نقول و بالله التوفيق إن في القران و السنة الوقاية و العلاج لحالات الحزن و الاكتئاب و خاصة ما كان منها لاسباب خارجية و هذا من رحمة الله بعباده إذ جعل القران شفاء و رحمة للمؤمنين
أولاً: العقيدة :
إن للعقيدة أثر كبير في الوقاية و علاج الاكتئاب و لها أثر كبير على مشاعر الإنسان و سلوكه و سنستعرض بعض جو انبها و أثر هذه الجوانب في الوقاية من الاكتئاب و علاجه .
(أ) في القضاء و القدر :
عقيدتنا تمنعنا من الحزن الشديد ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما جاء فيه ".... و أعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك" و جاء في رواية غير الترمذي " و اعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ما أصابك لم يكن ليخطأك" فعندما يعلم الإنسان أن الأمور مفروغ منها و مكتوبة لا يحزن و كيف يحزن و هو يعلم بأن هؤلاء البشر الذين حوله لا يستطيعون أن يضروه و لا ينفعوه إلا بقدر الله فلم القلق إذاً و الحزن الشديد ؟ و يقول الله سبحانه و تعالى : " { ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما أتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور } الحديد 22، 23
ونقف قليلا عند هذه الآيه مع سيد قطب رحمه الله إذ يقول( بشيء ن التصرف) " فاتساع أفق النظر و التعامل مع الوجود الكبير و تصور الأزل و الأبد و رؤية الأحداث في مواضعها المقدرة في علم الله ، الثابتة في تصميم الكون ، كل ذلك يجعل النفس أفسح و أكبر و أكثر ثباتاً و رزانة في مواجهة الأحداث العابرة " و قال " إن الإنسان يجزع و يستطار و تستخفه الأحداث حين ينفصل بذاته عن الوجود و يتعامل مع الأحداث كأنها شيء عارض يصادم وجوده الصغير ، فأما حين يستقر في تصوره و شعوره أنه هو و الأحداث التي تمر به و تمر بغيره و الأرض كلها ذرات في جسم كبير هو هذا الوجود فإنه يحس بالراحة و الطمأنينة لمواقع القدر كلها على السواء فلا يأسى على فائت أسى يضعفه و يزلزله و لا يفرح بحاصل فرحاًيستخفه و يذهله و لكن يمضي مع قدر الله في طواعيه و رضى ، رضى الدرك أن ماهو كائن هو الذي ينبغي أن يكون "فإذا قبل الأحداث على أنها من قدر الله فسيقبلها بارتياح و توازن في مشاعره و هذه هي النتيجة فعندما يتزن الإنسان في مشاعره في قبول المصائب أو الأفراح فإنه يكون مطمئناً في حياته و مستقراً بها أيضاً.
(ب) الإيمان باليوم الآخر :
إن الذي يؤمن باليوم الآخر يعلم أن هذه الدنيا لا تساوي شيئاً فهي قصيرة جداً .فعندما يفقد جزءاً صغيراً من هذه الدنيا لا يحزن الحزن الشديد و يتذكر قول الرسول " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء" رواه الترمذي .
و من أقوى الأدلة على أن الإيمان باليوم الآخر يخفف الحزن و يسلي المؤمن حادثة وفاة إبراهيم ابن الرسول و تعليفه عليها ،ففي حديث الحسن أن الرسول حزن على وفاة ابنه و قال " تدمع العين و يحزن القلب و لا نقول ما يسخط الرب ، و لولا أنه وعد صادق و موعود جامع و أن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم و جداً و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون"
رواه البيهقي بسند صحيحفإن كان إيماننا باليوم الاخر قويا صادقا فإنه سيجعلنا نتقبل الأحداث و نمتصها امتصاصا بحيث لا يكون لها تأثيرا سلبيا علينا .
(ج) الإيمان بأسماء الله و صفاته :
و الإيمان بها ليس مجردا إنما له تأثير في و اقع الإنسان ، فالمسلم الذي يؤمن بأن الله هو الملك يؤمن بأنه له سبحانه الحق في المنع و العطاء فلا يعترض عليه ، و الذي يؤمن بأن الله حكيم لا يقدر شيئا إلا لحكمه ( سواء أدركها الإنسان ذو العقل القاصر أم لم يدركها ) عندها يتقبل الأحداث و يعلم أن فيها خيرا له ، و قد تخفى الحكمه أو بعضها على الناس و قد يكتشفونها أو بعضها في و قت لاحق و من الامثلة قصة الخضر مع موسى عليه السلام و التي ذكرت في سورة الكهف ،