مسئولية المطلعين على أسرار تداول الأسهم

مما لا شك فيه أن اقتناص الفرص وتحقيق الأرباح وجني ثمار الاستثمار أو بالعكس الحد من المخاطر والخسائر، ويعود ذلك و بشكل أساسي إلى توافر المعلومات والبيانات التي على أساسها تبنى القرارات وتحدد سير نجاح أو فشل أي عملية كانت ، فكيف يكون الحال إذا تعلق الأمر بالمعلومات المتعلقة بإدارة الأموال واستثمارها من خلال البورصة بشراء الأسهم وتداولها .
وعليه سوف نلقي الضوء على أهمية هذه المعلومات في صناعة القرار الاستثماري المالي ومسئولية المطلعين على البيانات السرية الخاصة بالأسهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب صغار المستثمرين وصناع السوق .
أولاً : قيمة المعلومات ودورها بتكوين ثقة المستثمر
إن قوة سوق المال وحركته تعتمد بشكل أساسي على نشاط الشركات المالية ومركزها وإنتاجيتها وهذه الأخيرة تسوق نفسها لكسب ثقة المستثمرين من خلال البيانات والمؤشرات والتقارير والتحليلات والدراسات وغيرها من المعلومات التي تنشرها للعموم بعد وضعها من قبل جهازها وكادرها الإداري القائم بأعمالها .
وعليه فإن لثقة جمهور المستثمرين وحملة الأسهم في إدارة الشركات درجة الائتمان والضمانات التي تمنحها له تنعكس على نوعية وتدفق المعلومات للمستثمرين بشكل منصف ومتكافئ وشفاف ، وبالمقابل يوجد ممارسات غير أخلاقية أو قانونية كترويج الإشاعات والتلاعب المدبر بأسعار السوق المالية ، وهنا تظهر فئة من المستفيدين تمارس أعمال الغش والتحايل والخداع وخيانة الأمانة من خلال إطلاعها على المعلومات السرية والهامة واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية مباشرة أو غير مباشرة عبر نقل المعلومة وبيعها للغير .
ثانياً : دور ومسئولية المطلعين
-1 دور المطلعين على المعلومات
نظراً لطبيعة الأعمال التي يقوم بها المطلع بحكم وظيفته فهو يستغل مركزه لتحقيق كسب غير مشروع من خلال إفشاء أو بيع المعلومات مع أن الدور الأخلاقي والضمير المهني يفرض عليه بعض الالتزامات نذكر أهمها :
- واجب كتمان وعدم إفشاء المعلومات الهامة والسرية لأي جهة كانت ولأي سبب كان.
- التزام الأمانة والولاء.
- التزام حسن النية وإظهار الثقة والامتناع عن الاستفادة الشخصية.
- التزام الأمانة وحسن التنفيذ بالوكالة بصفته أمين ووكيل عن الشركة .
-2 مسئولية المطلع
تأسيساً على ما تقدم فإن مسئولية المطلع تتحقق بمجرد إخلاله بما تقدم من التزامات حتى وإن لم يلحق ضرراً بالشركة التي يعمل لصالحها، فهو يكون قد ارتكب أفعال يعاقب عليها القانون المدني أو الجزائي وبالتالي تجد نصوصا كثيرة مكان لتطبيق أو لوصف ومعاقبة الأفعال التي يرتكبها المطلع والمستفيد بحكم وظيفته وفقاً لطبيعة المعلومات المحظور تداولها وإفشائها للغير إلا أنه وفقاً لقانون الجزاء رقم (6 لسنة 1960) وسنداً لمبدأ عدم جواز القياس في المسائل الجزائية وعليه يختلف الوصف الجرمي للأفعال المرتكبة من المطلع بين الغش والخداع وإساءة الأمانة واحتيال وغيرها بسبب جني أرباح أو تفاديه خسائر محققة بكتمانه أو إفشائه للمعلومات وبذلك يخرق أو يخل بموجب الثقة الائتمانية والشفافية الملزمة على أسرار تداول الأسهم " .
إلا أن عدم النص صراحة على تجريم هكذا أفعال يخلق غموض ولبس في مساءلة المطلع وبالتالي يشجع ويفتح الباب أمام هذه أفعال .
وبالعودة إلى المراسيم واللوائح الداخلية لسوق الكويت للأوراق المالية ترى بأنها لم تتطرق إلى مسألة محاسبة أي من العاملين في حال إطلاعهم على المعلومات الهامة والسرية الخاصة بتداول الأسهم وإفشائها للغير إلا بصورة خجولة ومقتضبة حيث تناولتها المادة (25 فقرة ز) من اللائحة الداخلية للسوق ، فضلاً عن المادة (6) من مرسوم إدراج الوسطاء ومعاونيهم في سوق الكويت للأوراق المالية وبالقرار رقم (3 لسنة 1984) الخاصة بتشكيل لجنة التأديب والإجراءات المتبعة لها .
أمام هذا القصور وعدم النص صراحة على تجريم هكذا أفعال تبدو الحاجة ملحة لإجراء تعديل أو النص على معاقبة فعل هكذا أفعال مجرمة.
--------------------------------------------------------------------------------

بقلم: أ. المحامي: عبدالله باقر الكندري