المنهج العلمي والبحث
2 مشترك
المنهج العلمي والبحث
تمهيد:
اتضح لنا من خلال المحاضرات السابقة أنّ العلم يتضمن شقين متكاملين:
- فهو يشير في شقه الأول إلى المنهج الذي يلتزم به البحث العلمي عند استقصاء الظواهر ومعالجتها، بمعنى أنه يعني تلك الطريقة العلمية التي يلتزم بها الباحث في أبحاثه، والتي يطلق عليها المنهجية Méthodologieوالتي تعني حسب موريس أنجرس <<مجمل المناهج والتقنيات التي تسهم في بلورة البحث وقيادة خطواته العلمية( [1] )>>.
- أما الشق الثاني للعلم فيشير إلى النتائج التي يتوصل إليها العلم ذاته، ونعني بذلك مجمل المعرفة العلمية التي تتضمن المفاهيم والقوانين والقضايا التي تم التحقق منها.وبناء على ذلك فالبحث العلمي الذي هو الوسيلة الرئيسة لإثراء المعرفة العلمية لا يتأتى من دون التزام صارم بخطوات المنهج العلمي. وسنحاول الوقوف على مدلول المنهج وتحديد أنواعه قبل تفصيل العلاقة بينه وبين البحث العلمي.
أولا - مدلول المنهج العلمي:
سبق وأن عرفنا أن المنهج يشير إلى مختلف القواعد والإجراءات التي يلتزم بتتبعها الباحث ليصل إلى أهدافه المسطرة.
غير أن البعض يرى ضرورة تناول هذا المفهوم من خلال دلالاته المتعددة والثرية، مما يعني ضرورة حصـر مختلف الأبعاد التي ينطوي عليها هذا المفهوم.
وفي هذا الصدد تعرض "مادلين غرافيتز" عدة أربع مدلولات تتراوح بين المعنى الفلسفي والمعنى الخاص بميدان معرفي محدد( [1] ):
1- فهو يشير من حيث المعنى الفلسفي إلى مجمل العمليات الفكرية التي من خلالها يسعى أيُّ تخصص معرفي للوصول إلى بعض أهدافه: مثل اكتشاف أي ضرب من ضروب الحقيقة.
2- وهو يشير من حيث الموقف الفلسفي، إلى الاتجاه نحو الموضوع، بحيث أن المنهج هنا يُملي على الباحث أن يتبنى مفاهيم بعينها، وبإطار تصوري محدد، كما يُملي عليه إتباع طرق عملية ملموسة مستوحاة من وحي الموقف الفلسفي الذي ارتضاه. ولكن يجب التسجيل أن المناهج لا تؤثر على خطوات البحث بنفس المقدار.
فالمنهج التجريبي على سبيل المثال يقتضي الإيمان بالإمبريقية والتزام الباحث بما تمليه عليه قواعده على مستوى الملاحظة وكذلك عند معالجة المعطيات.
في حين أن المنهج العلاجيMéthode clinique وباعتباره أسلوبا علاجيا Thérapeutique ، فهو يهتم بالنتائج أساسا. فالعبرة بالنسبة لمستعمل هذا الأسلوب هو تحقيق نتائج، ولذلك فلا يمكن أن يُطلب من القائم بذبك أن يتقيد بالصرامة المنهجية.
3- أما من حيث كونه محاولة تفسيرTentative d'explication فهو يرتبط بنظرية ما قابلة للتطبيق على الواقع، وقد تعرضنا لهذا المعنى عند الحديث عن المداخل المنهجية الكبرى، فالمنهج بهذا المعنى يسعى لتقديم إطار تفسيريي على نحو ما نجده عند المنهج الجدلي والوظيفي والتاريخي.
4- وفي الأخير يشير المنهج إلى ميدان محدّد، أي إلى طريقة بعينها في البحث والاستقصاء على نحو ما نجد عند التحليل النفسي، الذي يتوفر على إجراءات منهجية خاصة به، وكذلك الأمر بالنسبة للمنهج التاريخي الذي يتوفر على طرق محددة لتقويم ونقد الوثائق المعتمدة.
ثانيا- أنواع المناهج:
قبل الحديث عن أنواع المناهج تجدر الإشارة إلى أنه يجب التذكير بأهمية التمييز بين تصنيف البحوث وتصنيف المناهج.
وقد سبقت الإشارة إلى تصنيف البحوث، والتنويه بأن المنهج جزء رئيس من البحث العلمي، يبقى أن نشير إلى أن "البحث يشير إلى نوع الدراسة بأكملها التي ينخرط فيها الموضوع قيد البحث وفق الهدف المرسوم الذي هو بمثابة الموجه للعمل كله"، في حين أن المنهج عبارة عن "مجمل الطرق العملية المتبعة قصد الإجابة على تساؤلات الدراسة أو التحقق من فروضها، ولذلك فإن البحث الواحد قد يتضمن أكثر من منهج."
ومن التصنيفات الشائعة للمناهج ذلك التصنيف الذي يتأسس من حيث طرق وأنماط الاستدلال المتبعة في الدراسة، وفي هذا الصدد فهناك المنهج الاستقرائي والمنهج الاستنباطي.
وإذا تم التصنيف انطلاقا من نوع المعطيات التي يتعامل معها الباحث ويسعى لتحليلها للإجابة على تساؤلات الدراسة أو التحقق من فرضياتها، فنحن في هذه الحالة بصدد المنهج الكمي والمنهج الكيفي:
1 - المنهج الاستنباطي والمنهج الاستقرائي:
الاستنباط هو عملية استخلاص منطقي بمقتضاها ينتقل الباحث من العام إلى الخاص. يبدأ بوضع مقدمات عامة ينزل منها متدرجا إلى عناصر تندرج تحت هذه المقدمات.
ولهذا فالنتيجة التي يتوصل إلها الباحث تكون متضمنة في المقدمة، وبالتالي تعتبر نتائج الاستنباط أخص من مقدماته.
ويتلخص معيار صدق النتائج في مدى اتساق نتائجه منطقيا (ورياضيا) مع مقدماته، ويطلق أحيانا على هذه الطريقة طريقة القياس.
ولكن لا يجب الاقتصار على هذه المعاني التي أوردناها، فالاستنباط لا يتوقف عند العملية الذهنية العقيمة كما نجد في الكثير من المراجع العربية، فعلى العكس من ذلك هناك من يعتبـر العلم علما استنباطيا بالأساس.
ويعطي أنجرس مثالا على ذلك بقوله يمكن أن نتصور ذهنيا أن أي مجتمع يحافظ على نظام سياسي محدد عندما يساهم هذا الأخير في القضاء على المشكلات الكبرى التي يعاني منها المجتمع.
وننطلق من ثّم من هذا الافتراض المجرد ونحاول التحقق من صدق هذه المقولة انطلاقا من سلسلة من التحقيقات الملموسة في عـدد من الدول.
فحسب هذا الاتجاه فإن الافتراض يتم تأسيسها في بداية الأمر ثم يتم التحقق من صحتها بعد ذلك( [2] ).
أما الاستقراء فهو عملية استدلال صاعد يرتقي فيه الباحث من الحالات الجزئية إلى القواعد العامة، أي انتقال من الجزئيات إلى حكم عام، ولذلك تعتبر نتائج الاستقراء أعم من مقدماته، ويتحقق الاستقراء من خلال الملاحظة والتجربة ومختلف تقنيات البحث المتبعة.
ومعيار الصدق في هذا النوع من الاستدلال يكون من خلال التطابق الفعلي للنتائج المتوصل إليها مع الواقع.
ولكن يجب التنبيه إلى أن جمع ملاحظات عديدة عن وقائع متفرقة لا يمكن أن يؤسس لمعرفة علمية، من دون الرجوع إلى نظرية يتم في ضوئها تفسير أو فهم ما تم جمعه، ولذلك فإن المنهج العلمي في صيغته المعاصرة يعتمد على الطريقتين مع بعض.
ولعل ذلك ما جعل عالم النفس برنار (1963) يعتبر من الصعوبة بمكن الفصل بين الطريقتين، بل لأنه تساؤل هل يوجد حقيقة شكلين متميزين من أشكال الاستدلال( [3] ).
2- المنهج الكمي والمنهج الكيفي:
يُعنى المنهج الكمي Méthode quantitative بالمعطيات التي تتضمن عناصر متماثلة بحيث يمكن مقارنتها وإحصائها وقياس معطياتها كميا، ويمكن أن تتمثل هذه العناصر في أفراد أو جماعات أو هيئات.
وإذا كان المنهج الكمي يسعى لقياس الظاهرة المدروسة فإن المنهج الكيفي Méthode qualitative يسعى لفهم الظاهرة، وهو لذلك يستعمل مجمل الإجراءات من أجل وصف الظاهرة وتشخيصها ( [4] ).
وتجدر الإشارة أن العلماء ظلوا ، ولردْحٍ من الزمن، يقابلون بين المنهج الكمي والمنهج على اعتبار أنهما متناقضان، وعلى أن المنهج الكمي أكثر دقة وصرامة لاستعماله للرياضيات( [5] )، ولكن تبين فيما بعد أنه من الصعب إخضاع كل الظواهر الإنسانية للعد والإحصاء.
مما يبرر ضرورة اللجوء إلى المنهج الكيفي الذي يتطلب استعمالا دقيقا للملاحظة وفهما ثاقبا للواقع المعيشي. فليست كل الموضوعات الإنسانية تتلخص مفرداتها في عناصر ذات خصائص مشتركة يمكن عدها وتكميمها( [6] ).
فالموضوع المدروس هو الذي يفرض علي نوع التحليل الواجب اتباعه، وفي هذا تقول مادلين غرافيتز " أي محاولة للقياس أو التحليل ترتبط أصلا بطبيعة المعطيات التي تم جمعها، وأنماط المعلومات التي تحتويها من حيث كونها: آراء أو وقائع. ومن جهة أخرى يرتبط ذلك بالإجراءات المتبعة للحصول على هذه المعطيات : مقابلات، اختبارات. وأخيرا يرتبط الأمر بالمناهج المتعبة من أجل تحليلها" ( [7] )
فضلا عن ذلك فقياس العناصر لا يتأتى إلا بعد القيام بتحليل لمفاهيمها وقضاياها، وتدقيق مظاهرها المختلفة، ولذلك فالتحليل الكمي والتحليل الكيفي متكاملان.
3- تصنيف هوايتي للمناهج( [8] ):
من التصنيفات الكلاسيكية للمناهج تصنيف هوايتني Whitney الذي قدمه في كتابه "عناصر البحث" في عام 1937، والذي لا يفرق فيه بين أنماط ومناهج البحث، ويقوم تصنيفه لذلك على أساس العمليات العقلية ( الفكرية) التي يستدعيها موضوع معين.
وهكذا فبالنسبة للمنهج الوصفي Méthode descriptive مثلا تكون العمليات الفكرية فيه محكومة بما يتطلبه التحليل للموضوع من محاولة لتشخيص الظاهرة كما هي في الواقع، ثم محاولة تفسيرها ( [9] ) تمهيدا للوصول إلى تعميمات بشأن الظاهرة المدروسة في ضوء ما يتوفر للباحث من بيانات عنها.
في حين أن المنهج التاريخي Méthode historique يتوجه فيه الاستقصاء إلى تحليل (Analyse)الوثائق والمواد المتعلقة بظاهرة تاريخية، ثم بعد ذلك تأتي العملية الفكرية الثانية والتي تتلخص في تركيب (Synthèse) وتأليف الحقائق بعد تصنيفها وإيجاد الترابطات القائمة فيما بينها.
في حين أن أساس العملية العقلية في المنهج التجريبي Méthode expérimentale يتلخص في محاولة قياس التغيرات التي تطرأ على المتغيرات التابعة بفعل تأثير المتغيرات المستقلة.
وبعد ذلك يتحدث هويتي عن أنماط البحث Type de la recherche، فيلخص أهمية النمط الفلسفي للبحث Type philosophiqueفي خطوتين أساسيتين:
تكون الأولى عند تحديد الأهداف الرئيسة للبحث، وتأتي دور الثانية عند الوصول إلى مرحلة التعميم.
وبعد ذلك حدد أهمية النمط التنبؤي للبحث Type pronostique في التنبؤ بما سيحدث للظاهرة، و لا يقتصر الأمر على الدراسات التجريبية، بل يتعدى إلى كل ما يسفر عنه الوضع لاحقا بالنسبة للحقائق.
في حين أن النمط السوسيولوجي Type sociologique فيهدف إلى دراسة المجتمع ونظمه والعلاقات القائمة بين أفراده، وهو يتبنى تحديد الجمعية الأمريكية لمجالات علم الاجتماع، والتي تضم عشر مواضيع أساسية، وهي:
الطبيعة الإنسانية/ الشعوب والجماعات الثقافية/الأسرة/ تنظيم المجتمع والنظم الاجتماعية/ الديموغرفيا (التكوين السكاني) والإيكولوجيا (دراسة البيئة)/ المجتمع الريفي/السلوك الجمعي/علاقة الصراع والتكيف في الجماعات ويشمل ذلك دراسة علم الاجتماع الديني والتربوي والمحاكم والتشريع والتغير والتطور الاجتماعيين/ طبيعة المشكلات الاجتماعية والأمراض الاجتماعية والتكيف الاجتماعي ويشمل دراسة الفقر والجريمة وانحراف الأحداث والصحة والأمراض العقلية وعلم الصحة/ النظريات الاجتماعية ومناهج البحث وتشمل دراسة الحالات والنظرية الاجتماعي وتاريخ الفكر.
وأخيرا هناك النمط الإبداعي Type créative وهو يهتم بدراسة العوالم التي تتحكم في عملية الإبداع في مجالات العلم والفن والأدب، وهو يربط بين ظهور العمليات الإبداعية وحاجة الجماعة.
4- تصنيف ماركيـز( [10] ):
وهو التصنيف الذي قدمه سنة 1950 وأوضح فيه أهمية مناهج البحث الرئيسة في الدراسات الاجتماعي انطلاقا من تحديده لخطوات البحث العلمي، حيث حددها في ست خطوات رئيسة وهي:
1. صياغة المشكلة.
2. مراجعة المعلومات من خلال البحث المكتبي وعن طريق بعض الأشخاص.
3. القيام بالملاحظة التمهيدية للوقائع موضوع الدراسة.
4. فرض الفروض.
5. التحقق من صحة الفروض بهدف الوصول إلى القوانين ولنظريات.
6. الاستفادة من النظريات في مجال التطبيق.
وتتمثل هذه المناهج في المنهج الأنثروبولوجي Méthode anthropologique، الذي يقوم أساسا على الملاحظة الميدانية، وعلى إجراء مقابلات مع الرحالة وأعضاء الإرساليات لأخذ بيانات منهم عن المجتمع الأصلي، فضلا عن ذهاب الباحث بنفسه إلى هذه المجتمعات مستعينا بإخباري Informateur يزوده بالمعلومات التي تلزمه عن مجتمع الدراسة وعن كيفية التعامل معه.
وحسب ماركيز فإن هذا المنهج يقتصر على الخطوات المنهجية الثلاث الأولى، دون الوصول إلى مرحلة فرض الفروض وما يتبعها من خطوات. ولذلك كان هذا المنهج منهجا قاصرا. ولتجاوز هذا الخلل يطالب ماركيز بضرورة تكثيف الخرجات الميدانية وزيارة عدة قبائل ومجتمعات صغيرة للحصول على بيانات صحيحة، ويمكن أيضا الاستعانة بباحثين مختصين للقيام بذلك.
أما منهج دراسة الحالة Etude de cas فمع تأكيده على عدم الانحياز والدقة مثل المنهج السابق، فهو يركز إلى الخطوتين الثالثة والسادسة، مع اهتمام أقل بوضع النظريات العلمية. في حين أن المنهج الفلسفي Philosophique فيهتم بالخطوة الرابعة المتعلقة بصياغة الفروض، لأن هذه العملية يغلب عليها الطابع التجريدي، فهي عملية استنباطية- افتراضية، وقد اعتمد المنظرون على هذا المنهج مثلما فعل هربرت سبنسر عند بنائه لنظريته عن التطور الاجتماعي.
ويعتبر ماركيز المنهج التاريخي منهجا من مناهج العلم الاجتماعي، باعتبار الملاحظة في الماضي لا تختلف عن الملاحظة في الحاضر، فهذا المنهج يقدم مثالا عن الخطوة الثالثة، إلا أنه أكثر استفادة من الخطوة السادسة، حيث يسعى لتطبيق النظريات العلمية على أحداث الماضي.
هذا وقد عاب ماركيز على المسوح الاجتماعية Social survey عدم كونها مصدرا مثمرا لفروض جديدة، ولذلك طالب بضرورة اهتمامها بذلك.
وفي الأخير اعتبر المنهج التجريبي أكثر المناهج تميزا، وهو مثال للخطوة الخامسة التي تهدف للتحقق من صحة الفروض.
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
♕ فخآمة أوركيـد ♕- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهجائزه الاعجابات
- عدد الرسائل : 1176
العمل/الترفيه : ترى كل الفصول " اربع " .. وحبكـ فصلي ... الخـــامس .. !
الابراج :
الموقع : الحديث مع روح تحبها سعادة تغنيك عن الدنيا
احترام القانون :
المزاج : كليوباترا
نقاط : 21153
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 28/02/2008
تعاليق : جــالــسه ببحـالــي ولـحـالــي
هـزنــي الــشــوق وذكــرتــك
يعني معقولة يا غالي كل هذا وما وحشتك ؟؟
------------
الأهمية في البحث العلمي تعني القيمة والأثر الذي يمكن أن يحققه البحث العلمي
في حل المشكلات وتطوير المعرفة في مجال معين، و يتم تحقيق الأهمية من خلال
توفير إجابات واضحة ودقيقة للأسئلة البحثية، وتقديم حلول للتحديات العلمية والتكنولوجية المعقدة.
رد: المنهج العلمي والبحث
5- تصنيف موريس أنجرس ( [11] ):
وهو التصنيف الذي اعتمدته وزارة التعليم العالي بكندا في 1989، ليدرس في مادة المنهجية، ويعرض الباحث ثلاثة مناهج نموذجية، دون أن يعني إغفال لأهمية المناهج الأخرى. وهذه المناهج هي المنهج التجريبي والمنهج التاريخي ومنهج الاستقصاء Investigation .
1.5- المنهج التجريبي:
يهدف المنهج التجريبي عند دراسته للظواهر إلى اختبار العلاقة السببية بين متغيراتها، حيث يستخدم تقنية التجريب (أي التجربة) لقياس هذه العلاقة، ويجب التسجيل بأن المنهج التجريبي أعم وأشمل من التجربة <<لأن التجربة لا تمثل إلا خطوة منهجية وإجرائية من المنهج التجريبي ذاته >>
وبالرغم من اشتهار العلوم الطبيعية باستخدام هذا المنهج إلا أن علماء العلوم الاجتماعي والإنسانية قد أثبتوا إمكانية استعمال هذا المنهج، من تبيان حقيقة التجربة ذاتها.
وفي هذا الصدد يميز العلماء بين التجربة الطبيعية، التي تحدث في واقع الحياة الطبيعية والاجتماعية، وهنا يحاول الباحث من خلال تدوين الملاحظات الدقيقة عن الواقعة، ومعرفة كل التفاصيل من خلال هذه التجربة التي يشهدها، وهو هذه الحالة لا يتحكم الباحث بالظاهرة التي يدرسها، ولا يمكنه التنبؤ بها أحيانا (البراكين، الثورات الاجتماعية...).
