التحليل النفسي والأدب (6)
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: أبحـاث فـي الفلسفــة
التحليل النفسي والأدب (6)
(6)
: أسعد فخري
لذا فإن أهمية مقاربة تحديد الفصل بين حقيقتي إيقاع / Rhytunms / ( المؤلف النص ) ضرورة لا بد من تأملها والاشتغال عليها وهي لا تعني أبداً إحتلال أحدهما لمكانة الآخر بل هي إجلاء لصورة خصوصية Singularism/ / تمايز الواحد عن الآخر من منظار أن ( النص ) سياق له مرجعيته الخافوية وأن المؤلف ناسخ بارع يعتمد في ماهيته على موروث كبير من اللغة لا يستطيع أي إنسان آخر بوظيفته المقدسة تلك .
من هنا تأتي أهمية المؤلف وتمايزه وخصوصيته كفنان إذ ( كلما إزداد ذلك الفنان اتقاناً انفصل الإنسان الذي يعاني بداخله انفصالاً تاماً عن العقل الذي يبدع )(63).
تلك أهم المسائل الأكثر إشكالية في سيرة المؤلف وعلاقته الأثيرية بالنص تاريخياً كمخلق ومرجعية, إذ أصبح النظر إلى تلك العلاقة محـط تأمل / Speculation / وتفكر جديدين .
لكن المفارقة التي نعتزم الشغل عليها وتفقد فحواها والتي نرى فيها مدخلاً ذا أهمية تنظيرية بالغة فهي ( أركولوجيا ) النص المفارق أو المستقيل عن مرجعية مؤلفه ، حيث يتبدى لنا في تخارجه واستقالته عن مألوف أبوته الكلاسيكية , نصاً طليقاً وحراً حمّالته الإشارية فيما لم يقله والتأويل فيما قاله حيث تتمظهر الدوال / Signifier / فيه شكلاً من أشكال برانية الكتابة أو آلية الانكتاب الناقصة وسروداته المشكلة ليقين المعنى وشكه في الآن ذاته .
( ولأن في الكتابة ليست المسألة مسألة إظهار أو اعلان حركة الكتابة ؛ ولا تسمير موضوع في لغة ، إنها مسألة فتح فضاء لا تكف الذات الكابتة فيه عن الاختفاء )(64).
ولأن أي اختفاء يستدعي بالضرورة ظهورات تعادله بات من الممكن الآن أن نتساءل وبكثير من الحذر والتفكر ما هي البنى الأساسية التي يقوم عليها نص ما . وماهي القيم الموضوعية التي تسوّغ ماهية العلاقة المتحركة بين دالاته ومدلولاته .
إن أولى اللوافت والمشيرات التي تحدد حياة النص في بنيته السيرية هي اشكالية / heros / الأسس الدالة وقوة إشعاعها الإيحائي / Sggestion / في سفر تحولاتها إلى مداليل تضج بالجذب والإغواء ولربما يطالها الغموض كلما أغوت وجذبت متأملها , محيلة إياه إلى ( كرونوس )(****) يلتهم ما يلد ليعيد إيحاءه مجدداً ولكن بصورته الأخرى .
من هنا تغدو سلوكات النص حراك / Mobility / أطياف تغيب لتظهر بصورة لا تشبه ظهورات ما قبل الغياب . وهو لا ينفك أي ( النص ) عن تخليق دالاته كثوابت تعني ملئه الذي يستدعي بالضرورة واللازمة
اشغال فراغ يماثل اشعاعها محققاً بذلك ديمومة لحياة الدالة والتي هي المبعث الحقيقي لاتساع توالد تأويلاتها المدلولية وبحجم يساوي قوتها الدلالية .
تلك هي لعبة الخفاء والظهور في المبعث الأوالي لدالات النص إنه نوّسان الظهور والاختفاء ذلك أن النص في انتشاره / Dissemination / يلج متاهة الحراك ، حراك النوّسان في تمظهره الناقص وتخفيه المخادع والذي يشكل في بنيته آلية استنطاق لمضمراته ومسكوتاته .
لا شك أن لعبة الدالة / Function / في النص لعبة معقدة وشائكة ولكي ننطق علامة الدالة وإشارية المدلول لا بد أن ننظر إلى المسالة بشكلها الآخر ، الشكل الذي نظن أنه الأجدى في تفكيك تلك اللعبة المفتوحة بغية الاقتراب من محارك النص ودفع ميكانيزم التأويل إلى حدودها القصوى وحدود النص الذي يحمل في مكوناته أسس تصوير ذاته التي تحدث تأثيرها الخاص والمائز .
فالفراغ / Space / متسع لا نهائي لملوءات محددة وناقصة في الآن نفسه , ولأن أهمية الفراغ تشكل ماهية الرحم الذي تنمو فيه النصوص الملوءات الناقصة , فإن ما لم يقله النص هو الجزء الناقص في اكتماله الدالي / Signifier / لذا فإن خصوصية نسقه / Systm / المعرفي تنبعث من مرايا الفراغ الرامزة إلى خيالات من الاختلاف وتعدد ا لمناظير التأ ويلية في اشتغا ل التفكيك على ماهـية التـصور المتـعالي / Transcendenting / لعلاقة الدال بمدلوله بغية إعادة بناء هذيان / Delirium / اللغة والقول لملامح سحنة الحقيقة في النص واستبعاد مألوفيته تخليصاً له من أنماط / Types / المحدود والمحدد لدالاته وتحقيقاً لمزيد من الرؤى المغايرة واحتفاءً بالتفكّر الفراغي الذي يحيط به والذي بدوره يحقق حراك التطفيف فيه .
والتطفيف هنا متاهة القول الناقص في النص والمحدد لأبعاد الصـورة الأخرى لخلاصّـه من مرجعيته / Referential / والإنطلاق نحو هدمها وتغيبها ليس من أجل التمويت بل من أجل الإنكتاب على صفحة الفراغ محدد بذلك بعدي التطفيف والنوسان بغية رسم ملامح حدوده اللانهائية كنص آثر الملئ مخضباً بما لم تقبله اللغة أو القول فيه مستسلماً لهيبة الفراغ الذي يعد آلة الخلق الكبرى ومبعث الحياة في المداليل التأويلية له كنص شاغله الإبدال اللامتناهي.
ولأن ( كل شيء يقال ينبثق على أنحاء عديدة مما لا يقال ، سواء كان هذا اللامقول أو المسكوت عنه شيئاً مالم يقل بعد أو كان من اللازم أن يبقى لا مقولاً )(65).
من هنا تأتي أهمية التأويل كآلية للعبة المداليل في ابتعادها أو نكوصها / Regression / تمكيناً للنص من ترسيم سيرته على أية من الإنغلاق أو الانفتاح محدداً بذلك أقانيم القول فيه كملئ أو نوسانة كإحتفاءً بالفراغ المخلّق / Creation / للمعاني اللامتناهية وتأكيداً بارعاً لمقولة فرانز كافكا الشهيرة :
(أنا أكتب خلافاً لما أتكلم ، وأتكلم خلافاً لما أفكر، وأفكر خلافاً لما يجب أن أتأمل فيه حــتى أعماق الغموض )(66).
والمفارقة الاشكالية هنا أن النص وفاقاً لمقولة كافكا قد استقال متخارجاً لمرتين :
الأولى حين استقال عن مؤلفه والثانية حين استقال عن ذاته , فبدا في الفراغ مخلّقاً لكينونته / Being /
الأخرى ، كينونة المقروئية التي تجعل للفراغ جمالياتهRezeption asthetik /; / ولتنامي الملئ فيه أبعاداً جديدة تؤسس لماهية الانقسام أو الإنشطار / Splitting / .
حينها تتمظهر لعبة الانتشار التي نتقرى فيها سلوكات النص السرية , يثابر الصمت في فراغها وفق اندفاعات الملئ غير المنفك عن قول دالاته التي تخفي شيئاً في الذي لم تقله اللغة .
من هنا ندرك أن القول ليس فيما يقال, بل هو ما سكتت عنه اللغة في قولها أو ما أخفته في تأملات صمتها.
عندئذ تنشأ ماهية المعنى الذي في جوهرانيته تقوم معادلة / Formulae / النص الذي يكاثر ما لم تقله اللغة وما غيبته وفق أنماطٍ أوالية للدالة, منشئاً كماً هائلاً من التراكيب النوسانية اللامتناهية لصورة المعنى الذي أخفته اللغة كأنساق كتابية لمشهد صمتها الكلي ومفارقتها للدالة القصدية التي تعاني تكشيفاً اعتباطياً ووهماً نسبياً في توريط دوافع الاقتراب من مفاتيح الإنطا ق , أي إنطاق الصمت ومداليله الفراغية .
لا شك أن مداليل الفراغ وحوهرانيته مفاعيل دينامية لتنشيط عملية المقروئية ومحفزاً لاشتغال التأويل ، حيث يتحول التأويل عندئذٍ إلى سـلطة أُ حفورية مهـمتها البحث ( في ) ، وليس ( عن ) المستوى العميق / Profondestructure / للكائن الصامت أو الفراغي في النص والذي يدين بحضوره كقيمة جمالية إلى الفراغ / Space / الكليم والمستقيل أصلاً عن معايير القول النوساني الجمعي الذي لا ينفك أبداً عن تقديم فراغه و ليمة لإمتلاءه .
ثمة رغبة لدينا فيما ذهبنا إليه , رغبة التخلص من أنماط الوعي النقدي السائدة ونحو مزيداً من الابتكار الموضوعي لرؤى / Visionary / مغايرة ومختلفة مصدرها ليس مرجعية النص المألوفة وإنما التفكير/ Intellection / الفراغي الذي يحيط به .
لا بل ذلك الذي يغذي تطفيفاته ونوسانه تلك مهمة لا بد من الالتفات إليها خلاصاً للنقد من اقتصاره على الشرح والتفسير / Clossolalia / والإيضاح ومغالاته في عدم الإقدام على محصنات المعايير / Norms / والطواطم الناجرة والمسبقة ما كان منها مدرسياً أو اجتهادياً قاصراً .
إذ لا بد من الإشارة هنا أن ما خلصنا إليه من تصورات عن مرجعية النص ومسألة الفصل بين المؤلف ونصوصه ومناهجيتنا في سيرة النص وتفكيكه وفق منهج التحليل النفسي بصورته التنظيرية يستدعي منا أن نقارب ما بين مفاهيمنا التنظيرية واشتغالنا على الانجار النصي مدركين صعوبة ذلك الاشتغال وتراكيبه / Struetrol / المعقدة والشائكة ناظرين إلى النظم اللاوعية في النص كدافع ومحرك لسلوك / Behaviour / الشخصيات فيه وبناء متنامي لعلاقاتها النصية .
ــــــــ
يتبع ....... ( مقاربات في الانجاز استناداً الى ماذهبنا اليه في تنظيرات الأقسام الخمسة آنفة الذكر حيث تم الاشتغال على روايتي الأشجار واغتيال مرزوق وحين تركنا الجسر ـ بعنوان ـ الشخصية العصابية في الرواية العربية )
( الهوامش والمراجع)
(63) ـ العبقرية ـ اليوت ـ ص298 ـ عالم المعرفة الكويتية ـ العدد 208 ـ 1996 .
(64) ـ ميشل فوكد ـ مجلة الفكر المعاصر ـ العدد 6+7 ـ 1980 ـ ص116 .
(65) ـ هيدغر ـ ماهية اللغة وفلسفة التأويل ـ ترجمة سعيد توفيق ـ المؤسسة الجامعية ـ ط1
1993 ـ الدار البيضاء ـ ص101 .
(66) ـ النقد الحديث ـ فؤاد أبو منصور ـ دار الجيل بيروت ـ ط1 1985 ـ ص378 .
(****) ـ كرونوس :
الإ له كرونوس اسطورة يونا نية تصف التهام الأب لأولاده لظة ولادتهم , ويرى فرويدأنها
الحالة الأمثل لمفهو مة ( الإ دماج ) في التحليل النفسي .
♕ فخآمة أوركيـد ♕- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهجائزه الاعجابات
- عدد الرسائل : 1176
العمل/الترفيه : ترى كل الفصول " اربع " .. وحبكـ فصلي ... الخـــامس .. !
الابراج :
الموقع : الحديث مع روح تحبها سعادة تغنيك عن الدنيا
احترام القانون :
المزاج : كليوباترا
نقاط : 21153
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 28/02/2008
تعاليق : جــالــسه ببحـالــي ولـحـالــي
هـزنــي الــشــوق وذكــرتــك
يعني معقولة يا غالي كل هذا وما وحشتك ؟؟
------------
الأهمية في البحث العلمي تعني القيمة والأثر الذي يمكن أن يحققه البحث العلمي
في حل المشكلات وتطوير المعرفة في مجال معين، و يتم تحقيق الأهمية من خلال
توفير إجابات واضحة ودقيقة للأسئلة البحثية، وتقديم حلول للتحديات العلمية والتكنولوجية المعقدة.
رد: التحليل النفسي والأدب (6)
تقبل مروري وخـآلـص ودي..
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17000
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
» التحليل النفسي والأدب (2)
» التحليل النفسي والأدب (3)
» التحليل النفسي والأدب (4)
» التحليل النفسي والأدب (5)
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: أبحـاث فـي الفلسفــة