إلى إعادة مبررات تدور كلها حول عدم الحاجة ألي، أو إمكانية هذه المحاسبة، وسوف نتناول فيما يلي أهم هذه المبررات بتحليل مضمونها وتفنيدها فيما يلي:
(أ) التعارض بين المحاسبة علي الأصول الثابتة وبين الهدف الأساسي للمحاسبة الحكومية:
يقوم المبرر علي أن الهدف الأساسي للمحاسبة الحكومية هو بيان نتائج تنفيذ الموازنة من خلال التحقق من أن الاعتمادات الواردة بها قد أنفقت في الأغراض التي رصدت من أجلها وأن الإيرادات المقدرة قد حصلت وتم توريدها لحساب الخزانة العامة، كل ذلك وفقاً للنظم والتشريعات السائدة، ثم إظهار نتيجة ذلك في الحساب الختامي للدولة الذي يتم فيه حصر الإيرادات والمصروفات الفعلية ومقارنتها بالأرقام التقديرية المماثلة لها والواردة بالموازنة العامة لتحديد الفروق بينهما من وفر أو عجز وبيان أسباب ذلك ( ) وطبقاً لضرورة ارتباط النظام المحاسبي الحكومي بحسابات الموازنة، وبناء علي مبدأ السنوية كأحد مبادئ الموازنة العامة، فإنه يجب أن تقفل جميع حسابات الموازنة في نهاية السنة بالحساب الختامي للدولة ولا يدور منها شيء للسنوات القادمة لا فرق في ذلك بين المصروفات الجارية والمصروفات الرأسمالية، لأن أية محاولة لاستبعاد النفقات الرأسمالية من الحساب الختامي ورسملتها في صورة أصول ثابتة يؤدي إلي أن ما يظهر بالحساب الختامي سيكون غير معبر عن نتائج تنفيذ الموازنة.
وللرد علي ذلك نري أن التمسك بقصر هدف المحاسبة الحكومية علي إظهار نتائج تنفيذ الموازنة فقط يقلل من دورها في إدارة المال العام كما أكدت ذلك حلقة العمل بالأمم المتحدة حيث جاء (إن حسابات الموازنة لوحدها لم تعد تستطيع أن توفر البيانات المطلوبة لأغراض رسم السياسات وخدمة الإدارة والرقابة المتطورة) ( )وبالتالي فإن الأمر يتطلب توسيع دور المحاسبة الحكومية وفق ما حدده دليل المحاسبة الحكومية الصادر عن الأمم المتحدة في أنه (يجب علي النظم المحاسبية أن تكون قادرة علي تلبية الحاجة إلي المعلومات الأساسية اللازمة للتخطيط وإعداد البرامج ومراجعة وتقييم الأداء عينياً ومالياً ( ) ) وقد سبقت الإشارة إلى أن تحقيق ذلك يتطلب المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام خاصة وأن الأمر بجانب توفيره للبيانات اللازمة للسيطرة علي هذه الأصول، فإنه لا يحتاج إلى جهود أو تكلفة إضافية لتنفيذه، فضلاً علي أن هذه المحاسبة علي الأصول الثابتة لا تتعارض أو تخل بالالتزام الأساسي للمحاسبة الحكومية في متابعة حسابات الموازنة وبيان نتائج تنفيذها، وهذا ما أكده النظام المحاسبي الحكومي الموحد للدولة العربية حيث جاء فيه (إن النفقات الرأسمالية كجزء من حسابات الموازنة تعتبر إحدى المجموعات المكونة لحسابات قياس النتيجة، إلا أنه لا مانع من أن تظهر في المركز المالي علي مستوى الوحدة المحاسبية كموجودات – أصول ثابتة بقيمتها الشرائية أو المعدلة بتوسيط حسابات نظامية ( ) ).
(ب) الاكتفاء بالأسلوب المخزني لسيطرة علي حيازة الأصول الثابتة :
لقد سبق القول أن السيطرة علي الأصول الثابتة تعني القدرة علي اتخاذ القرارات المتعلقة بها في ضوء المعلومات المتاحة عنها، ويرى أنصار الأسلوب التقليدي أن ذلك أمر ممكن في ظل الأسلوب المخزني الذي يحتوي علي بيانات عن الأصول الثابتة كإحدى موجودات المخازن أو العهد طرف الموظفين بالوحدة الحكومية، وبما أن المطلوب لتحقيق هذه السيطرة هو توفير البيانات عن الأصول الثابتة فلا يهم نوع الوسيلة التي يتم بها توفيرها سواء كانت السجلات المحاسبية أو السجلات المخزنية خاصة وأن الأخيرة يعتمد عليها منذ زمن طويل في جميع بلاد العالم ومستقرة في التطبيق وفق لوائح منظمة.