أما في التجربة المصطنعة فهو يهيئ شروطها ويضبط متغيراتها، ويعزل بعض العوامل ويستبعد التأثيرات الجانبية، ويتحكم في مجرى التجربة. بفضل الإمكانيات التي تتيحها التجارب داخل المخابر، ويقوم الباحث بإحداث تعديل في المتغير المستقل وملاحظة ما يحدثه ذلك من تغيُّـر في على المتغير التابع. وقد يكرر التجربة إذا توفرت الشروط التي تسمح بذلك.
فعند دراسة تأثير الصوت على الانتباه لدى التلاميذ، يجب استبعاد التأثيرات الجانبية مثل الضوء، لقياس تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع، ومعرفة درجة الانتباه لدرس أو لموضوع يُقرأ عليهم.
وتقوم طريقة الاتفاق على أساس أن تكرار وقوع الحدث وحدوث الظاهرة مع بقاء أحد العوامل ثابت في جميع الحالات مع تغير بقية العناصر يعني أن هذا العامل الثابت هو السبب في حدوث الظاهرة، ويمكن لمزيد مم التأكد من السبب أن نحذف العامل فنرى هل أثر غيابه على حدوث الظاهرة، فإذا لم تحدث الظاهرة دلّ ذلك على غياب السبب.
وتستعمل كثيرا طريقة الاختلاف في العلوم الطبيعية، لمعرفة درجة التأثير بدقة، غير أن هذه الطريقة تحتاج إلى مهارة كبيرة وإطلاع واسع لأن الباحث لا يمكنه الإحاطة جميع المتغيرات.
وفي هذه الحالة يمكن استخدام مجموعة لا يتم تعريضها لتأثير المتغير المستقل لتكون شاهدا على مدى استبعاد التأثيرات الجانبية وعلى ما يحدثه المتغير المستقل من تأثير على الجماعة التجريبيةGroupe expérimental، وتسمى الجماعة أو الجماعات التي لا تجرى عليها التجربة بالجماعة الضابطةGroupe de contrôle أو الجماعة الشاهدةGroupe témoin .
وتعترض هذه الطريقة عدة عقبات منها صعوبة إيجاد مجموعتين متكافئتين لتكون إحداها تجريبية والأخرى ضابطة، كما أن إدخال المتغير المستقل على المجموعة التجريبية قد يتطلب وقتا طويلا لحصول التغير.
ولتجاوز بعض هذه الصعوبات وضع الباحثون عدة تصميمات لاختيار المجموعات والتأكد من تأثير المتغير المستقل وقياس درجة هذا التأثير:
فقد يعمد الباحث إلى تثبيت المجموعة التي يدرسها فيستعملها كمجموعة تجريبية ومجموعة ضابطة، يقوم بتجربة قبلية بمعنى ملاحظة ما يريد دراسته ثم يدرسها بعد التجربة البعدية، ولكن رغم ذلك فقد تكون عملية القياس قبل التجربة قد خضعت لظروف وعوامل مختلفة عن تلك التي ظهرت بعد التجربة.
ويقترح البعض الآخر من العلماء القيام بالقياس قبل وبعد التجربة ولكن من خلال مجموعتين يجري عليهما القياس بالتبادل، وليس من خلال مجموعة واحدة، ولكن هذا لا يحل من مشكلة وصعوبة إيجاد مجموعتين متكافئتين في أغلب الأحيان، بالرغم من أهمية هذا النوع من التصميم الذي قد يقيس بدقة الفروق الحاصلة بعد التجربة.
وهناك من يفضل إجراء القياس القبلي والبعدي من خلال مجموعتين إحداها ضابطة والأخرى تجريبية. ويعتبر هذا النموذج هو الشائع، بل أن البعض يعتبره كافيا، على الرغم من أن البعض الآخر يضيف تصميما آخر يقوم على نفس الأساس أي القياس القبلي والبعدي مع استخدام مجموعة تجريبية ومجموعتين ضابطتين.
وأخيرا تستخدم طريقة التلازم في التغير في البحوث الحديثة بكثرة لقياس علاقة الترابط بين المتغيرات، ومعرفة النسبة الكمية بين السبب والنتيجة، حيث أن الزيادة في التغير في المتغير المستقبل يعقبها زيادة في التغير الحاصل على المتغير التابع.
وتعترض هذه الطريقة أيضا مثل تلك الصعوبات التي تعرفها الطرق الأخرى، ولذلك على الباحثين تكرار التجارب لضبط المتغيرات والوقوف على طبيعة ودرجة العلاقة بين المتغيرات، كما انه عليهم معرفة نوع العلاقة القائمة بين هذه المتغيرات، فقد تكون العلاقة وظيفية وليس سببية، أي تعبر عن الترابط بين متغيرات تتواجد في وقت واحد، وقد تكون تركيبية أو قرينية تحدث عند توفر عدد من المتغيرات المتتابعة التأثير كما هو الحال بالنسبة لظاهرة المطر.
2.5- المنهج التاريخي:
يعتبر المنهج التاريخي من المناهج الرائدة في علم الاجتماع، بل كان له الفضل في تأسيس علم الاجتماع الخلدوني، وقد ساعد فيكو على وضع بعض النظريات الاجتماعية، وكان لنزعة التطور التي دفعت بالمفكرين والعلماء إلى التأمل في تطور البشرية إلى وضع نظريات كبرى أسست لعلم الاجتماع، ودفعت بأوجست كونت إلى جعل دراسة التغير والديناميكا الاجتماعية أحد أس الدراسة في علم الاجتماع.
من المفيد التذكير بأن صلة التعاون التي انعقدت بين علم الاجتماع والتاريخ قد زادت اليوم بعد أن أضاف العلم التاريخي انشغالات جديدة إلى انشغاله الأساسي، والذي كان يقتصر على دراسة الأحداث الإنسانية الفريدة غير المتكررة المرتبطة بزمان معين ومكان محدد، بحيث كان كان كل ما هو خصوصي وفردي وفريد يقع ضمن مجاله ( [13] )، فقد أضحى اليوم بفضل الصياغات الجديدة لطرائق العلمية ومباحثه، لا يختلف بتاتا عمّا يقوم به عالم الاجتماع( [14] ).
وقد أشار نيقولا تيماشيف Nicholas S. Timasheff إلى هذا التقارب الكبير بين علم الاجتماع وعلم التاريخ، وهو حين أوضح بأن علم الاجتماع "لا يهتم بالحاضر فحسب، بل أنه يهتم كذلك بالصيغ الماضية للتساند؛ أو الاعتماد الإنساني المتبادل( [15] )"
وحسب " جوليان فروند" (Julien Freund) فإن الفضل الكبير يعود الابتكار المنهجي لماكس فيبر (MaxWeber) فبفضله أصبحت السوسيولوجية وعلم التاريخ يتبنيان نفس المسلك الاستقصائــي ( [16] ).
ولكن يجب أن نذكر بأن الفضل الأول في اكتشاف هذا التداخل بين علم الاجتماع وعلم التاريخ يرجع للعلامة ابن خلدون، الذي دعا إلى ضرورة قيام علم يتناول العمران البشري والاجتماع الإنساني، حتى يتسنى للمؤرخين تمحيص الروايات والأخبار.
فاكتشاف القوانين والانتظامات التي تحكم حركة المجتمع، يساعد المؤرخ على اكتساب رؤية سوسيولوجية لأبنية المجتمع وتطوراته، فيسمح له ذلك بتدقيق الأخبار والأحداث وِفق محك الواقع.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤرخ في المجتمعات الغربية، كان ولوقت قريب، يستعير من الفلسفة بعض قضاياها ومفاهيمها في دراساته المختلفة، ثم أصبح بعد ذلك يستعين بعلم الاجتماع، ويتزود بأطره المرجعية.
ويرجع الفضل إلى فلسفة التاريخ في تحقيق هذا التداخل والتعاون بينهما << فلقد ساعدت هذه الأخيرة على تأكيد تصور المراحل التاريخية، ومن ثم منحت التاريخ أفكارا نظرية واهتمامات لم تكن توجد على الإطلاق في أعمال المؤرخين الحوليين والإخباريين القدامى، كما زوّدت علم الاجتماع بفكرة النماذج التاريخية للمجتمع، وبالتالي قدّمت العناصر الأولى التي يرتكز عليها تصنيف المجتمعات ( [17] ) >>.
حدث هذا التقارب إذن بفضل التأثير الخاص لفلسفة التاريخ على تطور علم الاجتماع، حيث انطبع هذا التأثير على الاهتمامات الأولى لعلم الاجتماع، الذي انشغل في بداية تطوره، بمحاولة الكشف عن: << أصول وتطور وتحول النظم الاجتماعية، والمجتمعات، والحضارات. وهو يأخذ في اعتباره سلسلة التاريخ الإنساني بأكملها، وجميع النظم الرئيسية الموجودة في المجتمع، كما يتمثل في أعمال كونت وسبنسر وهوبهوس، أو بالتطور الكامل الذي قطعه نظام اجتماعي معين، كما يبدو ذلك في مؤلف "وسترمارك" Westermarck: "تاريخ الزواج الإنسانـي" History of human marriage أو مؤلف "أوبنهايمر Oppenheimer: "الدولة" ( [18] )>>.
وحدث التقارب بعد ذلك بفضل الأعمال السوسيولوجية -التي قادها على وجه الخصوص ماكس فيبر، ومن تبعه مِن المفكرين المعاصرين من أمثال رايت ميلز وريمون آرون- بين ما يعرف بالتاريخ الاجتماعي وعلم الاجتماع التاريخي.
وساهمت أيضا الحولية التاريخية التي أسسها وأشرف عليها "لوسيان لوفبر" Lucien Lefebvre في تمتين عُرى التعاون، وتحقيق فرص الالتقاء بين المؤرخين وعلماء الاجتماع، حتى أصبح من البديهي القول مع لوسيان جولدمانLucien Goldmann أن<<أيّ واقعة اجتماعي تُعدّ واقعةً تاريخية، والعكس صحيح، مما يعني أنّ علم الاجتماع والتاريخ يدرسان نفس الظواهـر( [19] )>>.
