الحلقة البحثية حول " الطفل أفضل استثمار للمستقبل "

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة البحثية حول " الطفل أفضل استثمار للمستقبل "

واجهت ثقافة الطفل في العقود الأخيرة من القرن العشرين ، عدداً من أهم المتغيرات و التحديات من

أبرزها سيادة ثقافة الحوار و الإبداع بدلاً من أساليب الحفظ و التلقين ، و إعادة صياغة الثقافات

الموروثة بما يتمشي مع منجزات العصر ، مع اتضاح الدور الرئيسي للحواس في تنمية قدرات الطفل

بدلاً من الاعتماد على الكلمة وحدها ، و منافسة الكمبيوتر و الإنترنت و المجلة للكتاب .

كما تنبه المجتمع إلى قضايا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة " المعوقين " و أطفال الشوارع

و المرضى و هو ما يحتم ابتكار الوسائل لتنمية التفكير العلمي خاصة لصغار الأطفال مع ضرورة

التأكيد على القيم المجتمعية الهامة كالمحافظة على البيئة ، و الانتماء للوطن ، و الاعتماد على

النفس .. إلخ .

و لما كان كتاب الطفل و مجلته من أهم الوسائل لتنمية مختلف جوانب الطفل و تثقيفه فلابد له أن يواجه

بنجاح هذه المتغيرات و التحديات.

أولاً : تقريب الكتاب إلى المجلة :

بدأت كتب الأطفال في تطوير شكلها و أساليب عرض موضوعاتها لتستفيد من عناصر الجاذبية

و التشويق التي تتمتع بها المجلات و يظهر ذلك فيما يلي :-

1. استخدام أسلوب الرسوم المتسلسلة " الإستربس " في كتب الأطفال مع الحرص
على تقديم نص أدبي متكامل خارج الرسوم و ليس في بالونات داخل الرسوم.

2. استخدام أساليب الإخراج الصحفي و خاصة التوسع في استخدام العناوين و الصور الفوتوغرافية و الرسوم الملونة لتقديم صفحات جذابة .

3. أن يتناول الكتاب أكثر من موضوع واحد و بذلك يشارك في الكتاب أكثر من مؤلف و رسام لتحقيق نوع من التنوع مثل موسوعة " المعرفة ".

4. صدور سلاسل من الكتب بصفة دورية مثل " كتب الهلال للأولاد و البنات "
على أن يحتوي الجزء الأخير من كل كتاب على ما يشبه مجلة حقيقية .

5. احتواء الكتاب على بعض الأنشطة . . مثل الكلمات المتقاطعة و إكمال بعض
الرسوم و تلوينها .. إلخ . على أن تكون مرتبطة بموضوع الكتاب لتحقيق
المشاركة بين الطفل و موضوع الكتاب .

6. تقديم بعض الرسوم الكاركاتيرية لإضافة روح المرح على جو الكتاب .

7. تضمين الكتاب بعض الإعلانات للعمل على تخفيض ثمن الكتاب .

ثانيًا : تقريب المجلة إلى الكتاب:

1. تقديم الموضوع بأساليب مختلفة كي يتم تغطيته على نحو متكامل و هذا هو أهم مميزات الكتاب .

2. استخدام أسلوب الرسوم المتسلسلة" الإستربس "لتقديم الثقافة العلمية و
التاريخية و غيرهما بدلاً من الاقتصار على تقديم الموضوعات القصصية .

3. إعطاء قدر كاف من الاهتمام لتقديم المستقبل من خلال آخر اكتشافات العلم مع تجنب المصطلح العلمي و الإكثار من الأمثلة .

4. تناول موضوعات تضيف خبرة و معلومة تتكامل مع المناهج المدرسية.

5. استخدام وسائل متعددة و جذابة لتنبيه الأطفال لأفضل الكتب المناسبة لهم .

6. إقامة مسابقات ترتبط باستخدام القراء لدوائر المعارف و القاموس و المعجم لتشجيع الأطفال على التعلم الذاتي .

7. الاهتمام بالمعاصرة لمساعدة الطفل على أن يعيش أحداث عصره من كافة النواحي و تقديم ذلك بأسلوب يتناسب مع قدرة الأطفال .

8. تنمية مشاعر الانتماء عند الأطفال .

9. الاهتمام بالمشاكل التي تواجه الأطفال في حياتهم العائلية و اليومية .

ثالثًا : القراءة بالحواس الخمس:

أدرك المشاركون في تقديم كتب الأطفال الدور الأساسي لمختلف حواس الطفل في التعامل فبدأت ثورة

حقيقية في تكنولوجيا كتب صغار الأطفال تهدف إلى إشراك أكبر عدد من حواس الطفل في التعامل مع

الكتاب مثل اللمس و السمع و الشم فأصبحنا نجد الآلاف من الكتب التي تقترب من الألعاب فهي تتجسم

و بها أجزاء تتحرك أو تصدر عنها أصوات و موسيقى ، أو يتحسس الطفل صفحاتها أو يشمها.

كذلك انتشرت كتب صفحاتها ليست من الأوراق بل من القماش و البلاستيك الشفاف حتى يستطيع الطفل

تكوين صور جديدة أو ألوان جديدة عندما تنطبق على صفحة أخرى .