ورداً علي ذلك نقول إن الأسلوب المخزني رغم شيوعه واستقراره في التطبيق، غير كاف وحده لتوفير البيانات المطلوبة للآتي:
1- أنه لا يشتمل علي جميع الأصول الثابتة، حيث يقتصر التسجيل المخزني علي الأصول التي تخضع لإجراءات الإدخال والإخراج والمخزني والحيازة الفعلية كعهدة طرف أحد الموظفين، وذلك ينطبق علي الأصول المنقولة فقط، أما العقارات من أراضي ومباني ومرافقتها فل تسجل في دفاتر المخازن وبالتالي لا تتوافر بيانات عنها.
2- إن التسجيل المخزني يهتم أساساً بالتسجيل العيني أو المادي للأصول دون التسجيل القيمى الذي تتوافر معه قيمة الأصل في كل وقت وليس قيمة الشراء، فقط دون تعديلها بما يطرأ عليها من إهلاكات، وبالتالي فإن هذه الأسلوب لا يوفر إلا البيانات التي تحقق الرقابة المادية علي الأصول دون الرقابة الاقتصادية التي يمكن بواسطتها التأكد من كفاءة استخدامها وفقاً للحياة الإنتاجية المتوقعة من كل أصل .( )
3- إن عملية تخريد الأصول بمعني انتهاء عمرها الإنتاجي لا تتم وفقاً لما هو متعارف علية في الفكر المحاسبي نتيجة متابعة الأصول وإظهار قيمتها المتناقصة بالإهلاك حتى قيمة الخردة بل يتم ذلك وفق قرار إداري قد يصدر بسوء نية – قبل انتهاء عمرها الإنتاجي بغرض حصول بعض موظفي الوحدة عليها بالشراء بقيمة الخردة، أو لتبرير طلب اعتماد جديد في الموازنة لإحلالها، كما أنه قد لا تتم عملية التخريد في نهاية العمر الإنتاجي للأصل إهمالاً ولعدم توافر بيانات لمتابعة هذه الأصول خلال فترة حيازتها بالوحدة، وفي كل الأحوال تصبح البيانات المستخرجة من سجلات المخازن عن هذه الأصول غير متفقة مع الواقع مما لا يمكن من السيطرة علي حيازتها.
4- ولماذا نذهب بعيداً، والواقع الماثل أمامنا يؤكد فشل الأسلوب المخزني في توفير البيانات عن الأصول الثابتة، ففي المملكة العربية السعودية صدرت تعليمات من وزارة المالية( )للمؤسسات العامة المستقلة، والمفروض أنها تعد قائمة للمركز المالي، بحصر الأصول الثابتة وإعداد بيان تفصيلي إيضاحي إحصائي بها وإظهارها في قائمة المركز المالي للمؤسسة، ولما كانت وزارة المالية تعلم أنه لا يمكن استخراج هذه البيانات من سجلات المخازن – رغم وجودها – فقد تناولت هذه التعليمات كيفية إعداد البيان بالنسبة للأصول القائمة، عن طريق تشكيل لجان جرد لحصر الأصول وتدعيم ملكيتها بالمستندات اللازمة، أما بالنسبة للأصول التي تشتري فأشارت التعليمات إلى إتباع الأسلوب المحاسبي بإعداد قيد نظامي لتسجيلها في الدفاتر المحاسبية، وبالرغم من صدور هذه التعليمات منذ مدة فلم يتم تنفيذها لصعوبة إجراءات جرد وتقييم الأصول القائمة، ولو كان الأسلوب المخزني كفئاً في توفير هذه البيانات لسهل الأمر ولم تطلب التعليمات إجراء الجرد والتسجيل بقيد نظامي.
أما في مصر فمنذ عام 1970 وبناء علي ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات أصدرت وزارة المالية عدة كتب دورية أرقام 43 لسنة 1970 تطلب من الجهات الحكومية إعداد بيان بقيمة إجمالي موجودات المخازن، وغيرها من الأصول غير المخزنة كالأراضي والمباني والمرافق، وإخطار الوحدات الحسابية عند تخريد الأصول، إلا أن تلك التعليمات لم تسفر عن تحقيق المطلوب ( ) ورغم اتجاه النظام المحاسبي الحكومي المصري إلى الأسلوب المحاسبي منذ عام 1973 فمازالت مشكلة حصر الأصول القائمة قبل تطبيق هذا الأسلوب قائمة لا تتوافر بيانات عنها حتى الآن، أن الزمن حل جزءاً من المشكلة لانقضاء العمر الإنتاجي لكثير من هذه الأصول خلال العشرين سنة التي مضت على إصدار تلك التعليمات ولو كان الأسلوب المخزني قادراً علي توفير هذه البيانات لما كانت هناك مشكلة.
5- إن إتباع الأسلوب المحاسبي في تسجيل الأصول الثابتة لا يلغي الأسلوب المخزني وليس بديلاً عنه، بل يمكن أن يرتبطان معاً بتحقيق رقابة مزدوجة علي حيازة هذه الأصول من خلال المطابقة المستمرة بين بيانات سجلات المخازن والسجلات المحاسبية والجرد الفعلي لهذه الأصول بما يؤدي إلى زيادة إحكام السيطرة عليها وحمياتها.
(جـ) عدم الحاجة إلى المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة:
ذلك أنه إذا كان الغرض من المحاسبة علي الاستخدام هو احتساب الإهلاك كأحد عناصر تكاليف النشاط، فإن تحديد هذه التكاليف غير مطلوب في النظام المحاسبي الحكومي للأتي ( ) :
1- إن تحديد التكاليف يلزم لإمكان تحديد الأرباح والخسائر التي تأتي بمقابلة الإيرادات بالتكاليف والفرق يمثل ربح أو خسارة النشاط وذلك غير مطلوب في المحاسبة الحكومية لأن الحكومة لا تهدف من وراء القيام بأنشطتها الخدمية إلى تحقيق الأرباح فضلاً علي أنه لا توجد علاقة سببية بين الإيرادات العامة والمصروفات العامة تقتضي المقابلة بينهما وإظهار الفرق في صورة ربح أو خسارة .
2- إن تحديد التكاليف يلزم لتسعير المنتجات بغرض بيعها، وذلك أمر غير مطلوب في الوحدات الحكومية لأنها تقدم خدماتها للمواطنين مجاناً أو بسعر رمزي في صورة رسوم لا يرتبط تحديدها بتكاليف إنتاج تلك الخدمات.
3- إن تحديد الإهلاك – كتكلفة استخدام الأصول الثابتة – يلزم من وجه آخر لإمكان إظهار صافي قيمة الأصول الثابتة ي الميزانية العمومية، وذلك غير مطلوب في الوحدات الحكومية لأنه لا تتم من الأصل التفرقة ين المصروفات الايرادية والرأسمالية والتي تعالج كل منها محاسبياً بطريقة مختلفة بإظهار الأولي في حساب النتيجة والثانية في الميزانية العمومية، بل تقفل كلها – بالنسبة للنظام المحاسبي الحكومي – بحساب النتيجة (الحساب الختامي للدولة) وبالتالي لا توجد أرصدة للمصروفات الرأسمالية في صورة أصول ثابتة يلزم إعداد ميزانية عمومية لإظهارها بها.
ورداً علي ذلك نقول أنه إذا كانت الوحدات الحكومية لا تهدف من وراء القيام بأنشطتها إلى تحقيق الأرباح – وهو ما نوافق علية. فإن المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة تلزم لأغراض أخرى ذات أهمية كبري منها :
1- تحديد أسعار البيع لبعض الخدمات العامة التي تقبل التجزئة كما سبق القول، وفي وحدات المرافق العامة.
2- لإمكان توفير البيانات اللازمة للمحاسبة القومية عن القطاع الحكومي كما سبق القول.
3- لإمكان الرقابة علي استخدام الأصول الثابتة، والرقابة علي الأداء بصفة عامة.
4- إن المحاسبة علي الإهلاك تفيد في تخطيط سياسة إحلال الأصول الثابتة عند نهاية عمرها الإنتاجي بدلاً من تركها لعوامل التقدير والحكومي الشخصي ( ).
(د) صعوبة المحاسبة علي استخدام الأصول الثابتة:
فإذا كانت هناك أغراض مطلوبة من تحديد التكاليف في النشاط الحكومي ومنها تكلفة استخدام الأصول الثابتة (الإهلاك)، فإن هناك بعض الصعوبات التي لا تمكن من تحديد هذه التكاليف من أهمها:
1- صعوبة تحديد وحدة التكلفة في النشاط الحكومي الخدمي.
2- كبر حجم التكاليف غير المباشرة بما يصعب معه تحديد نصيب الوحدة منها بدقة تامة.