ويُرجع فارند برودل Fernand Braudel أسباب التداخل بين علم الاجتماع وعلم التاريخ في فرنسا إلى جملة من الاعتبارات، منها:
- النزعة "الكلية" Globale التي يتفرد بها العِلمان من بين العلوم الاجتماعيـة، وهذا ما أشار إليه جورج جورفيتشGeorges Gurvitsh عندما بين بأن: <<التاريخ هو المنافس الوحيد لعلم الاجتماع، عند دراسة الظواهر الاجتماعية العامة الكلية،في حالِ تطورها وتدهورها ( [20] )>>.
- وحسب جورفيتش دائما فإن <<مشكلة العلاقة بين السوسيولوجية والتاريخ تصبح مطروحة بقوة، عبر مسألة التفسير ( [21] )>> ويقصد بذلك تفسير الوقائع، فهناك إذن تداخل بين العلمين في طريقة تفسير الوقائع والأحداث، فقد يتبنّى المؤرخ التفسير المادي للتاريخ، فيقترب بعمله هذا من عالم الاجتماع، أو قد ينطلق من التحليل الفيبري (نسبة إلى ماكس فيبر) عند "انتقاء" وتفسير الأحداث التاريخية، وفي هذه الحالة، يصبح ما نسميه <<تفسيرا ليس إلا الطريقة؛ التي تُنظم القصّة نفسها بها؛ داخل حبكةٍ قابلةٍ للفهم ( [22] ) >>.
- علاوة على ذلك، فهما يشتركان في بعض المباحث إلى درجة لا يمكن الفصل بينهما، كما هو الشأن بين سوسيولوجية الفن وتاريخ الفن، وبين علم الاجتماع العمل وتاريخ العمل، وبين علم اجتماع الأدب وتاريخ الأدب، ومن مظاهر التداخل بين العلمين أيضا: اتجاه المفردات إلى التوحّد بين كليهما ( [23] )>>.
وخلاصة للقول، فإن التداخل بين هذين العلمين، يجعل من الصعوبة بمكان الفصلَ بين الماضي والحاضر، فالحاضر يتشكل ويتخذ ملامحه من خلال مسيرة تاريخية طويلة، بحيث يصعب تفسير وقائعه؛ أو فهم أحداثه من دون الرجوع إلى جذوره التاريخية. والعكس صحيح، فلا يمكن لمن يدرس الماضي أن يستغني عن المفاهيم والمقولات، التي توصل إليها علماء الاجتماع في الوقت الحاضر.
هذا، ويهدف المنهج التاريخي، كما سبقت الإشارة، إلى إعادة بناء الماضي من خلال الوثائق والسجلات، وكأي منهج فإنه يتضمن إجراءات خاصة، إذ أنه قبل التعامل مع الوثائق يقترح المنهج التاريخي طرق وإجراءات نقدية خاصة بها للتحقق من صحة الوثيقة ومن صدق محتواها، وذلك من خلال النقد الخارجيCritique externe والنقد الداخلي Critique externe:
1- ويرمي النقد الخارجي إلى التأكد من أصالة الوثيقة من خلال استنطاق تاريخها ومعرفة كاتبها أو كتابها والموطن الذي تدل عليه والذي كتبت فيه، إلى آخر من المباحث التي بفضلها يتم استبعاد الوثائق المغشوشة أو طرح الروايات المزيفة الكاذبة.
ويرجع الفضل للمسلمين في تطوير علم خاص يهتم بالتأكد من صحة المضامين المنقولة شفهيا، ويسمى هذا العلم بعلم الحديث، وهو وإن كان يدرس الوثائق الشفهية، لأن الحديث نقل بواسطة رجال كان بمثابة وثائق تتحرك. إلا أنه يخضع لنفس معايير نقد الوثائق.
ظهر هذا العلم بهدف تفادي الروايات الكاذبة التي ظهرت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فبعد أن عمت الفتن وبدأت أوصال الدولة الإسلامية الأولى تتمزق، كثر وضع الأحاديث لإضفاء شرعية على آراء سياسة ومذهبية وأحيانا على تصرفات تعود بالمنفعية على صاحبها. مما استدعى وضع موازين ومقاييس لتمييز الصحيح من الضعيف.
ويتمثل النقد الخارجي في هذا العلم في مجمل العلوم التي اختصت بضبط أسانيد الأحاديث، وهي تتمحور حول ثلاثة علوم وهي: علم تاريخ الرواة، وعلم الجرح والتعديل وعلم علل الحديث:
أ- ويختص علم تاريخ الرواة بدراسة نشأة الراوي وتاريخه ومراحل تعلمه وعمن أخذ العلم والرواية، للتأكد من صحة نقلهم ومدى صدقهم ودقتهم وأمانتهم. ويوضح أحد كبار العلماء (وهو سفيان الثوري) كيف استعمل السياق الزمني للتأكد من صدق الرواي، الذي يفترض فيه أنه عايش من روى عنه بقوله: " لما استعمل الرواة الكذب استعملنا التاريخ ".
ب- أما علم الجرح والتعديل، فيقصد بالجرح كشف أحوال الرواة مما يشينهم ويطعن في روايتهم، ويقصد بالتعديل إظهار الأسباب الموجبة لقبول رواية الحديث من رجال السند. وهو من أعظم العلوم لأنه بحث في أحوال وتاريخ المئات الآلاف من رواة الأحاديث في أزمان مختلفة وأوطان متباعدة وأطر اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية متباينة، وبطرق خاصة وألفاظ مخصوصة واصطلاحات منضبطة.
ج- أما علم علل الحديث فيبحث في الأحاديث المعلولة، والأسباب الغامضة أو الكامنة التي تطعن في صحتها. وهو علم صعب يتطلب قدرات كبيرة للوقوف على العلل( [24] ).
2- ويقصد بالنقد الداخلي للوثيقة، والذي قد يطلق عليه نقد التأويل أو المصداقية، فيرمي إلى التأكد من الدلالات الحقيقية لمحتوى الوثيقة. أي أن الناقد ينكب على دراسة المحتوى وعلى أسباب إصداره، فيحاول الوقوف على ما قيل، والمقصود من ذلك، وفي أي سياق قيل أو كتب ذلك، ويحاول الناقد معرفة العصر الذي ظهرت فيه الوثيقة، والشواهد التي تدعمها أو تدحضها، وهل كان الكاتب شاهدا أم راويا للخبر عن غيره.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن العلماء المسلمين وضعوا مقاييس للحكم على المحتوى (المتن) الموضوع منها: أن يكون ركيكا أو مشتملا على خطأ نحوي، أو أن يكون مخالفا للعقل والحس لا يقبل التأويل، أو أن يتضمن نوعا من الدعاية السياسية أو المذهبي لشخص أو توع معين من الطعام أو الشراب.
ومن العلوم التي تهتم بصحة محتوى الحديث أي المتن: علم غريب الحديث، وعلم مختلِف الحديث وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه.
أ- فعلم غريب الحديث يهدف إلى تيسير فهم محتواه، والكشف عن معانيه الغريبة على من خفيت عليه معانية، خاصة المتأخرين الذين بعُد بهم الزمن عن الفصاحة العربية بعد أن انحسرت السليقة العربية، بفعل مخالطة العجم، ودخول اللغات الأجنبية إلى الفضاء اللغوي في المجتمعات العربية، وبهذا فهدف هذا العلم ليس التحقق من صحة الرواية بقدر ما يهدف إلى تقريب معانيها، وربما لكي لا يكون لك مظنة لرفض المحتوى أو عدم الأخذ به.
ب- في حين أن علم مختلِف الحديث، والذي يطلق عليه "علم تلفيق الحديث" يبحث في الأحاديث التي تبدو لأول وهلة متعارضة، بقصد التوفيق فيما بينها، وهكذا يتم الأخذ بين محتويات هذه الأحاديث بعد غربلتها والتوفيق بينها فيقيد المطلق ويُخصص العام، ويتم الترجيح بين ما يكشف عن التعارض بين المحتويات..الخ
ج- وقد يحتاج الأمر إلى معرفة ترتيبها الزمني لأن المتأخر قد يبطل العمل بالمتقدم، وهذا ما يوضحه علم الناسخ والمنسوخ. وهكذا فإن هذه العلوم تتضافر مع بعضها البعض لتبسط عملية استنباط الحكام منها، والأخذ بها في المجالات المختلفة الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية والمالية والاقتصادية.
وما دمنا نتحدث عن إسهام المسلمين نذكِّر مرة أخرى أن فضل تطوير هذا المنهج التاريخي يعود الفضل الأول فيه إلى العلامة عبد الرحمان بن خلدون الذي كان أول من سعى إلى عقلنة التاريخ وتخليصه من الأساطير عند دراسة تاريخ الدول والمجتمعات، حيث قاده ذلك إلى اكتشاف علم جديد له مجاله وقوانينه.
وكان هذا العلم هو أداته المثلى لتمحيص صحة المرويات والوثائق التاريخية عن المجتمعات والدول. وهكذا اقتضى منهج التحقيق التاريخي الذي تبناه بلورة مثل علم الجديد، فكما يقول ابن خلدون ففنُّ التاريخ "محتاج إلى مآخذ متعددة، ومعارف متنوعة، وحسن نظر وتثبت، يفضيان بصاحبهما إلى الحق، ويُنكبان به عن المزلات والمغالط، لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل، ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب، فربما لم يُؤمن فيها من العثور ومزلة القدم، والحيد عن جادة الصدق.( [sup][25] [/sup]) "
3.5- المنهج الاستقصائي
ويعتبر منهج الاستقصاء ثالث المناهج النموذجية عند موريس أنجرس، وهو من المناهج المعاصرة، الذي يُعتمد عند دراسة القطاعات العريضة من السكان. حيث يسمح بدراسة طريقة تفكير وحياة السكان.
ولذلك يمكن أن يستعمل عدة تقنيات، وبالطبع تحدد أهداف الدراسة نوع التقنيات المستخدمة، فقد تكون الدراسة وصفية عند دراسة سبر الآراء، وقد تكون تصنيفية عند إحصاء السكان، وقد تكون تفسيرية كما هو الشأن في الاستبيان، أو تكون من أجل الفهم Compréhensive كما هو الحال مع المقابلة والملاحظة المباشرة (ضمن الموقف) Observation en situation.
وبسبب تعذر الدراسات الشاملة فكثير ما يلجا الباحثون إلى اللجوء إلى المعاينة، بحيث يختار جزء ( أي عينة) من السكان. وقد خصصنا المحاضرة الأخيرة للتطرق إلى بعض المناهج التي تستخدم في دراسة السكان، مثل القياس الاجتماعي وسبر الآراء.
ثالثا- العلاقة بين المنهج والبحث:
يعتبر المنهج جزءا رئيسا ضمن القواعد والإجراءات التي يتقيد بها البحث العلمي لبلورة المشكلة موضوع البحث، فضلا عن أنه القائد الذي يأخذ بيد البحث أثناء الانتقال من خطوة منهجية إلى أخرى.
ويرجع الفضل إلى دوركايم في إبراز أهمية الالتزام بقواعد المنهج العلمي في دراسة الظواهر الاجتماعية، في حين لم يتفطن أسلافه إلى ذلك، ويكشف النص القادم عن ذلك بوضوح تام ، يقول دوركايم:
<< لم يهتم علماء الاجتماع اهتماما كبيرا، حتى يومنا هذا، بتحديد وتعريف الطريقة التي يستخدمونها في دراسة الظواهر الاجتماعية. وهكذا نجد أن مشكلة الطريقة لا تشغل حيزا ما في كل ما أنتجه "سبنسر" وذلك لأنه لم يكرس كتابه المسمى " المدخل إلى علم الاجتماع" - ذلك الكتاب الذي ربما خدعنا عنوانه- لبيان الطرق التي ينبغي استخدامها في علم الاجتماع، والأسباب التي تيسر له الخروج إلى حيز الوجود.
<< حقا إن "ستيوارت مل" قد اهتم اهتماما كبيرا بمسألة الطريقة. ولكنه لم يفعل شيئا سوى أن غربل بطريقته الجدية كل ما قاله "أوجست كونت" في هذا الصـدد، دون أن يزيد عنه شيئا جديدا يمكن القول حقيقة بأنه إنتاج شخصي من جانبه، ومن ثم فإننا لا نكاد نجد في هذا الموضوع سـوى بحثا فذا هامـا، هو أحد الفصـول التي كتبها أوجست كونت في كتابـه "دروس في الفلسفة الوضعية"( [26] )>>.
إذن بقي اهتمام أسلافه منحصرا ضمن << نطاق النظريات العامة التي تتعلق بطبيعة المجتمعات وبالعلاقات التي تربط العالم الاجتماعي بالعالم البيولوجي، أو التي تتصل بتقدم الإنسانية… ولذلك بقي عدد كبير من المسائل المعلقة التي لا تجد حلا كالمسائل الآتية: ما الحيطة التي يجب أن يتخذها الباحث في أثناء المشاكل الاجتماعية الرئيسية ؟ وما الاتجاه العام الذي يجب أن توجه فيه البحوث؟ وما الطرق الخاصة التي تسمح لهذه البحوث بأن تكون منتجة ؟ وما القواعد التي يجب أن تحتل المقام الأول لدى إقامة الأدلة.( [27] )>>
وقد وضع دوركايم جملة من القواعد التي يجب التقيد بها الباحثون الاجتماعيون، كان لها الأثر البارز في تطور الدراسات السوسيولوجية، كما أنها رسخت مرة أخرى الفكرة القائلة بترابط المنهج العلمي والبحث العلمي.
فمن العسير تصور نجاح البحوث العلمية من تقيدها الصارم بخطوات المنهج العلمي، وتبنيها لأساليب وطرق من شأنها أن ترسم لها معالم الاستقصاء.
- [1] Madeleine Grawitz, Lexiques des sciences sociales, 7°editions, Paris,Dalloz,1999,p272 & méthodes des sciences sociales, op. Cit, p348.
- [2] Maurice Angers, op. Cit, p 18.
- [3] Ibid, p20.
- [4] Ibid, p60.
[5] - يخلط البعض بين الرياضيات والتكميم Quantification فالرياضيات في أساسها كما يقولG Gilbaud كيفية(نوعية) وهناك إلى جانب الرياضيات الأساسية الرياضيات العددية.. لمزيد من التفصيل:
M. Grawitz, La méthode des sciences sociales, pp. 363-365.
[6] - لمزيد من التوسع:
Raymond Boudon: Les méthodes en sociologie, 10° éditions, Paris, PUF, 1995, pp.86-96.
[7] - M.Grawitz: La méthode des sciences sociales, p. 362.
[8] - عبد الباسط عبد المعطي، أصول البحث الاجتماعي، مرجع سبق ذكره، ص 212-216
[9] - يرى البعض ان المنهج الوصفي لا يتضمن التفسير ، ولذلك تجدهم عند الحديث عن التفسير يشيرون إلى المنهج الوصفي التحليلي ، وهذا اجتهاد منهم فالوصف قد يكون وصفا للشيىء كما هو وقد يتضمن إجابات عن سؤال لماذا إذا حلل الشيىء وتم التعرف على الارتباطات بين العناصر،
10] - نفس المرجع، ص217-219.
[11] M/Angers, op. Cit, pp61- 66.
[12] - لمزيد من التوسع أنظر عبد الباسط محمد حسن، مرجع سبق ذكره، ص286-295.
[13] Fernand Braudel, «Histoire et sociologie» in : G. Gurvich, Traité de sociologie, TI, 3°Edition, Paris, PUF, 1962, pp. 85-86.
[14] - من المفارقات العجيبة أن يتأسف بعد ذلك فرند برودل أي بعد كتابته للمقال المذكور أعلاه، عن اختفاء ذلك التعاون بين علم الاجتماع والتاريخ بعد رحيل جورج جورفيتش، صاحب مفهوم "المجتمعات الكلية " أنظر:
Fernand Braudel, Ecrits sur l'histoire, Paris, Ed De Flammarion, 1969, p7.
[15] - نيقولا تيماشيف، مرجع سبق ذكره،ص31.
[16] - جوليان فرند، سوسيولوجية ماكس فيبر، ترجمة جورج أبي صالح، بيروت: مركز الإنماء القومي، ب ت، ص69.
[17] - توم بوتومور، تمهيد في علم الاجتماع، ترجمة محمد الجوهري وآخرون، الطبعة الخامسة، القاهرة: دار المعارف، 1981، ص109.
[18] - نفس المرجع، ص80.
[19] - Lucien Goldmann, Sciences humains et philosophie, Paris : Editions Gonthier, 1966, p19.
[20] - Georges Gurvitch, La vocation actuelle de la sociologie, (antécédents et perspectives) TII , 3° édition, Paris, PUF, 1969, p477.
[21] - Ibid.
[22] - نفس المرجع السابق، ص113.
- [23] Fernand Braudel, Art. Cit, pp. 88-90.
[24] لمزيد من التوسع أنظر بكري شيخ أمين: أدب الحديث النبوي، الطبعة الخامسة، القاهرة، دار الشروق، 1981، ص95-68.
[25] عبد الرحمان بن خلدون، مرجع سبق ذكره، ص14.
[26] - إميل دوركايم: قواعد المنهج في علم الاجتماع، طبعة موفم للنشر، الجزائر، 1990، ص35.
[27] نفس المرجع، ص36.
ملاحظة : سنحصص بعض الأخطاء المطبعية في مناسبات أخرى، فالرجاء إعلامي بذلك
وهو التصنيف الذي اعتمدته وزارة التعليم العالي بكندا في 1989، ليدرس في مادة المنهجية، ويعرض الباحث ثلاثة مناهج نموذجية، دون أن يعني إغفال لأهمية المناهج الأخرى. وهذه المناهج هي المنهج التجريبي والمنهج التاريخي ومنهج الاستقصاء Investigation .
1.5- المنهج التجريبي:
يهدف المنهج التجريبي عند دراسته للظواهر إلى اختبار العلاقة السببية بين متغيراتها، حيث يستخدم تقنية التجريب (أي التجربة) لقياس هذه العلاقة، ويجب التسجيل بأن المنهج التجريبي أعم وأشمل من التجربة <<لأن التجربة لا تمثل إلا خطوة منهجية وإجرائية من المنهج التجريبي ذاته >>
وبالرغم من اشتهار العلوم الطبيعية باستخدام هذا المنهج إلا أن علماء العلوم الاجتماعي والإنسانية قد أثبتوا إمكانية استعمال هذا المنهج، من تبيان حقيقة التجربة ذاتها.
وفي هذا الصدد يميز العلماء بين التجربة الطبيعية، التي تحدث في واقع الحياة الطبيعية والاجتماعية، وهنا يحاول الباحث من خلال تدوين الملاحظات الدقيقة عن الواقعة، ومعرفة كل التفاصيل من خلال هذه التجربة التي يشهدها، وهو هذه الحالة لا يتحكم الباحث بالظاهرة التي يدرسها، ولا يمكنه التنبؤ بها أحيانا (البراكين، الثورات الاجتماعية...).
أما في التجربة المصطنعة فهو يهيئ شروطها ويضبط متغيراتها، ويعزل بعض العوامل ويستبعد التأثيرات الجانبية، ويتحكم في مجرى التجربة. بفضل الإمكانيات التي تتيحها التجارب داخل المخابر، ويقوم الباحث بإحداث تعديل في المتغير المستقل وملاحظة ما يحدثه ذلك من تغيُّـر في على المتغير التابع. وقد يكرر التجربة إذا توفرت الشروط التي تسمح بذلك.
فعند دراسة تأثير الصوت على الانتباه لدى التلاميذ، يجب استبعاد التأثيرات الجانبية مثل الضوء، لقياس تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع، ومعرفة درجة الانتباه لدرس أو لموضوع يُقرأ عليهم.
وقد وضع جون ستيوارت ميل عدة طرق لاختبار الفروض التي يضعها الباحث قبل التجربة، وهي تتمثل في طريقة الاتفاق وطريقة الاختلاف وطريقة التلازم في التغير( [12] ):
وتقوم طريقة الاتفاق على أساس أن تكرار وقوع الحدث وحدوث الظاهرة مع بقاء أحد العوامل ثابت في جميع الحالات مع تغير بقية العناصر يعني أن هذا العامل الثابت هو السبب في حدوث الظاهرة، ويمكن لمزيد مم التأكد من السبب أن نحذف العامل فنرى هل أثر غيابه على حدوث الظاهرة، فإذا لم تحدث الظاهرة دلّ ذلك على غياب السبب.
وتستعمل كثيرا طريقة الاختلاف في العلوم الطبيعية، لمعرفة درجة التأثير بدقة، غير أن هذه الطريقة تحتاج إلى مهارة كبيرة وإطلاع واسع لأن الباحث لا يمكنه الإحاطة جميع المتغيرات.
وفي هذه الحالة يمكن استخدام مجموعة لا يتم تعريضها لتأثير المتغير المستقل لتكون شاهدا على مدى استبعاد التأثيرات الجانبية وعلى ما يحدثه المتغير المستقل من تأثير على الجماعة التجريبيةGroupe expérimental، وتسمى الجماعة أو الجماعات التي لا تجرى عليها التجربة بالجماعة الضابطةGroupe de contrôle أو الجماعة الشاهدةGroupe témoin .
وتعترض هذه الطريقة عدة عقبات منها صعوبة إيجاد مجموعتين متكافئتين لتكون إحداها تجريبية والأخرى ضابطة، كما أن إدخال المتغير المستقل على المجموعة التجريبية قد يتطلب وقتا طويلا لحصول التغير.
ولتجاوز بعض هذه الصعوبات وضع الباحثون عدة تصميمات لاختيار المجموعات والتأكد من تأثير المتغير المستقل وقياس درجة هذا التأثير:
فقد يعمد الباحث إلى تثبيت المجموعة التي يدرسها فيستعملها كمجموعة تجريبية ومجموعة ضابطة، يقوم بتجربة قبلية بمعنى ملاحظة ما يريد دراسته ثم يدرسها بعد التجربة البعدية، ولكن رغم ذلك فقد تكون عملية القياس قبل التجربة قد خضعت لظروف وعوامل مختلفة عن تلك التي ظهرت بعد التجربة.
ويقترح البعض الآخر من العلماء القيام بالقياس قبل وبعد التجربة ولكن من خلال مجموعتين يجري عليهما القياس بالتبادل، وليس من خلال مجموعة واحدة، ولكن هذا لا يحل من مشكلة وصعوبة إيجاد مجموعتين متكافئتين في أغلب الأحيان، بالرغم من أهمية هذا النوع من التصميم الذي قد يقيس بدقة الفروق الحاصلة بعد التجربة.
وهناك من يفضل إجراء القياس القبلي والبعدي من خلال مجموعتين إحداها ضابطة والأخرى تجريبية. ويعتبر هذا النموذج هو الشائع، بل أن البعض يعتبره كافيا، على الرغم من أن البعض الآخر يضيف تصميما آخر يقوم على نفس الأساس أي القياس القبلي والبعدي مع استخدام مجموعة تجريبية ومجموعتين ضابطتين.
وأخيرا تستخدم طريقة التلازم في التغير في البحوث الحديثة بكثرة لقياس علاقة الترابط بين المتغيرات، ومعرفة النسبة الكمية بين السبب والنتيجة، حيث أن الزيادة في التغير في المتغير المستقبل يعقبها زيادة في التغير الحاصل على المتغير التابع.
وتعترض هذه الطريقة أيضا مثل تلك الصعوبات التي تعرفها الطرق الأخرى، ولذلك على الباحثين تكرار التجارب لضبط المتغيرات والوقوف على طبيعة ودرجة العلاقة بين المتغيرات، كما انه عليهم معرفة نوع العلاقة القائمة بين هذه المتغيرات، فقد تكون العلاقة وظيفية وليس سببية، أي تعبر عن الترابط بين متغيرات تتواجد في وقت واحد، وقد تكون تركيبية أو قرينية تحدث عند توفر عدد من المتغيرات المتتابعة التأثير كما هو الحال بالنسبة لظاهرة المطر.
2.5- المنهج التاريخي:
يعتبر المنهج التاريخي من المناهج الرائدة في علم الاجتماع، بل كان له الفضل في تأسيس علم الاجتماع الخلدوني، وقد ساعد فيكو على وضع بعض النظريات الاجتماعية، وكان لنزعة التطور التي دفعت بالمفكرين والعلماء إلى التأمل في تطور البشرية إلى وضع نظريات كبرى أسست لعلم الاجتماع، ودفعت بأوجست كونت إلى جعل دراسة التغير والديناميكا الاجتماعية أحد أس الدراسة في علم الاجتماع.
من المفيد التذكير بأن صلة التعاون التي انعقدت بين علم الاجتماع والتاريخ قد زادت اليوم بعد أن أضاف العلم التاريخي انشغالات جديدة إلى انشغاله الأساسي، والذي كان يقتصر على دراسة الأحداث الإنسانية الفريدة غير المتكررة المرتبطة بزمان معين ومكان محدد، بحيث كان كان كل ما هو خصوصي وفردي وفريد يقع ضمن مجاله ( [13] )، فقد أضحى اليوم بفضل الصياغات الجديدة لطرائق العلمية ومباحثه، لا يختلف بتاتا عمّا يقوم به عالم الاجتماع( [14] ).
وقد أشار نيقولا تيماشيف Nicholas S. Timasheff إلى هذا التقارب الكبير بين علم الاجتماع وعلم التاريخ، وهو حين أوضح بأن علم الاجتماع "لا يهتم بالحاضر فحسب، بل أنه يهتم كذلك بالصيغ الماضية للتساند؛ أو الاعتماد الإنساني المتبادل( [15] )"
وحسب " جوليان فروند" (Julien Freund) فإن الفضل الكبير يعود الابتكار المنهجي لماكس فيبر (MaxWeber) فبفضله أصبحت السوسيولوجية وعلم التاريخ يتبنيان نفس المسلك الاستقصائــي ( [16] ).
ولكن يجب أن نذكر بأن الفضل الأول في اكتشاف هذا التداخل بين علم الاجتماع وعلم التاريخ يرجع للعلامة ابن خلدون، الذي دعا إلى ضرورة قيام علم يتناول العمران البشري والاجتماع الإنساني، حتى يتسنى للمؤرخين تمحيص الروايات والأخبار.
فاكتشاف القوانين والانتظامات التي تحكم حركة المجتمع، يساعد المؤرخ على اكتساب رؤية سوسيولوجية لأبنية المجتمع وتطوراته، فيسمح له ذلك بتدقيق الأخبار والأحداث وِفق محك الواقع.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤرخ في المجتمعات الغربية، كان ولوقت قريب، يستعير من الفلسفة بعض قضاياها ومفاهيمها في دراساته المختلفة، ثم أصبح بعد ذلك يستعين بعلم الاجتماع، ويتزود بأطره المرجعية.
ويرجع الفضل إلى فلسفة التاريخ في تحقيق هذا التداخل والتعاون بينهما << فلقد ساعدت هذه الأخيرة على تأكيد تصور المراحل التاريخية، ومن ثم منحت التاريخ أفكارا نظرية واهتمامات لم تكن توجد على الإطلاق في أعمال المؤرخين الحوليين والإخباريين القدامى، كما زوّدت علم الاجتماع بفكرة النماذج التاريخية للمجتمع، وبالتالي قدّمت العناصر الأولى التي يرتكز عليها تصنيف المجتمعات ( [17] ) >>.
حدث هذا التقارب إذن بفضل التأثير الخاص لفلسفة التاريخ على تطور علم الاجتماع، حيث انطبع هذا التأثير على الاهتمامات الأولى لعلم الاجتماع، الذي انشغل في بداية تطوره، بمحاولة الكشف عن: << أصول وتطور وتحول النظم الاجتماعية، والمجتمعات، والحضارات. وهو يأخذ في اعتباره سلسلة التاريخ الإنساني بأكملها، وجميع النظم الرئيسية الموجودة في المجتمع، كما يتمثل في أعمال كونت وسبنسر وهوبهوس، أو بالتطور الكامل الذي قطعه نظام اجتماعي معين، كما يبدو ذلك في مؤلف "وسترمارك" Westermarck: "تاريخ الزواج الإنسانـي" History of human marriage أو مؤلف "أوبنهايمر Oppenheimer: "الدولة" ( [18] )>>.
وحدث التقارب بعد ذلك بفضل الأعمال السوسيولوجية -التي قادها على وجه الخصوص ماكس فيبر، ومن تبعه مِن المفكرين المعاصرين من أمثال رايت ميلز وريمون آرون- بين ما يعرف بالتاريخ الاجتماعي وعلم الاجتماع التاريخي.
وساهمت أيضا الحولية التاريخية التي أسسها وأشرف عليها "لوسيان لوفبر" Lucien Lefebvre في تمتين عُرى التعاون، وتحقيق فرص الالتقاء بين المؤرخين وعلماء الاجتماع، حتى أصبح من البديهي القول مع لوسيان جولدمانLucien Goldmann أن<<أيّ واقعة اجتماعي تُعدّ واقعةً تاريخية، والعكس صحيح، مما يعني أنّ علم الاجتماع والتاريخ يدرسان نفس الظواهـر( [19] )>>.
