التسخين فى العالم

منذ فجر الثورة الصناعية قبل 250 سنة ونشاط
الإنسان يحدث تغييرات هائلة في كيميائية الغلاف الجوي للعالم، فزادت نسبة
ثاني أكسيد الكربون CO2 في الغلاف الجوي بنسبة 31% والميثان بنسبة 151%
وأكسيد النيتروجين بنسبة 17% بالإضافة إلى غازات أخرى. وقد صنعنا مواد
كيميائية لم توجد في الطبيعة مثل الكلوروفلوروكاربون CFCs والذي يعتبر من
أقوى غازات البيت الزجاجي مع عدم نسيان ذكر طبقة الأوزون وما يحدث لها من
انشقاقات بسبب هذا الغاز.

■ ما هي ظاهرة التسخين العالمي؟

هي زيادة حرارة الكرة الأرضية عن المعدل الطبيعي كسبب ناتج عن تراكم غازات البيت الزجاجي في الغلاف الجوي.

ما هي ظاهرة البيت الزجاجي؟

إن أى شخص يقوم بوقف سيارته تحت الشمس في يوم صيفي سيلاحظ ظاهرة البيت
الزجاجي، حيث يقوم ضوء الشمس بالمرور من زجاج السيارة والتحول من طاقة
ضوئية إلى طاقة حرارية فتسخن السيارة من الداخل، وحيث أن الزجاج لا يسمح
للحرارة بالخروج من خلالها، فالحرارة لا تستطيع الخروج من الجوانب ولا من
الأرض والسقف لأنها جميعاً مغلقة، هذا تقريب لما يحدث للأرض الآن.

■ ما هي غازات البيت الزجاجي؟

هي مجموعة من الغازات التي توجد طبيعيا ومن فعل الإنسان، ويأتي بخار الماء
في المرتبة الأولى حيث يكون 60% - 70% من غازات البيت الزجاجي، وحيث أن
الإنسان ليس لدىه تأثير مباشر على معدل بخار الماء في الغلاف الجوي إلا أن
نشاطات الإنسان المختلفة تسبب زيادة في الغازات الأخرى والتي بدورها ترفع
درجة الحرارة مما يزيد من معدل تبخر مياه المحيطات والبحار، ويأتي ثاني
أكسيد الكربون ثم الميثان والكلورفلوركاربون، ولأن هذه الغازات تتكون من 3
ذرات أو أكثر CO2, CH4, N2O والتي تقوم بتكثيف الغلاف الجوي وتمنع حرارة
الشمس المنعكسة من سطح الأرض من الخروج من لغلافنا الجوي إلى الفضاء لولا
هذه العملية لكان العالم عبارة عن كرة ثلجية.

■ هــل ظاهـــــرة البيــت الزجاجــي ظــاهرة طبيعية؟

نعم هي ظاهرة طبيعية، فهي التي تحفظ حرارة الكرة الأرضية في توازن وتبقى
المحيطات سائلة، وبذلك نستطيع العيش براحة، ولكن النشاطات والصناعات التي
يقوم بها الإنسان تنتج غازات البيت الزجاجي أسرع من أن تسـتطيع دورة
الــكــرة الأرضيــة أن تتخلص منها.

■ ما هي أسباب حدوث التسخين العالمي؟

ظاهرة البيت الزجاجي المسببة للتسخين العالمي تأتي من عدة مصادر، حيث أن
المصدر الأساسي لإنتاج الطاقة الآن في الحضارات الصناعية هو حرق البترول،
فنحن نستخدم الفحم، الزيت والغازات الطبيعية لإنتاج الكهرباء، تبريد
مساكننا وتشغيل سيارتنا وهذه العمليات تنتج أساساً CO2 في الجو، غير أن
تغيير طبيعة الأراضي وإزالة الغابات من أجل التخطيط الزراعي له مســاهمات
كبيرة، فالأشجار تتنفس ثاني أكسيد الكربون CO2 الموجود في الجو وتطلـــق
أوكسجين 20 عكس عملية تنفس الإنسان مما يحدث توازن، وعند قطع هذه الأشجار
للاستــفادة منـــها بشــتى الوسائل، فإنــنا لانوقف تحويل ثاني أكسيد
الكربون فقط بل زدناه، لأننا في الحقيقة نقوم بإطلاق ثاني أكسيد الكربون
عند حرقها أو انحلالها.

■ هل التسخين العالمي يحدث فعلاً؟

بناءً على الدراسات العلمية ووفقاً للأكاديمية العالمية للعلوم إن درجة
حرارة العالم قد ارتفعت بمقدار 1 درجة مئوية في القرن الماضي المائة السنة
الأخيرة، وكذلك ذوبان قمم الجبال الثلجية والقطبين الشمالي والجنوبي، سبب
ارتفاع مستوى البحر من 10 -25 سم تقريباً، تكثف البخار إلى مطر زاد في
الأجواء المرتفعة وقل في المناطق الاستوائية، العواصف الممطرة والعواصف
الثلجية زادت 10% في أمريكا وكندا، وموسم الربيع سوف يحل قبل موعده في نصف
الكرة الشمالي، مع ملاحظة كثير من الكائنات الحية من الفراشات إلى
الحيوانات البحرية تتجه شمالاً مع ازدياد الحرارة، أما في المحيطات
الاستوائية، فالمرجان يموت بسبب زيادة حرارة المياه مما سوف يحدث خللاً في
الحياة البحرية وكل ذلك يهدد حياتنا نحن.

يتوقع العلماء أن زيادة حرارة المحيطات وذوبان القطبين قد يسبب ارتفاع
مستوى البحار حوالي 9 - 100 سم بحلول عام 2100م ، مما سوف يؤدي إلى حدوث
فيضانات للمناطق الساحلية والجزر وسقوط الأمطار بكثرة على مناطق وحدوث قحط
في مناطق أخرى، بالإضافة إلى أن زيادة سقوط الأمطار سوف يغير رطوبة التربة
وقد تؤثر على صحة الإنسان وزيادة الأمطار تعني زيادة في بخار الماء في
الجو، وزيادة الحرارة تعني زيادة في تكاثر البكتريا مما يؤدي إلى تلوث
الغذاء وزيادة الأمراض يتوقع العلماء أن الزيادة في درجة حرارة المناطق
الاستوائية سوف يصاحبها زيادة في أعداد البعوض المسبب لمرض الملاري.

بالإضافة إلى حدوث تقلبات في النظام البيئي والزراعي والاقتصادي واستخدام
الطاقة والمواصلات والكثير من الأمور المهمة في حياة الإنسان.

■ هل هناك علاقة بين التسخين العالمي وانشقاق طبقة الأوزون؟

ترتبط الظاهرتان بأن غاز الكلوروفلور وكاربون CFCs وهو كما ذكرنا أحد
غازات البيت الزجاجي من المؤثرات الأساسية للاثنين، وقد تم حاليا وقف
إنتاج الكلوروفلوروكاربون في الدول الصناعية الكبرى وقريبا في جميع
العالم، ولكن مثله مثل غاز ثاني أكسيد الكربون غاز قوي وكثيف ومن الممكن
أن يبقى في الغلاف الجوي لمائة سنة قبل أن نتخلص منه تماما، مما يعني أنه
سوف يستمر في التأثير على المناخ وطبقة الأوزون لمدة طويلة.

■ ماذا يمكن أن نقدم للأرض للحد من ظاهرة التسخين العالمي؟

يتوقع العلماء أن استخدامنا الجيد للطاقة وتوفيرها سوف يقلل من نسبة
التأثير على المناخ الحاصل الآن، مثل شراء اللمبات قليلة الصرف
للاستخدامات اليومية، إقفال الكمبيوتر أو التلفزيون عند عدم الاستخدام،
عدم شراء ثلاجات أكبر من الحاجة، استعمال وسائل أخرى لإنتاج الطاقة مثل
الخلايا الشمسية لتشغيل السخانات في الشتاء أو المراوح المنتجة للطاقة،
شراء المواد الغذائية من السوبر ماركت التي يعاد تكرير أغلفتها، زراعة
الأشجار والنباتات وخاصة المعمرة منها سوف يساعد في تقليل نسبة CO2، شراء
سيارات اقتصادية في استهلاك الوقود أو قيادة السيارة ببطء لصرف أقل للوقود
أو حتى استخدام المواصلات العامة والدراجات في المناطق التي يسمح جوها
بذلك، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الحكومات والمنظمات والجمعيات التي
تساهم في الحد من انتشار CO2 بالضغط على الشركات الصناعية وتوعية الناس
وخاصة في الدول الصناعية والتي من الممكن أن تشارك أنت في أحد هذه البرامج.

من هذه المنظمات: NASA, WMO, IPCC, GWA والعديد غيرها في جميع أنحاء العالم.

في عام 1980م قال العالم الشهير كارل ساجان في كتابه Cosmos:

"كوكبنا الأزرق الحبيب الأرض، هو المنزل الوحيد الذي نعرفه. الزهرة ساخن
جداً، والمريخ بارد جدا، ولكن الأرض مناسبه تماما، إنها جنة للإنسان في
الدنيا، وفي النهاية، هنا أقمنا حضارتنا، ولكن مناخنا قد لا يكون مستقرا.
نحن نقوم بإرباك كوكبنا المسكين بطرق خطيرة وجدية، هل هناك أي خطر يدفع
بيئة الأرض إلى التحول إلى جحيم الزهرة أو العالم الثلجي للمريخ؟ الجواب
البسيط هو أن لا أحداً يعلم. دراسة المناخ العالمي، ومقارنة الأرض
بالعوالم الأخرى، هي مواضيع في بداية مراحل التطور، فهي فقيرة وبالكاد
مدعومة. وفي ظل تجاهلنا، نستمر بالدفع والسحب، لتلويث غلافنا الجوي وإضاءة
اليابسة. والواضح واقعيا أن العواقب البعيدة المدى غير معروفة جداً.

فذكاء الإنسان والتكنولوجيا قد أعطتنا القوة للتأثير على المناخ، فكيف
سنستخدم هذه القوة؟ هل نحن مستعدون لتحمل التجاهل والرضى عن أمور قد تؤثر
على كل العائلة الإنسانية؟ هل نفضل التقدم في المدى القصير على رفاهية
الأرض؟ أم سوف نفكر بمقياس زمني طويل باهتمام لأولادنا وأحفادنا، لمعرفة
وحماية النظام المعقد المساند للحياة؟ الأرض عالم صغير وهش ويحتاج أن
نعطيه قدره".