3- زيادة معدلات التضخم الأمر الذي يجعل الإهلاك المحسوب علي أساس التكلفة التاريخية للأصول غير متجانس مع باقي عناصر التكلفة الجارية.
4- عدم إمكان ترجمة إنجازات الوحدات الحكومية إلى وحدات قياس نقدية يمكن – بمقارنتها بالتكاليف – الحكم علي كفاءة الأداء، ورداً علي ذلك نقول إن العمل علي تدليل هذه الصعوبات أمر ضروري بالمقارنة مع الفوائد التي يمكن الحصول عليها، وهو أمر ليس بالمستحيل بل هو قائم فعلاً حيث أن كثيراً من الخدمات الحكومية الآن تتم بواسطة تنظيمات مستقلة كالمرافق العامة، وبعضها يتم القيام به بواسطة القطاع الخاص كالمدارس والجامعات والمستشفيات الخاصة ( ) وفي كل هذه التنظيمات تتم المحاسبة علي التكاليف كما أن الفكر المحاسبي أفرز أساليب عديدة للقضاء علي هذه الصعوبات مثل توزيع التكاليف المشتركة والمحاسبة عن التضخم، أما صعوبة ترجمة إنجازات بعض الوحدات الحكومية في صورة نقدية فإنه يمكن إيجاد معايير مناسبة لتقييم الأداء فيها ( )مثل مقارنة التكاليف الفعلية بالتكاليف المحددة مسبقاً، أو بتكاليف أنشطة مماثلة في أقاليم أو إدارات أخري بالدولة أو بغيرها من الدول التي تتشابه معها( ).
وفي نهاية هذا المبحث يمكن القول إنه تأكدت الحاجة إلي المحاسبة علي الأصول الثابتة في جميع مراحلها، وأن الأسلوب التقليدي يشوبه كثيراً من أوجه القصور ويستند إلي مبررات يمكن التغلب عليها لأمر الذي يتطلب تطويره، ويبدأ هذا التطوير ببعض الترتيبات التي نوضحها في المبحث التالي.
المبحث الثاني
الترتيبات اللازمة لتطوير المحاسبة علي الأصول الثابتة
بعد أن تأكدت الحاجة إلى المحاسبة علي الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام، ننتقل إلى بيان كيفية تحقيق ذلك، ولو كانت أغلب النظم المحاسبية الموجودة الآن قد جرى وضعها علي إهمال ذلك طبقاً للأسلوب التقليدي، لذلك فإن الأمر يتطلب تطويرها نحو المعالجة المحاسبية المتكاملة للأصول الثابتة، وهذا يتطلب بداية إجراء بعض الترتيبات في المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها النظام المحاسبي الحكومي وهي كل من (الوحدة المحاسبية للموازنة العامة – الحسابات – القوائم العامة) ذلك أنه إذا أريد تطوير حسابات الحكومة لتستوعب الأصول الثابتة فلابد أن ينعكس هذا التطوير علي باقي مرتكزات النظام المحاسبي للارتباط المتكامل بينهما جميعاً، وفي هذا المبحث سنحاول تحديد أهم هذه الترتيبات في الآتي:
أولاً :الترتيبات الخاصة بالوحدة المحاسبية:
من المعروف أن الوحدة المحاسبية في النظام المحاسبي هي (الأموال الشخصية) والتي تعرف بأنها "مبلغ من النقود أو أية موارد أخرى يتم تحديدها أو احتجازها أو وقفها للقيام بنشاط معين الوصول إلي هدف محدد طبقاً لتشريعات أو تعليمات أو قيود خاصة( )وينظر لهذا المال علي أنه وحدة مالية ومحاسبية تحتوي علي مجموعة من الحسابات المتوازنة ذاتياً لتوضيح مصادر المال واستخداماته .
إذا نظرنا إلى الأموال التي تستخدم في أداء النشاط الحكومي بصفة عامة، ومدي انطباق مفهوم المال السابق كوحدة محاسبية عليها والمعالجة المحاسبية للأصول الثابتة في إطار هذه الوحدة، نجد أن هذه الأموال تنقسم إلي ثلاثة أنواع رئيسية هي ( ).
(أ) الأموال الحكومية، وتنقسم فرعياً إلى :
1- أموال مخصصة:
وتسمي بالغرض المخصصة له كأموال التحسينات وأموال النظافة وأموال خدمة الدين وأموال المشروعات الاستثمارية وأموال صيانة الطرق وأموال البحوث00 وهي ما يطلق عليها في النظام المحاسبي الحكومي المصري (الحسابات والصناديق الخاصة)
2- أموال غير مخصصة ويطلق عليها (المال العام) بمفهوم عمومية الأغراض التي يوجه المال لتحقيقها، وتشمل كل الموارد العامة ماعدا تلك التي يتم المحاسبة عنها في مال آخر.
مصدر تمويل الأموال الحكومية، بنوعيها السابقين هو الضرائب والرسوم وإيراد الممتلكات العامة أو أية موارد سيادية أخرى بالإضافة إلى القروض، ومحور المحاسبة في هذه الأموال ليس التنظيم التي تستخدم فيه وإنما هي الأموال ذاتها كوحدة محاسبية.
أما المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة التي يتم الحصول عليها من هذه الأموال وتساهم في أداء النشاط المخصصة له، فإنه نظراً لأن هذه الأموال قابلة للأنفاق بمعني أن أوجه إنفاقها محددة سلفاً عند تحديد الإيراد، فإن المحاسبة عليها تتم علي أساس سنوي بمعني إنفاق كل الموارد المحددة لفترة سنة في الأغراض المخصصة لها، وبالتالي تقفل الحسابات المعبرة عنها سواء بالنسبة للإيرادات أو المصروفات في نهاية السنة، بالحساب الختامي، لذا فإن الأصول الثابتة التي يتم الحصول عليها من هذه الأموال تعالج كنفقات تقفل أيضاً مع باقي الحسابات في نهاية السنة، علي أن تنشأ لهذه الأصول وحدة محاسبية أخرى تسمي (حسابات الأصول الثابتة العامة( )) وتنشأ لها سجلات وتع عنها تقارير خاصة، كل ذلك خارج النظام المحاسبي للوحدة المحاسبية الأساسية (المال) .
(ب) أموال الملكية: وتنقسم فرعياً إلى:
1- أموال المرافق العامة :
مثل مرافق الكهرباء والغاز والمياه والنقل والأتصالات000 وهي ما يطلق عليها في النظام المحاسبي الحكومي المصري (الهيئة العامة الاقتصادية) .
2- أموال الخدمة الداخلية :
وهي الإدارات الحكومية التي تنشأ لتقديم السلع والخدمات للوحدات الحكومية الأخرى مثل مركز إصلاح وصيانة السيارات الحكومية، والمطابع الحكومية.
وأهم خصائص هذين النوعين من الأموال (أموال الملكية) أنه يخصص لكل مرفق أو وحدة خدمة رأس مال خاصاً بها، وأنه يتم بيع الخدمات والسلع التي تنتجها بمقابل يغطي التكاليف في العادة وقد يزيد بما تحقق معه أرباحا، وبالتالي فهي تعتمد علي مواردها الذاتية كما قد تحقق خسارة ويتم تمويل العجز فيها العجز فيها من المال العام السابق إما في صورة إعانة لا ترد إذا كانت الخسارة ناتجة عن بيع منتجاتها بأسعار اجتماعية تقل عن تكلفة إنتاجها، وإما في صورة قروض ترد إذا كانت الخسارة ناتجة عن غير هذا السبب. وأموال الملكية بشقيها لا ينطبق عليها مفهوم المال السابق ذكره كوحدة مالية ومحاسبية، ولكنها في واقع الأمر تنظيمات قائمة ومستمرة ولها استقلال ومعنوية، لذا فإنه ينظر إلى التنظيم (مرفق أو وحدة خدمة) كوحدة محاسبية مثل أي تنظيم في قطاع الأعمال، وبناء عليه تعالج الأصول الثابتة فيها ضمن الحسابات الأساسية وتظهر في الميزانية العمومية لها كأحد ممتلكاتها وتتم المحاسبة علي الإهلاك كأحد عناصر التكاليف داخل إطار محاسبة التكاليف بها.
(جـ) أموال الأمانة ولوكالة:
وهي أموال الغير التي يعهد بها إلي الحكومة لإدارتها، مثل أموال الأوقاف وأموال التأمينات الاجتماعية والمعاشات، والوحدة المحاسبية فيها قد تكون (المال) إذا كان المال قابلاً للإنفاق، وقد يكون التنظيم إذا كان المال غير قابل للإنفاق كأموال الأوقاف التي تستغل لإيجاد دخل يصرف منه علي أغراض الوقف.
وبالنظر في هذا التحليل نخرج بأنه يوجد أكثر من وحدة محاسبية للمحاسبة علي الأموال التي تستخدمها الوحدات الحكومية في أداء أنشطتها وتقديم الخدمات للمواطنين، وان المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة تختلف في كل منها طبقاً لطبيعتها (المال أو التنظيم) وللوصول إلى معالجة محاسبية متكاملة للأصول الثابتة في القطاع الحكومي ككل، فإن الأمر يتطلب بعض الترتيبات نلخصها فيما يلي:
1- إن المحاسبة علي الأصول الثابتة في أموال الأمانة والوكالة لا تدخل في موضوعنا لأنها أموال غير مملوكة للحكومة ولا تؤثر علي مركزها المالي.
2- إن المحاسبة علي الأصول الثابتة في أموال الملكية لا تمثل مشكلة لأنها تتم ضمن الحسابات الأساسية وفي جميع مراحلها (الحصول الحيازة – الاستخدام) وتظهر في الميزانية العمومية) للمرفق أو وحدة الخدمة).
3- أما بالنسبة (للمال الحكومي) فللتوفيق بين طبيعة الوحدة المحاسبية فيها وهي (المال) وما يقتضيه ذلك من إقفال النفقات الرأسمالية في نهاية السنة، وبين الحاجة إلي تأمين السيطرة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة يمكن أن يتم إثباتها كنفقات ضمن حسابات المال ثم وفي نفس الوقت تسجيل قيود نظامية لمتابعة الأصول الثابتة في مرحلتي الحيازة والاستخدام طبقاً لما سنذكره تفصيلاً في المبحث القادم.
4- نظراً لأن جميع الأموال المذكورة ماعدا أموال الوكالة والأمانة – وهي في نهاية الأمر أموال عامة بمفهوم المال العام في الفكر المالي، أي مملوكة للدول فإنه يمكن النظر إلى الدولة (القطاع الحكومي) كتنظيم يمثل (وحدة محاسبية مركزية) تتفرع عنها وحدات محاسبية فرعية (المال – المرفق – وحدة الخدمة الداخلية) كما يحدث في المحاسبة القومية بالنظر إلي الاقتصاد القومي كوحدة محاسبية مركزية وقطاعات الاقتصاد القومي (الأعمال – الحكومي – العالم الخارج) كوحدات محاسبية فرعية وبذلك نعالج الأصول الثابتة لدي كل وحدة محاسبية فرعية بما يناسب طبيعتها، ثم يتم تجميع البيانات عنها وتظهر في الميزانية العمومية للدولة (القطاع الحكومي) طبقاً لما سنوضحه تفصيلاً في البحث القادم.
ثانياً:الترتيبات الخاصة بالموازنة العامة للدولة:
لقد سبق القول أن المحاسبة علي حيازة واستخدام الأصول الثابتة أحد المتطلبات لتطوير حسابات الحكومة حتى يمكن تطبيق الأساليب الحديثة لإعداد الموازنة العامة، وعلي الجانب الآخر فإن هذا التطور يلزم له ترتيب معين بالنسبة للموازنة حتى لو أستمر إعدادها بالطريقة التقليدية، ويتحدد هذا الترتيب في:
التفرقة بين المصروفات الجارية والمصروفات الرأسمالية، فالأولي هي التي تنفق علي احتياجات التشغيل المكررة وتتم الاستفادة بها خلال دورة تشغيل واحدة (سنة في الغالب) وتقفل في نهاية السنة بحسابات النتيجة، أما المصروفات الرأسمالية فهي ما تنفق علي احتياجات يستفاد بها في التشغيل لمدة طويلة أكثر من سنة في الغالب ومن أهمها المبالغ التي تنفق للحصول علي الأصول الثابتة، ولما كان من الضروري ربط حسابات الحكومة بالموازنة العامة، فإنه ينبغي استخدام التبويب ونفس المصطلحات في كل من الموازنة والحسابات( )، وبناء علي ذلك فإنه إذا أريد تطوير حسابات الحكومة لتظهر بها الحكومة الثابتة، فإنه يلزم فصل المصروفات الخاصة بها (الرأسمالية) في الموازنة العامة في مجموعة مستقلة وعدم الخلط بينها وبين المصروفات الجارية حتى يمكن حصرها بسهولة وتسجيلها لحساب الأصول الثابتة في نفس الوقت التي تسجل فيها كإنفاق بحسابات الموازنة، ويؤكد ذلك فيما يرد أن السبب الرئيسي في عدم التفرقة بين المصروفات الجارية والرأسمالية يعود إلى إن الوحدات الحكومية لا تمسك حسابات لأصولها وممتلكاتها ( )علي أنه تجدر الإشارة إلى أنه تتم في موازنات بعض الدول هذه التفرقة ولكن لأغراض لا تتعلق بالحاجة إلى المحاسبة علي الأصول الثابتة( ) مما يجعل هذه التفرقة إن وجدت لا تلبي هذه الحاجة، كأن تدرج بعض المصروفات الجارية مثلما كان يحدث بمصر بإدراج بند (8) بالباب الثاني في الموازنة الجارية ضمن مجموعة المستلزمات السلعية رغم أن بعض عناصره مصروفات رأسمالية ) ، وأيضاً مثلما يحدث بالسعودية بإدراج الإنفاق علي السيارات والآلات والأثاث ضمن نفقات التشغيل بالباب الثاني وقصر الباب الرابع الخاص بالإنفاق الاستثماري علي المشاريع العامة فقط (المباني والإنشاءات) ( ) .
ثالثاً :الترتيبات الخاصة بحسابات الحكومة:
لكي يمكن تطوير حسابات الحكومة بحيث تشتمل علي الأصول الثابتة، فإنه يلزم القيام ببعض الترتيبات في هذه الحسابات من أهمها:
(أ) إتباع أساس الاستحقاق في القياس المحاسبي:
من المعروف أنه يسود استخدام الأساس النقدي في أغلب النظم المحاسبية الحكومية خاصة في الدول النامية( )، والذي في ظله لا يمكن المحاسبية علي الأصول الثابتة للأتي: ( )
1- في ظل الأساس النقدي تسجل جميع النفقات عند دفعها سواء كانت جارية أو رأسمالية وعلي أساس أنها تخص الفترة التي دفعت فيها وبذلك تقفل جميع النفقات في نهاية الفترة التي دفعت فيها، وبالتالي لا يظهر للأصول الثابتة وجود بالدفاتر، إضافة أنه لا يتم احتساب إهلاك لها نظراً لأنه لا تنطوي علي عمليات دفع نقدي من جهة، ولأنه يتم اعتبار الأصل استهلك بالكامل في نفس الفترة التي دفع فيها ثمنه فيها.
2- يؤدي اتباع الأساس النقدي إلى الخلط بين المصروفات الجارية والرأسمالية وما يتبع ذلك من صعوبة المحاسبة علي الأصول الثابتة كما سبق القول.
3- عدم إمكان متابعة حسابات الأصول الثابتة، لأن الأساس النقدي يهتم بعملية الدفع النقدي فقط دون التكوين العيني.
ولذا فإنه للانتقال من الأسلوب التقليدي إلى الأسلوب المطور في المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة يلزم تغيير الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق أو الأساس المعدل علي أن يطبق الجزء الخاص بالاستحقاق فيه علي النفقات الرأسمالية.
(ب) تحديد أنواع الأصول الثابتة التي تخضع للمحاسبة:
من الضروري ونحن نسعى على المحاسبة المتكاملة علي الأصول الثابتة تحديد أي الأصول التي يمكن أن تخضع لهذه المحاسبة إلا أنه إذا كان تحديدها علي مستوى المشروع الاقتصادي أمراً سهلا لارتباطه بمعيار الحيازة والملكية، فإن التحديد علي مستوى المشروع الوحدات الحكومية تكتنفه بعض الصعوبات كما أشارت إلى ذلك حلقة العمل بالأمم المتحدة حيث جاء (بالنظر للاختلاف الكبير في طبيعة الموجودات التي تملكها الدولة ( )) ويمكن رد أسباب صعوبة هذا الاختيار للآتي:
1- تعدد أساليب تكوين الأصول الثابتة العامة: وفي هذا الصدد يمكن أن نفرق بين أصول تمثل هبات إلهية أو تراثاً حضارياً مثل الأراضي التي تتكون منها مساحة الدولة والموارد البشرية والموارد الطبيعية من بحار وأنهار وغابات واحتياطي المعادن في باطن الأرض والآثار التاريخية والتحف والوثائق، ويقابلها أصول من صنع الإنسان كالمباني والآلات والسيارات والأثاث .
2- ازدواج ملكية الأصول الثابتة العامة: بين أصول تمثل ملكية الدولة، والتي لها القدرة علي التصرف فيها كالمباني الحكومية، والأثاث والتجهيزات والسيارات 000 التي تقتنيها الوحدات الحكومية لأداء أعمالها، وبين أصول تمثيل ملكية عامة وليس للدولة التصرف فيها عن طريق البيع أو الهبة أو منح امتيازات للأفراد عليها، بل ينحصر دور الدولة في إدارة هذه الأصول بما يكفل حق انتفاع جميع المواطنين بها كالأنهار، والطرق العامة والغابات والمنتزهات العامة...، وغيرها مما لا يختص بالانتفاع بها أحد أو مجموعة من المواطنين دون الآخرين.
3- اعتبارات السرية وأعمال السيادة للدولة، وذلك بالنسبة للأصول التي تمنع اعتبارات الأمن القومي أو الوطني إظهارها في القوائم المالية كالعتاد العسكري.
لذا فإنه يلزم الاختيار لتحديد أي نوع من الأصول السابقة يخضع للمحاسبة ضمن النظام المحاسبي الحكومي للدولة، وذلك بإصدار تشريعات أو تعليمات حكومية لتحديدها، ويمكن الاسترشاد في ذلك ببعض النظم المحاسبية التي تتم المحاسبة فيها علي الأصول الثابتة مثل النظام المحاسبي الحكومي المصري، والنظام المحاسبي الحكومي الموحد للدولة العربية( ) والذي حددها في كل من الأثاث والسيارات ووسائط النقل الأخرى والأجهزة والآلات والأراضي والمباني والكتب والسجلات والأفلام السينمائية والأسلحة الحيوانات والتجهيزات، ولقد جاء هذا التحديد علي أساس الأصول التي بحيازة الوحدة ولا يدخل ضمنها الأراضي الأميرية والطرق والجسور واحتياطي الثروات الطبيعية، وهناك رأي أخر( )يري ضم الأراضي وتجهيزات الجيش ومعداته العسكرية والسبائك الذهبية.
(جـ) حصر وتقويم الأصول الثابتة القائمة:
لكي تكون الدفاتر المحاسبية شاملة لكل الأصول، فإنه يلزم البدء بتسجيل الأصول القائمة والموجودة بالفعل لدي الوحدات الحكومية، ونظراً لما سبق ذكره من أنه لا يمكن الحصول من سجلات المخازن علي البيانات عن هذه الأصول فإن الأمر يستلزم تشكيل لجان علي مستوى الدولة في كل الوحدات الحكومية لحصر هذه الأصول وجردها في الواقع، ونظراً لفشل عملية الحصر التي طالبت بها – علي سبيل المثال – كل من وزارة المالية في السعودية ومصر، فإنه يلزم أن تعطي عناية خاصة باللجان المقترحة سواء من حيث تحديد المدة وتفرغ أعضائها وإصدار تعليمات دقيقة لعملية الجرد وما يتصل بها من عملية تقويم الأصول خاصة في ظل التضخم الكبير الذي يسود اقتصاديات جميع الدول، ووجود أصناف راكدة أو انتهي عمرها الإنتاجي وما زالت تعمل، وصعوبة الحصول علي التكلفة التاريخية لبعض الأصول لطول مدة حيازتها، ويمكن حلاً لذلك تقويم الأصول بالتكلفة الاستبدالية حسب أسع
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
فتحي محمد الحمادي
رد: المعالجة المحاسبية للأصول الثابتة في المحاسبة الحكومية
الاستاذ فتحي محمد الحمادي المحترم
موضوع بحثك مميز جدا
ونشكرك على الجهود الطيبه بالموقع
كل التقدير
موضوع بحثك مميز جدا
ونشكرك على الجهود الطيبه بالموقع
كل التقدير
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
رسالتنا للزوار الكرام : سجل عضويتك اليوم لتصلك رسائلنا لأخر مواضيع الأبحاث ورسائل الماجستير و الدكتورة عبر الايميل بشكل جميل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3257
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56493
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
مواضيع مماثلة
» أثر توجه معايير المحاسبة نحو القيمة العادلة على الخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية في ظل الأزمة المالية العالمية
» قدرة معايير المحاسبة الدولية في سد الفجوة الأخلاقية بين الإدارة و المساهمين في إدارة الأرباح من وجهة نظر الفئات ذات العلاقة بالبيئة المحاسبية
» المبادىء المحاسبية المقبولة عموماً :
» ملخص لبعض المعايير المحاسبية الدولية
» المراجعة في ظل المعالجة الآلية للمعلومات
» قدرة معايير المحاسبة الدولية في سد الفجوة الأخلاقية بين الإدارة و المساهمين في إدارة الأرباح من وجهة نظر الفئات ذات العلاقة بالبيئة المحاسبية
» المبادىء المحاسبية المقبولة عموماً :
» ملخص لبعض المعايير المحاسبية الدولية
» المراجعة في ظل المعالجة الآلية للمعلومات
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث المحاسبه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى