نظرية المعرفة
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث الاقتصاد والتجارة
صفحة 1 من اصل 1
نظرية المعرفة
إذا كانت الحضارة الحديثة في أزمة دائمة فلن نبعد عن الصواب إذا قلنا: إنَّ هناك خطأ ما في نظمها التربوية، فنحن نؤمن أنَّ التربية هي المفتاح لكلّ شيء والعلاج لكل مشكلة، ولكن هذه الاهتمامات التربوية تركّز على النواحي التكنولوجية والعلمية؛ أي: هي تركز على وسائل الحياة دون غاياتها، وما تحتاجه التربية هو أن تعمل بالدرجة الأولى على تطوير الأفكار والقيم، أو ماذا يجب أن نفعل بحياتنا؟ صحيح أنَّ هناك حاجة لمعرفة وسائل الحياة، ولكن هذه الحاجة يجب أن تحتلَّ المنزلة الثانية من الأهمية؛ لأنَّه من الطَّيش أن نضع قوًى هائِلة في أيدي أناس لا يملكون أفكارًا عاقلة ترشدهم إلى كيفيَّة استِعْمالها.
معنى المعرفة:
يطلق القرآن الكريم على المعرفة اسم "القراءة"؛ لأن المعرفة الإنسانيَّة هي قراءة الإنسان لحقائق الوجود؛ أي: شهودها والتعرف عليها، أمَّا "إبداع" الحقائق فهو عمل الله؛ ولذلك يشير إليها القرآن الكريم تعبير "كلمة الله" التي يتردَّد ذكرها في آيات كثيرة، مثل قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الإنعام: 115]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: 109].
وهناك اختلافات عديدة في الإجابة عن هذا السؤال، فمثلاً يعرفها البعض بانها (المعرفة) ( فعل الذات العارفة في إدراك موضوع ما وتعريفه بحيث لا يبقى فيه أي غموض أو التباس) . بينما يعرفها اخرون بأنها (إدراك الأشياء وتصورها) .
ونلاحظ أن هذه التعاريف تشترك في أن المعرفة هي الإدراك ( أو التمييز ) سواء كان هذا الإدراك أو التمييز شاملاً للموضوع كله أو لأجزاء منه، وذلك بغض النظر عن دقة هذا الإدراك.
غاية المعرفة وأهميّتها:
تحدَّدت غايات المعرِفة عند قوله تعالى: ﴿اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]. والقراءة - أو المعرفة - باسم الله غايتُها الأساسية معرفة الله وشكره، ولقد أشار القرآن إلى هذه الغاية في مواطن كثيرة مثل قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [محمد: 19]. إنَّ مصدر هذه المعرفة وثمراتها هو خالق الإنسان الذي رعى تكوينه ونشأته منذ أن كان علقة بسيطة في جدار الرحم، حتى نما وأصبح إنسانًا عالمًا يقرأ سفر الكون والحياة، وخلال هذا التطور صمم الخالق قدرات الإنسان العقلية والجسدية، وشكل اتجاهاته النفسية وحاجاته واستعداداته التعليمية، واستمرَّ يرعى هذه كلَّها من مرحلة العَلَق الرحِمي حتَّى أصبح إنسانًا يقرأ كتابَ الكون والاجتماع ويدوِّن ثمرات هذه القراءة بالقلم، ويخزن المعلومات والمعارف والخبرات والأسرار وينقلها من جيل إلى جيل.
فعمليَّة المعرفة - وما يترتَّب عليها من تربية - تتكامل هنا مع عمليَّة الخلق والتَّصميم الَّتي سبقتْها، فتكونان وحدة واحدة، والمربِّي هو الخالق والمصمم والمعلِّم، فالذي خلق وسوّى هو الذي قدر وهدى وعلم وربّى.
ويقصد بنظرية المعرفة البحث في طبيعة المعرفة ومداها ومصادرها أو البحث في العلاقة بين المحسوسات والعقليات، بمعنى البحث في كيفية التوصل إلى الآراء العقلية المتعلقة بالوقائع المحسوسة أو العلاقة بين ما هو مادي ( المحسوسات ) وما هو عقلي ( المعرفة) .
ويمكن تعريف نظرية المعرفةبانها دراسة منهجية منظمة لقضية العلم أو مسألة المعرفة بدراسة ماهية المعرفة وإمكانها وطبيعتها وطرق الوصول إليها وقيمتها وحدودها.- أي هي بحث في المشكلات الناشئة عن العلاقة بين الذات العارفة والموضوع المعروف، والبحث عن درجة التشابه بين التصور الذهني والواقع الخارجي. وهناك نقص واضح بالاختلافات والآراء الكثيرة بين المفكرين حول هذا الموضوع ، ولعله أمرٌ بعيد المنال، إن لم يكن ذلك مستحيلاً، أن يتفق الجميع على نظرية واحدة للمعرفة لاعتماد ذلك على الخلفيات العلمية والفلسفية التي من خلالها ينظر المفكرون للموضوع.
منذ الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين ارتفعت أصوات المختصين في الحضارة الغربية المعاصرة، محذِّرة من الآثار السلبيَّة التي أحدثها الانشِقاق بين أدوات المعرفة الثلاث: الوحي والعقل والحواس، وظهر القول: أنَّ اقتصار المعرفة على العقل والحواس وميدان العلم الطبيعي أدَّى إلى ظهور الإنسان ذي البعد الواحد، وأنَّ الاعتماد على المفاهيم التكنولوجيَّة والعلميَّة وحدها أوجد "كرة أرضيَّة قاحلة"، وأنَّ الحاجة ماسَّة لإيجاد منهج معرفة متوازن وشامل وجديد، كذلك تكرَّرت الإشارات والكتابات حوْل أهمية أساليب المعرفة الرُّوحية والخبرات الذَّاتية، وأنَّ المعرفة أوسع ممَّا حددته مناهج المعرفة التكنولوجية، وأنَّها يَجب أن تتَّسع لتشتمل الدين والقيم والخبرات الذاتية.
وممَّن ناقش آثار الانشقاق بين أدوات المعرفة البروفسور س. د. هاردي، الذي ذكر أنَّ اقتصار مناهج المعرِفة على ميدان المحسوس هو تصور ساذج وغير عملي.
وممن انتقد مناهج المعرفة القائمة عالِم الاجتماع الشهير البروفسور ثيودور روزاك، أستاذ التاريخ ورئيس دائرة الدراسات العامَّة في جامعة كاليفورنيا في الثمانينيات من القرن العشرين؛ فهو يذكر أنَّ المشكلة هي أنَّ العلم يتقدَّم نفسه - على المستوى الأكاديمي والشَّعبي - كمنهج مبرَّأ من الإلهامات والحدس والذَّوق، وإنَّ هذه الأدوات ليست شيئًا وغير كافية للوصول إلى المعرفة، ولكن نتائج الفكر العلمي تدل على تدخُّل المزايا الشخصيَّة للعالم، وأن نتائج المعرفة العلمية والتكنولوجية هي عرضة بشكل شاذ للتقنين والزيادة، ويعتقد روزاك أنَّ التصنيع المعتمد على العلم يجب أن ينظَّم وينسَّق ويفقد محوريَّته، وأن يُعاد صياغته ليصبح بالإمكان التعايُش معه روحيًّا وماديًّا، فالعلم والدين والعقل والوجدان يجب أن يتعايشا وهما يحتاجان لهذا التعايش
وممَّن أطال في استِعراض النَّقد الموجَّه لمناهج المعرفة المعاصرة: ريتشارد فان سكوتر وزملاؤه، حتَّى خلصوا إلى القول: إنَّ منهج المعرفة وكميَّتها تتناسب مع الزمان والمكان؛ لأن في هذا التناسب نجاة البشر واستمرارهم في الحياة، ومع ذلك فالمعرفة تبقى دائمًا ناقصة تتحدَّى الجنس البشري ليقوم بتوْسيع حدودها، ويبدل في مناهجها، ويوجِّه نموَّها، ويجعلها تجري في الاتجاه الأكثر فائدة لمجتمع المستقبل، ففي المجتمعات التكنولوجيَّة كالولايات المتَّحدة أصبحت المسلمات التي يقوم عليها منهج المعرفة ملغاة أو غير مناسبة لمجتمعات ما بعد الطَّور الصناعي.
معنى المعرفة:
يطلق القرآن الكريم على المعرفة اسم "القراءة"؛ لأن المعرفة الإنسانيَّة هي قراءة الإنسان لحقائق الوجود؛ أي: شهودها والتعرف عليها، أمَّا "إبداع" الحقائق فهو عمل الله؛ ولذلك يشير إليها القرآن الكريم تعبير "كلمة الله" التي يتردَّد ذكرها في آيات كثيرة، مثل قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الإنعام: 115]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: 109].
وهناك اختلافات عديدة في الإجابة عن هذا السؤال، فمثلاً يعرفها البعض بانها (المعرفة) ( فعل الذات العارفة في إدراك موضوع ما وتعريفه بحيث لا يبقى فيه أي غموض أو التباس) . بينما يعرفها اخرون بأنها (إدراك الأشياء وتصورها) .
ونلاحظ أن هذه التعاريف تشترك في أن المعرفة هي الإدراك ( أو التمييز ) سواء كان هذا الإدراك أو التمييز شاملاً للموضوع كله أو لأجزاء منه، وذلك بغض النظر عن دقة هذا الإدراك.
غاية المعرفة وأهميّتها:
تحدَّدت غايات المعرِفة عند قوله تعالى: ﴿اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]. والقراءة - أو المعرفة - باسم الله غايتُها الأساسية معرفة الله وشكره، ولقد أشار القرآن إلى هذه الغاية في مواطن كثيرة مثل قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [محمد: 19]. إنَّ مصدر هذه المعرفة وثمراتها هو خالق الإنسان الذي رعى تكوينه ونشأته منذ أن كان علقة بسيطة في جدار الرحم، حتى نما وأصبح إنسانًا عالمًا يقرأ سفر الكون والحياة، وخلال هذا التطور صمم الخالق قدرات الإنسان العقلية والجسدية، وشكل اتجاهاته النفسية وحاجاته واستعداداته التعليمية، واستمرَّ يرعى هذه كلَّها من مرحلة العَلَق الرحِمي حتَّى أصبح إنسانًا يقرأ كتابَ الكون والاجتماع ويدوِّن ثمرات هذه القراءة بالقلم، ويخزن المعلومات والمعارف والخبرات والأسرار وينقلها من جيل إلى جيل.
فعمليَّة المعرفة - وما يترتَّب عليها من تربية - تتكامل هنا مع عمليَّة الخلق والتَّصميم الَّتي سبقتْها، فتكونان وحدة واحدة، والمربِّي هو الخالق والمصمم والمعلِّم، فالذي خلق وسوّى هو الذي قدر وهدى وعلم وربّى.
ويقصد بنظرية المعرفة البحث في طبيعة المعرفة ومداها ومصادرها أو البحث في العلاقة بين المحسوسات والعقليات، بمعنى البحث في كيفية التوصل إلى الآراء العقلية المتعلقة بالوقائع المحسوسة أو العلاقة بين ما هو مادي ( المحسوسات ) وما هو عقلي ( المعرفة) .
ويمكن تعريف نظرية المعرفةبانها دراسة منهجية منظمة لقضية العلم أو مسألة المعرفة بدراسة ماهية المعرفة وإمكانها وطبيعتها وطرق الوصول إليها وقيمتها وحدودها.- أي هي بحث في المشكلات الناشئة عن العلاقة بين الذات العارفة والموضوع المعروف، والبحث عن درجة التشابه بين التصور الذهني والواقع الخارجي. وهناك نقص واضح بالاختلافات والآراء الكثيرة بين المفكرين حول هذا الموضوع ، ولعله أمرٌ بعيد المنال، إن لم يكن ذلك مستحيلاً، أن يتفق الجميع على نظرية واحدة للمعرفة لاعتماد ذلك على الخلفيات العلمية والفلسفية التي من خلالها ينظر المفكرون للموضوع.
منذ الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين ارتفعت أصوات المختصين في الحضارة الغربية المعاصرة، محذِّرة من الآثار السلبيَّة التي أحدثها الانشِقاق بين أدوات المعرفة الثلاث: الوحي والعقل والحواس، وظهر القول: أنَّ اقتصار المعرفة على العقل والحواس وميدان العلم الطبيعي أدَّى إلى ظهور الإنسان ذي البعد الواحد، وأنَّ الاعتماد على المفاهيم التكنولوجيَّة والعلميَّة وحدها أوجد "كرة أرضيَّة قاحلة"، وأنَّ الحاجة ماسَّة لإيجاد منهج معرفة متوازن وشامل وجديد، كذلك تكرَّرت الإشارات والكتابات حوْل أهمية أساليب المعرفة الرُّوحية والخبرات الذَّاتية، وأنَّ المعرفة أوسع ممَّا حددته مناهج المعرفة التكنولوجية، وأنَّها يَجب أن تتَّسع لتشتمل الدين والقيم والخبرات الذاتية.
وممَّن ناقش آثار الانشقاق بين أدوات المعرفة البروفسور س. د. هاردي، الذي ذكر أنَّ اقتصار مناهج المعرِفة على ميدان المحسوس هو تصور ساذج وغير عملي.
وممن انتقد مناهج المعرفة القائمة عالِم الاجتماع الشهير البروفسور ثيودور روزاك، أستاذ التاريخ ورئيس دائرة الدراسات العامَّة في جامعة كاليفورنيا في الثمانينيات من القرن العشرين؛ فهو يذكر أنَّ المشكلة هي أنَّ العلم يتقدَّم نفسه - على المستوى الأكاديمي والشَّعبي - كمنهج مبرَّأ من الإلهامات والحدس والذَّوق، وإنَّ هذه الأدوات ليست شيئًا وغير كافية للوصول إلى المعرفة، ولكن نتائج الفكر العلمي تدل على تدخُّل المزايا الشخصيَّة للعالم، وأن نتائج المعرفة العلمية والتكنولوجية هي عرضة بشكل شاذ للتقنين والزيادة، ويعتقد روزاك أنَّ التصنيع المعتمد على العلم يجب أن ينظَّم وينسَّق ويفقد محوريَّته، وأن يُعاد صياغته ليصبح بالإمكان التعايُش معه روحيًّا وماديًّا، فالعلم والدين والعقل والوجدان يجب أن يتعايشا وهما يحتاجان لهذا التعايش
وممَّن أطال في استِعراض النَّقد الموجَّه لمناهج المعرفة المعاصرة: ريتشارد فان سكوتر وزملاؤه، حتَّى خلصوا إلى القول: إنَّ منهج المعرفة وكميَّتها تتناسب مع الزمان والمكان؛ لأن في هذا التناسب نجاة البشر واستمرارهم في الحياة، ومع ذلك فالمعرفة تبقى دائمًا ناقصة تتحدَّى الجنس البشري ليقوم بتوْسيع حدودها، ويبدل في مناهجها، ويوجِّه نموَّها، ويجعلها تجري في الاتجاه الأكثر فائدة لمجتمع المستقبل، ففي المجتمعات التكنولوجيَّة كالولايات المتَّحدة أصبحت المسلمات التي يقوم عليها منهج المعرفة ملغاة أو غير مناسبة لمجتمعات ما بعد الطَّور الصناعي.
ghassan- زائر
مواضيع مماثلة
» سلسلة عالم المعرفة
» رفع موثوقية النقل في الشبكات المعرفة برمجيا
» نظرية المنظمة
» الآلة الكاتبة .. الاختراع الذي ساهم في نشر المعرفة الإنسانية
» اشكر موسوعة المعرفة على هذا الاعداد - طارق فايز العجاوى
» رفع موثوقية النقل في الشبكات المعرفة برمجيا
» نظرية المنظمة
» الآلة الكاتبة .. الاختراع الذي ساهم في نشر المعرفة الإنسانية
» اشكر موسوعة المعرفة على هذا الاعداد - طارق فايز العجاوى
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث الاقتصاد والتجارة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى