بحث عن حضارة الخليج العربي
2 مشترك
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث التعليم والمعلمين والمناهج
صفحة 1 من اصل 1
بحث عن حضارة الخليج العربي
بحث عن حضارة الخليج العربي
المقدمة:
يعتقد البعض أن الساحل الغربي للخليج العربي ليس له عمق حضاري ، ولا عهد له بالحضارة ، وأنه لم يعرفها إلا بعدما هبطت عليه الثروة النفطية ، وحتى هذه الحضارة بناها على أكتاف الآخرين.
وهذه نظرة سطحية بنيت على الجهل بشخصية الإنسان الخليجي ، وكفاحه ونضاله، فأنت إذا أردت أن تعرف شعباً لابد لك أن تعرف العناصر البشرية المكونة له، وكيف كان يعيش ؟ وكيف كان يفكر ؟ وكيف كان يعمل ؟ أي تغوص في أعماق نفسه ، وتعيش معه حياته بآلامها وآمالها ، بأفراحها وأتراحها ، بل تعيش معه حتى ساعات لهوه وتسليته ، فهذه التفاصيل عن الحياة الاجتماعية للشعوب تعرفنا بمعادنها ، وبحضارتها ، وبقدرتها على مواجهة الخطوب ، وعلى الابتكار والإبداع وقصة الإنسان الخليجي تحمل بين طياتها قصة كفاح وصبر عبر قرون خلت تبين لنا كيف كافأ الله عز وجل هذا الإنسان على صبره وقوة إيمانه بمصدر أساسي من مصادر الثروة يشكل عصب حياة هذا العصر ، فعوضه عن سلعة كمالية (اللؤلؤ) بسلعة أساسية (البترول).
حضارة الخليج العربي
لمحة تأريخية
يرى بعض المؤرخين أن الخليج العربي هو مهد الحضارة ، بل مهد الجنس البشري ، وأن الكنعانيين ، ومنهم الفينيقيين ، كانوا يقطنون سواحله الغربية قبل نزوحهم إلى سواحل الشام وفلسطين ، وأن سفنهم مخرت مياهه قبل أن تنزل إلى البحر الأبيض المتوسط ، فكانوا يتاجرون مع الهند وإيران وسواحل الجزيرة العربية الجنوبية وإفريقية.
ومن هؤلاء المؤرخين اليوناني (هيرودتس) ( 484 – 425 ق.م )، و( استرايو ) الجغرافي الروماني (64 ق.م – 19 للميلاد ) الذي أشار إلى المقابر الموجودة في جزر البحرين بأنها تشبه مقابر الفينيقيين ، وأن سكان هذه الجزر يذكرون بأسماء جزرهم ومدنهم هي أسماء فينيقية ، وقال أيضاً : إن في بعض هذه المدن هياكل تشبه الهياكل الفينيقية الشامية.
ومن أقدم الممالك التي قامت على الخليج العربي مملكة ( أرض البحر) انبعثت في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد ، وكانت تسيطر على منطقة تمتد من قرب مصب شط العرب إلى جزائر البحرين ، وفي النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد لعبت هذه الدولة أو التي خلفتها دوراً هاماً في جنوبي غربي آسيا ، ويبدو أنها تضم بابليين وعرباً ، وقد قضى الكيشيون عليها في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد ، وبعد ذلك بخمسة قرون قامت دولة ثانية في أرض البحر لم تعمر طويلاً وبعد فترة قصيرة أخذ اسم (أرض البحر) يتردد في نقوش الملوك الآشوريين وذلك من زمن (شلناصر الثالث) (58 – 824 ق.م) إلى زمن (سنحاريب) (05- 681 ق.م) حيث قام آخر ملوك (أرض البحر) بثورة على سيده سنحاريب الذي تمكن بواسطة أساطيله البحرية التي بناها الفينيقيون الذين جاء بهم إلى عاصمته (نينوى) أن يهزم ملك (أرض البحر) الذي لجأ إلى عيلام التي تقع في الجنوب الغربي من إيران وتمتد إلى الخليج العربي.
هذا وقد أشار بعض المؤرخين إلى أن جزيرة (دلمون – المنامة) كانت مركزاً للحضارة السومرية ، وموقعاً تجارياً عظيماً منذ أيام السومريين (3000 ق.م) بين العراق والهند وغيرها ، فلقد كان الخليج ممراً حيوياً للتجارة وشتى أنواع العلاقة بين كتل السكان الكبيرة في مناطق الزراعة والحضارة في العراق والسند، واستمرت هذه العلاقة الهامة عبر الخليج خلال كل العصور التاريخية بدرجات متفاوتة ، وبخاصة في عصور ازدهار الممالك التي تحكم رأس الخليج سواءً كانت فارسية أو سلوقية أو ساسانية أو إسلامية عباسية ، مع الأخذ في الاعتبار أن الخط الملاحي تعدى بلاد السنة إلى الهند وأفريقية والصين من الألف الأولى قبل الميلاد على الأقل.
ومن بركة الله على الجزيرة أن دانت لرسالة السماء وتوحدت في عام الوفود ( التاسع للهجرة) سياسياً لأول مرة في تاريخها تحت راية الإسلام ، بالرغم من أنها عرفت نشوء الدويلات ، ونظم الدويلات قبل الإسلام كدولة (معين وسباً وحمير وكندة والغساسنة والمناذرة) ، وذلك في أقل من عشر سنوات ، رغم قوة الروح الفردية ، وتغلغل العصبية القبلية والنزعات الجاهلية.
وفي الخليج العربي ظهر أشهر ملاح عربي هو (أحمد بن ماجد) ، كما نشأت على ضفافه دولة عمان البحرية القوية التي استطاعت فتح جنوبي إيران وسيطرت على أفريقية الشرقية ، وفي أوائل هذا القرن كان الخليج العربي ينتج نصف محصول العالم من اللؤلؤ ، وكان يقدر عدد المراكب التي تفتش عن اللؤلؤ آنذاك ثلاثة آلاف وخمسمائة مركبة.
سكان دول المجلس
تشير الإحصاءات المتوفرة لدى الأمانة العامة من الجهات المختصة بالدول الأعضاء إلى أن عدد السكان أخذ في النمو والزيادة، وقد بلغ عدد سكان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1995م أكثر من 26 مليون نسمة، يشكل سكان المملكة العربية السعودية 70.32%، دولة الإمارات العربية المتحدة 9.14%، سلطنة عمان 8.29%، دولة الكويت 7.54%، دولة قطر 2.46% ودولة البحرين 2.25% من إجمالي سكان دول المجلس. ويقدر عدد القوى العاملة في مجال الزراعة والرعي وصيد الأسماك بحوالي 1.148.257 نسمة أي أن نسبتهم حوالي 4.41% من مجموع السكان، كما تقدر نسبة العمالة الوافدة بحوالي 30% من مجموع سكان دول المجلس، إلا أنها تختلف زيادة ونقصا من دولة لأخرى. وذا استمر هذا المعدل السنوي في الزيادة فانه من المتوقع أن يصل عدد سكان دول المجلس خلال العشرين سنة القادمة إلى أكثر من 50 مليون نسمة، وهذا العدد سيحتاج إلى كمية من الغذاء تتطلب جهودا جبارة وتكاليف باهظة لتوفيرها.
المساحة الإجمالي لدول المجلس
تبلغ المساحة الإجمالية لدول مجلس التعاون عام 1995م أكثر من (276) مليون هكتار، تقدر نسبة المساحة القابلة منها للزراعة بحوالي 19.21% أي بحدود 53 مليون هكتار، ونسبة المساحة المزروعة فعلا من المساحة القابلة للزراعة بحوالي 2.3.41% أي بحدود 1.8 مليون هكتار، كما بلغ عدد الحيازات الزراعية عام 1995م أكثر من 400 ألف حيازة. وتشكل الصحاري الغير آهلة بالسكان نسبة كبيرة من المساحة الإجمالية، وهذه الصحاري يندر أن يوجد بها أي نوع من الزراعة، الا انه يوجد بها بعض المراعي الطبيعية الهامة والتي يعتمد عليها مربو الحيوانات وخاصة البادية لتأمين ما تحتاجه حيواناتهم من أعلاف.
الموقع والمناخ والتضاريس
تقع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا وتحتل معظم شبه الجزيرة العربية، ويحدها من الشرق خليج عمان والخليج العربي، ومن الغرب البحر الأحمر ومن الشمال العراق والأردن ومن الجنوب الجمهورية اليمنية وبحر العرب، وتبلغ المساحة الإجمالية لدول المجلس أكثر من 26 مليون كيلومتر مربع.
ويعتبر موقع دول مجلس التعاون استراتيجيا حيث يتوسط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويشكل نقطة اتصال بحري وبري وجوي بين دول العالم، ومما زاد في الأهمية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون مواردها النفطية، وامتلاكها لأكبر احتياط بترولي في العالم حيث تمتلك دول المجلس أكثر من 40% من احتياطي البترول في العالم، كما أنها تعتبر من أهم المراكز الرئيسية السياسية للوطن العربي والدول الإسلامية نظرا لوجود الأماكن المقدسة لدى المسلمين في إحدى دولها، ولهذا تمثل مصدر الإشعاع الروحي للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
ويتميز مناخ هذه الدول بأنه صحراوي وشبه صحراوي ترتفع فيه درجة الحرارة صيفا إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية وتنخفض شتاء وربما تصل إلى أقل من الصفر المئوي أحيانا في شمال المملكة العربية السعودية. وتتعرض المنطقة بصفة عامة في فصل الشتاء إلى تيارات هوائية باردة مصحوبة ببعض المنخفضات التي تصلها عن طريق حوض البحر الأبيض المتوسط بالإضافة إلى ما يصل إلى المنطقة من تيارات من منطقة مرتفعات سيبيريا وهضبة إيران تسقط على إثرها بعض الأمطار.
وتتعرض معظم دول المجلس لرياح تهب صيفا من مناطق يابسة مما يجعل الرياح عاملا مساعدا في زيادة التبخر والنتح، مما يؤدي إلى فقد كمية من المياه سواء من الأرض أو من النبات. ولا تقتصر إضرار هذه الرياح على المحاصيل النباتية حيث إنها تحمل العواصف الرملية التي تطمر الأراضي الزراعية، كما تعطل الرياح القوية عمليات صيد الأسماك. والأمطار بدول المجلس قليلة، يترواح معدل سقوطها السنوي من 50 ـ 150 ملم يسقط معظمها شتاء، ومعظم المياه المتكونة من الأمطار لا يستفاد منها حيث تتجه إلى المنحدرات ومنها إلى البحر، كما أنها تفقد كمية منها عن طريق التبخر أثناء نزولها وجريان السيول عن سطح الأرض بسبب الحرارة والرياح وقلة الرطوبة. ألا أن هذه الظاهرة بدأت تختفي بعد إنشاء العديد من السدود لحجز المياه والاستفادة منها وخاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.والمنطقة عموما جافة قليلة الرطوبة صيفا ونسبة التبخر عالية حيث تتعرض لأشعة الشمس العمودية معظم أيام السنة.
ويكاد السطح يكون مستويا في معظم أنحاء دول المجلس ما عدا بعض الأجزاء من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان حيث توجد الجبال التي تختلف مكوناتها وطبوغرافيتها من مكان لآخر، وتتخللها كثير من الأودية والشعاب.
وتتشابه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التضاريس حيث يمكن تقسيم طبوغرافية المنطقة إلى:
ـ سهول ساحلية تشغل المناطق المحاذية لسواحل البحار تختلف طولا وعرضا، تتخللها بعض السبخات الغير صالحة للزراعة.
ـ مناطق جبلية تختلف في الارتفاع من منطقة لأخرى حيث يبلغ أقصى ارتفاع عن سطح البحر اكثر من 3000 متر.
ـ مناطق صحراوية منبسطة والتي عادة ما تتواجد بها التجمعات السكانية سواء المجتمعات الرعوية او الزراعية أو التجارية حيث تتوافر الموارد المناسبة.
ـ مناطق رملية تغطيها الكثبان الرملية الزاحفة والمستقرة والتي تختلف في الارتفاع من مكان لآخر كما في صحراء النفود والدهناء ومنطقة الربع الخالي.
ـ الشعاب والأودية التي تخترق المناطق الصحراوية والجبلية باتجاهات وأطوال مختلفة والتي تتواجد على ضفافها الواحات والتجمعات الزراعية منذ القدم نظرا لتوفر المياه والتربة الجيدة.
والغالب في التكوينات الجيولوجية للمنطقة هي تكوينات الصخور الرسوبية التي تشكل أهمية كبيرة من ناحية تواجد المياه الجوفية حيث أن معظم الطبقات الحاملة للمياه الجوفية بدول المجلس هي طبقات رسوبية.
وتتشابه تكوينات تربة الأراضي الزراعية في معظم دول المجلس، فبالرغم من وجود بعض الأراضي ذات التربة الخصبة إلا أن معظم تربتها خشنة القوام تحتوي على نسب مختلفة من الأملاح، وقليلة التماسك، مما يجعل قدرتها على الاحتفاظ بالماء منخفضة وبالتالي قلة الغطاء النباتي مما يعرضها إلى التصحر المستمر وغزو الكثبان الرملية وتقلص الأراضي الزراعية. وتعتبر الصخور الرسوبية من أهم الظواهر الجيولوجية لعموم دول المجلس بالإضافة إلى وجود الكثبان الرملية المتحركة وخاصة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان .
الإنتاج الزراعي بدول المجلس في الماضي والحاضر
بالرغم من الظروف القاسية التي تعامل معها سكان المنطقة الأوائل، فان الزراعة كانت مصدرهم الوحيد للحصول على حاجتهم وحاجة مواشيهم من الغذاء، واستمر الحال على هذا المنوال حتى بدأ تدفق البترول في دول المجلس مما أحدث تغييرا كبيرا في نمط الحياة حيث هجر كثير من العاملين بالزراعة مهنتهم الأساسية واتجهوا للبحث عن مهنة جديدة لتطوير مستواهم المعيشي وللحصول على دخل أكبر من دخلهم من العمل بالزراعة، فتردت أوضاع الزراعة وقل الإنتاج مما حدا بدول المنطقة إلى الاعتماد على الاستيراد لسد حاجة الاستهلاك المتزايدة، بسبب تغير أنماط الحياة وزيادة السكان المستمرة، سواء المحلية أو الوافدة للمنطقة نتيجة احتياجها لليد العاملة في مجال الصناعة والزراعة والبناء وغيرها من مجالات التنمية.
لهذا السبب بدأت دول المجلس في إعطاء أهمية أكبر للنهوض بالزراعة وتنويع الإنتاج، فإذا علمنا أن مساحة الأراضي المزروعة فعلا تقدر بأكثر من 1.812.358 هكتارا ونسبتها 3.5% بالنسبة للأراضي القابلة للزراعة والتي تقدر مساحتها بأكثر من 53.088.365 هكتارا فان هذه المساحة المزروعة فعلا لا تكفي لانتاج ما يتطلبه الاستهلاك المحلي من المنتجات الغذائية.
لذلك دأبت حكومات الدول الأعضاء على العمل بالتوسع في الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج وتنويعه لتأمين الغذاء للسكان ولكي يساهم الإنتاج الزراعي المحلي في الأمن الغذائي لهذه الدول.
ونتيجة لهذا الاهتمام زادت المساحات المزروعة بدول مجلس التعاون عما كانت عليه سابقا وزاد وتنوع الإنتاج الزراعي بحيث اصبح يكفي بعض المتطلبات المحلية مما قلل من الاستيراد.
وزاد الإنتاج الإجمالي لهذه الدول من الحبوب والتمور والخضار واللحوم والبيض والألبان والأعلاف كما زاد الإنتاج السمكي وانتاج نحل العسل مما جعل الإنتاج الزراعي يساهم في الإنتاج الغذائي المحلي مساهمة فعالة ويشارك في الدخل القومي بنسبة أكبر مما كانت عليه في السابق.
كما اهتمت الدول الأعضاء بالثروة الحيوانية وعملت على تحسينها وتنميتها وحمايتها من الأمراض والأوبئة مما أدى إلى زيادة أعدادها وتحسين أنواعها وسلالاتها وزيادة إنتاجها.
وعلى الرغم من ذلك فان الإنتاج الزراعي لم يصل إلى ما يصبو إليه المسئولون عن الزراعة في دول المجلس، نظرا لوجود بعض المعوقات والعقبات التي تعترض تقدم وتطور الزراعة بشكل عام وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى أهم هذه المعوقات والعقبات.
معوقات الإنتاج الزراعي بدول المجلس
تواجه دول المجلس معوقات متشابهة بالنسبة للتنمية الزراعية تعترض التقدم والنهوض بالزراعة منها:
1 ـ قلة الموارد المائية (انعدام الأنهار والبحيرات وقلة العيون والمياه الجوفية) والتي تعتبر المقياس الرئيسي للتقدم الزراعي في أي بلد.
2 ـ ارتفاع نسبة الملوحة في بعض الأراضي الزراعية وعدم وجود نظم الري والصرف المناسبة.
3 ـ افتقار التربة للعناصر الغذائية مما يؤدي إلى قلة الإنتاج.
4 ـ تعرض الأراضي الزراعية لعوامل التعرية والانجراف مما يؤدي إلى زيادة الأراضي الصحراوية على حساب الأراضي الزراعية.
5 ـ وجود التربة خشنة القوام يجعلها قليلة الاحتفاظ بالماء وبالتالي قليلة الإنتاج.
6 ـ ندرة الأمطار وكثرة التقلبات المناخية القاسية مما يؤدي إلى الجفاف المستمر.
7 ـ تعرض المنطقة للرياح الشديدة المحملة بذرات الرمال مما يؤثر على النمو والإنتاج النباتي سواء المحاصيل أو نباتات المراعي والغابات، كما أن الرمال الزاحفة تغطي الأراضي الزراعية مما يقلل من مساحتها ويزيد من مساحة الأراضي المتصحرة.
8 ـ الاعتماد الكلي على المياه الجوفية في الزراعة نظرا لعدم وجود مصادر مائية سطحية كالأنهار والبحيرات والعيون.
9 ـ تعرض المراعي للرعي الجائر مما أدى إلى زوال الغطاء النباتي مسببا التصحر في المناطق الرعوية وبالتالي عدم حصول الحيوانات على كفايتها الغذائية من نباتات المراعي بالإضافة إلى قلة الأعلاف المزروعة.
10ـ الزحف العمراني وتوسعه على حساب الأراضي الزراعية مما قلل مساحتها وبالتالي قدرتها الإنتاجية.
11ـ تدني إنتاج السلالات الحيوانية المحلية مما أدى إلى قلة الإنتاج الحيواني.
ويمكن تقسم هذه المعوقات من حيث أهميتها إلى :
معوقات تكنولوجية وأهمها :
1 ـ عدم جودة بذور الأصناف المحلية سواء من الحبوب أو الخضار أو الفواكه مما يؤدي إلى قلة إنتاجها وقابليتها للإصابة بالآفات والأمراض.
2 ـ عدم توفر أنواع البذور الملائمة للظروف البيئية والمناخية للمنطقة والمقاومة للأمراض والآفات.
3 ـ تدهور السلالات الحيوانية الموجودة بسبب الجفاف وعدم توفر الأعلاف الكافية مما يسبب نفوق الحيوانات وقلة الإخصاب لديها.
4 ـ قلة الأجهزة والإدارات المختصة بالبحوث والإرشاد وبالتالي عدم الاستفادة من الأنواع ذات الجودة الإنتاجية العالية.
5 ـ عدم التركيز على استخدام المواد الكيماوية المناسبة والبذور المحسنة والمخصبات ومقاومة الآفات والحشرات والحشائش.
6 ـ عدم استخدام الوسائل الحديثة في الزراعة بشكل مكثف مما يؤدي ألي قلة الإنتاج وبالتالي قلة دخل المزارع مما يجعله يعرض عن الزراعة ويبحث عن عمل آخر لزيادة دخله.
7 ـ قلة الأيدي الوطنية العاملة والمدربة والفنيين والمهندسين الزراعيين الوطنيين بسبب التحول عن ممارسة الزراعة إلى أعمال أخرى أوفر دخلا وأقل تعبا. كما أن عزوف الشباب عن العمل بالمجال الزراعي له أثر كبير على تدني وتدهور الإنتاج الزراعي والحيواني.
8 ـ استخدام الأيدي العاملة الوافدة العديمة الخبرة للعمل في الإنتاج الزراعي والحيواني أدي إلى تدهورهما وقلة مردودهما.
معوقات تنظيمية وأهمها :
1 ـ عدم وجود نظام حيازي و إدارة مزرعية مستقرة وثابتة تخدم المزارع وتخطط للإنتاج.
2 ـ عدم وجود نظام تسويقي للحاصلات الزراعية مما يؤدي إلى تذبذب الأسعار وتحكم تجار التجزئة بالأسواق مما أدى إلى تدني أسعار الحاصلات الزراعية المحلية بالإضافة على منافسة الإنتاج الزراعي المستورد.
3 ـ قلة دخل العاملين بالزراعة مقارنة بالعاملين بالمجالات الأخرى كالصناعة والتجارة والخدمات.
4 ـ نقص الخدمات العامة والخدمات الزراعية مما يحول دون إنجاز المشروعات والبرامج الموجهة لتطوير القطاع الزراعي.
5 ـ عدم التنسيق والتنظيم بين الأجهزة المهيمنة على الزراعة مما أدى إلى تضارب الأهداف والسياسات الزراعية بالإضافة إلى ضعف إنتاج الكوادر الفنية والإدارية.
معوقات مالية واستثمارية أهمها :
1 ـ قلة الاستثمارات المالية الموجهة في المشاريع الزراعية في معظم الدول الأعضاء نظرا لارتفاع تكاليف المشاريع الزراعية الكبيرة.
2 ـ عدم الحصول على مردود سريع في الاستثمارات الزراعية.
3 ـ تخوف القطاع الخاص من الاستثمار في الأعمال الزراعية.
4 ـ عدم الحصول على تمويل للمشاريع الكبيرة بسهولة.
5 ـ التركيز الاستثماري داخل القطاع الزراعي على نشاط دون آخر مما يؤدي إلى انخفاض أسعار المواد المنتجة من هذا النشاط وارتفاع أسعار المواد الأخرى المستوردة.
التكامل الاقتصادي والتجارة البينية بين دول المجلس
نظرا للصلات التاريخية والسمات المشتركة لدول المنطقة فقد كان التكامل الاقتصادي موجودا قبل قيام مجلس التعاون إلا أن هذا التكامل تشوبه بعض التعقيدات بسبب اختلاف الإجراءات بين هذه الدول وعدم التنسيق بين الأجهزة المختصة.
ولما قام مجلس التعاون عمل على دعم التنسيق والترابط والتكامل بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وشجع القطاع الخاص على المساهمة في الشركات والمشاريع المشتركة بحيث أدى ذلك إلى ربط المصالح الاقتصادية لمواطني دول المجلس في جميع الميادين نظرا لتماثلها في مصادر الدخل الرئيسية ووجود قاعدة متشابهة من الموارد الطبيعية وتشابه في البنية والنظم الاقتصادية والسياسة السائدة، وهذا بحد ذاته يعتبر عاملا هاما لتحقيق التكامل بين دول المجلس. كما أن حرية انسياب السلع بين دول المجلس لعبت دورا في تشكيل محور العمل الاقتصادي من خلال الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، والتي تعتبر احد المحاور الأساسية للعمل المشترك في إطار مجلس التعاون.
وتعتبر الوثائق التالية أهم مرتكزات العمل الاقتصادي بمجلس التعاون:
1 ـ النظام الأساسي.
2 ـ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
3 ـ أهداف وسياسات خطط التنمية.
4 ـ الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية.
5 ـ السياسة الزراعية المشتركة.
وتشتمل الأهداف الاقتصادية لمجلس التعاون ضمن الاتفاقية الاقتصادية الموحدة على ما يلي:
1 ـ تسهيل انتقال السلع والمنتجات الوطنية بما فيها الزراعية بين الدول الأعضاء.
2 ـ دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في جميع المجالات بما فيها الزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مشاريع مشتركة.
3 ـ تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في إنشاء الشركات والمؤسسات المشتركة والتي تعود بالنفع على المستثمر ومواطني دول المجلس.
4 ـ وضع أنظمة متماثلة في جميع الميادين ومنها الشئون المالية والاقتصادية.
وقد بذلت دول المجلس جهودا تشكر عليها في سبيل تحقيق المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس سواء كانوا أفرادا طبيعيين أو اعتباريين، حيث سمح لهم بممارسة معظم الأنشطة الاقتصادية وانتقال المنتجات عبر وسائط النقل بين دول المجلس، وقد تحقق الكثير من هذه المميزات التي يهمنا في هذا المقام ما يتعلق بالقطاع الزراعي والتجارة البينية بين دول المجلس.
وتتويجا لدعم المواطنة والتكامل بين دول المجلس وتشجيع المستثمرين الوطنيين فقد اصدر المجلس الأعلى في دوراته السابقة والتي تعقد سنويا، عددا من القرارات التي تهدف إلى التكامل بين دول المجلس فيما يختص بالقطاع الزراعي، وكان من أهم هذه القرارات:
1 ـ السماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الزراعية والصناعية بالدول الأعضاء.
2 ـ إعطاء الأولوية في المشتريات الحكومية للمنتجات ذات المنشأ الوطني.
3 ـ السماح لمواطني دول المجلس بممارسة النشاط التجاري (التجزئة والجملة) بأي دولة من دول المجلس.
4 ـ السماح لمواطني دول المجلس بتملك وتداول اسهم الشركات المساهمة.
5 ـ السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية الوطنية بدول المجلس بتصدير منتجاتها إلى بقية دول المجلس.
6 ـ إعفاء منتجات دول مجلس التعاون من الرسوم الجمركية والرسوم ذات الأثر المماثل.
7 ـ السماح لمواطني دول المجلس بممارسة الأنشطة الاقتصادية في المجالات الصناعية والزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والمقاولات.
8 ـ مساواة مواطني دول المجلس في المعاملات الضريبية ومعاملتهم في هذا الشأن معاملة مواطني الدولة العضو المضيفة.
9 ـ السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية في دول المجلس بفتح مكاتب لها للتمثيل التجاري بالدول الأعضاء.
الفجـوة الغذائية في دول المجلس
كانت الفجوة الغذائية ولا تزال كبيرة جدا في دول المجلس حيث كان الإنتاج الزراعي المحلي قليلا لا يكفي لاستهلاك سكان الدول الأصليين نسبة للقصور الحاصل في عوامل الإنتاج الزراعي آنذاك. ومع اكتشاف البترول وقيام مشاريع التنمية بهذه الدول وما تتطلبه هذه المشاريع من الأيدي العاملة في مختلف المجالات حيث تم جلب الكثير من الأيدي العاملة الأجنبية، حيث زاد عدد السكان وارتفع دخلهم وتغيرت أنماط حياتهم الاستهلاكية ومتطلباتهم الغذائية، مما اضطر هذه الدول إلى استيراد ما ينقصها من المواد الغذائية من الأسواق الخارجية، ولسد حاجة الاستهلاك السكاني وتقليل العجز الحاصل في المتطلبات الغذائية، ولسد جزء من هذه الفجوة وعدم الاعتماد على الخارج كلية في تأمين المواد الغذائية وحتى لا تتحكم الدول الأخرى في مصير دول المجلس غذائيا، أخذت دول المجلس على عاتقها تطوير الإنتاج الزراعي المحلي وتنميته وأولته اهتماما كبيرا بما في ذلك استصلاح مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية واعدد الدراسات اللازمة لإيجاد مصادر جديدة للمياه واستخدام الأساليب الحديثة في الزراعة، كما شجعت السكان على ممارسة الزراعة بالطرق الفنية الحديثة و إقامة المشاريع الزراعية الكبيرة، مما أدى إلى زيادة الإنتاج الزراعي المحلي الذي ساعد بدوره على تقليل الفجوة الغذائية لبعض المنتجات الغذائية الهامة، إلا أن ذلك لم يكن متوازنا في جميع دول المجلس، فكانت بعض المنتجات الزراعية تفيض عن حاجة الاستهلاك في بعض الدول بينما تقل في دول أخرى، مما حدا بدول المجلس إلى اتخاذ تدابير من شأنها تحقيق تكامل في المواد الغذائية بين دول المجلس بحيث يتم تداول المواد الغذائية بين دول المجلس بيسر وسهولة لبناء مخزون غذائي مشترك عن طريق تبادل السلع الغذائية ونقلها من أماكن توفرها إلى أماكن طلبها بحيث تكون أسواق السلع الغذائية متكاملة بين دول المجلس.
ومن منظور الواقع فان دول مجلس التعاون كمجموعة لم تحقق الاكتفاء الذاتي في أي نوع من أنواع السلع الغذائية، أما إذا أخذنا كل دولة على حدة فان بعض الدول لديها اكتفاء ذاتي في بعض السلع الغذائية بينما لديها عجز في العديد من الدول الغذائية الأخرى، والجدول رقم (5) يبين نسبة الاكتفاء الذاتي لدول المجلس من بعض المواد الغذائية لعام 1995م.
الخاتمة:
تتشابه دول الساحل الغربي من الخليج العربي (دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) والتي تتكون من دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر، ودولة الكويت، منذ القدم في الدين والعادات والتقاليد والتراث الحضاري ومصادر الدخل الذي كان في السابق شحيحا، وكان السكان يمارسون الزراعة والرعي وصيد الأسماك ويجوبون أعماق الخليج بحثا عن اللؤلؤ الذي يعتبر من أهم مصادر الدخل آنذاك، بالإضافة إلى احتراف فئة قليلة منهم للتجارة. وكانوا ـ بإمكاناتهم المتواضعة ـ يكدحون أيامهم ولياليهم لتأمين احتياجاتهم الغذائية المحدودة والبحث عن المراعي المناسبة لتأمين ما تحتاجه مواشيهم من المادة العلفية، وتبعا لهذا الوضع فقد كانت نسية التعليم متدنية والحالة الصحية متدهورة بين سكان المنطقة.
وبعد اكتشاف النفط واعتماد العالم بأسره عليه، كمحرك لعجلة التقدم الصناعي والزراعي والتقني، تحسنت الأحوال المادية والمعيشية والصحية لسكان هذه الدول، وزادت نسبة التعليم وتغيرت أنماط حرفهم ومعيشتهم تبعا لزيادة دخلهم وحسب تواجدهم من المراكز العمرانية الرئيسية. ولعل ما يلفت النظر التطور الحاصل في الإنتاج الزراعي لهذه الدول رغم قلة مواردها الطبيعية سواء من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة أو من المياه التي تعتبر من العوامل الرئيسية للتنمية الزراعية، حيث لا توجد انهار أو عيون جارية كما أن الأمطار التي تهطل على المنطقة تعتبر قليلة وفي أوقات متفاوتة مما يقلل إمكانية الاستفادة الكاملة منها، إلا في بعض المناطق التي أقيمت فيه السدود التي حجزت مياه الأمطار وساعدت على الاستفادة منها في بعض الأودية كما في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان
المقدمة:
يعتقد البعض أن الساحل الغربي للخليج العربي ليس له عمق حضاري ، ولا عهد له بالحضارة ، وأنه لم يعرفها إلا بعدما هبطت عليه الثروة النفطية ، وحتى هذه الحضارة بناها على أكتاف الآخرين.
وهذه نظرة سطحية بنيت على الجهل بشخصية الإنسان الخليجي ، وكفاحه ونضاله، فأنت إذا أردت أن تعرف شعباً لابد لك أن تعرف العناصر البشرية المكونة له، وكيف كان يعيش ؟ وكيف كان يفكر ؟ وكيف كان يعمل ؟ أي تغوص في أعماق نفسه ، وتعيش معه حياته بآلامها وآمالها ، بأفراحها وأتراحها ، بل تعيش معه حتى ساعات لهوه وتسليته ، فهذه التفاصيل عن الحياة الاجتماعية للشعوب تعرفنا بمعادنها ، وبحضارتها ، وبقدرتها على مواجهة الخطوب ، وعلى الابتكار والإبداع وقصة الإنسان الخليجي تحمل بين طياتها قصة كفاح وصبر عبر قرون خلت تبين لنا كيف كافأ الله عز وجل هذا الإنسان على صبره وقوة إيمانه بمصدر أساسي من مصادر الثروة يشكل عصب حياة هذا العصر ، فعوضه عن سلعة كمالية (اللؤلؤ) بسلعة أساسية (البترول).
حضارة الخليج العربي
لمحة تأريخية
يرى بعض المؤرخين أن الخليج العربي هو مهد الحضارة ، بل مهد الجنس البشري ، وأن الكنعانيين ، ومنهم الفينيقيين ، كانوا يقطنون سواحله الغربية قبل نزوحهم إلى سواحل الشام وفلسطين ، وأن سفنهم مخرت مياهه قبل أن تنزل إلى البحر الأبيض المتوسط ، فكانوا يتاجرون مع الهند وإيران وسواحل الجزيرة العربية الجنوبية وإفريقية.
ومن هؤلاء المؤرخين اليوناني (هيرودتس) ( 484 – 425 ق.م )، و( استرايو ) الجغرافي الروماني (64 ق.م – 19 للميلاد ) الذي أشار إلى المقابر الموجودة في جزر البحرين بأنها تشبه مقابر الفينيقيين ، وأن سكان هذه الجزر يذكرون بأسماء جزرهم ومدنهم هي أسماء فينيقية ، وقال أيضاً : إن في بعض هذه المدن هياكل تشبه الهياكل الفينيقية الشامية.
ومن أقدم الممالك التي قامت على الخليج العربي مملكة ( أرض البحر) انبعثت في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد ، وكانت تسيطر على منطقة تمتد من قرب مصب شط العرب إلى جزائر البحرين ، وفي النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد لعبت هذه الدولة أو التي خلفتها دوراً هاماً في جنوبي غربي آسيا ، ويبدو أنها تضم بابليين وعرباً ، وقد قضى الكيشيون عليها في أوائل القرن السادس عشر قبل الميلاد ، وبعد ذلك بخمسة قرون قامت دولة ثانية في أرض البحر لم تعمر طويلاً وبعد فترة قصيرة أخذ اسم (أرض البحر) يتردد في نقوش الملوك الآشوريين وذلك من زمن (شلناصر الثالث) (58 – 824 ق.م) إلى زمن (سنحاريب) (05- 681 ق.م) حيث قام آخر ملوك (أرض البحر) بثورة على سيده سنحاريب الذي تمكن بواسطة أساطيله البحرية التي بناها الفينيقيون الذين جاء بهم إلى عاصمته (نينوى) أن يهزم ملك (أرض البحر) الذي لجأ إلى عيلام التي تقع في الجنوب الغربي من إيران وتمتد إلى الخليج العربي.
هذا وقد أشار بعض المؤرخين إلى أن جزيرة (دلمون – المنامة) كانت مركزاً للحضارة السومرية ، وموقعاً تجارياً عظيماً منذ أيام السومريين (3000 ق.م) بين العراق والهند وغيرها ، فلقد كان الخليج ممراً حيوياً للتجارة وشتى أنواع العلاقة بين كتل السكان الكبيرة في مناطق الزراعة والحضارة في العراق والسند، واستمرت هذه العلاقة الهامة عبر الخليج خلال كل العصور التاريخية بدرجات متفاوتة ، وبخاصة في عصور ازدهار الممالك التي تحكم رأس الخليج سواءً كانت فارسية أو سلوقية أو ساسانية أو إسلامية عباسية ، مع الأخذ في الاعتبار أن الخط الملاحي تعدى بلاد السنة إلى الهند وأفريقية والصين من الألف الأولى قبل الميلاد على الأقل.
ومن بركة الله على الجزيرة أن دانت لرسالة السماء وتوحدت في عام الوفود ( التاسع للهجرة) سياسياً لأول مرة في تاريخها تحت راية الإسلام ، بالرغم من أنها عرفت نشوء الدويلات ، ونظم الدويلات قبل الإسلام كدولة (معين وسباً وحمير وكندة والغساسنة والمناذرة) ، وذلك في أقل من عشر سنوات ، رغم قوة الروح الفردية ، وتغلغل العصبية القبلية والنزعات الجاهلية.
وفي الخليج العربي ظهر أشهر ملاح عربي هو (أحمد بن ماجد) ، كما نشأت على ضفافه دولة عمان البحرية القوية التي استطاعت فتح جنوبي إيران وسيطرت على أفريقية الشرقية ، وفي أوائل هذا القرن كان الخليج العربي ينتج نصف محصول العالم من اللؤلؤ ، وكان يقدر عدد المراكب التي تفتش عن اللؤلؤ آنذاك ثلاثة آلاف وخمسمائة مركبة.
سكان دول المجلس
تشير الإحصاءات المتوفرة لدى الأمانة العامة من الجهات المختصة بالدول الأعضاء إلى أن عدد السكان أخذ في النمو والزيادة، وقد بلغ عدد سكان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1995م أكثر من 26 مليون نسمة، يشكل سكان المملكة العربية السعودية 70.32%، دولة الإمارات العربية المتحدة 9.14%، سلطنة عمان 8.29%، دولة الكويت 7.54%، دولة قطر 2.46% ودولة البحرين 2.25% من إجمالي سكان دول المجلس. ويقدر عدد القوى العاملة في مجال الزراعة والرعي وصيد الأسماك بحوالي 1.148.257 نسمة أي أن نسبتهم حوالي 4.41% من مجموع السكان، كما تقدر نسبة العمالة الوافدة بحوالي 30% من مجموع سكان دول المجلس، إلا أنها تختلف زيادة ونقصا من دولة لأخرى. وذا استمر هذا المعدل السنوي في الزيادة فانه من المتوقع أن يصل عدد سكان دول المجلس خلال العشرين سنة القادمة إلى أكثر من 50 مليون نسمة، وهذا العدد سيحتاج إلى كمية من الغذاء تتطلب جهودا جبارة وتكاليف باهظة لتوفيرها.
المساحة الإجمالي لدول المجلس
تبلغ المساحة الإجمالية لدول مجلس التعاون عام 1995م أكثر من (276) مليون هكتار، تقدر نسبة المساحة القابلة منها للزراعة بحوالي 19.21% أي بحدود 53 مليون هكتار، ونسبة المساحة المزروعة فعلا من المساحة القابلة للزراعة بحوالي 2.3.41% أي بحدود 1.8 مليون هكتار، كما بلغ عدد الحيازات الزراعية عام 1995م أكثر من 400 ألف حيازة. وتشكل الصحاري الغير آهلة بالسكان نسبة كبيرة من المساحة الإجمالية، وهذه الصحاري يندر أن يوجد بها أي نوع من الزراعة، الا انه يوجد بها بعض المراعي الطبيعية الهامة والتي يعتمد عليها مربو الحيوانات وخاصة البادية لتأمين ما تحتاجه حيواناتهم من أعلاف.
الموقع والمناخ والتضاريس
تقع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا وتحتل معظم شبه الجزيرة العربية، ويحدها من الشرق خليج عمان والخليج العربي، ومن الغرب البحر الأحمر ومن الشمال العراق والأردن ومن الجنوب الجمهورية اليمنية وبحر العرب، وتبلغ المساحة الإجمالية لدول المجلس أكثر من 26 مليون كيلومتر مربع.
ويعتبر موقع دول مجلس التعاون استراتيجيا حيث يتوسط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويشكل نقطة اتصال بحري وبري وجوي بين دول العالم، ومما زاد في الأهمية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون مواردها النفطية، وامتلاكها لأكبر احتياط بترولي في العالم حيث تمتلك دول المجلس أكثر من 40% من احتياطي البترول في العالم، كما أنها تعتبر من أهم المراكز الرئيسية السياسية للوطن العربي والدول الإسلامية نظرا لوجود الأماكن المقدسة لدى المسلمين في إحدى دولها، ولهذا تمثل مصدر الإشعاع الروحي للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
ويتميز مناخ هذه الدول بأنه صحراوي وشبه صحراوي ترتفع فيه درجة الحرارة صيفا إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية وتنخفض شتاء وربما تصل إلى أقل من الصفر المئوي أحيانا في شمال المملكة العربية السعودية. وتتعرض المنطقة بصفة عامة في فصل الشتاء إلى تيارات هوائية باردة مصحوبة ببعض المنخفضات التي تصلها عن طريق حوض البحر الأبيض المتوسط بالإضافة إلى ما يصل إلى المنطقة من تيارات من منطقة مرتفعات سيبيريا وهضبة إيران تسقط على إثرها بعض الأمطار.
وتتعرض معظم دول المجلس لرياح تهب صيفا من مناطق يابسة مما يجعل الرياح عاملا مساعدا في زيادة التبخر والنتح، مما يؤدي إلى فقد كمية من المياه سواء من الأرض أو من النبات. ولا تقتصر إضرار هذه الرياح على المحاصيل النباتية حيث إنها تحمل العواصف الرملية التي تطمر الأراضي الزراعية، كما تعطل الرياح القوية عمليات صيد الأسماك. والأمطار بدول المجلس قليلة، يترواح معدل سقوطها السنوي من 50 ـ 150 ملم يسقط معظمها شتاء، ومعظم المياه المتكونة من الأمطار لا يستفاد منها حيث تتجه إلى المنحدرات ومنها إلى البحر، كما أنها تفقد كمية منها عن طريق التبخر أثناء نزولها وجريان السيول عن سطح الأرض بسبب الحرارة والرياح وقلة الرطوبة. ألا أن هذه الظاهرة بدأت تختفي بعد إنشاء العديد من السدود لحجز المياه والاستفادة منها وخاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.والمنطقة عموما جافة قليلة الرطوبة صيفا ونسبة التبخر عالية حيث تتعرض لأشعة الشمس العمودية معظم أيام السنة.
ويكاد السطح يكون مستويا في معظم أنحاء دول المجلس ما عدا بعض الأجزاء من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان حيث توجد الجبال التي تختلف مكوناتها وطبوغرافيتها من مكان لآخر، وتتخللها كثير من الأودية والشعاب.
وتتشابه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التضاريس حيث يمكن تقسيم طبوغرافية المنطقة إلى:
ـ سهول ساحلية تشغل المناطق المحاذية لسواحل البحار تختلف طولا وعرضا، تتخللها بعض السبخات الغير صالحة للزراعة.
ـ مناطق جبلية تختلف في الارتفاع من منطقة لأخرى حيث يبلغ أقصى ارتفاع عن سطح البحر اكثر من 3000 متر.
ـ مناطق صحراوية منبسطة والتي عادة ما تتواجد بها التجمعات السكانية سواء المجتمعات الرعوية او الزراعية أو التجارية حيث تتوافر الموارد المناسبة.
ـ مناطق رملية تغطيها الكثبان الرملية الزاحفة والمستقرة والتي تختلف في الارتفاع من مكان لآخر كما في صحراء النفود والدهناء ومنطقة الربع الخالي.
ـ الشعاب والأودية التي تخترق المناطق الصحراوية والجبلية باتجاهات وأطوال مختلفة والتي تتواجد على ضفافها الواحات والتجمعات الزراعية منذ القدم نظرا لتوفر المياه والتربة الجيدة.
والغالب في التكوينات الجيولوجية للمنطقة هي تكوينات الصخور الرسوبية التي تشكل أهمية كبيرة من ناحية تواجد المياه الجوفية حيث أن معظم الطبقات الحاملة للمياه الجوفية بدول المجلس هي طبقات رسوبية.
وتتشابه تكوينات تربة الأراضي الزراعية في معظم دول المجلس، فبالرغم من وجود بعض الأراضي ذات التربة الخصبة إلا أن معظم تربتها خشنة القوام تحتوي على نسب مختلفة من الأملاح، وقليلة التماسك، مما يجعل قدرتها على الاحتفاظ بالماء منخفضة وبالتالي قلة الغطاء النباتي مما يعرضها إلى التصحر المستمر وغزو الكثبان الرملية وتقلص الأراضي الزراعية. وتعتبر الصخور الرسوبية من أهم الظواهر الجيولوجية لعموم دول المجلس بالإضافة إلى وجود الكثبان الرملية المتحركة وخاصة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان .
الإنتاج الزراعي بدول المجلس في الماضي والحاضر
بالرغم من الظروف القاسية التي تعامل معها سكان المنطقة الأوائل، فان الزراعة كانت مصدرهم الوحيد للحصول على حاجتهم وحاجة مواشيهم من الغذاء، واستمر الحال على هذا المنوال حتى بدأ تدفق البترول في دول المجلس مما أحدث تغييرا كبيرا في نمط الحياة حيث هجر كثير من العاملين بالزراعة مهنتهم الأساسية واتجهوا للبحث عن مهنة جديدة لتطوير مستواهم المعيشي وللحصول على دخل أكبر من دخلهم من العمل بالزراعة، فتردت أوضاع الزراعة وقل الإنتاج مما حدا بدول المنطقة إلى الاعتماد على الاستيراد لسد حاجة الاستهلاك المتزايدة، بسبب تغير أنماط الحياة وزيادة السكان المستمرة، سواء المحلية أو الوافدة للمنطقة نتيجة احتياجها لليد العاملة في مجال الصناعة والزراعة والبناء وغيرها من مجالات التنمية.
لهذا السبب بدأت دول المجلس في إعطاء أهمية أكبر للنهوض بالزراعة وتنويع الإنتاج، فإذا علمنا أن مساحة الأراضي المزروعة فعلا تقدر بأكثر من 1.812.358 هكتارا ونسبتها 3.5% بالنسبة للأراضي القابلة للزراعة والتي تقدر مساحتها بأكثر من 53.088.365 هكتارا فان هذه المساحة المزروعة فعلا لا تكفي لانتاج ما يتطلبه الاستهلاك المحلي من المنتجات الغذائية.
لذلك دأبت حكومات الدول الأعضاء على العمل بالتوسع في الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج وتنويعه لتأمين الغذاء للسكان ولكي يساهم الإنتاج الزراعي المحلي في الأمن الغذائي لهذه الدول.
ونتيجة لهذا الاهتمام زادت المساحات المزروعة بدول مجلس التعاون عما كانت عليه سابقا وزاد وتنوع الإنتاج الزراعي بحيث اصبح يكفي بعض المتطلبات المحلية مما قلل من الاستيراد.
وزاد الإنتاج الإجمالي لهذه الدول من الحبوب والتمور والخضار واللحوم والبيض والألبان والأعلاف كما زاد الإنتاج السمكي وانتاج نحل العسل مما جعل الإنتاج الزراعي يساهم في الإنتاج الغذائي المحلي مساهمة فعالة ويشارك في الدخل القومي بنسبة أكبر مما كانت عليه في السابق.
كما اهتمت الدول الأعضاء بالثروة الحيوانية وعملت على تحسينها وتنميتها وحمايتها من الأمراض والأوبئة مما أدى إلى زيادة أعدادها وتحسين أنواعها وسلالاتها وزيادة إنتاجها.
وعلى الرغم من ذلك فان الإنتاج الزراعي لم يصل إلى ما يصبو إليه المسئولون عن الزراعة في دول المجلس، نظرا لوجود بعض المعوقات والعقبات التي تعترض تقدم وتطور الزراعة بشكل عام وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى أهم هذه المعوقات والعقبات.
معوقات الإنتاج الزراعي بدول المجلس
تواجه دول المجلس معوقات متشابهة بالنسبة للتنمية الزراعية تعترض التقدم والنهوض بالزراعة منها:
1 ـ قلة الموارد المائية (انعدام الأنهار والبحيرات وقلة العيون والمياه الجوفية) والتي تعتبر المقياس الرئيسي للتقدم الزراعي في أي بلد.
2 ـ ارتفاع نسبة الملوحة في بعض الأراضي الزراعية وعدم وجود نظم الري والصرف المناسبة.
3 ـ افتقار التربة للعناصر الغذائية مما يؤدي إلى قلة الإنتاج.
4 ـ تعرض الأراضي الزراعية لعوامل التعرية والانجراف مما يؤدي إلى زيادة الأراضي الصحراوية على حساب الأراضي الزراعية.
5 ـ وجود التربة خشنة القوام يجعلها قليلة الاحتفاظ بالماء وبالتالي قليلة الإنتاج.
6 ـ ندرة الأمطار وكثرة التقلبات المناخية القاسية مما يؤدي إلى الجفاف المستمر.
7 ـ تعرض المنطقة للرياح الشديدة المحملة بذرات الرمال مما يؤثر على النمو والإنتاج النباتي سواء المحاصيل أو نباتات المراعي والغابات، كما أن الرمال الزاحفة تغطي الأراضي الزراعية مما يقلل من مساحتها ويزيد من مساحة الأراضي المتصحرة.
8 ـ الاعتماد الكلي على المياه الجوفية في الزراعة نظرا لعدم وجود مصادر مائية سطحية كالأنهار والبحيرات والعيون.
9 ـ تعرض المراعي للرعي الجائر مما أدى إلى زوال الغطاء النباتي مسببا التصحر في المناطق الرعوية وبالتالي عدم حصول الحيوانات على كفايتها الغذائية من نباتات المراعي بالإضافة إلى قلة الأعلاف المزروعة.
10ـ الزحف العمراني وتوسعه على حساب الأراضي الزراعية مما قلل مساحتها وبالتالي قدرتها الإنتاجية.
11ـ تدني إنتاج السلالات الحيوانية المحلية مما أدى إلى قلة الإنتاج الحيواني.
ويمكن تقسم هذه المعوقات من حيث أهميتها إلى :
معوقات تكنولوجية وأهمها :
1 ـ عدم جودة بذور الأصناف المحلية سواء من الحبوب أو الخضار أو الفواكه مما يؤدي إلى قلة إنتاجها وقابليتها للإصابة بالآفات والأمراض.
2 ـ عدم توفر أنواع البذور الملائمة للظروف البيئية والمناخية للمنطقة والمقاومة للأمراض والآفات.
3 ـ تدهور السلالات الحيوانية الموجودة بسبب الجفاف وعدم توفر الأعلاف الكافية مما يسبب نفوق الحيوانات وقلة الإخصاب لديها.
4 ـ قلة الأجهزة والإدارات المختصة بالبحوث والإرشاد وبالتالي عدم الاستفادة من الأنواع ذات الجودة الإنتاجية العالية.
5 ـ عدم التركيز على استخدام المواد الكيماوية المناسبة والبذور المحسنة والمخصبات ومقاومة الآفات والحشرات والحشائش.
6 ـ عدم استخدام الوسائل الحديثة في الزراعة بشكل مكثف مما يؤدي ألي قلة الإنتاج وبالتالي قلة دخل المزارع مما يجعله يعرض عن الزراعة ويبحث عن عمل آخر لزيادة دخله.
7 ـ قلة الأيدي الوطنية العاملة والمدربة والفنيين والمهندسين الزراعيين الوطنيين بسبب التحول عن ممارسة الزراعة إلى أعمال أخرى أوفر دخلا وأقل تعبا. كما أن عزوف الشباب عن العمل بالمجال الزراعي له أثر كبير على تدني وتدهور الإنتاج الزراعي والحيواني.
8 ـ استخدام الأيدي العاملة الوافدة العديمة الخبرة للعمل في الإنتاج الزراعي والحيواني أدي إلى تدهورهما وقلة مردودهما.
معوقات تنظيمية وأهمها :
1 ـ عدم وجود نظام حيازي و إدارة مزرعية مستقرة وثابتة تخدم المزارع وتخطط للإنتاج.
2 ـ عدم وجود نظام تسويقي للحاصلات الزراعية مما يؤدي إلى تذبذب الأسعار وتحكم تجار التجزئة بالأسواق مما أدى إلى تدني أسعار الحاصلات الزراعية المحلية بالإضافة على منافسة الإنتاج الزراعي المستورد.
3 ـ قلة دخل العاملين بالزراعة مقارنة بالعاملين بالمجالات الأخرى كالصناعة والتجارة والخدمات.
4 ـ نقص الخدمات العامة والخدمات الزراعية مما يحول دون إنجاز المشروعات والبرامج الموجهة لتطوير القطاع الزراعي.
5 ـ عدم التنسيق والتنظيم بين الأجهزة المهيمنة على الزراعة مما أدى إلى تضارب الأهداف والسياسات الزراعية بالإضافة إلى ضعف إنتاج الكوادر الفنية والإدارية.
معوقات مالية واستثمارية أهمها :
1 ـ قلة الاستثمارات المالية الموجهة في المشاريع الزراعية في معظم الدول الأعضاء نظرا لارتفاع تكاليف المشاريع الزراعية الكبيرة.
2 ـ عدم الحصول على مردود سريع في الاستثمارات الزراعية.
3 ـ تخوف القطاع الخاص من الاستثمار في الأعمال الزراعية.
4 ـ عدم الحصول على تمويل للمشاريع الكبيرة بسهولة.
5 ـ التركيز الاستثماري داخل القطاع الزراعي على نشاط دون آخر مما يؤدي إلى انخفاض أسعار المواد المنتجة من هذا النشاط وارتفاع أسعار المواد الأخرى المستوردة.
التكامل الاقتصادي والتجارة البينية بين دول المجلس
نظرا للصلات التاريخية والسمات المشتركة لدول المنطقة فقد كان التكامل الاقتصادي موجودا قبل قيام مجلس التعاون إلا أن هذا التكامل تشوبه بعض التعقيدات بسبب اختلاف الإجراءات بين هذه الدول وعدم التنسيق بين الأجهزة المختصة.
ولما قام مجلس التعاون عمل على دعم التنسيق والترابط والتكامل بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وشجع القطاع الخاص على المساهمة في الشركات والمشاريع المشتركة بحيث أدى ذلك إلى ربط المصالح الاقتصادية لمواطني دول المجلس في جميع الميادين نظرا لتماثلها في مصادر الدخل الرئيسية ووجود قاعدة متشابهة من الموارد الطبيعية وتشابه في البنية والنظم الاقتصادية والسياسة السائدة، وهذا بحد ذاته يعتبر عاملا هاما لتحقيق التكامل بين دول المجلس. كما أن حرية انسياب السلع بين دول المجلس لعبت دورا في تشكيل محور العمل الاقتصادي من خلال الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، والتي تعتبر احد المحاور الأساسية للعمل المشترك في إطار مجلس التعاون.
وتعتبر الوثائق التالية أهم مرتكزات العمل الاقتصادي بمجلس التعاون:
1 ـ النظام الأساسي.
2 ـ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
3 ـ أهداف وسياسات خطط التنمية.
4 ـ الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية.
5 ـ السياسة الزراعية المشتركة.
وتشتمل الأهداف الاقتصادية لمجلس التعاون ضمن الاتفاقية الاقتصادية الموحدة على ما يلي:
1 ـ تسهيل انتقال السلع والمنتجات الوطنية بما فيها الزراعية بين الدول الأعضاء.
2 ـ دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في جميع المجالات بما فيها الزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مشاريع مشتركة.
3 ـ تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في إنشاء الشركات والمؤسسات المشتركة والتي تعود بالنفع على المستثمر ومواطني دول المجلس.
4 ـ وضع أنظمة متماثلة في جميع الميادين ومنها الشئون المالية والاقتصادية.
وقد بذلت دول المجلس جهودا تشكر عليها في سبيل تحقيق المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس سواء كانوا أفرادا طبيعيين أو اعتباريين، حيث سمح لهم بممارسة معظم الأنشطة الاقتصادية وانتقال المنتجات عبر وسائط النقل بين دول المجلس، وقد تحقق الكثير من هذه المميزات التي يهمنا في هذا المقام ما يتعلق بالقطاع الزراعي والتجارة البينية بين دول المجلس.
وتتويجا لدعم المواطنة والتكامل بين دول المجلس وتشجيع المستثمرين الوطنيين فقد اصدر المجلس الأعلى في دوراته السابقة والتي تعقد سنويا، عددا من القرارات التي تهدف إلى التكامل بين دول المجلس فيما يختص بالقطاع الزراعي، وكان من أهم هذه القرارات:
1 ـ السماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الزراعية والصناعية بالدول الأعضاء.
2 ـ إعطاء الأولوية في المشتريات الحكومية للمنتجات ذات المنشأ الوطني.
3 ـ السماح لمواطني دول المجلس بممارسة النشاط التجاري (التجزئة والجملة) بأي دولة من دول المجلس.
4 ـ السماح لمواطني دول المجلس بتملك وتداول اسهم الشركات المساهمة.
5 ـ السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية الوطنية بدول المجلس بتصدير منتجاتها إلى بقية دول المجلس.
6 ـ إعفاء منتجات دول مجلس التعاون من الرسوم الجمركية والرسوم ذات الأثر المماثل.
7 ـ السماح لمواطني دول المجلس بممارسة الأنشطة الاقتصادية في المجالات الصناعية والزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والمقاولات.
8 ـ مساواة مواطني دول المجلس في المعاملات الضريبية ومعاملتهم في هذا الشأن معاملة مواطني الدولة العضو المضيفة.
9 ـ السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية في دول المجلس بفتح مكاتب لها للتمثيل التجاري بالدول الأعضاء.
الفجـوة الغذائية في دول المجلس
كانت الفجوة الغذائية ولا تزال كبيرة جدا في دول المجلس حيث كان الإنتاج الزراعي المحلي قليلا لا يكفي لاستهلاك سكان الدول الأصليين نسبة للقصور الحاصل في عوامل الإنتاج الزراعي آنذاك. ومع اكتشاف البترول وقيام مشاريع التنمية بهذه الدول وما تتطلبه هذه المشاريع من الأيدي العاملة في مختلف المجالات حيث تم جلب الكثير من الأيدي العاملة الأجنبية، حيث زاد عدد السكان وارتفع دخلهم وتغيرت أنماط حياتهم الاستهلاكية ومتطلباتهم الغذائية، مما اضطر هذه الدول إلى استيراد ما ينقصها من المواد الغذائية من الأسواق الخارجية، ولسد حاجة الاستهلاك السكاني وتقليل العجز الحاصل في المتطلبات الغذائية، ولسد جزء من هذه الفجوة وعدم الاعتماد على الخارج كلية في تأمين المواد الغذائية وحتى لا تتحكم الدول الأخرى في مصير دول المجلس غذائيا، أخذت دول المجلس على عاتقها تطوير الإنتاج الزراعي المحلي وتنميته وأولته اهتماما كبيرا بما في ذلك استصلاح مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية واعدد الدراسات اللازمة لإيجاد مصادر جديدة للمياه واستخدام الأساليب الحديثة في الزراعة، كما شجعت السكان على ممارسة الزراعة بالطرق الفنية الحديثة و إقامة المشاريع الزراعية الكبيرة، مما أدى إلى زيادة الإنتاج الزراعي المحلي الذي ساعد بدوره على تقليل الفجوة الغذائية لبعض المنتجات الغذائية الهامة، إلا أن ذلك لم يكن متوازنا في جميع دول المجلس، فكانت بعض المنتجات الزراعية تفيض عن حاجة الاستهلاك في بعض الدول بينما تقل في دول أخرى، مما حدا بدول المجلس إلى اتخاذ تدابير من شأنها تحقيق تكامل في المواد الغذائية بين دول المجلس بحيث يتم تداول المواد الغذائية بين دول المجلس بيسر وسهولة لبناء مخزون غذائي مشترك عن طريق تبادل السلع الغذائية ونقلها من أماكن توفرها إلى أماكن طلبها بحيث تكون أسواق السلع الغذائية متكاملة بين دول المجلس.
ومن منظور الواقع فان دول مجلس التعاون كمجموعة لم تحقق الاكتفاء الذاتي في أي نوع من أنواع السلع الغذائية، أما إذا أخذنا كل دولة على حدة فان بعض الدول لديها اكتفاء ذاتي في بعض السلع الغذائية بينما لديها عجز في العديد من الدول الغذائية الأخرى، والجدول رقم (5) يبين نسبة الاكتفاء الذاتي لدول المجلس من بعض المواد الغذائية لعام 1995م.
الخاتمة:
تتشابه دول الساحل الغربي من الخليج العربي (دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) والتي تتكون من دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر، ودولة الكويت، منذ القدم في الدين والعادات والتقاليد والتراث الحضاري ومصادر الدخل الذي كان في السابق شحيحا، وكان السكان يمارسون الزراعة والرعي وصيد الأسماك ويجوبون أعماق الخليج بحثا عن اللؤلؤ الذي يعتبر من أهم مصادر الدخل آنذاك، بالإضافة إلى احتراف فئة قليلة منهم للتجارة. وكانوا ـ بإمكاناتهم المتواضعة ـ يكدحون أيامهم ولياليهم لتأمين احتياجاتهم الغذائية المحدودة والبحث عن المراعي المناسبة لتأمين ما تحتاجه مواشيهم من المادة العلفية، وتبعا لهذا الوضع فقد كانت نسية التعليم متدنية والحالة الصحية متدهورة بين سكان المنطقة.
وبعد اكتشاف النفط واعتماد العالم بأسره عليه، كمحرك لعجلة التقدم الصناعي والزراعي والتقني، تحسنت الأحوال المادية والمعيشية والصحية لسكان هذه الدول، وزادت نسبة التعليم وتغيرت أنماط حرفهم ومعيشتهم تبعا لزيادة دخلهم وحسب تواجدهم من المراكز العمرانية الرئيسية. ولعل ما يلفت النظر التطور الحاصل في الإنتاج الزراعي لهذه الدول رغم قلة مواردها الطبيعية سواء من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة أو من المياه التي تعتبر من العوامل الرئيسية للتنمية الزراعية، حيث لا توجد انهار أو عيون جارية كما أن الأمطار التي تهطل على المنطقة تعتبر قليلة وفي أوقات متفاوتة مما يقلل إمكانية الاستفادة الكاملة منها، إلا في بعض المناطق التي أقيمت فيه السدود التي حجزت مياه الأمطار وساعدت على الاستفادة منها في بعض الأودية كما في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان
ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ ღ
رسالتنا للزوار الكرام : سجل عضويتك اليوم لتصلك رسائلنا لأخر مواضيع الأبحاث ورسائل الماجستير و الدكتورة عبر الايميل بشكل جميل.
♔ اَلَملَكهَ بَلَقَيــس♔- ♔ السمو الملكي ♔
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه الاعجاباتتاج 100 موضوعتاج المواضيعجائزه المواضيع امميزهعدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزه التميز
- عدد الرسائل : 3257
العمل/الترفيه : /لـآ شَي أوجَع منْ الحَنينْ ..~
الابراج :
الموقع : هوَ يشَبِه السّعادَةَ ؛ كلِ ماَ فكَرت فيَه ابتسَم !*
احترام القانون :
المزاج : ♡༽رفُُقُُآ بًًنِِبًًض قُُلََبًًيََ༼♡
نقاط : 56489
السٌّمعَة : 43
تاريخ التسجيل : 26/02/2008
تعاليق : الحب يزهر إذ التقينا بما يجمعنا لا بما يعجبنا !
آهـــوآكـــ- ♛ مجلس الوزراء ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامجائزه المواضيع المميزهجائز المجموعاتجائزه عدد النقاطعدد المشاركات بالمواضيع المميزهجائزه الاعجابات
- عدد الرسائل : 281
الابراج :
الموقع : بستان ورود
احترام القانون :
نقاط : 15322
السٌّمعَة : 8
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
تعاليق : { .. أبيــــــــــك .. }
بكل مآفيني أبيك ..
تعآل و رجع لي البسمه .. تعآل و رجع لي كيآني ..
تعآل و لمني بشوق و احضني .. ترى غيآبك بعـــــثرني .. بعثرني .. بعثرني ..
مواضيع مماثلة
» حرب الخليج الباردة وسباق التسلح العربي الايراني
» الوطن العربي أو الوطن العربي الكبير أو العالم العربي
» الشيخ عمران حسين يتوقع قطع الانترنت واحداث دول الخليج فى الحرب العالمية الثالثة
» أول من وضع الكتاب العربي
» نقد العقل العربي
» الوطن العربي أو الوطن العربي الكبير أو العالم العربي
» الشيخ عمران حسين يتوقع قطع الانترنت واحداث دول الخليج فى الحرب العالمية الثالثة
» أول من وضع الكتاب العربي
» نقد العقل العربي
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث التعليم والمعلمين والمناهج
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى