من طرف ♕ فخآمة أوركيـد ♕ الأحد أغسطس 02, 2009 2:34 pm
[size=9]مِن نجيب محفوظ الى إحسان عبد القدوس... الرقص الشرقيّ والرقص الأدبيّ بيروت - محمد الحجيري
[url=mailto://][/url]
ثمة حادثتان معبّرتان في حياة الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، تتكرران دائماً في الأحاديث العابرة والبرامج التلفزيونية، بل في مفتتح المقالات والتعليقات الساخنة وعلى مواقع الإنترنت. حادثتان هما منطلق للحديث عن جوانب الرقص الشرقي في أدب محفوظ وإحسان عبد القدوس، مع الأخذ في الاعتبار أن الراقصة كوتشوك هانم كانت سحرت عشرات المثقفين، والراقصة تحية كاريوكا ألهمت إدوارد سعيد بنص ممتع والأمر نفسه مع شاكيرا التى «دوّخت» خيال الروائي غابرييل غارسيا ماركيز. تقول الحادثة الأولى إن محفوظ التقى صدفة بالراقصة فيفي عبده أثناء خروجهما من إحدى الحفلات، فظلا يتبادلان أطراف الحديث وهما في طريقهما إلى مواقف السيارات، وبدا الاختلاف واضحاً بين سيارة محفوظ وسيارة فيفي عبده، فالأولى كانت من نوع «فيات» قديمة جداً والثانية من نوع «مرسيدس» حديثة جداً. وعندما همّ محفوظ بركوب سيارته أشارت عبده إلى سيارة محفوظ باحتقار قائلة: «بُص الأدب عمل فيك إيه»؟! وأعلنت أنها تدعم المسيرة العربية والإسلامية عن طريق هز الوسط (أي هز البطن). ثمة من يقول ممازحاً عن لسان فيفي في قولها لمحفوظ: «شفت الأدب عملك إيه وقلة الأدب عملت لي إيه؟». تقول الحادثة الأخرى إن محفوظ لم ينس أن يهدي جائزة نوبل التي نالها إلى زبيدة الراقصة والعالمة في «ثلاثيته» التي نال عنها جائزة نوبل، وإن كان الإهداء يحمل طابع السخرية من تحوّل القيم، لأن الراقصة تجني أكثر مما يجني الأديب، لكن الإهداء يحمل في أعماقه تمسكاً بالحارة، بالمقاهي، بالعوالم، بكل شيء عزيز على قلب الروائي، من هنا كان صادقاً. نكتة الراقصة فيفي نكتة الراقصة فيفي مع أديب نوبل، صارت عبرة لمن اعتبر في الحياة الثقافية، على رغم أنها سخيفة، فالراقصة الفنانة والأديب كلاهما يبحث عن المجد في المعنى الجوهري، أما في زمن التسليع والابتذال، فتتساوى العبارات الأدبية السخيفة الآتية من الخيال السطحي، مع رقص «هزي يا نواعم» القائم على المفرقعات الجسدية سواء اللبنانية أو الأوروبية أو المصرية. ربما كان محفوظ يعي أن الراقصة تجني ربحاً في ليلة أكثر من إنتاج عشرات الكتب، لكنها حال الدنيا. تستخف الراقصة بالأديب ومعظم الأدباء يستخفون بالراقصات، وهلمّ جرّا. المهم القول إن الراقصة تملك ثراءً درامياً بحكم جسدها وإغوائها وعالمها وعلاقاتها. لكن في أجيال تالية بدأت هذه الشخصية تتقلّص أدبياً. فبعدما كانت موجودة في أعمال كتّاب الخمسينات من القرن الماضي، أخذت تنحسر بعض الشيء في أدب الستينات من القرن الماضي، وعندما تزايد عدد الكاتبات كانت الكتابة عن الراقصات قد تراجعت لدى معظم الكتاب، وبات الجنس أكثر حضوراً من شخصية المرأة نفسها، بمعنى أن المرأة تحضر ليحضر الجنس ولغة الفراش أو الحرية بين أربعة جدران. بين محفوظ والرقص الشرقي أو الراقصات والعالمات، ليس مجرد طرفة أو إهداء جائزة، فنص محفوظ ينسل من جسد الراقصات كما ينسل من الحارات القاهرية. هذا الكاتب أحد ابرز الذين تناولوا الرقص الشرقي في إبداعهم، قبل أن يكتب عنه إدوارد سعيد أو ماركيز أو غيرهما من أصحاب الأقلام الخضراء. كان محفوظ والروائي إحسان عبد القدوس صديقي الراقصة التي حازت إعجاب المشاهدين من عشاق الرقص الشرقي وهي سهير زكي، وكانت رمز الإلهام الذي جعل عبد القدوس يُحضر الراقصة في دور البطولة في كثير من أعماله الأدبية، أما بالنسبة إلى محفوظ فكانت زبيدة الراقصة ملهمته في الثلاثية، وحين أهداها الجائزة، كان يعلمنا في روايته أن المرأة المصرية ذات وجهين، إما ساقطة أو فاضلة رغم أنفها. فاضلة لأنها لم تستطع أن تسقط، إذ حبسها رجل ما وقيّد حريتها فصارت فاضلة، تسييراً لا اختياراً. فاضلة بسبب قبضة الرجل المسيطر على معصمها. لكن ماذا بقي اليوم من الأحوال التي كتب عنها محفوظ؟ يقول الباحث شريف الشافعي في كتابه «نجيب محفوظ... المكان الشعبي في رواياته بين الواقع والإبداع»: «ترك الزمن أثره وإيقاعه فتبدلت أشياء برع محفوظ في تثبيتها فنياً ومنحها روحاً متجددة». وأضاف في الكتاب الذي صدر في ذكرى ميلاد محفوظ الخامس والتسعين: «ها هي أمكنة روايات نجيب محفوظ تمتثل لقانون التغيير الأزلي... العطفة تتحوّل إلى الشارع، والحانوت إلى سوبر ماركت، والملاية اللف إلى فستان، والبيت الحجري القديم إلى عمارة شاهقة. وتبقى الأثريات والعمائر الإسلامية العتيقة وطائفة الحرفيين والصنايعية المتأصلين، يبقى هؤلاء كلهم ليحفظوا جسد الجغرافيا من التلاشي وروح التاريخ من الذوبان». ورصد المؤلف بعض المعالم الواردة في رواية «بين القصرين» وهي الجزء الأول من الثلاثية الشهيرة، ليجد أن شارع بين القصرين أصبح يحمل اسم المعز لدين الله وأن المقهى الذي كان يجلس عليه ياسين بن أحمد عبد الجواد لا وجود له. وتسجّل الرواية أن المقهى كان يواجه بيت زبيدة الراقصة «العالمة»، لكن بعض أهالي الحي أنكروا وجود راقصات أو عوالم بين سكانه لا الآن ولا عام 1919، حيث دارت أحداث الرواية. الراقصة والسياسي يوماً ما كتب عبد القدوس قصة بعنوان «الراقصة والسياسي». تحوّلت القصة التي جاءت عنواناً لهذه المجموعة الرائعة إلى فيلم سينمائي لاقى إقبالاً جماهيرياً واسعاً، شأن أعماله الأخرى التى تحولت إلى سهرات تلفزيونية وأفلام سينمائية حققت نجاحا كبيراً على المستوى العربي. بات هذا الفيلم عنواناً لقضية ساخنة في العالم العربي، فالرقص الشرقي حظي باهتمام الجميع من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى السياسي الأميركي هنري كيسنجر الذي كان يحلم بالزواج من الراقصة نجوى فؤاد ورفضته، وعلى هذا كان عبد القدوس قادراً على التقاط الإشارات التي تجعل من الأدب مقروءاً، وسبق أهل زمانه في هذا المجال والآن يتهافت الجميع للكتابة عن العلاقات المتوترة بين النساء والرجال والعجز الجنسي، والحب الفاشل. ما كتبه عبد القدوس ومحفوظ يُستعاد الآن، ويمكننا القول إن الكتّاب يحاولون ممارسة الرقص الأدبي، كأنهم والكاتبات تحديداً يمارسن هزّ الخصر بحثاً عن جمهور عريض، في زمن ذهب الرقص الشرقي إلى أوروبا وزاد نبذه في العالم العربي من غزة إلى القاهرة.
|
|
|
|
[/size]
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