و نتيجة لهذه الثورة التكنولوجية لوحظ تزايد الإقبال بشكل غير مسبوق على الكتب الموجهة لسن ما

قبل المدرسة و نلحظ ذلك في كبرى مكتبات أوروبا و أمريكا و ذلك للأساليب و الأشكال الجديدة التي

نجحت من خلالها هذه الكتب في التعامل مع مختلف حواس الطفل فهي كتب تم إبداعها لتناسب أطفالاً

لم يتعلموا القراءة بعد ، كتب يقرؤها الأطفال ليست بالكلمات بل برؤية الرسوم تتجسم و تتحرك و

باللمس بالأصابع و الاستماع للموسيقى و الأصوات و الكلمات .

رابعًا : إعطاء الطفل دورًا أكثر إيجابية و تفاعلاً أثناء تعامله مع الكتاب :
لم تعد هذه الكتب تكتفي بما يتلقاه الطفل بحواسه من الكتاب بل أصبحت تلقى عليه أنواعًا من الأسئلة أو

الواجبات أو الأفعال و لكي يجد الإجابة أو يقوم بالاستجابة لابد أن يتفاعل مع الكتاب ، و يضيف إلى ما

يراه تدخل إضافي منه ثم يقوم الطفل بعمل إيجابي مرة أخيرة للتأكد من صحة إجاباته و استنتاجاته و

هو ما يساعده على تنمية قدراته على التعلم الذاتي.

خامسًا : ابتكار أساليب جديدة ، لتقديم الثقافة و المعرفة العلمية ، و تناول مختلف الموضوعات و الإجابة على أسئلة الأطفال ، بما يتناسب مع قدرات الأعمار المختلفة للأطفال ، خاصة الأعمار الصغيرة.

و ذلك مثل استخدام الكتب المجسمة و المتحركة و تقديم كتب لتنمية قدرات
عقلية متنوعة مثل التفكير المنطقي و التفكير النقدي و التعرف على الكل من
خلال الجزء.

سادسًا: كتب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

في مواجهة احتياجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يجب الاهتمام بأمرين:

الأول : تقديم كتب للأطفال العاديين لمساعدتهم على تقبل الطفل المعوق و إدماجه في محيطه الاجتماعي بغير حساسيات .
الثاني: إنتاج كتب تواجه احتياجات كل نوع من أنواع الإعاقة مع مراعاة اختلاف درجات الإعاقة .

سابعًا: الاهتمام بتعريف الأطفال العرب بأدب الأطفال الإفريقي و الأسيوى و أدب الأطفال في أمريكا اللاتينية

في ضوء المتغيرات العالمية الحالية لابد أن نعمل على انفتاح أطفالنا على مختلف ثقافات و حضارات

العالم حتى تكون لنا حرية اتخاذ القرار في علاقاتنا الدولية و بالتالي يجب اختيار ثقافات أخرى كالهندية

و الأفريقية و الآسيوية و أدب أمريكا اللاتينية لزيادة معرفة هذه الثقافات .

ثامنًا: إعداد أجيال جديدة من المؤلفين لأدب الأطفال :

? سيظل الاهتمام بتنمية مواهب الأجيال الجديدة من المبدعين في مجال أدب الأطفال هو أحد أهم الأولويات التي يجب أن نواجهها .

? كما يتعين أن تهدف الدراسات حول أدب الأطفال إلى زيادة الخبرة بأساليب تنمية علاقة الأطفال بأدب الأطفال لكي يصبحوا أكثر تذوقًا .

? و لاشك أن النجاح في الهدفين السابقين يمكن أن يساعد ذوي المواهب
الأدبية على صقل مواهبهم في التأليف أو النقد و ظهور أجيال جديدة من
الأدباء في مجال الطفل.

? و من أفضل الوسائل لتحقيق الأهداف السابقة ، إثارة المناقشات مع أصحاب
المواهب حول نماذج من روائع أدب الأطفال و إدارة الحوار الحر حول تلك
الأعمال .

? تشجيع المشاركين في الدراسات على اختيار بعض روائع أدب الأطفال و إعادة صياغتها في شكل مسرحيات أو تمثيليات للإذاعة و التليفزيون .

? تشجيع الدارسين على عرض إبداعاتهم الخاصة على زملائهم و مناقشتها من أنجح وسائل صقل الموهبة.

? يجب أن يكون الهدف من دراسة خصائص أدب الأطفال و تاريخه و أنواعه ليس
مجرد تزويد الدارسين بكم معلومات بل تنمية تذوقه و صقل حسه الأدبي و
مساعدته للوصول لمستوى أفضل .

? لا يمكن فصل دراسة النص في أدب الأطفال عن تنمية التذوق للرسوم و الإخراج .

? لا شك أن دراسة أدب الأطفال لا تكتمل إلا بدراسة موضوعات إعادة صياغة
أعمال كبار الأدباء للأطفال و الأدب الشعبي و الاستفادة من التراث العربي
في الكتابة للأطفال.

? موضوع خصائص أدب الأطفال المناسبة لمختلف الأعمار ستظل أحد الموضوعات الرئيسية قي دراسة أدب الأطفال .

? و تبقى أخيرًا أهمية دراسة أدب الخيال العلمي للأطفال و بينه و بين الأعمال الدخيلة على هذا اللون الأدبي الهام .

.............

للباحث يعقوب الشارونى
أستاذ أدب الطفل