الرهاب الاجتماعي
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: ابحاث علم النفس الاجتماعي
الرهاب الاجتماعي
من الطبيعي أن نشعر ببعض القلق أو التوتر عندما تضطرنا ظروفنا وأعمالنا إلىأداء مهمة أو قول شيء ما أمام جمع من الناس. هذا التوتر بكمية محدودة قد يدفعنا إلىبذل أفضل طاقاتنا لإرضاء الآخرين والحصول على إعجابهم، لكن الزيادة الكبيرة فيمستوى التوتر قد تشل المصاب بهذه المشكلة، وتجعله غير قادر على أداء ما يريد أداءهأمام الآخرين أو قد يجد صعوبة كبيرة إذا حاول ذلك. مثلا قد يشعر بزيادة التعرقورجفة اليدين وزيادة في ضربات القلب وصعوبة في التنفس. الأسوأ من هذا كله هو إحساسهالعميق بأن الاخرين سيُقيِّمونه بشكل سلبي وسينتقدونه بطريقة يصعب عليهتحملها.
تعريف الرهاب الاجتماعي : Social Phobia
الرهاب عبارة عن خوف غيرطبيعي (مرضي) دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله ، وهذا الخوف لا يستند إلىأي أساس واقعي ، ولا يمكن السيطرة عليه من قبل الفرد ، رغم إدراكه أنه غير منطقي ،ومع ذلك فهو يعتريه ويتحكم في سلوكه ، هو شعور شديد بالخوف من موقف لا يثير الخوفنفسه لدى أكثر الناس ، وهذا ما يجعل الفرد يشعر بالوحدة ، والخجل من نفسه ، ويتهمذاته بالجبن وضعف الثقة بالنفس والشخصية ، فهو إذن عبارة عن اضطرابات وظيفية أو علةنفسية المنشأ لا يوجد معها اضطراب جوهري في إدراك الفرد للواقع .
مسمياتالرهاب الاجتماعي :
يطلق عليه عدة مسميات منها : الفزع ، الرهاب ، الخوف المرضي، الخُواف ، المخاوف المرضية ، الخوف الاجتماعي المرضي ، القلق الاجتماعي المرضي (الاحمد :1426هـ ,1)
انتشار الرهاب الاجتماعي :
تشير الكثير من الدراساتالى ان نسبة انتشاره تتراوح بين 7%-14% في اغلب المجتمعات، وهو اضطراب مزمن ومعطل ،ولكنه قابل للعلاج ، ويظهر عند الإناث والذكور بنسبة 2 إلى 1 ، كما يظهر عادة في سنالطفولة أو المراهقة ، وهو يترافق مع اضطرابات القلق الأخرى ومع الاكتئاب ،
فيحين تشير بعض الدراسات العربيه ، إلى أن هذا الاضطراب واسع الانتشار في مجتمعاتناالعربية ..، وتصل نسبة المصابين به ، من مرضى العيادات النفسية إلى حوالي 13 % منعموم المرضى ، المراجعين لتلك العيادات ،
أنواع الرهاب الاجتماعي :
الرهاب ليس نوعا واحدا بل هو متعدد الأنواع ، فهناك رهاب المرتفعات ، ورهابالأماكن الواسعة ، ورهاب الاختبار ، ورهاب الأماكن الضيقة ، ورهاب الشرطة ، ورهابالناس والمجتمع ، ، ورهاب المصاعد ، ورهاب الطيران ، ورهاب المدرسة أو الكلية ، ،ورهاب رؤية الدماء ، ورهاب رؤية الغرباء ، ورهاب الموت ، ورهاب الظلام ، ورهابالازدحام ، ورهاب الحيوانات ، ورهاب الحشرات والزواحف ,ورهاب العواصف والرعد ،ورهاب تحمل المسؤولية ، ورهاب العدوى والجراثيم ، ورهاب السفر ، ، ورهاب الأصوات ،ورهاب الأعماق ، ورهاب الأشياء الحادة ، ورهاب الأشباح ، ورهاب الوحدة ...الخ
مظاهر وصور الرهاب الاجتماعي :
من مظاهره الخوف المستمر الذي قد يرافقهأعراض أخرى ، كالصداع وألم الظهر واضطرابات المعدة والإحساس بالعجز ، والشعوربالقلق والتوتر ، وخفقان القلب ، والشعور بالنقص ، وتصبب العرق ، واحمرار الوجه ، ،وتوقع الشر ، وشدة الحذر والحرص ، أو التهاون والاستهتار ، والاندفاع وسوء التصرف ،والإجهاد ، والإغماء ، وزغللة النظر ، والدوار ، والارتجاف ، والتقيؤ ، والاضطرابفي الكلام ، والبوال أحيانا ، والعزلة ، والانغماس في الاهتمامات الفردية لاالجماعية ، كما أن من ظاهره التصنع بالشجاعة والوساوس والأفعال القسرية ، وأحياناالامتناع عن بعض مظاهر السلوك العادي ، وخوف الفرد من الوقوع في الخطأ أمام الآخرين، كما يزداد خوفه كلما ازداد عدد الحاضرين - وليست كثرة الناس شرطا لحدوث الرهابالاجتماعي إذ انه يحدث الرهاب للفرد عند مواجهة شخص واحد فقط – وتزداد شدة الرهاب ،كلما ازدادت أهمية ذلك الشخص ، كحواره مع رئيسه في العمل مثلا .. ، وليس بالضرورةأن تكون كل هذه المظاهر ، تصاحب كل حالة رهاب ، ولكن تتفاوت بحسب الحالة ودرجةالرهاب ، وعمر الحالة ، وطبيعة البيئة التي يعش فيها الفرد
وقد يوجد بعضالمصابين بهذا العرض ، يتشبث بصحبة شخص معين بالذات ، كأمه أو أبيه أو صديقه ،والمريض الغني الخائف من الموت يتشبث بوجود طبيب دائما إلى جواره ، ومعه العلاجالمناسب لكي يقي نفسه خطر الموت كما يتصور .
كما قد يكون الرهاب معطلاً للنشاط ،فيمتنع المصاب به عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة لعدد من الأيام ، كما أن كثيراممن يعانون من الرهاب الاجتماعي ، يقضون وقتاً صعباً في ابتداء الصداقات أوالمحافظة عليها .
ويمكن القول - بصورة عامة - أن هذا الاضطراب المزمن ، يعطلالفرد وطاقاته ، في مجال السلوك الاجتماعي ، فهو يجعله منسحباً منعزلاً خائفاً ، لايشارك الآخرين ، ولا يستطيع التعبير عن نفسه ، كما يصبح أداءه المهني أو الدراسيأقل من طاقاته وقدراته ، إضافة إلى ذلك ، فإن المعاناة الشخصية كبيرة ، والمصاب بهويتألم من خوفه وقلقه ونقصه ، وقد يصاب بالاكتئاب وأنواع من القلقوالسلوك
الإدماني .. ونحو ذلك .
أسباب الرهاب الاجتماعي :
ليس هناكسبب محدد بعينه ، ولكن وجود استعداد في الشخصية ، مع أساليب تنشئة وتربية خاطئةقائمة على التوبيخ واللوم المبالغ فيه ، قد تقود لمثل هذا العَرَض ، وقد يكونالشعور بالإثم – كما يشير بعض الباحثين – ينعكس على شكل خوف أو فزع في الأفعال أوالأعمال من بعض الأمراض ، أو خوف العواصف والرعود والحروب والزلازل ، وقد يكون بسببفعل منعكس عزز منذ الطفولة فعمم الفرد تلك الخبرة على مواقف مشابهة أو غير مشابهةلذلك الموقف السابق .
وهذا الاضطراب يظهر مبكراً ، في سن الطفولة ، أو بدايةالمراهقة ، حيث وجدت دراسات مختلفة ، أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب : مرحلة ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء ، و المرحلة الأخرىمابين سن 12-17سنة على شكل مخاوف من النقد و التقويم الاجتماعي والسخرية ، وهو مما يتصف بهالمراهق عادة .
و بالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي ، تحدث في هذه المراحلالمبكرة ، إلا أنه يعتبر أيضاً من الاضطرابات النفسية المزمنة ، والتي قد تستمرعشرات السنين إذا لم تعالج ، خاصة أن بعض المصابين بالرهاب الاجتماعي- حتى مع علمهمبهذه الحالة - قد يتأخرون في طلب المساعدة والعلاج سنين عديدة ، إما بسبب خجلهم منالحالة نفسها ، أو خوفاً من مواجهتها و الاعتراف بوجودها .
ولعل سبب كثرةانتشاره ، في مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة ، يرجع إلى أساليب التنشئة الأسريةوالتعليمية الخاطئة في مراحل الطفولة ، حيث يعمد الأب إلى طرد ابنه من المجلس (صالةالضيوف) ، بحجة أنه مازال صغيرا ، ولا ينبغي له الجلوس مع الكبار !! فهذا عيب ، كماينهره حين التحدث أمام الكبار ، فهذا من قلة الأدب ، كما أن الرجل لا يصطحب معهطفله ، في المناسبات الأسرية والاجتماعية ، لأن هذا عيب ، إذ كيف يحضر أطفاله (بزرانه) ، مع الضيوف والكبار ؟!! إنه عيب اجتماعي كبير !! ، ومنها زجر الطفل بكلامقاس وشديد وبصوت مرتفع حينما يخطئ ولو بشي تافه ، ومنها نهر الابن حينما يخطئ في صبالقهوة والشاي للضيوف ... الخ ، وما يقال عن الأب ، يقال عن الأم مع بناتهاوأطفالها ، إلا أن هذه الأساليب الخاطئة ، بدأت تختفي تدريجيا ولله الحمد ، لكنهالا تزال بصورة أو بأخرى موجودة في الأرياف .
كذلك من أسبابها ما يحصل فيالمواقف التربوية المدرسية ، حين يعمد المعلم أو المعلمة ، إلى تعنيف الطالب أوالطالبة ، حين يتطوع للإجابة ويخطئ أو تخطئ الإجابة ، بل وجعل زملائه وزميلاتهاأحيانا يسخرون منه أو منها ببعض الحركات التهكمية ، وبالتالي يحجم أو تحجم عنالمشاركة في المناقشة فيما بعد ، حيث نعاني من قلة المشاركة ، من قبل طلبة وطالباتالكلية ، ولعل هذا من الأسباب !! .
ومنها أسلوب المعاملة ، والذي يغلب عليهالتحقير والإهانة ، حين يقدم الابن أو البنت ، في المبادأة في عمل أو إنجاز ، أوطرح فكرة مشروع أو رأي ، ونحو ذلك فيقابل بهذا الأسلوب من قبل الكبار ، سواءً كانواآباء أو أمهات أو معلمين ومعلمات !! .
ومنها أساليب التحذير المبالغ فيها ،للبنين والبنات ، من أمور شتى ، ومنها استخدام الأساطير ، المشتملة على مواقف مرعبةومخيفة ، ومنها استخدام الرموز الافتراضية ، لأجل كف أو منع أو تهديد الأطفال منبعض المواقف ، مستخدمين في ذلك مثل هذه الرموز (الحرامي ، العفريت ، الجني ... الخ ) .
ومنها ظروف البيئة المنزلية ، وما يكتنفها من مشاجرات ، وخصام وسباب وشتيمة، بين أفراد الأسرة ، ويزداد الأمر سوءا ، حين يكون بين الأبوين وأمام الأطفال ،فيخرج الطفل من هذه البيئة ، وهو يشعر بتصور عن العالم من حوله، أنه ملئ بالمشكلاتوالتهديد ، فينعكس على شخصيته المتوجسة للخوف ، والتي تعيش هاجسه ، في بيئة فقدتالأمن ، وبالتالي كَثُر الهم والحزن ، ولذا نجد أن الله جل وعلا ، نفى عن عبادهالصالحين ، كلا النوعين في يوم القيامة ، في أكثر من خمسة عشر موضعا ، قال تعالى : { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة 38.
وترجع مدرسة التحليل النفسي الرهاب ، باعتباره تعبير عن حيلة دفاعية لاشعورية ، حيث يحاول المريض عن طريق هذا العَرَض ، عزل القلق الناشئ من فكرة أوموضوع أو موقف مرَّ به في حياته ، وتحويله إلى موضوع رمزي ، ليس له علاقة بالسببالأصلي ، والذي غالبا يجهله المريض ، فالرهاب إذن عبارة عن عملية دفاع ، لحمايةالمريض من رغبة لا شعورية عدوانية أو مستهجنة في الغالب .
الأساليب العلاجيةوالوقائية :
تتنوع أساليب العلاج وتعدد ، وهذا يتوقف على نوع الرهاب وطبيعتهودرجته ، فهناك العلاج السلوكي ، ويقوم هذا النوع على إطفاء الشعور بالخوف عن طريقالممارسة السلبية أو الإغراق أو الكف المشترك ، ويمكن المعالجة بالتعريض التدريجيللموقف المثير بحيث تتكون لديه ثقة في الشيء الذي يخاف منه ، وذلك بأن يُجعل المريضفي حالة تقبل واسترخاء ثم يقدم الشيء المثير تدريجيا مع الإيحاء والتعزيز ، ومعالمثابرة والتكرار يتعلم المريض الاطمئنان للشيء الذي كان يخافه ، وهناك طريقةالتخدير ثم التدرج في غرس عادة جديدة ، ومن الأساليب أسلوب الإغراق أو الطوفان ،حيث يقوم هذا الأسلوب ، على مواجهة المريض ، بأكثر المواضيع إثارة ، حتى ينكسرالوهم ، بالمواجهة لا بالتدريج ، لكن لهذا الأسلوب – بحسب نوع وطبيعة الحالة – بعضالآثار السلبية .
ومن الأساليب التوجيه الإيحائي ، بصورة فعالة وإيجابية ،مما يؤدي إلى نتائج أفضل من العلاج السلبي العادي ، ومن الأساليب العلاج الدوائي ،ودور العقاقير هنا ، هو إزالة أو تخفيف الفزع قبل حدوثه ، ويستخدم مع بعض الحالات ،قبل تطبيق العلاج السلوكي ، وإلا فلا يوجد عقار، يقطع حالة الخوف ، كما هو تأثيرالعلاج في الأمور العضوية .
وهناك وسائل وقائية ، مثل منع مثيرات الخوف ،والحيلولة دون تكوين خوف شرطي أو استجابة شرطية ، ومن ذلك عدم إظهار القلق علىالأولاد ، حين تعرضهم لموقف مثير للخوف ، مع العمل بكل هدوء – ما أمكن ذلك – لشرحطبيعة ذلك الموقف ، ومن ذلك أيضا التقليل من المبالغة في النقد والتحقير والاستهزاء، وكذلك عدم إظهار خوف الكبار أمام أطفالهم لئلا ينتقل لهم هذا الخوف عن طريقالتقمص والتقليد ، ومنها تعويد الطفل على النظر للجوانب الإيجابية وعدم التركيز علىالأخطاء فقط ، ومنها تدريب الطفل منذ الصغر على مواجهة المشكلات ومحاولة حلهاومساعدته في ذلك بالتوجيه والتسديد
م\ن
محمد جعفر- ♕ المعالي ♕
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 840
العمل/الترفيه : اخصائي نفسي تربوي
الابراج :
الموقع : فلسطين
احترام القانون :
المزاج : ربنا يسهل
نقاط : 11539
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
» علم النفس الاجتماعي
» التكافل والضمان الاجتماعي
» لغات التواصل الاجتماعي
» الأنسحاب الاجتماعي عند الأطفال
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: ابحاث علم النفس الاجتماعي