ويُرجع فارند برودل Fernand Braudel أسباب التداخل بين علم الاجتماع وعلم التاريخ في فرنسا إلى جملة من الاعتبارات، منها:
- النزعة "الكلية" Globale التي يتفرد بها العِلمان من بين العلوم الاجتماعيـة، وهذا ما أشار إليه جورج جورفيتشGeorges Gurvitsh عندما بين بأن: <<التاريخ هو المنافس الوحيد لعلم الاجتماع، عند دراسة الظواهر الاجتماعية العامة الكلية،في حالِ تطورها وتدهورها ( [20] )>>.
- وحسب جورفيتش دائما فإن <<مشكلة العلاقة بين السوسيولوجية والتاريخ تصبح مطروحة بقوة، عبر مسألة التفسير ( [21] )>> ويقصد بذلك تفسير الوقائع، فهناك إذن تداخل بين العلمين في طريقة تفسير الوقائع والأحداث، فقد يتبنّى المؤرخ التفسير المادي للتاريخ، فيقترب بعمله هذا من عالم الاجتماع، أو قد ينطلق من التحليل الفيبري (نسبة إلى ماكس فيبر) عند "انتقاء" وتفسير الأحداث التاريخية، وفي هذه الحالة، يصبح ما نسميه <<تفسيرا ليس إلا الطريقة؛ التي تُنظم القصّة نفسها بها؛ داخل حبكةٍ قابلةٍ للفهم ( [22] ) >>.
- علاوة على ذلك، فهما يشتركان في بعض المباحث إلى درجة لا يمكن الفصل بينهما، كما هو الشأن بين سوسيولوجية الفن وتاريخ الفن، وبين علم الاجتماع العمل وتاريخ العمل، وبين علم اجتماع الأدب وتاريخ الأدب، ومن مظاهر التداخل بين العلمين أيضا: اتجاه المفردات إلى التوحّد بين كليهما ( [23] )>>.
وخلاصة للقول، فإن التداخل بين هذين العلمين، يجعل من الصعوبة بمكان الفصلَ بين الماضي والحاضر، فالحاضر يتشكل ويتخذ ملامحه من خلال مسيرة تاريخية طويلة، بحيث يصعب تفسير وقائعه؛ أو فهم أحداثه من دون الرجوع إلى جذوره التاريخية. والعكس صحيح، فلا يمكن لمن يدرس الماضي أن يستغني عن المفاهيم والمقولات، التي توصل إليها علماء الاجتماع في الوقت الحاضر.
هذا، ويهدف المنهج التاريخي، كما سبقت الإشارة، إلى إعادة بناء الماضي من خلال الوثائق والسجلات، وكأي منهج فإنه يتضمن إجراءات خاصة، إذ أنه قبل التعامل مع الوثائق يقترح المنهج التاريخي طرق وإجراءات نقدية خاصة بها للتحقق من صحة الوثيقة ومن صدق محتواها، وذلك من خلال النقد الخارجيCritique externe والنقد الداخلي Critique externe:
1- ويرمي النقد الخارجي إلى التأكد من أصالة الوثيقة من خلال استنطاق تاريخها ومعرفة كاتبها أو كتابها والموطن الذي تدل عليه والذي كتبت فيه، إلى آخر من المباحث التي بفضلها يتم استبعاد الوثائق المغشوشة أو طرح الروايات المزيفة الكاذبة.
ويرجع الفضل للمسلمين في تطوير علم خاص يهتم بالتأكد من صحة المضامين المنقولة شفهيا، ويسمى هذا العلم بعلم الحديث، وهو وإن كان يدرس الوثائق الشفهية، لأن الحديث نقل بواسطة رجال كان بمثابة وثائق تتحرك. إلا أنه يخضع لنفس معايير نقد الوثائق.
ظهر هذا العلم بهدف تفادي الروايات الكاذبة التي ظهرت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فبعد أن عمت الفتن وبدأت أوصال الدولة الإسلامية الأولى تتمزق، كثر وضع الأحاديث لإضفاء شرعية على آراء سياسة ومذهبية وأحيانا على تصرفات تعود بالمنفعية على صاحبها. مما استدعى وضع موازين ومقاييس لتمييز الصحيح من الضعيف.
ويتمثل النقد الخارجي في هذا العلم في مجمل العلوم التي اختصت بضبط أسانيد الأحاديث، وهي تتمحور حول ثلاثة علوم وهي: علم تاريخ الرواة، وعلم الجرح والتعديل وعلم علل الحديث:
أ- ويختص علم تاريخ الرواة بدراسة نشأة الراوي وتاريخه ومراحل تعلمه وعمن أخذ العلم والرواية، للتأكد من صحة نقلهم ومدى صدقهم ودقتهم وأمانتهم. ويوضح أحد كبار العلماء (وهو سفيان الثوري) كيف استعمل السياق الزمني للتأكد من صدق الرواي، الذي يفترض فيه أنه عايش من روى عنه بقوله: " لما استعمل الرواة الكذب استعملنا التاريخ ".
ب- أما علم الجرح والتعديل، فيقصد بالجرح كشف أحوال الرواة مما يشينهم ويطعن في روايتهم، ويقصد بالتعديل إظهار الأسباب الموجبة لقبول رواية الحديث من رجال السند. وهو من أعظم العلوم لأنه بحث في أحوال وتاريخ المئات الآلاف من رواة الأحاديث في أزمان مختلفة وأوطان متباعدة وأطر اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية متباينة، وبطرق خاصة وألفاظ مخصوصة واصطلاحات منضبطة.
ج- أما علم علل الحديث فيبحث في الأحاديث المعلولة، والأسباب الغامضة أو الكامنة التي تطعن في صحتها. وهو علم صعب يتطلب قدرات كبيرة للوقوف على العلل( [24] ).
2- ويقصد بالنقد الداخلي للوثيقة، والذي قد يطلق عليه نقد التأويل أو المصداقية، فيرمي إلى التأكد من الدلالات الحقيقية لمحتوى الوثيقة. أي أن الناقد ينكب على دراسة المحتوى وعلى أسباب إصداره، فيحاول الوقوف على ما قيل، والمقصود من ذلك، وفي أي سياق قيل أو كتب ذلك، ويحاول الناقد معرفة العصر الذي ظهرت فيه الوثيقة، والشواهد التي تدعمها أو تدحضها، وهل كان الكاتب شاهدا أم راويا للخبر عن غيره.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن العلماء المسلمين وضعوا مقاييس للحكم على المحتوى (المتن) الموضوع منها: أن يكون ركيكا أو مشتملا على خطأ نحوي، أو أن يكون مخالفا للعقل والحس لا يقبل التأويل، أو أن يتضمن نوعا من الدعاية السياسية أو المذهبي لشخص أو توع معين من الطعام أو الشراب.
ومن العلوم التي تهتم بصحة محتوى الحديث أي المتن: علم غريب الحديث، وعلم مختلِف الحديث وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه.
أ- فعلم غريب الحديث يهدف إلى تيسير فهم محتواه، والكشف عن معانيه الغريبة على من خفيت عليه معانية، خاصة المتأخرين الذين بعُد بهم الزمن عن الفصاحة العربية بعد أن انحسرت السليقة العربية، بفعل مخالطة العجم، ودخول اللغات الأجنبية إلى الفضاء اللغوي في المجتمعات العربية، وبهذا فهدف هذا العلم ليس التحقق من صحة الرواية بقدر ما يهدف إلى تقريب معانيها، وربما لكي لا يكون لك مظنة لرفض المحتوى أو عدم الأخذ به.
ب- في حين أن علم مختلِف الحديث، والذي يطلق عليه "علم تلفيق الحديث" يبحث في الأحاديث التي تبدو لأول وهلة متعارضة، بقصد التوفيق فيما بينها، وهكذا يتم الأخذ بين محتويات هذه الأحاديث بعد غربلتها والتوفيق بينها فيقيد المطلق ويُخصص العام، ويتم الترجيح بين ما يكشف عن التعارض بين المحتويات..الخ
ج- وقد يحتاج الأمر إلى معرفة ترتيبها الزمني لأن المتأخر قد يبطل العمل بالمتقدم، وهذا ما يوضحه علم الناسخ والمنسوخ. وهكذا فإن هذه العلوم تتضافر مع بعضها البعض لتبسط عملية استنباط الحكام منها، والأخذ بها في المجالات المختلفة الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية والمالية والاقتصادية.
وما دمنا نتحدث عن إسهام المسلمين نذكِّر مرة أخرى أن فضل تطوير هذا المنهج التاريخي يعود الفضل الأول فيه إلى العلامة عبد الرحمان بن خلدون الذي كان أول من سعى إلى عقلنة التاريخ وتخليصه من الأساطير عند دراسة تاريخ الدول والمجتمعات، حيث قاده ذلك إلى اكتشاف علم جديد له مجاله وقوانينه.
وكان هذا العلم هو أداته المثلى لتمحيص صحة المرويات والوثائق التاريخية عن المجتمعات والدول. وهكذا اقتضى منهج التحقيق التاريخي الذي تبناه بلورة مثل علم الجديد، فكما يقول ابن خلدون ففنُّ التاريخ "محتاج إلى مآخذ متعددة، ومعارف متنوعة، وحسن نظر وتثبت، يفضيان بصاحبهما إلى الحق، ويُنكبان به عن المزلات والمغالط، لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل، ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب، فربما لم يُؤمن فيها من العثور ومزلة القدم، والحيد عن جادة الصدق.( [sup][25] [/sup]) "
3.5- المنهج الاستقصائي
ويعتبر منهج الاستقصاء ثالث المناهج النموذجية عند موريس أنجرس، وهو من المناهج المعاصرة، الذي يُعتمد عند دراسة القطاعات العريضة من السكان. حيث يسمح بدراسة طريقة تفكير وحياة السكان.
ولذلك يمكن أن يستعمل عدة تقنيات، وبالطبع تحدد أهداف الدراسة نوع التقنيات المستخدمة، فقد تكون الدراسة وصفية عند دراسة سبر الآراء، وقد تكون تصنيفية عند إحصاء السكان، وقد تكون تفسيرية كما هو الشأن في الاستبيان، أو تكون من أجل الفهم Compréhensive كما هو الحال مع المقابلة والملاحظة المباشرة (ضمن الموقف) Observation en situation.
وبسبب تعذر الدراسات الشاملة فكثير ما يلجا الباحثون إلى اللجوء إلى المعاينة، بحيث يختار جزء ( أي عينة) من السكان. وقد خصصنا المحاضرة الأخيرة للتطرق إلى بعض المناهج التي تستخدم في دراسة السكان، مثل القياس الاجتماعي وسبر الآراء.
خصائص مناهج البحث الثلاث
| المنهج التجريبي | المنهج التاريخي | منهج الاستقصاء |
الأهداف | أسباب الظاهرة | استرداد الماضي | متعددة حسب الهدف من الدراسة |
الوسائل | التجربة | نقد داخلي ونقد خارجي | مختلف تقنيات جمع البيانات |
الموضوع | ظواهر قابلة للقياس | ظواهر تاريخية | ظواهر سكانية أو تتعلق بالسكان |
ثالثا- العلاقة بين المنهج والبحث:
يعتبر المنهج جزءا رئيسا ضمن القواعد والإجراءات التي يتقيد بها البحث العلمي لبلورة المشكلة موضوع البحث، فضلا عن أنه القائد الذي يأخذ بيد البحث أثناء الانتقال من خطوة منهجية إلى أخرى.
ويرجع الفضل إلى دوركايم في إبراز أهمية الالتزام بقواعد المنهج العلمي في دراسة الظواهر الاجتماعية، في حين لم يتفطن أسلافه إلى ذلك، ويكشف النص القادم عن ذلك بوضوح تام ، يقول دوركايم:
<< لم يهتم علماء الاجتماع اهتماما كبيرا، حتى يومنا هذا، بتحديد وتعريف الطريقة التي يستخدمونها في دراسة الظواهر الاجتماعية. وهكذا نجد أن مشكلة الطريقة لا تشغل حيزا ما في كل ما أنتجه "سبنسر" وذلك لأنه لم يكرس كتابه المسمى " المدخل إلى علم الاجتماع" - ذلك الكتاب الذي ربما خدعنا عنوانه- لبيان الطرق التي ينبغي استخدامها في علم الاجتماع، والأسباب التي تيسر له الخروج إلى حيز الوجود.
<< حقا إن "ستيوارت مل" قد اهتم اهتماما كبيرا بمسألة الطريقة. ولكنه لم يفعل شيئا سوى أن غربل بطريقته الجدية كل ما قاله "أوجست كونت" في هذا الصـدد، دون أن يزيد عنه شيئا جديدا يمكن القول حقيقة بأنه إنتاج شخصي من جانبه، ومن ثم فإننا لا نكاد نجد في هذا الموضوع سـوى بحثا فذا هامـا، هو أحد الفصـول التي كتبها أوجست كونت في كتابـه "دروس في الفلسفة الوضعية"( [26] )>>.
إذن بقي اهتمام أسلافه منحصرا ضمن << نطاق النظريات العامة التي تتعلق بطبيعة المجتمعات وبالعلاقات التي تربط العالم الاجتماعي بالعالم البيولوجي، أو التي تتصل بتقدم الإنسانية… ولذلك بقي عدد كبير من المسائل المعلقة التي لا تجد حلا كالمسائل الآتية: ما الحيطة التي يجب أن يتخذها الباحث في أثناء المشاكل الاجتماعية الرئيسية ؟ وما الاتجاه العام الذي يجب أن توجه فيه البحوث؟ وما الطرق الخاصة التي تسمح لهذه البحوث بأن تكون منتجة ؟ وما القواعد التي يجب أن تحتل المقام الأول لدى إقامة الأدلة.( [27] )>>
وقد وضع دوركايم جملة من القواعد التي يجب التقيد بها الباحثون الاجتماعيون، كان لها الأثر البارز في تطور الدراسات السوسيولوجية، كما أنها رسخت مرة أخرى الفكرة القائلة بترابط المنهج العلمي والبحث العلمي.
فمن العسير تصور نجاح البحوث العلمية من تقيدها الصارم بخطوات المنهج العلمي، وتبنيها لأساليب وطرق من شأنها أن ترسم لها معالم الاستقصاء.
- [1] Madeleine Grawitz, Lexiques des sciences sociales, 7°editions, Paris,Dalloz,1999,p272 & méthodes des sciences sociales, op. Cit, p348.
- [2] Maurice Angers, op. Cit, p 18.
- [3] Ibid, p20.
- [4] Ibid, p60.
[5] - يخلط البعض بين الرياضيات والتكميم Quantification فالرياضيات في أساسها كما يقولG Gilbaud كيفية(نوعية) وهناك إلى جانب الرياضيات الأساسية الرياضيات العددية.. لمزيد من التفصيل:
M. Grawitz, La méthode des sciences sociales, pp. 363-365.
[6] - لمزيد من التوسع:
Raymond Boudon: Les méthodes en sociologie, 10° éditions, Paris, PUF, 1995, pp.86-96.
[7] - M.Grawitz: La méthode des sciences sociales, p. 362.
[8] - عبد الباسط عبد المعطي، أصول البحث الاجتماعي، مرجع سبق ذكره، ص 212-216
[9] - يرى البعض ان المنهج الوصفي لا يتضمن التفسير ، ولذلك تجدهم عند الحديث عن التفسير يشيرون إلى المنهج الوصفي التحليلي ، وهذا اجتهاد منهم فالوصف قد يكون وصفا للشيىء كما هو وقد يتضمن إجابات عن سؤال لماذا إذا حلل الشيىء وتم التعرف على الارتباطات بين العناصر،
10] - نفس المرجع، ص217-219.
[11] M/Angers, op. Cit, pp61- 66.
[12] - لمزيد من التوسع أنظر عبد الباسط محمد حسن، مرجع سبق ذكره، ص286-295.
[13] Fernand Braudel, «Histoire et sociologie» in : G. Gurvich, Traité de sociologie, TI, 3°Edition, Paris, PUF, 1962, pp. 85-86.
[14] - من المفارقات العجيبة أن يتأسف بعد ذلك فرند برودل أي بعد كتابته للمقال المذكور أعلاه، عن اختفاء ذلك التعاون بين علم الاجتماع والتاريخ بعد رحيل جورج جورفيتش، صاحب مفهوم "المجتمعات الكلية " أنظر:
Fernand Braudel, Ecrits sur l'histoire, Paris, Ed De Flammarion, 1969, p7.
[15] - نيقولا تيماشيف، مرجع سبق ذكره،ص31.
[16] - جوليان فرند، سوسيولوجية ماكس فيبر، ترجمة جورج أبي صالح، بيروت: مركز الإنماء القومي، ب ت، ص69.
[17] - توم بوتومور، تمهيد في علم الاجتماع، ترجمة محمد الجوهري وآخرون، الطبعة الخامسة، القاهرة: دار المعارف، 1981، ص109.
[18] - نفس المرجع، ص80.
[19] - Lucien Goldmann, Sciences humains et philosophie, Paris : Editions Gonthier, 1966, p19.
[20] - Georges Gurvitch, La vocation actuelle de la sociologie, (antécédents et perspectives) TII , 3° édition, Paris, PUF, 1969, p477.
[21] - Ibid.
[22] - نفس المرجع السابق، ص113.
- [23] Fernand Braudel, Art. Cit, pp. 88-90.
[24] لمزيد من التوسع أنظر بكري شيخ أمين: أدب الحديث النبوي، الطبعة الخامسة، القاهرة، دار الشروق، 1981، ص95-68.
[25] عبد الرحمان بن خلدون، مرجع سبق ذكره، ص14.
[26] - إميل دوركايم: قواعد المنهج في علم الاجتماع، طبعة موفم للنشر، الجزائر، 1990، ص35.
[27] نفس المرجع، ص36.
ملاحظة : سنحصص بعض الأخطاء المطبعية في مناسبات أخرى، فالرجاء إعلامي بذلك
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
♕ فخآمة أوركيـد ♕- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهجائزه الاعجابات
- عدد الرسائل : 1176
العمل/الترفيه : ترى كل الفصول " اربع " .. وحبكـ فصلي ... الخـــامس .. !
الابراج :
الموقع : الحديث مع روح تحبها سعادة تغنيك عن الدنيا
احترام القانون :
المزاج : كليوباترا
نقاط : 21153
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 28/02/2008
تعاليق : جــالــسه ببحـالــي ولـحـالــي
هـزنــي الــشــوق وذكــرتــك
يعني معقولة يا غالي كل هذا وما وحشتك ؟؟
------------
الأهمية في البحث العلمي تعني القيمة والأثر الذي يمكن أن يحققه البحث العلمي
في حل المشكلات وتطوير المعرفة في مجال معين، و يتم تحقيق الأهمية من خلال
توفير إجابات واضحة ودقيقة للأسئلة البحثية، وتقديم حلول للتحديات العلمية والتكنولوجية المعقدة.
رد: المنهج العلمي والبحث
شكرا سيدي المبدع
حسناء- ☆ الأعضاء ☆
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوام
- عدد الرسائل : 1
الابراج :
احترام القانون :
نقاط : 5125
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 07/03/2011
مواضيع مماثلة
» خصائص المنهج التجريبي في البحث العلمي
» أول مؤتمر وزاري أورو– متوسطي حول التعليم العالي والبحث العلمي
» المساعدة والمشورة في مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والبحث العلمي
» المساعدة والمشورة في مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والبحث العلمي
» الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والابتكار والإبداع والريادة صندوق دعم البحث العلمي 2016 -2025
» أول مؤتمر وزاري أورو– متوسطي حول التعليم العالي والبحث العلمي
» المساعدة والمشورة في مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والبحث العلمي
» المساعدة والمشورة في مشاريع التخرج ورسائل الماجستير والبحث العلمي
» الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والابتكار والإبداع والريادة صندوق دعم البحث العلمي 2016 -2025
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى