العلاقات السياسية بين لبنان وفرنسا
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: ابحاث الحقوق والقانون
العلاقات السياسية بين لبنان وفرنسا
2003
تعتبر فرنسا أن علاقتها بلبنان مميزة، وهو أحد مداخلها إلى منطقة الشرق الأوسط ، كما أنه يمثل تجربة مهمة من التعايش في هذه المنطقة المتميزة بتعدد أديانها وأعراقها.
لكن، رغم ذلك، تبدي فرنسا ملاحظات عدة على الثوابت اللبنانية مثل ما يتعلق منها بالوضع في الجنوب وحزب الله والتوطين والأوضاع الداخلية، لا سيما ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان. لكنها تدعم لبنان خاصة في العديد من النواحي، خاصة الاقتصادية منها.
1- الجنوب اللبناني وحزب الله
بالنسبة لفرنسا، من الضروري أن تكون للدولة اللبنانية كامل السيطرة على الجنوب اللبناني، بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000. ويعني ذلك عملياً إرسال الجيش إلى الجنوب ونزع سلاح حزب الله.
وبالرغم من أن مساهمة فرنسا كانت فاعلة في تفاهم نيسان عام 1996 الذي أعطى شرعية لعمل المقاومة في الجنوب ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبالرغم من تمسك فرنسا بدورها في اللجنة المنبثقة عن هذا التفاهم، ترى أنه، في المرحلة الحالية، يقتضي أن يتحول حزب الله إلى حزب سياسي فقط ، الأمر الذي بحثه وزير الخارجية الفرنسي مع رئيس مجلس الأمن القومي في إيران، السيد حسن روحاني، خلال الزيارة التي قام بها إلى باريس في منتصف شهر كانون الثاني 2004، حيث أكّد له ضرورة أن يبقى الوضع هادئاً ومستقراً في جنوب لبنان. لكن يقتضي التأكيد في هذا الإطار على الدور الفرنسي الفاعل لمنع إدراج حزب الله على اللائحة الأوروبية للإرهاب، الأمر الذي سعت إلى إقراره عدة دول أوروبية.
كما أن فرنسا، وبالرغم من دعواتها المتكررة لضبط النفس وعدم السماح بتدهور الوضع عند الخط الأزرق، إلا أنها عند حصول أي توتر، لا تكتفي بإلقاء اللوم على الجانب اللبناني، بل تسعى لأن تكون متوازنة في توزيع المسؤوليات (راجع برقيتنا رقم 231/س/5 تاريخ 12/8/2003 وبرقيتنا رقم 238/س/5 تاريخ 13/8/2003).
2- التوطين
في ما يتعلق بالتوطين، يكرر الجانب الفرنسي تفهمه للوضع الخاص للبنان لجهة رفض التوطين، لكنه يعتبر أن المسألة مرتبطة بالمفاوضات النهائية لحل الصراع العربي-الإسرائيلي، لذلك يرفض اتخاذ موقف منها، تماشياً مع الموقف العام القاضي بعدم التطرق إلى ما يرتبط بمثل هذه المفاوضات. كما يكرّر الجانب الفرنسي أن تفهمه للموقف اللبناني لا ينفي أن بحث مسألة حق العودة يجب أن يجري بواقعية.
3- حقوق الإنسان
يبدي الجانب الفرنسي باستمرار ملاحظات على الأوضاع الداخلية اللبنانية، لا سيما لجهة احترام الحريات الإعلامية والصحافية وغيرها، بالإضافة إلى احترام حقوق الإنسان ورفض عقوبة الإعدام تماشياً مع ما تنص عليه روحية اتفاق الشراكة الأوروبية-المتوسطية (راجع برقيتنا رقم 407/س/5 تاريخ 24/12/2003).
4- باريس 2
أضف إلى ذلك أن فرنسا تطالب لبنان دوماً وفي كافة المناسبات تطبيق التزاماته في باريس II، لأن عدم التطبيق سيزيد من سوء الأوضاع الاقتصادية وسيضعف الثقة الدولية بلبنان وسيجعل من الصعب زيادة نسبة الاستثمار فيه، ناهيك عن تنظيم مؤتمر باريس III . (راجع برقيتنا رقم 406/س/5 تاريخ 24/12/2003 وبرقيتنا رقم 407/س/5 تاريخ 24/12/2003).
5- اتفاق الشراكة
أما اتفاق الشراكة الأوروبية-المتوسطية (راجع برقيتنا رقم 401/س/9 تاريخ 19/12/2003)، الذي سعت فرنسا لإبرامه بسرعة ولتذليل العقبات التي كانت تعيقه، فقد تمت المصادقة عليه في مجلس الشيوخ الفرنسي بموجب القانون رقم 1146-2003 تاريخ 02/12/2003، وفي الجمعية الوطنية الفرنسية بموجب القانون رقم 946 تاريخ 25/11/2003. أما المرحلة الأخيرة من الإبرام والمتعلقة بتوقيع رئيس الجمهورية بعد كل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية فقد تمت في 16 كانون الثاني 2004. وتم إبلاغ المفوضية الأوروبية بذلك في اليوم نفسه.
6- الزيارات الرسمية للعام 2003
- زيارة معالي وزير السياحة السيد كرم كرم بتاريخ 7 كانون الثاني 2003
- زيارة معالي وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة في شهر شباط 2003
- زيارة معالي الوزير ميشال فرعون بتاريخ 10 شباط 2003
- الزيارة الرسمية التي قام بها غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير من 25/9/2003 لغاية 6/10/2003
- زيارة العمل التي قام بها وفد برلماني لبناني إلى مجلس الشيوخ الفرنسي من 7 لغاية 11 كانون الأول 2003
- زيارة معالي وزير الثقافة السيد غازي عريضي في 9/10/2003
- زيارة معالي وزير الداخلية السيد الياس المر بتاريخ 23/10/2003 إلى مدينة ليون للمشاركة في ندوة حول التعاون اللامركزي والتي حضرها عدد كبير من الرؤساء وأعضاء البلديات اللبنانية (ما يقارب المائة).
- زيارة السيد عبد المنعم العريس، رئيس بلدية بيروت والوفد المرافق واجتماعهم بمجلس Ile de France حول التعاون اللامركزي بتاريخ 12 كانون الأول 2003
- زيارة معالي وزير النقل السيد نجيب ميقاتي من 16 لغاية 19 حزيران 2003
- زيارة معالي وزير الطاقة والموارد المائية والكهربائية السيد أيوب حميّد في 7 تشرين الثاني 2003
أضف إلى هذه الزيارات الرسمية عدداً من الزيارات الخاصة التي قام بها عدد من المسؤولين اللبنانيين على مدار السنة.
(Source: Ambassade du Liban, rapport annuel 2003)
2004
تميز العام 2004 بوجود تباينات حول العديد من المسائل بين لبنان وفرنسا، رغم تمسك الجانبين باستمرار العلاقات الجيدة بين البلدين وعدم بلوغها مرحلة التأزم.
وقد كان لصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن في 2/9/2004 ودعم فرنسا له محطة أساسية في العلاقات السياسية اللبنانية ـ الفرنسية خلال العام 2004. وجاء إقراره ليؤذن بتحّول في السياسة الفرنسية تجاه لبنان وبموقف فرنسا من بعض من القضايا اللبنانية.
ففي الفترة التي سبقت إصدار القرار 1559، دأب الجانب الفرنسي على التشديد على أهمية تنفيذ لبنان لالتزاماته في باريس 2 ولمتابعة الإصلاحات الهيكلية فيه، كما دعت فرنسا إلى ضرورة احترام الدستور ومواعيد الاستحقاقات الانتخابية في لبنان. وتعتبر فرنسا أن دعمها لصدور القرار 1559 جاء نتيجة خيبتها من إمكانية تحقيق تقدم في هذه المجالات.
لكن فرنسا تؤكد على أن لبنان دولة مهمة بالنسبة إليها، وهي تنوي تعزيز علاقاتها به، ولا سيما في ميادين التعاون المختلفة.
غير أن ذلك لم يمنع انحسار الزيارات الرسمية بين لبنان وفرنسا خلال العام 2004 إلى حدّ كبير. وقد كان للقرار 1559 دوره في ذلك، ولكن عوامل أخرى ساهمت أبرزها وجود انتخابات متتالية في فرنسا، ما يجعل المرشحين يفضلون البقاء قرب ناخبيهم.
وسنعرض في ما يلي وبالتفصيل لأهم القضايا السياسية في العلاقات اللبنانية-الفرنسية.
1- القرار 1559:
صدر القرار 1559بتاريخ 2/9/2004، وتلاه تقرير للأمين العام للأمم المتحدة حول مدى تطبيق القرار في 3/10/2004، صدر على أثره بيان عن رئاسة مجلس الأمن بتاريخ 19/10/2004.
وتعتبر فرنسا أن تصويتها لصالح القرار1559 نابع من الموقف الفرنسي المتمسك بسيادة واستقلال لبنان ورفض التدخل في شؤونه الداخلية. وهي ترى منذ فترة أنه حان الوقت كي يتولى لبنان إدارة شؤونه بنفسه وأن تخفف سوريا "وطأتها على الحياة السياسية الداخلية" وأن تسحب "قواتها ومخابراتها" من لبنان. وهي تربط بين سعيها لهذا القرار وبين الإشارات المتعددة التي أعطتها سابقاً حول هذه المسائل، هذا بالإضافة إلى دعوتها منذ عام 2000 إلى انتشار الجيش اللبناني في الجنوب ونزع سلاح حزب الله.
أضف إلى ذلك أن فرنسا تعتبر أن عدم ايفاء لبنان بالتزاماته كما تحددت في مؤتمر باريس 2 يعود بشكل كبير إلى الوضع السائد حالياً فيه. كما ترى أن محاولة إقناع لبنان وسوريا بكل ما سبق من خلال الحوار فشلت، لا سيما وأنها كانت تعتبر الانتخابات الرئاسية اللبنانية بمثابة مؤشر إلى إمكانية وجود تحّول، لكن ذلك لم يتمّ، ما جعلها تغّير أسلوب تعاطيها دون تبديل مواقفها المبدئية.
وتؤكد فرنسا أن صدور القرار 1559 بالأكثرية اللازمة في مجلس الأمن دليل على موافقة المجتمع الدولي على ما ورد فيه، وهو أصبح بالتالي مطلباً للمجتمع الدولي، مع الإشارة إلى تدخّل الرئيس الفرنسي شخصياً مع روسيا والصين لتفادي اعتراضهما. كما وتؤكد أن صدور بيان رئاسي بعد ذلك بإجماع أعضاء مجلس الأمن قد أمنّ للقرار 1559 شرعية دولية كافية. من هنا التركيز الفرنسي على أن هذا القرار هو قرار المجتمع الدولي ويقتضي على لبنان التعامل معه على هذا الأساس.
بالمقابل، تؤكد فرنسا أن وقوفها إلى جانب القرار 1559 لا يعني أنها بدّلت موقفها من طريقة حلّ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، حيث أنها لا تربط بين المسألتين رغم وجود نقاط التقاء بينهما مثل نزع سلاح الميليشيات.
ولا شك أن للقرار 1559 أهداف فرنسية أخرى أبرزها لعب دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز تعاونها وتقاربها مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى وضع معالجة موضوع سوريا في إطار الأمم المتحدة بدلاً من الكونغرس الأميركي ومن خلال قانون محاسبة سوريا. لكن التقارب مع الولايات المتحدة لا يعني تطابق المصالح والأهداف بين البلدين في المنطقة.
2- الجنوب اللبناني وحزب الله والقوات الدولية:
بالنسبة فرنسا، إن الانسحاب الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية عام 2000 يحتم على الدولة اللبنانية إرسال جيشها إلى الجنوب ونزع سلاح حزب الله، لا سيما وأن فرنسا تعتبر، منذ ذلك الحين، أن القرار 425 قد نفذ من قبل إسرائيل وأن مسألة مزارع شبعا مرتبطة بالقرارين 242 و338 وأنه يمكن للبنان وسوريا الاتفاق على تحديد ملكيتها بعد الانسحاب الإسرائيلي منها.
أما القوات الدولية العاملة في جنوب لبنانFINUL ، فتعتبر فرنسا أن مهمتها ضرورية لجهة مراقبة الوضع وتسجيل الخروقات من الطرفين وإجراء الاتصالات لتفادي تفاقم الحالة في الجنوب اللبناني. وهي تعي أهمية الدور المناط بها، ولذلك تسعى لتأمين أفضل الظروف لها لممارسة مهامها. ولا تعتبر أن تخفيض عديدها أو تغيير مهمتها أمر مناسب حالياً.
3- التوطين:
يكرر الجانب الفرنسي تفهّمه للوضع الخاص للبنان لجهة رفض التوطين، لكنه يعتبر أن المسألة مرتبطة بقضايا الحلّ النهائي لصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهي لذلك ترفض اتخاذ موقف واضح منها حتى لا تستبق نتائج المفاوضات بين الأطراف المعنية، وذلك رغم اقتناع المسؤولين الفرنسيين بضرورة التعاطي بواقعية مع مسألة حق العودة.
4- تلفزيون المنار:
أثارت عدة منظمات يهودية في فرنسا موضوع تلفزيون المنار وعدد من البرامج التي يبثها معتبرة أنها تدخل في إطار معاداة السامية التي تعاقب عليها القوانين الفرنسية. وعمدت هذه المنظمات إلى تقديم شكوى ضد المحطة اللبنانية أمام المجلس الأعلى للمرئي والمسموع (CSA) في فرنسا. وقد أحال بدوره الملف إلى مجلس شورى الدولة للبت بالمخالفة.
في جلسة 19/8/2004 ، انعقد مجلس شورى الدولة الفرنسي، ثم أصدر قراراً يعطي فيه المنار مهلة شهرين لتوقيع اتفاق مع CSA بحث تصبح خاضعة للقوانين الفرنسية المعنية.
وتمّ بالفعل التوقيع على الاتفاق المطلوب في 19/11/2004 بين المنار و CSA . وقد تضمن الاتفاق عدة ملاحق تطلب من المحطة عدم بث عدد من البرامج التي اعتبرها CSA مخالفة للقوانين الفرنسية.
بعد ذلك بفترة قصيرة، تقدمت الجمعيات اليهودية بشكوى جديدة ضد المنار أمام CSA بسبب اتهام أحد ضيوفها لإسرائيل بنشر مرض السيدا بين العرب، ثم بسبب اتهام المحطة إسرائيل بتنظيم حملة ضدها لمنع بثها. وأثيرت المسألة على نطاق واسع في الإعلام المكتوب والمسموع في فرنسا، ما أدى إلى وجود تيار واسع في الرأي العام يناهض المحطة. ورفعت CSA الشكوى إلى مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراره في 13/12/2004 بإيقاف بث النار خلال 48 ساعة وإبقاء المجال مفتوحاً أمام إعادة البث في حال توصّل المنار لاتفاق مع CSA .
وفي 17/12/2004، اجتمع أعضاء CSA مع ممثلي المنار. وعلى اثر الاجتماع، أصدر CSA قراراً بإلغاء الاتفاقية الموقعة بينه وبين المنار.
أما المراحل التالية فهي ستعود لما سيقرره المسؤولون في محطة المنار، إذ يمكنهم الاستئناف أمام مجلس شورى الدولة أو تقديم ملفه أمام CSA وطلب توقيع اتفاقية جديدة. لكن تقتضي الإشارة إلى أن الحملة الإعلامية التي أثارتها المنظمات اليهودية في فرنسا أدت إلى خلق تيار واسع في الرأي العام والإعلام مناهض للمحطة. ومن المؤسف أن تلجأ دولة مثل فرنسا لسلاح منع البث كوسيلة ضد خطاب معين، لكن ذلك يبرز مدى الحساسية التي يتعامل بها الرأي العام الفرنسي مع أية لغة تنتقد السياسات الإسرائيلية، ومدى خوفه من أن يؤدي ذلك لاتهامه بمعاداة السامية.
5- الترشيحات المتبادلة:
دعمت فرنسا ترشيح لبنان :
ـ لعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني عن الفترة 2005 ـ 2008 في الانتخابات التي جرت خلال الدورة35 للجمعية العمومية للمنظمة في مونتريال في أيلول 2004.
ـ للسيد عثمان الحجة لعضوية لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في الانتخابات التي جرت في اجتماع الدول الأطراف في المعهد الدولي في أيلول 2004 في نيويورك، وذلك عن فترة 2004 ـ 2008.
ـ للقاضي غسان رباح لعضوية لجنة حقوق الطفل في الانتخابات التي ستجري في نيويورك في شباط 2005.
كما يطلب لبنان دعم فرنسا في ترشيحه :
ـ لعضوية لجنة التنمية المستدامة للفترة 2006 ـ 2008 في الانتخابات التي ستجري في أيار 2005.
وقد دعم لبنان ترشيح السيدة Françoise GASPARD لعضوية لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة خلال الانتخابات التي جرت في 12 آب 2004 خلال انعقاد الاجتماع الثاني عشر للدول الأطراف في اتفاقية اللجنة.
2005
خلال العام 2005، أبدت فرنسا اهتماماً خاصّاً بلبنان حيث كان الوضع فيه على جدول أعمال معظم اجتماعات المسؤولين الفرنسيين مع نظرائهم الأجانب. كما حرصت فرنسا على إثارة القضايا المتعلقة بلبنان في كافة المحافل الدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وفي النصف الأوّل من العام المنصرم، ركّزت فرنسا على تطبيق القرار 1559 ثمّ على تطبيق القرار 1595 على أثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وفي النصف الثاني من عام 2005، وبعد تطبيق البند المتعلّق بانسحاب الجيش السوري من لبنان من القرار 1559، أعطت فرنسا الأولوية لدعم عمل لجنة التحقيق الدولية ولتعزيز عمل الحكومة اللبنانية، بعد الانتخابات النيابية التي أجريت والتي ساندت فرنسا إجراءها في موعدها واعتبرتها نزيهة وديمقراطية، رغم بعض الملاحظات، لا سيما على قانون الانتخاب. كما أكدت أن تطبيق ما تبقّى من القرار 1559 مرتبط بحوار داخلي بين اللبنانيين.
وتعتبر فرنسا أنها على توافق تام مع الولايات المتحدة حول الوضع في لبنان، رغم اختلاف الأجندة في المنطقة. كما تشدد على أهمية التعاون مع مصر والسعودية.
كما أبدت فرنسا اهتماماً كبيراً بدعم الوضع الاقتصادي في لبنان من خلال التحضير لعقد مؤتمر دولي، وبتقديم المساعدة للجيش والقوى الأمنية اللبنانية. وقد أكّدت هذا الدعم السياسي والاقتصادي خلال الزيارة التي قام بها دولة رئيس الوزراء الأستاذ فؤاد السنيورة إلى فرنسا في 17 و18 تشرين الأوّل 2005.
وتكرر فرنسا نيتها تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي مع لبنان. لكن، ورغم هذا الاهتمام الكبير، لم تتم زيارات لمسؤولين فرنسيين إلى لبنان خلال العام 2005، وذلك لأسباب أمنية. بالمقابل، تواترت زيارات المسؤولين اللبنانيين إلى فرنسا، لكن بصفة غير رسمية، باستثناء زيارة دولة رئيس مجلس الوزراء المشار إليها أعلاه.
وسنعرض في ما يلي لأهمّ المسائل السياسية بين لبنان وفرنسا:
1. القرارات 1595 و1636 و1644:
كان لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط تأثير كبير في المنحى الذي اتخذته العلاقات اللبنانية-الفرنسية، لا سيّما في ظلّ الصداقة الكبيرة التي كانت تربط الرئيس الحريري بالرئيس الفرنسي جاك شيراك وللأهمية التي توليها فرنسا لعلاقتها بلبنان على أكثر من صعيد.
وقد دانت فرنسا بشدّة عمليّة الاغتيال وكانت من أوائل الداعين إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية بهدف كشف الفاعلين والمحرّضين والمخطّطين وسوقهم أمام القضاء ومعاقبتهم. هكذا عملت فرنسا ودعمت صدور القرار 1595 عن مجلس الأمن في 7 نيسان 2005.
وقد ركّزت السياسة الفرنسية على أولوية تنفيذ القرار 1595 على القرارات الأخرى، معتبرة أن نتائج التحقيق ستسهم في تجاوز لبنان للمرحلة الصعبة التي يمرّ بها. لذلك دعمت فرنسا بقوّة عمل لجنة التحقيق الدولية ورئيسها القاضي الألماني ديتليف ميليس، وطالبت كافة الدول بالتعاون معه بشكل جدّي وملائم. وكانت فرنسا تُثني على تعاون السلطات اللبنانية.
كما تعاطت فرنسا بجدية مع مسألة إجراء محاكمة ذات طابع دولي بعد انتهاء التحقيقات. ومن بين الخيارات المطروحة، تميل فرنسا لاعتماد آلية خاصّة بهذه المحاكمة، على أن تكون محكمة مختلطة (من قضاة لبنانيين وغير لبنانيين) في لبنان أو خارجه.
وعلى ضوء التقرير الأوّل الذي أصدرته لجنة التحقيق الدولية في تشرين الأوّل 2005، اعتبرت فرنسا أنه يتضمّن إشارات واضحة على احتمال وجود تورّط سوري في الاغتيال وعلى عدم تعاون كافٍ من قبل السلطات السورية، لذلك أصرّت على صدور القرار 1636 عن مجلس الأمن في 31 تشرين الأوّل 2005 تحت البند السابع.
في هذه الأثناء، ونظراً لتكرار التفجيرات والاغتيالات في لبنان التي أدانتها فرنسا في كل مرة وبشكل حازم، وبالإضافة إلى التعبير عن استعدادها لتقديم الدعم الأمني الثنائي، فإن فرنسا، وعلى أثر اغتيال النائب جبران تويني وصدور التقرير الثاني للجنة التحقيق في كانون الأوّل 2005، دعمت بقوّة مطالب الحكومة اللبنانية بتمديد عمل لجنة التحقيق وتوسيع عملها ليشمل الاغتيالات الأخرى وإقرار إنشاء محكمة دولية، وقد ورد كل ّذلك في القرار 1644 الصادر عن مجلس الأمن في 15 كانون الأوّل 2005.
وتعتبر فرنسا أن القرار 1644 قد استجاب للمطالب اللبنانية، وإن كان نصّ على الطلب إلى الأمين العام إرسال موفد لبحث تفاصيل المحكمة والاكتفاء بالسماح للجنة التحقيق بتقديم المساعدة الفنية، تمهيداً لبحث مسألة توسيع مهامها. فالجانب الفرنسي يعتبر أن صدور القرار بالإجماع أهمّ من الطريقة المقرّة لإنشاء المحكمة أو توسيع عمل اللجنة، ذلك أن الهدف تحقّق مع إجماع دولي، في حين أنه، في صياغة أخرى، كان يمكن تحقيق الهدف نفسه لكن دون إجماع. وفرنسا تعتبر أن الإجماع أهمّ في هذه الحالة لأنه يدلّ على وحدة المجتمع الدولي ومدى إصراره على متابعة المسألة.
2. القرار 1559:
تعتبر فرنسا أن القرار 1559 هو قرار دولي ملزم وواجب التطبيق بكامله. وهي ترى أن الجزء المتعلّق بانسحاب القوّات السورية من لبنان قد تمّ تنفيذه، لكنّها تشير إلى أنها غير متأكّدة من أن عناصر الاستخبارات السورية قد انسحبت بالكامل.
بعد إتمام الانسحاب العسكري السوري في نيسان 2005، وصدور القرار 1595، أعطت فرنسا الأولوية لتطبيق هذا القرار الأخير. لكنها اعتبرت أنه يقتضي أيضاً تطبيق ما تبقّى من القرار 1559:
فبالنسبة للشقّ المتعلّق بالسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيّمات الفلسطينية، تعتبر فرنسا أنه يجب أن يتمّ خلال الحوار بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية. وهي لذلك رحّبت باللقاء الذي انعقد في باريس بين رئيس الحكومة اللبنانية ورئيس السلطة الفلسطينية في 18 تشرين الأوّل 2005. وترى فرنسا أنه من المفيد تنظيم العلاقات بين الجانبين من خلال إقامة علاقات دبلوماسية.
في ما خصّ الشقّ المتعلّق بنزع سلاح حزب الله، تعتبر فرنسا أنه متروك للحوار الداخلي اللبناني.
لكن فرنسا تؤكّد أن هذه الاعتبارات لا تعني نسيان القرار 1559، لذلك فإنها تدعو إلى بدء الحوار اللبناني حوله وتسعى للتذكير بضرورة تنفيذه وإلزاميته. وهي لذلك دعمت صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن حول تنفيذ ما تبقّى من القرار 1559 في 23 كانون الثاني 2006.
3. الجنوب وحزب الله والقوّات الدوليّة:
خلال العام 2005، ارتفعت وتيرة الدعوات الفرنسية إلى إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب حيث تعتبر فرنسا أن هذا الأمر أصبح مطلوباً، ليس فقط في ظلّ اعتبار الأمم المتحدة أن القرار 425 قد نُفّذ وفي ظلّ قرارات التجديد للقوّات الدولّية العاملة في جنوب لبنان Finul، وأبرزها القرار 1614 (الصادر عن مجلس الأمن في 19 تمّوز 2005) والذي نصّ بقوّة على ذلك، بل إن هناك عاملاً جديداً يتمثّل في القرار 1559 الداعي إلى صون سيادة واستقلال لبنان وبسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل أراضيها.
وقد أتبعت فرنسا دعواتها بتبني نصائح قائد القوّات الدولية حول نقل مقرّ قيادة الجيش من قانا إلى الناقورة وزيادة عدد ضبّاط الارتباط اللبنانيين مع القوّة الدولية وتسيير عدد من الدوريّات المشتركة. وأبدت فرنسا ارتياحها لنقل المقرّ، وهي تحثّ الحكومة اللبنانية على القيام بالإجراءات الأخرى، وذلك بهدف التأكيد على أن الحكومة ملتزمة تنفيذ القرار 1614 وأنها تقوم بخطوات بهذا الاتجاه. وهذه الخطوات مفيدة، برأي الجانب الفرنسي، لتسهيل التجديد لعمل القوّات الدولية، دون تغيير في مهامها وعديدها، كما تطلب الولايات المتحدة وكما تلحّ إسرائيل في اتّصالاتها مع الجانب الفرنسي. لكن فرنسا مستمرّة في دعم بقاء القوّات الدولية على ما هي عليه وفي السعي لتعزيزها بعناصر كفوءة قادرة على متابعة الوضع الميداني بدقّة.
4. اجتماع الدعم لأجل لبنان:
بعد انعقاد مؤتمري باريس 1 و2، وعدم إمكانية السير بالتعهدات التي اتخذها لبنان خلالهما، وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وتأليف الحكومة الحالية ورغبة فرنسا بمساعدة لبنان في هذه المرحلة، ساهمت هذه الأخيرة بشكل فاعل في الاجتماعات التحضيرية لمجموعة الدعم core group لأجل لبنان، علماً بأن أحد هذه الاجتماعات عُقد في باريس في حزيران 2005. وتعتبر فرنسا أن العرض الذي قدّمه رئيس الحكومة اللبنانية للبرنامج الإصلاحي في اجتماع هذه المجموعة في 19 أيلول الماضي في نيويورك كان جيّداً ومقنعاً. وهي بانتظار أن تحدّد الحكومة اللبنانية أولويّاتها بهذا الصدد والجدول الزمني للتطبيق وأن تعطي تفاصيل ما تنوي إجراءه من إصلاحات.
وتشدّد فرنسا على أهمية اعتماد مقاربة مختلفة عن باريس 1 و2 في اجتماع الدعم لأجل لبنان المتوقّع خلال العام 2006، بحيث يأتي دعم المجتمع الدولي لبرنامج متكامل يعكس أولوياتورغبة الحكومة اللبنانية. وتؤكّد فرنسا على أهمية أن يستفيد لبنان من الاندفاع الدولي لمساعدته في هذه المرحلة. وهي تعزو تأجيل انعقاد المؤتمر إلى عدم جهوزية الحكومة اللبنانية وعدم توحّد اللبنانيين حول خياراتهم الاقتصادية. وتفضل فرنسا عدم انعقاد المؤتمر قبل إقرار عدد من الإصلاحات، التي سبق وورد قسم منها في باريس 2، في مجلس النواب اللبناني.
5. التوطين:
يكرّر الجانب الفرنسي تفهّمه للوضع الخاص للبنان لجهة رفض التوطين، لكنه يعتبر أن المسألة مرتبطة بقضايا الحلّ النهائي للصراع العربي-الإسرائيلي. لذلك ترفض فرنسا اتخاذ موقف واضح منها حتّى لا تستبق نتائج المفاوضات بين الأطراف المعنية، وذلك رغم اقتناع المسؤولين الفرنسيين بضرورة التعاطي بواقعية مع مسألة حقّ العودة.
6. تلفزيون المنار:
بعد صدور قرار مجلس شورى الدولة الفرنسي في 13/12/2004 بإيقاف بثّ المنار في فرنسا وإلغاء المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع (CSA) الاتفاقية الموقّعة مع المحطّة في 17/12/2004، تقدّمت المنار باستئناف أمام مجلس شورى الدولة الفرنسي ضدّ قرار CSA إلغاء الاتّفاقية.
وقد قام وفد مؤلّف من النائبين عبد الله فرحات وحسن فضل الله بزيارة إلى فرنسا بين 4 و6 تشرين الأوّل 2005 لبحث الموضوع مع المسؤولين الفرنسيين.
وقد أصدر مجلس شورى الدولة في 6/1/2006 قراراً برفض الاستئناف المقدّم من تلفزيون المنار.
يبقى أن هناك احتمال صدور تعديل للقانون الفرنسي بحيث يُسمح لجميع المحطّات بالبثّ على أن تكون رقابة CSA عليها لاحقة. وفي حال صدور مثل هذا القانون، سيكون من الممكن للمنار معاودة البثّ.
7. الترشيحات المتبادلة:
· طلب لبنان دعم فرنسا في ترشيحه:
- لعضويّة المجلس التنفيذي لمنظّمة السياحة العالمية في الانتخابات التي جرت في دكار (السنغال) في 2 كانون الأوّل 2005.
- لعضويّة المجلس التنفيذي لمنظّمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (UNESCO) في الدورة 33 للمؤتمر العام لليونيسكو المنعقدة بين 28 أيلول و18 تشرين الأوّل 2005.
· دعم لبنان ترشيح فرنسا:
- للسيّد Francesco FRANGIALLI لمنصب أمين عام منظّمة السياحة العالمية في الدورة 16 للجمعية العامة للمنظمة بين 25 تشرين الثاني و2 كانون الأوّل 2005.
8 . الزيارات المتبادلة:
· زيارات مسؤولين لبنانيين إلى فرنسا:
- زيارة غبطة البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير بين 27 و31 كانون الثاني حيث اجتمع بالرئيس الفرنسي ووزير خارجيته، بالإضافة إلى لقاءات مع الجالية اللبنانية.
- زيارة وفد نيابي مؤلّف من النائبين عبد الله فرحات وحسن فضل الله بين 4 و6 تشرين الأوّل 2005 حيث التقى نوّاباً في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ومسؤولين في وزارة الخارجية ووزارة الثقافة والمجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع (CSA).
- زيارة وزير الثقافة، السيد طارق متري، إلى نظيره الفرنسي، في 4 تشرين الأول 2005، على هامش مشاركته في المؤتمر العام لليونيسكو.
- زيارة وفد نيابي في إطار برنامج التعاون بين البرلمانَين اللبناني والفرنسي بين 9 و16 تشرين الأول 2005.
- زيارة دولة رئيس مجلس الوزراء يرافقه معالي وزير الخارجية والمغتربين في 17 و18 تشرين الأوّل 2005 حيث التقيا رئيس الوزراء الفرنسي ووزير الخارجية، بالإضافة إلى رئيس السلطة الفلسطينية ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتطبيق القرار 1559.
(Source: Ambassade du Liban, rapport annuel 2005)
asowassouf- ☆ الأعضاء ☆
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه المواضيع المميزه
- عدد الرسائل : 3
الابراج :
احترام القانون :
نقاط : 5148
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
رد: العلاقات السياسية بين لبنان وفرنسا
كل التقدير ومجمل الامل
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3256
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56472
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
» اريد موضوع في التنمية السياسية في فلسطين
» العالم العربي والمخاطر السياسية والاقتصادية المرتقبة
» العالم العربي والمخاطر السياسية والاقتصادية المرتقبة
» أسس حل المشكلات في العلاقات الزوجية
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــــاث التــربـويـــة والقـــانونيـــة والتـــاريخيـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة الابحــــاث التــربـويـــة والحقوقيـــة والتـاريخيــة و بـحـوث جـامعيـة جـاهــزة :: ابحاث الحقوق والقانون