دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث الاقتصاد والتجارة
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
[center]أ. د. جاب الله عبد الفضيل بخيت
الأستاذ في قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
كلية الشريعة بالرياض– جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
د. عبد الله بن سليمان الباحوث
الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
كلية الشريعة بالرياض– جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة أم القرى – مكة المكرمة
( محرم 1424 هـ)
ملخص البحث
الأستاذ في قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
كلية الشريعة بالرياض– جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
د. عبد الله بن سليمان الباحوث
الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
كلية الشريعة بالرياض– جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة أم القرى – مكة المكرمة
( محرم 1424 هـ)
ملخص البحث
يستحوذ موضوع العولمة الاقتصادية على جانب وافر من اهتمام الاقتصاديين
ومتخذي القرارات في كل دول العالم حيث أن تحرير التجارة العالمية وأسواق
النقد ورأس المال تعتبر من أبرز المحددات الرئيسية لنمو وتنمية الدول
والتأثير على رفاهية مواطنيها الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا البحث نسلط الأضواء على أثر العولمة الاقتصادية على اقتصاديات دول العالم الإسلامي، وذلك من خلال المحاور الآتية :
أولاً
: المكاسب التي يمكن أن تحققها دول العالم الإسلامي من الاندماج في
العولمة الاقتصادية متمثلة في : سهولة دخول منتجاتها إلى أسواق الدول
المتقدمة – الاستفادة من تحرير التجارة في تقنية المعلومات –التأثر ببعض
المفاهيم الإيجابية في مجال حقوق الإنسان, حق تقرير المصير – حماية
البيئة، تحجيم الفساد الإداري والسياسي .
ثانياً
: الآثار السلبية المتوقعة لتحرير الاقتصاد العالمي متمثلة في : تكريس عدم
العدالة في توزيع المكاسب المتأتية من تحرير التجارة الدولية- زيادة حدة
الأزمات المالية بسبب تزايد تحرير الأسواق المالية والنقدية- تقليص دور
ومفهوم الدولة القومية – التخوف من هيمنة الثقافة الغربية، زيادة معدلات
البطالة.
ثالثاً
: سبل مواجهة الآثار السلبية للعولمة الاقتصادية : وتتمثل في جهود البلاد
الإسلامية على المستوى القطري والأممي لتحقيق اندماج فعال وإيجابي في
الاقتصاد العالمي، وتتمثل أهم هذه السبل في :
1.
زيادة القدرة التنافسية الاقتصادية للدول الإسلامية من خلال الاهتمام
بإفساح المجال أمام القطاع الخاص ، والبحث العلمي، والتنمية الصناعية كماً
و كيفاً.
2. التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية
3. التدرج في تحرير الأسواق المالية.
4. المحافظة على دور أساس للدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
Abstract:
One of the world’s most important economic change during the past three
decades of the 20th century has been the emergence and the development
of Globalization which is considered as the latest development of
capitalism. During the last decade, Globalization emerged as a new
academic discipline in many universities and research institutions of
Western countries; it received wider attention and got higher priority
in international, interregional and regional meetings.
The aim of this study is to outline and summarize the impacts of
globalization on Islamic countries. The research is introduced by a
short definition of globalization and short characterization of the
international economy. After this brief introduction, the study is
divided into three parts.
The first part gives the explanation of the merits of globalization.
Globalization will greatly benefit the Islamic countries through many
ways :
1- Liberalization of trade and factor movements.
2- Promotion and facilitation of exports from Islamic countries to other countries.
3- Facilitation of transfer of information and high technology to Islamic world.
4- Internationalization of many problems such as : human rights, self- determination and environment.
The second part gives short comprehensive but not exclusive list of
adverse effects of globalization on Islamic world. We can summarize
these disxxxxxxxs as the following:
1- Unequal distribution of globalization benefits between developing countries and developed nations.
2- Reducing the sovereignty of nation-state.
3- Promotion of western cultures against local cultures.
4- Liberalization of financial and monetary markets leads to more financial crisis.
5- Acceleration of political and military intervention of the U.S.A. in local affairs of Islamic countries.
The
third part makes proposals for how Islamic countries can adhere
actively and positively to the agreement of W.T.O. Economic cooperation
and integration among Islamic countries must take place. Also, some
efforts must be done in the fields of education, training, technology,
industry, privatization, food, telecommunication in order to strengthen
the competitiveness of Islamic countries.
يتبع[/center]
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17003
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
رد: دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد :
إن
المتتبع للتطورات التي اعترت عالمنا المعاصر يلحظ تعمق التداخل الواضح
لأمور الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر
بالحدود السياسية للدولة القومية. وهذا يعني أن البشرية دخلت في غمار
عملية تغيير كبرى على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية والسلوكية
ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين. وقد تمخض عن عملية التغير هذه،
تشكيل نسق من القيم الكونية التي تغطي مختلف جوانب النشاط الإنتاجي والتي
من المنتظر أن تعم مختلف أقطار العالم وهو ما أطلق عليه العولمة أو
الكوكبة أو الكونية ترجمة للمصطلح الإنجليزي (GLOBALISATION) .
إن
التوجه نحو العولمة يجعل عالم اليوم أشبه بقرية صغيرة بلا حدود أو حواجز
يسودها نظام اقتصادي واحد وشامل ومتداخل قوامه الحرية الاقتصادية وحرية
انتقال الأفراد والمنتجات ورؤوس الأموال بلا قيود أو عوائق. ومن الواضح أن
للدول المالكة للتقنية الحديثة وللشركات متعددة الجنسيات والمنظمات
الاقتصادية الدولية دورا متميزا وحاسما في تقسيم العمل على الصعيد الدولي
في إطار ظاهرة العولمة. وليس هناك من شك في أن كل هذه التحولات الجارية في
هيكل الاقتصاد العالمي تطرح تحديات جديدة على الدول النامية ومنها الدول
الإسلامية وبالتالي تحتاج إلى دراسات وتحليلات جادة للوقوف على آثار عملية
العولمة بالنسبة لمستقبل التنمية في هذه الدول وكذلك إمكانيات المواجهة
للخسائر التي قد تلحق بالاقتصاديات الإسلامية.
وبالتالي فإن هذه الدراسة تهدف
إلى تحليل الآثار الايجابية والسلبية للعولمة الاقتصادية على دول العالم
الإسلامي ، لأن هذه العولمة تتيح بلا شك فرصاً للتنمية الاقتصادية
والاجتماعية يجب اغتنامها ، إلا أنها في نفس الوقت تولد تحديات وسلبيات
يجب تفاديها بقدر الإمكان. علاوة على ذلك تهدف الدراسة إلى بلورة مجموعة
من الاقتراحات التي تمكن الدول الإسلامية من الاندماج الفعال والايجابي مع
الاقتصاد العالمي بطريقة تمكنها من اغتنام الفرص والمكاسب ومواجهة
التحديات وتفادي الخسائر.
مما سبق يمكن صياغة فرضيات البحث على النحو الآتي :
- تتيح
العولمة مجموعة من المنافع التجارية والاقتصادية والسياسية كما أنها تفرز
مجموعة من السلبيات والتحديات ، لكن واقع هذه الإيجابيات والسلبيات غير
متساو بين الدول.
- زيادة التنافسية الدولية للعالم الإسلامي تتطلب تدعيم التوجه نحو التعاون والتكتل بين دوله.
أما عن المنهج البحثي
المستخدم فهو يجمع بين الاستقرائي والاستنباطي في شكل متداخل بينهما،
وبخاصة في تحليل ايجابيات وسلبيات العولمة الاقتصادية على دول العالم
الإسلامي أما صياغة الرؤية الاستراتيجية لمواجهة تحديات العولمة فقد
اعتمدت أساساً على المنهج الاستنباطي.
وفى إطار هذه الورقة لا نهدف إلى الإبحار في محيط أدبيات العولمة، وبالتالي نحدد اهتمامنا في تغطية النقاط الآتية:
أولاً : ما المقصود بالعولمة الاقتصادية؟
ثانياً : ما إيجابيات وسلبيات العولمة؟
ثالثاً : ضرورة تحديد رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة تهديدات العولمة الاقتصادية.
وتمثل هذه النقاط الأجزاء الثلاثة المكونة للدراسة ، ونتناول بالشرح والتحليل هذه الأجزاء على النحو الآتي .
يتبع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد :
إن
المتتبع للتطورات التي اعترت عالمنا المعاصر يلحظ تعمق التداخل الواضح
لأمور الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر
بالحدود السياسية للدولة القومية. وهذا يعني أن البشرية دخلت في غمار
عملية تغيير كبرى على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية والسلوكية
ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين. وقد تمخض عن عملية التغير هذه،
تشكيل نسق من القيم الكونية التي تغطي مختلف جوانب النشاط الإنتاجي والتي
من المنتظر أن تعم مختلف أقطار العالم وهو ما أطلق عليه العولمة أو
الكوكبة أو الكونية ترجمة للمصطلح الإنجليزي (GLOBALISATION) .
إن
التوجه نحو العولمة يجعل عالم اليوم أشبه بقرية صغيرة بلا حدود أو حواجز
يسودها نظام اقتصادي واحد وشامل ومتداخل قوامه الحرية الاقتصادية وحرية
انتقال الأفراد والمنتجات ورؤوس الأموال بلا قيود أو عوائق. ومن الواضح أن
للدول المالكة للتقنية الحديثة وللشركات متعددة الجنسيات والمنظمات
الاقتصادية الدولية دورا متميزا وحاسما في تقسيم العمل على الصعيد الدولي
في إطار ظاهرة العولمة. وليس هناك من شك في أن كل هذه التحولات الجارية في
هيكل الاقتصاد العالمي تطرح تحديات جديدة على الدول النامية ومنها الدول
الإسلامية وبالتالي تحتاج إلى دراسات وتحليلات جادة للوقوف على آثار عملية
العولمة بالنسبة لمستقبل التنمية في هذه الدول وكذلك إمكانيات المواجهة
للخسائر التي قد تلحق بالاقتصاديات الإسلامية.
وبالتالي فإن هذه الدراسة تهدف
إلى تحليل الآثار الايجابية والسلبية للعولمة الاقتصادية على دول العالم
الإسلامي ، لأن هذه العولمة تتيح بلا شك فرصاً للتنمية الاقتصادية
والاجتماعية يجب اغتنامها ، إلا أنها في نفس الوقت تولد تحديات وسلبيات
يجب تفاديها بقدر الإمكان. علاوة على ذلك تهدف الدراسة إلى بلورة مجموعة
من الاقتراحات التي تمكن الدول الإسلامية من الاندماج الفعال والايجابي مع
الاقتصاد العالمي بطريقة تمكنها من اغتنام الفرص والمكاسب ومواجهة
التحديات وتفادي الخسائر.
مما سبق يمكن صياغة فرضيات البحث على النحو الآتي :
- تتيح
العولمة مجموعة من المنافع التجارية والاقتصادية والسياسية كما أنها تفرز
مجموعة من السلبيات والتحديات ، لكن واقع هذه الإيجابيات والسلبيات غير
متساو بين الدول.
- زيادة التنافسية الدولية للعالم الإسلامي تتطلب تدعيم التوجه نحو التعاون والتكتل بين دوله.
أما عن المنهج البحثي
المستخدم فهو يجمع بين الاستقرائي والاستنباطي في شكل متداخل بينهما،
وبخاصة في تحليل ايجابيات وسلبيات العولمة الاقتصادية على دول العالم
الإسلامي أما صياغة الرؤية الاستراتيجية لمواجهة تحديات العولمة فقد
اعتمدت أساساً على المنهج الاستنباطي.
وفى إطار هذه الورقة لا نهدف إلى الإبحار في محيط أدبيات العولمة، وبالتالي نحدد اهتمامنا في تغطية النقاط الآتية:
أولاً : ما المقصود بالعولمة الاقتصادية؟
ثانياً : ما إيجابيات وسلبيات العولمة؟
ثالثاً : ضرورة تحديد رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة تهديدات العولمة الاقتصادية.
وتمثل هذه النقاط الأجزاء الثلاثة المكونة للدراسة ، ونتناول بالشرح والتحليل هذه الأجزاء على النحو الآتي .
يتبع
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17003
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
رد: دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
أولا: مفهوم العولمة الاقتصادية:
قبل
الولوج في عرض إيجابيات وسلبيات توجه الاقتصاديات الوطنية نحو العولمة،
يجدر بنا اقتراح تعريف لظاهرة العولمة الاقتصادية وذلك من خلال التطورات
المتسارعة التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي في السنوات الأخيرة.
فقد كانت العلاقات الاقتصادية الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية
وحتى نهاية سنوات الثمانينات من القرن العشرين تتسم بالتوجه نحو التدويل
المتمثل في الانفتاح التدريجي للاقتصاديات الوطنية على المبادلات التجارية
ورؤوس الأموال الأجنبية. إلا أنه منذ بداية التسعينات حدثت تطورات سريعة
ومكثفة أعادت تشكيل النظام الاقتصادي الدولي، ومن ثم أصبح هذا النظام في
ثوبه الجديد يتسم بالخصائص الهامة الآتية:-
1-عولمة نمط الإنتاج الرأسمالي القائم على: التنافسية – التوجه نحو التوسعية واقتصاديات الحجم – التركيز الذي يفضي إلى الاحتكار – تسريع التحديث والتطور[i].
2-عولمة
النشاط المالي واندماج أسواق المال عن طريق إزالة القيود على تحركات رؤوس
الأموال خاصة القصيرة الأجل والتي يطلق عليها الأموال الساخنة.
3-تعاظم
دور العلم والتقنية وتأثيرهما في التحكم في السيطرة على الاقتصاد العالمي
باعتبارهما المفاتيح الأساسية لبناء القوة الاقتصادية والتنافسية الدولية
في الوقت الراهن وتوجهات المستقبل. ونتيجة لذلك تمارس القوى المالكة
للتقنية الحديثة سواء كانت دولاً أم شركات متعددة الجنسية دورًا متميزا في
توجيه العالم نحو العولمة والتحرر الاقتصادي. ومن المتوقع أن تحصل هذه
القوى على نصيب الأسد من مغانم العولمة. وفى هذا الصدد يشير أحد الباحثين
إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات التي لا تدين بالولاء إلا للأرباح تقوم
بتوظيف المنجزات العلمية البارعة لمزيد من أحكام قبضة العالم على رقبة
العالم الثالث[ii].
4-
تعاظم الدور الاقتصادي والسياسي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية: فقد
أدى تغير مراكز القوى العالمية على أثر انهيار الشيوعية نظرية وتطبيقا إلى
تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق وارتماء دول أوربا الشرقية والكثير من دول
العالم الثالث في أحضان الدول الصناعية الرأسمالية والمنظمات الدولية بهدف
مساعدتها على التحول من الاقتصاديات المدارة مركزيا إلى اقتصاديات السوق
الحر؛ هذا بالإضافة إلى فقدان أوربا للقيادة العالمية نتيجة للأخطاء
الكثيرة التي ارتكبتها في القرن العشرين[iii].
وكانت النتيجة الطبيعة انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بلا منازع
بالهيمنة على مصائر العالم وتصرفها لا كقوة عظمى بل كالقوة العظمى الوحيدة
في العالم من دون تنسيق مع أي شريك آخر ولا في إطار أية هيئة دولية جماعية[iv].
5-
تعاظم دور المنظمات الاقتصادية الدولية في إدارة الاقتصاد العالمي الجديد
وإطلاق حرية المنافسة الاقتصادية حيث تشكل منظمة التجارة العالمية وصندوق
النقد الدولي والبنك الدولي نظامًا اقتصاديا حاكما وحازما للعلاقات
الدولية في المجالات التجارية والمالية. فبالنسبة للمؤسسات المالية
الدولية تنامي دورهما في تصميم برامج التكيف الهيكلي والإصلاح الاقتصادي
في دول العالم الثالث ودول أوربا الشرقية. ويكمن أحد أهداف هذه البرامج في
إدماج هذه الدول في دورة الاقتصاد العالمي. أما منظمة التجارة العالمية
التي دخلت اتفاقية إنشائها حيز التنفيذ في أول يناير 1995م وتضم الآن 145
دولة فتختص بالإشراف على التجارة الدولية والعمل على تحريرها من كافة
القيود الكمية والنوعية.
6-
الاتجاه نحو التكتل الاقتصادي الإقليمي بهدف الاستفادة من الفرص التي
تتيحها العولمة الاقتصادية وتدعيم القدرة على مواجهة التحديات التي
تفرضها، ومن أمثلة ذلك: تكتل الاتحاد الأوربي، وتكتل دول النافتا، وتكتل
دول الآسيان، وتكتل دول الإبيك. وينظر البعض إلى هذه التكتلات الاقتصادية
الإقليمية على أنها خطوة نحو العالمية المطلوبة للتجارة الحرة بين دول
العالم[v].
7-
تدويل بعض المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ مثل حقوق الإنسان
وحق تقرير المصير للشعوب وقضايا السكان والفقر والتلوث البيئي وغسيل
الأموال التي تم اكتسابها بطرق غير مشروعة[vi].
من
واقع الخصائص التي تميز الاقتصاد العالمي المعاصر والتي سبق إيضاحها
عاليا، يمكن القول أن مفهوم العولمة الاقتصادية يتمثل من كونها النتاج
الواقعي لتطور الرأسمالية الغربية في مرحلتها الأخيرة التي تتحكم فيها قوى
دولية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه القوى تقود تيارا عالميا
يستهدف سيادة اقتصاديات السوق وتحرير المعاملات الاقتصادية الدولية من
كافة القيود المباشرة وغير المباشرة. وترتيبا على ذلك يمكن القول أن تيار
العولمة الاقتصادية ينصرف إلى نشر نظم وعلاقات وقوى الإنتاج والتبادل
والتوزيع الرأسمالية في دول الأطراف، على أن يتم ذلك بقيادة وسيطرة دول
المركز الأصلي للرأسمالية والمنظمات الاقتصادية الدولية. وفي هذا الصدد
يرى البعض أن العولمة هي رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت في
السنوات الماضية رسملة العالم على مستوى سطح النمط ومظاهره [vii]؛
ويجمع هذا التيار الفكري بين العولمة الاقتصادية والليبرالية المتطرفة.
ويرى البعض الآخر أن هناك اختلافاً بين هذين المفهومين ؛ فالعولمة عبارة
عن ظاهرة تاريخية موضوعية لها إيجابياتها وسلبياتها، أما الليبرالية
المتطرفة فعبارة عن ظاهرة أيديولوجية ذاتية تعطي لنفسها حق تسيير وإدارة
العولمة وتسعى إلى فرض نفسها كمرادف للعولمة[viii].
ويمكن تقسيم مضمون العولمة الاقتصادية إلى أربعة مكونات أساسية هي:
1-
انتشار المعلومات والبيانات الاقتصادية وغير الاقتصادية بحيث تكون متاحة
لجميع الشعوب. وقد ساعد على تدفق وذيوع هذه المعلومات التقدم الهائل في
وسائل الموصلات والنقل والاتصالات والفضائيات وتقنية المعلومات.
2-
سهولة حركة السلع والخدمات والأموال والأشخاص الطبيعيين بين الدول مما
يعني تلاشي أو على الأقل إضعاف الحدود السياسة للدول؛ وبالتالي تحل النظرة
العالمية للأسواق محل النظرة المحلية أو القطرية.
3-
زيادة معدلات التشابه بين سلوك الجماعات وتنظيم وإدارة المجتمعات وأشكال
المؤسسات الاقتصادية والسياسة والتنميط في أساليب الإنتاج وفى المنتجات من
السلع والخدمات. ويرجع ذلك إلى أن حركة العولمة تتضمن تبني فلسفة السوق
الحر داخل الدولة وفي معاملاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى ومن ثم سيادة
النظام الرأسمالي الديمقراطي الغربي.
4-
التوابع والتجليات للعولمة الاقتصادية في الميادين السياسية والثقافية،
فالعولمة الاقتصادية تعطي وزنا هاما للمتغيرات السياسية والاجتماعية[ix].
فقد ارتبطت عملية العولمة الاقتصادية باتساع نطاق الثقافة الغربية وتعميق
النمط الاستهلاكي الأوربي والأمريكي في شعوب العالم الثالث ومنها الدول
الإسلامية، مثل نوعية الملابس التي يرتدونها وأنواع الطعام والشراب التي
يفضلونها بل ومفردات الكلام التي ينطقون بها، فالتقدم في وسائل الاتصال
كانت له بصمات على اتجاهات وميول الأفراد الثقافية والاستهلاكية في الكثير
من دول العالم الإسلامي. علاوة على ذلك فإن العولمة الاقتصادية على
الطريقة الأمريكية تبشر بنشر مجموعة من القيم التي تحكم الحياة السياسية
في الغرب؛ مثل الديمقراطية والتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان وحق
تقرير المصير للشعوب ومكافحة الفساد وجرائم غسيل الأموال وحماية البيئة.
يتبع
قبل
الولوج في عرض إيجابيات وسلبيات توجه الاقتصاديات الوطنية نحو العولمة،
يجدر بنا اقتراح تعريف لظاهرة العولمة الاقتصادية وذلك من خلال التطورات
المتسارعة التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي في السنوات الأخيرة.
فقد كانت العلاقات الاقتصادية الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية
وحتى نهاية سنوات الثمانينات من القرن العشرين تتسم بالتوجه نحو التدويل
المتمثل في الانفتاح التدريجي للاقتصاديات الوطنية على المبادلات التجارية
ورؤوس الأموال الأجنبية. إلا أنه منذ بداية التسعينات حدثت تطورات سريعة
ومكثفة أعادت تشكيل النظام الاقتصادي الدولي، ومن ثم أصبح هذا النظام في
ثوبه الجديد يتسم بالخصائص الهامة الآتية:-
1-عولمة نمط الإنتاج الرأسمالي القائم على: التنافسية – التوجه نحو التوسعية واقتصاديات الحجم – التركيز الذي يفضي إلى الاحتكار – تسريع التحديث والتطور[i].
2-عولمة
النشاط المالي واندماج أسواق المال عن طريق إزالة القيود على تحركات رؤوس
الأموال خاصة القصيرة الأجل والتي يطلق عليها الأموال الساخنة.
3-تعاظم
دور العلم والتقنية وتأثيرهما في التحكم في السيطرة على الاقتصاد العالمي
باعتبارهما المفاتيح الأساسية لبناء القوة الاقتصادية والتنافسية الدولية
في الوقت الراهن وتوجهات المستقبل. ونتيجة لذلك تمارس القوى المالكة
للتقنية الحديثة سواء كانت دولاً أم شركات متعددة الجنسية دورًا متميزا في
توجيه العالم نحو العولمة والتحرر الاقتصادي. ومن المتوقع أن تحصل هذه
القوى على نصيب الأسد من مغانم العولمة. وفى هذا الصدد يشير أحد الباحثين
إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات التي لا تدين بالولاء إلا للأرباح تقوم
بتوظيف المنجزات العلمية البارعة لمزيد من أحكام قبضة العالم على رقبة
العالم الثالث[ii].
4-
تعاظم الدور الاقتصادي والسياسي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية: فقد
أدى تغير مراكز القوى العالمية على أثر انهيار الشيوعية نظرية وتطبيقا إلى
تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق وارتماء دول أوربا الشرقية والكثير من دول
العالم الثالث في أحضان الدول الصناعية الرأسمالية والمنظمات الدولية بهدف
مساعدتها على التحول من الاقتصاديات المدارة مركزيا إلى اقتصاديات السوق
الحر؛ هذا بالإضافة إلى فقدان أوربا للقيادة العالمية نتيجة للأخطاء
الكثيرة التي ارتكبتها في القرن العشرين[iii].
وكانت النتيجة الطبيعة انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بلا منازع
بالهيمنة على مصائر العالم وتصرفها لا كقوة عظمى بل كالقوة العظمى الوحيدة
في العالم من دون تنسيق مع أي شريك آخر ولا في إطار أية هيئة دولية جماعية[iv].
5-
تعاظم دور المنظمات الاقتصادية الدولية في إدارة الاقتصاد العالمي الجديد
وإطلاق حرية المنافسة الاقتصادية حيث تشكل منظمة التجارة العالمية وصندوق
النقد الدولي والبنك الدولي نظامًا اقتصاديا حاكما وحازما للعلاقات
الدولية في المجالات التجارية والمالية. فبالنسبة للمؤسسات المالية
الدولية تنامي دورهما في تصميم برامج التكيف الهيكلي والإصلاح الاقتصادي
في دول العالم الثالث ودول أوربا الشرقية. ويكمن أحد أهداف هذه البرامج في
إدماج هذه الدول في دورة الاقتصاد العالمي. أما منظمة التجارة العالمية
التي دخلت اتفاقية إنشائها حيز التنفيذ في أول يناير 1995م وتضم الآن 145
دولة فتختص بالإشراف على التجارة الدولية والعمل على تحريرها من كافة
القيود الكمية والنوعية.
6-
الاتجاه نحو التكتل الاقتصادي الإقليمي بهدف الاستفادة من الفرص التي
تتيحها العولمة الاقتصادية وتدعيم القدرة على مواجهة التحديات التي
تفرضها، ومن أمثلة ذلك: تكتل الاتحاد الأوربي، وتكتل دول النافتا، وتكتل
دول الآسيان، وتكتل دول الإبيك. وينظر البعض إلى هذه التكتلات الاقتصادية
الإقليمية على أنها خطوة نحو العالمية المطلوبة للتجارة الحرة بين دول
العالم[v].
7-
تدويل بعض المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ مثل حقوق الإنسان
وحق تقرير المصير للشعوب وقضايا السكان والفقر والتلوث البيئي وغسيل
الأموال التي تم اكتسابها بطرق غير مشروعة[vi].
من
واقع الخصائص التي تميز الاقتصاد العالمي المعاصر والتي سبق إيضاحها
عاليا، يمكن القول أن مفهوم العولمة الاقتصادية يتمثل من كونها النتاج
الواقعي لتطور الرأسمالية الغربية في مرحلتها الأخيرة التي تتحكم فيها قوى
دولية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه القوى تقود تيارا عالميا
يستهدف سيادة اقتصاديات السوق وتحرير المعاملات الاقتصادية الدولية من
كافة القيود المباشرة وغير المباشرة. وترتيبا على ذلك يمكن القول أن تيار
العولمة الاقتصادية ينصرف إلى نشر نظم وعلاقات وقوى الإنتاج والتبادل
والتوزيع الرأسمالية في دول الأطراف، على أن يتم ذلك بقيادة وسيطرة دول
المركز الأصلي للرأسمالية والمنظمات الاقتصادية الدولية. وفي هذا الصدد
يرى البعض أن العولمة هي رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت في
السنوات الماضية رسملة العالم على مستوى سطح النمط ومظاهره [vii]؛
ويجمع هذا التيار الفكري بين العولمة الاقتصادية والليبرالية المتطرفة.
ويرى البعض الآخر أن هناك اختلافاً بين هذين المفهومين ؛ فالعولمة عبارة
عن ظاهرة تاريخية موضوعية لها إيجابياتها وسلبياتها، أما الليبرالية
المتطرفة فعبارة عن ظاهرة أيديولوجية ذاتية تعطي لنفسها حق تسيير وإدارة
العولمة وتسعى إلى فرض نفسها كمرادف للعولمة[viii].
ويمكن تقسيم مضمون العولمة الاقتصادية إلى أربعة مكونات أساسية هي:
1-
انتشار المعلومات والبيانات الاقتصادية وغير الاقتصادية بحيث تكون متاحة
لجميع الشعوب. وقد ساعد على تدفق وذيوع هذه المعلومات التقدم الهائل في
وسائل الموصلات والنقل والاتصالات والفضائيات وتقنية المعلومات.
2-
سهولة حركة السلع والخدمات والأموال والأشخاص الطبيعيين بين الدول مما
يعني تلاشي أو على الأقل إضعاف الحدود السياسة للدول؛ وبالتالي تحل النظرة
العالمية للأسواق محل النظرة المحلية أو القطرية.
3-
زيادة معدلات التشابه بين سلوك الجماعات وتنظيم وإدارة المجتمعات وأشكال
المؤسسات الاقتصادية والسياسة والتنميط في أساليب الإنتاج وفى المنتجات من
السلع والخدمات. ويرجع ذلك إلى أن حركة العولمة تتضمن تبني فلسفة السوق
الحر داخل الدولة وفي معاملاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى ومن ثم سيادة
النظام الرأسمالي الديمقراطي الغربي.
4-
التوابع والتجليات للعولمة الاقتصادية في الميادين السياسية والثقافية،
فالعولمة الاقتصادية تعطي وزنا هاما للمتغيرات السياسية والاجتماعية[ix].
فقد ارتبطت عملية العولمة الاقتصادية باتساع نطاق الثقافة الغربية وتعميق
النمط الاستهلاكي الأوربي والأمريكي في شعوب العالم الثالث ومنها الدول
الإسلامية، مثل نوعية الملابس التي يرتدونها وأنواع الطعام والشراب التي
يفضلونها بل ومفردات الكلام التي ينطقون بها، فالتقدم في وسائل الاتصال
كانت له بصمات على اتجاهات وميول الأفراد الثقافية والاستهلاكية في الكثير
من دول العالم الإسلامي. علاوة على ذلك فإن العولمة الاقتصادية على
الطريقة الأمريكية تبشر بنشر مجموعة من القيم التي تحكم الحياة السياسية
في الغرب؛ مثل الديمقراطية والتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان وحق
تقرير المصير للشعوب ومكافحة الفساد وجرائم غسيل الأموال وحماية البيئة.
يتبع
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17003
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
رد: دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
ثانيا : ايجابيات وسلبيات التحول نحو العالمية:
إن العولمة الاقتصادية باعتبارها مرحلة متقدمة في تاريخ الرأسمالية يتكامل
فيها النشاط الاقتصادي وظيفيا عبر الحدود الوطنية سوف يكون وقعها الايجابي
والسلبي غير متساو بين الدول. لذلك يجب التأكيد على أن التحذير من سلبيات
العولمة الاقتصادية لا يعنى الدعوة إلى الانفصال عن الاقتصاد العالمي
ومجرياته، فالهدف إذن من التحذير هو وضع الدول الإسلامية أمام مسئولياتها
حتى لا يكون نصيبها من الاندماج في هذا الاقتصاد العالمي الأعباء دون
المغانم.
1- إيجابيات العولمة:
تتيح العولمة مجموعة من الفرص التجارية والاقتصادية والسياسية التي يمكن
للدول الصناعية والنامية الاستفادة منها على السواء , وأهم هذه الفرص :
أ-
انتشار المعلومات والبيانات بحيث تصبح متاحة لدى جميع الدول والشعوب، فمن
المتوقع في السنوات القادمة توقيع اتفاقية تستهدف تحرير التجارة في تقنية
المعلومات مما سوف يساهم في تضييق الخلافات بين الدول النامية والدول
الصناعية بخصوص نقل التقنية وبخاصة تقنية المعلومات.
ب_
تعزيز المنافسة بين الدول والشركات في إطار تفعيل آليات السوق الحر على
المستوى الدولي وبالتالي تسهيل حركة الناس والسلع والخدمات بين الدول على
المستوى الكونى. ولكن من الواجب الإشارة إلى أن توافر سوق كبير أمام الدول
الإسلامية لا يكفي وحده لزيادة صادرات هذه الدول، إذ لابد من العمل على
زيادة وتحسين الإنتاج وتخفيض تكاليفه وبخاصة في مجال الإنتاج الصناعي
والخدمي.
ج
– محاربة الفساد: يترتب على التحرير الاقتصادي وفتح الأسواق زيادة درجة
المنافسة وتقليل البيروقراطية الإدارية الأمر الذي يؤدي إلى تحجيم دور ذوي
النفوذ السياسي والإداري ، ومن ثم القضاء على جزء كبير من الفساد الإداري
المستشري في كثير من دول العالم الثالث (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[i].
د
- انتشار وتعميق المفاهيم المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير
المصير واستنهاض روح المسئولية في المجتمع الدولي لحماية البيئة. ولا شك
أن تعزيز هذه القيم يمثل مطالب أساسية للدول الإسلامية. فعلى سبيل المثال
قد يساعدنا تطبيق هذه المبادئ بموضوعية في حل الكثير من المشكلات السياسية
المعلقة منذ سنوات عديدة؛ مثل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وحصول
الأقليات الإسلامية في العديد من الدول على حقوقها مثل مسلمي كوسوفو
والشيشان وكاراباخ والفلبين وكشمير. إلا أنه يجب التحذير من بعض المخاطر
التي من الممكن أن ترافق تطبيق هذه المبادئ نتيجة للممارسات الخاطئة
والمتحيزة للدول التي تقود النظام الاقتصادي والسياسي العالمي، لذلك ينبغي
على الدول الإسلامية الوقوف ضد ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول
الصناعية في تطبيق حقوق الإنسان وعدم السماح لهذه الدول الأخيرة بفرض
نموذج الديمقراطية والتنمية الغربي كنموذج أوحد للديمقراطية والتقدم،
والعمل على تقنين حق التدخل التي يمارسه الآن حلف الأطلنطي حتى لا يشهر
كسلاح ضد الأمة الإسلامية في يوم من الأيام.
ويرى الاقتصادي الأمريكي ( (J. STIGLITZأن العولمة تمتلك قدرات كامنة لإثراء العالم خصوصا الشعوب الفقيرة إلا أن المعضلة تكمن في طريقة ونظام إدارة العولمة (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ii].
2- سلبيات العولمة:
إن
التقويم المتوازن لما يجرى الآن اقتصاديا وسياسيا على الساحة الدولية يؤكد
وجود نتائج سلبية للعولمة بالنسبة لبعض الدول. إلا أن تحليل هذه السلبيات
لا يعني الدعوة إلى الانعزال عن الاقتصاد العالمي ومجرياته، بل الهدف من
إظهار هذه السلبيات هو وضع الدول الإسلامية أمام مسئولياتها حتى لا يكون
نصيبها من الاندماج في الاقتصاد العالمي الأعباء دون المغانم. هذا ويمكن
إجمال هذه السلبيات في الآتي:
أ-
اتهام العولمة الاقتصادية المعاصرة بتكريس عدم العدالة في توزيع مكاسب
تحرير التجارة الدولية من استيراد وتصدير، نظرا لاحتكار الأقلية من الدول
المتقدمة والشركات متعددة الجنسية التي صدرت عنها الدعوة للعولمة للمزايا
الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي. وترتيبا على ذلك تصبح العولمة
المعاصرة مجرد إعادة إنتاج لنظام التبادل القديم غير المتكافئ؛ فالشركات
متعددة الجنسية تتسم بضخامة إستثمارتها وحجم أعمالها، وتنوع أنشطتها
الاقتصادية والانتشار الجغرافي والاعتماد على توظيف المدخرات العالمية
والقدرة على تعبئة الكفاءات البشرية العالية من مختلف الجنسيات، واحتكارها
للمنتجات ذات المحتوى التقني المرتفع ولمنجزات البحث العلمي. ونتيجة لهذه
الإمكانيات أصبحت هذه الشركات تهيمن على توجيه الاستثمارات على المستوى
الدولي مما أدى إلى تضخم أرباحها. وقد أدى تحكم هذه الشركات في مصير
الاقتصاد والتجارة العالميين أن أصبحت حكومات الدول الإسلامية مضطرة
لمناقشة مستقبل اقتصادياتها مع هذه الشركات. ويلاحظ أن التخوف من سطوة
الشركات متعددة الجنسية لا يقتصر على شعوب وحكومات الدول النامية
والإسلامية بل يتعداها إلى سكان البلاد الصناعية. وقد حملت هذه المخاوف
أحزاب يسار الوسط إلى الحكم في التسعينيات من القرن العشرين في دول
الاتحاد الأوربي الرئيسة مثل وصول حزب العمال بقيادة ( توني بلير) إلى
الحكم في المملكة المتحدة، ووصول الحزب الاشتراكي بقيادة ( ليونيل جوسبان)
إلى الحكم في فرنسا، ووصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة ( جيرهارد
شرودر)، وحزب الخضر بقيادة ( يورك فيشر ) إلى الحكم في ألمانيا. وفى مقال
في صحيفة " الاندبندت " البريطانية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iii]
أشار رئيس الوزراء البريطاني ( توني بلير) إلى أنه بدون إعلاء قيم العدالة
الاجتماعية والتكافل والحقوق المتساوية في العمل لن يكون تيار العولمة
محتملا من جانب المواطن العادي وسينتهي الحال بهذا التيار إلى الانهيار،
وذلك في إشارة واضحة إلى الدور المتنامي للشركات متعددة الجنسية في
الاقتصاد العالمي.
ويمكن تحليل التوزيع غير العادل لمكاسب العولمة الاقتصادية من خلال نصيب التجمعات الدولية في المجالات الآتية :
أولا
: التوزيع اللامتكافئ للثروة العالمية : ففي بعض التقديرات أن 20% من
الأكثر غنى من سكان العالم تحصل على 82% من إجمالي الدخل العالمي (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iv]. كما أن 358 مليارديراً في العالم يمتلكون معا ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من سكان العالم (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[v].
ثانيا
: الأضرار بالتوظف على المستوى العالمي : تشير بعض المراجع إلى أن نسبة
20% من السكان العاملين ستكفي في القرن الحادي والعشرين للحفاظ على النشاط
الاقتصادي في العالم وبالتالي فإن نسبة البطالة ستصل إلى 80% من قوة البشر
القادرين على العمل في العالم وسيتركز معظم هؤلاء العاطلين في دول العالم
الثالث (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vi].
ثالثا
: تعميق ظاهرة التبادل الدولي غير المتكافئ : حيث تتهم العولمة الاقتصادية
بتكريس عدم العدالة في توزيع مكاسب تحرير التجارة الدولية نظرا لاحتكار
الأقلية من الدول الكبرى للتجارة الدولية استيراداً وتصديراً علاوة على
احتكارها للمزايا الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vii]. ويوضح الجدول التالي التوزيع الجغرافي للتجارة الدولية:
[center]التجارة الدولية : استيراد وتصدير
النسبة المئوية من التبادل التجاري (2000)
[center]المنطقة الجغرافية
الوردات
الصادرات
النسبة المئوية من التبادل التجاري (2000)
[center]المنطقة الجغرافية
الوردات
الصادرات
2- أوربا الغربية
3- أسيا
4- أوربا الشرقية
5- أمريكا اللاتينية
6- أفريقيا
7- الشرق الأوسط
22.5
38.6
24.9
3.6
5.8
2.0
2.6
16.6
38.4
28.7
4.3
5.6
2.3
4.1
38.6
24.9
3.6
5.8
2.0
2.6
16.6
38.4
28.7
4.3
5.6
2.3
4.1
Source : World Trade Organization (WTO) ; International Trade Statistics “ Geneva , 2001.
يتضح
من الجدول السابق أن أمريكا الشمالية وأوربا الغربية تحصل على نصيب الأسد
من التجارة الدولية إذ أن نصيبها من الصادرات يصل إلى 55% ونصيبها من
الواردات يرتفع إلى 61%. كما يلاحظ أن معظم صادرات هذه الدول تتمثل في
منتجات صناعية وخدمية أما واردتها فتتمثل في المواد الخام والطاقة
المحركة، أما عن الشرق الأوسط ، كمثال للدول لإسلامية، فإن نصيب دوله من
الصادرات العالمية يصل إلى 2.6% ونصيبها من الصادرات عبارة عن 4.1% فقط.
ويلاحظ أيضا أن معظم صادرات دول الشرق الأوسط تتمثل في المواد الخام
والنفط. وترتيبا على ذلك تصبح العولمة المعاصرة مجرد إعادة إنتاج لنظام
التبادل القديم غير المتكافئ، أما الأمر الجديد فهو إقناع دول العالم
الثالث بفتح أسواقها أمام المنتجات الصناعية والخدمية التي تصدرها البلاد
الصناعية المتقدمة.
ب- الانفصال
المتنامي بين حركة الاقتصاد المالي المتمثل في تجارة العملات والتوظيفات
المالية وحركة الاقتصاد العيني المتمثلة في تدفقات السلع والخدمات
الحقيقية، فقد ترتب على إتباع أسعار الصرف العائمة للعملات الصعبة
والعولمة السريعة والمتزايدة للأسواق المالية والنقدية وجود كمية كبيرة من
النقود الدولية تتحرك في أسواق المال الدولية باستقلالية كاملة عن عمليات
تمويل التبادل التجاري (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[viii].
فعلى سبيل المثال تضاعف حجم النقد الأجنبي المتداول في الأسواق العالمية
ثلاث مرات خلال الفترة من عام 1986 - 1993 ليصل إلى ما يقرب من 900 بليون
دولار في اليوم الواحد (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ix]. وقد ترتب على هذا الوضع العديد من النتائج نجملها فيما يأتي :
1- اتساع
نطاق الاتجار في العملات من قبل المضاربين على الصعيد العالمي. وقد ساعد
تقدم وسائل الاتصال في حرية انتقال المضاربين بسرعة من عملة إلى أخرى.
2- زيادة
حجم القروض قصيرة الأجل التي تخرج من اقتصاديات البلاد الرأسمالية
الصناعية بحثا عن العائد المرتفع في الاقتصاديات النامية والإسلامية.
3- زيادة حدة الصدمات الخارجية وهيمنة سلوك المضاربين على استقرار الأسواق الناشئة في البلاد النامية والإسلامية.
4- فشل صندوق النقد الدولي في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي على المستوى العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن أزمة الأسواق المالية الآسيوية التي حدثت في عام
1997 ومازالت أثارها مستمرة حتى الآن ترجع أساسا إلى تسرع دول جنوب شرق
أسيا في إزالة القيود وفتح أسواقها المالية بلا ضوابط أمام تدفقات رؤوس
الأموال الأجنبية قصيرة الأجل غير المستقرة وذلك في ظل غياب القواعد
السلوكية والتنظيمية التي تحكم حركة الأموال وتجارة العملات وتصرفات
الجهاز المصرفي.
ج- الصراع
بين العولمة ومفهوم الدولة القومية ؛ فالعولمة تقلل من أهمية الحدود
السياسية بينما تؤكد القومية على الخطوط الفاصلة بين الحدود . وفي المجال
الثقافي والاجتماعي تعني العولمة انتقالا للأفكار والمبادئ والقيم
والعادات الاجتماعية بينما تميل القومية في بعض الأحيان إلى المحافظة على
الخصوصية الثقافية والعقدية ونمط الحياة الاجتماعية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[x].
وفى هذا الصدد تلعب وسائل الإعلام وأجهزته في العالم العربي دور خطيرا في
الترويج للأيدلوجيا الليبرالية ونمط التفكير الغربي حتى يتم إعادة تكوين
رؤية جديدة للعالم توافق إلى حد بعيد المصالح الاقتصادية لأمريكا وأوربا.
أو بمعنى آخر السعي إلى توحيد المفاهيم الثقافية والقيم الأخلاقية في
العالم طبقاً للمعايير الأمريكية ، وهو ما يشكل أحد أسباب الصدام مع
العالم الإسلامي (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xi]
. وبالتالي هناك تخوف من هيمنة الثقافة الغربية بصفة عامة والأمريكية بصفة
خاصة على كل أنحاء العالم مما يساهم في إضعاف الهويات الثقافية والعقدية
للجماعات البشرية. وتجدر الإشارة إلى أن من يخطط لمحو التعدد الثقافي
العالمي وبخاصة إضعاف الثقافة الإسلامية لن يحالفه التوفيق حتما. فالثقافة
الإسلامية التي استمرت طيلة أربع عشر قرنا من الزمان قادرة على التفاعل
الايجابي الخلاق مع الثقافات الأخرى ومع تطورات الزمن، بل وأكثر من ذلك ؛
فإن العولمة سوف تؤدى إلى اتساع نطاق الثقافة الإسلامية لأنها أقدر وأقوى
من غيرها على النفاذ إلى قلوب وعقول الناس. إلا أن المطلوب هو ترشيد
وتنسيق العمل الإسلامي في مواجهة الثقافات الأخرى الوافدة واستلهام القيم
الذاتية ذات الجذور الإسلامية في عملية بناء الشخصية الإسلامية.
د - تباطؤ
الدول المتقدمة في الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها في ختام دورة
أورجواي حتى تدفع الدول النامية على توقيع اتفاقيات إنشاء منظمة التجارة
العالمية، ومن أهم هذه الالتزامات تعويض الدول النامية المتضررة من ارتفاع
تكاليف الوردات الغذائية بسبب إلغاء دعم المنتجات الزراعية والإجراءات
الحمائية وتيسير نقل المعارف الفنية للدول النامية. ومن المعلوم أن تراجع
الدول الصناعية عن الوفاء بتعهداتها سوف يزيد من أعباء العولمة على البلاد
النامية ومواطنيها، وقد أدان البنك الدولي على لسان( نيكولاس شيترن) رئيس
القسم الاقتصادي في البنك. النفاق التي تمارسه الدول الغنية التي تطالب
الدول النامية بفتح أسواقها أمام منتجات الدول الصناعية المتقدمة في حين
تعمل هذه الدول الغنية على حماية نفسها عبر فرض سياسات دعم وحواجز جمركية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xii].
هـ
- الإضرار بالتوظف في دول العالم الثالث : ينظر مناهضو العولمة على أنها
تمثل خطراً دائماً على الصناعات الصغيرة والمتوسطة لأن هذه الصناعات لا
تقوى على منافسة المنتجات الصناعية المستوردة من الدول الصناعية ، سواء من
حيث الجودة أو تكاليف الإنتاج . كما أن منشآت تجارة التجزئة صغيرة الحجم
تصبح في وضع تنافسي غير متكافىء أمام زحف منشآت التوزيع العالمية داخل
السوق الوطنية؛ مثل سلسلة محلات كارفور ، وسنسبيري وغيرها ، وترتب على ذلك
إفلاس الكثير من هذه المنشآت والصناعات وفقد الكثير من المواطنين لوظائفهم
، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة . علاوة على ذلك فإن السعي المحموم
لتحقيق الربح سيدفع الشركات متعددة الجنسية التي توطن إنتاجها في دول
العالم الثالث إلى استغلال مواطني هذه الدول العاملين في هذه الشركات،
ويأخذ هذا الاستغلال صوراً عديدة أهمها تخفيض الأجور و إجبار العمال على
العمل ساعات طويلة ، وتقدم هذه الشركات على ذلك نظرا لما تتمتع به من نفوذ
قوي ونافذ لدى صناع القرار السياسي في الكثير من الدول النامية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xiii].
علاوة على ذلك هناك اتهام لعدد من المنظمات الدولية بالتواطؤ مع بعض الدول
الصناعية والشركات المتعددة الجنسية ضد فقراء العالم. فالتقرير السنوي
للهيئة العالمية عن أبحاث الصحة،( وهى إحدى الهيئات التي تديرها منظمة
الصحة العالمية) يتهم هذه المنظمة بالتحول من الاهتمام بالمحتاجين إلى
تقديم الرعاية إلى مالكي رؤوس الأموال ومالكي شركات الأدوية. ويشير
التقرير إلى أن الموازنات الضخمة للأبحاث الطبية في منظمة الصحة العالمية
والتي تقدر بنحو 73.5 بليون دولار في السنة تأتى معظم أموالها من الدول
الغنية وتنفق على اهتمامات الصحة في تلك الدول بعينها ولا يذهب سوى 10% من
هذه الأموال إلى بقية سكان العالم (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xiv]. ونتيجة لذلك اصطدمت جهود العلم لصنع لقاح للملاريا بغياب التمويل المناسب على الرغم من أن الملاريا تحصد أرواح الملايين سنويا.
.......
يتبع[/center]
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17003
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
رد: دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية
ثالثاً : رؤية إستراتيجية لمواجهة تهديدات العولمة الاقتصادية :
لكن
تتمكن الدول الإسلامية من مواجهة أخطار العولمة الاقتصادية والاستفادة
والتمتع بأكبر قدر من مزاياها وتفادي أو التقليل من آثارها السلبية، فإنها
– كمجموعة- ملزمة بتطوير عناصر القوة الاقتصادية والسياسية والتقنية
لديها، وذلك يتطلب عدم المصادمة معها، أو التقوقع والانكماش، بل السعي
للتعامل الايجابي مع هذه العولمة. ومن أهم الآليات والوسائل المساعدة لذلك
ما يأتي:
1 - التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية :
حيث يؤدى التكامل الاقتصادي إلى توزيع المنافع الاقتصادية بين الدول التي
دخلت في برنامج التكامل، كما أن ذلك سبيل إلى تحقيق الاستفادة من المزايا
النسبية المتوافرة في كل دولة، مما ينتج عنه زيادة الإنتاجية واتساع نطاق
التبادل التجاري بين هذه الدول. ويمكن إيجاز أبرز منافع التكامل الاقتصادي
في النقاط الآتية :
أ- اتساع
نطاق السوق مما ينتج عنه : زيادة القوة التفاوضية مع الكتل الاقتصادية
الأخرى ، بالإضافة إلى وفورات الإنتاج الداخلية والخارجية، أو ما يسمى
اقتصاديات الحجم الكبير وذلك لأن من أعقد المشكلات التي تواجه التوسع في
الإنتاج وزيادة الكفاءة الإنتاجية هي ضيق السوق. ولذا فإن اتساع السوق
واندماج الأسواق الوطنية يؤدى إلى مزيد من التخصص وتقسيم العمل بين الدول
المتكاملة وفق المزايا النسبية الحقيقية، وهذا يترتب عليه أو ينتج عنه رفع
الكفاءة الإنتاجية وزيادة المقدرة على المنافسة الدولية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[i].
ب
– ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وزيادة مستوى التشغيل والإنتاج، ذلك أن
التكامل الاقتصادي سينعكس ايجابياً على التوقعات المستقبلية لمتخذي
القرارات الاستثمارية، فاتساع الأسواق يؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين في
تصريف الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات، فزيادة الدخول، ومن ثم
زيادة الطلب الفعال، وزيادة التوظف، مما ينعكس في النهاية على معدل النمو
الاقتصادي بالارتفاع، وهذا بخلاف الأثر غير المباشر أو الارتدادي على
انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى داخل الدول الإسلامية، مما يترتب عليه
ارتفاع إضافي في مستوي الاستثمار والتشغيل، وكذا نقل الأساليب الفنية
الحديثة.
ج
– تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة في الدول المتكاملة، ذلك أن
التكامل الاقتصادي يستهدف إزالة كافة القيود المعوقة لحرية انتقال عناصر
الإنتاج بين الدول المشتركة في التكامل، وينتج عن ذلك الاستفادة الجماعية
المثلى من تنوع الموارد الطبيعية والمالية والبشرية، مما يمكنها من تحقيق
التنمية الاقتصادية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ii].
د - تنويع سلة الإنتاج والصادرات السلعية والخدمية في إطار من التنسيق بين الدول المشتركة في برنامج التكامل.
هـ
- زيادة التجارة البينية بفعل الترتيبات التكاملية بين الدول المشتركة في
التكتل أو التكامل الاقتصادي، مما يؤدى إلى تحسين معدلات التبادل الدولي
لصالح هذه الدول، وهذا يؤدي إلى :
·
انخفاض الاعتماد على الدول الأخرى ( خارج التكتل ) في التجارة الخارجية،
مما يعنى انخفاض درجة التبعية الاقتصادية للعالم الخارجي، ومن ثم انخفاض
مخاطر التقلبات والتذبذبات في أسعار الصادرات والواردات.
· التعامل مع الشركات متعددة الجنسية كجبهة إسلامية واحدة، أو كقوة أو كتلة اقتصادية واحدة، وليس كدول هامشية ضعيفة.
· المشاركة
في صنع القرارات داخل المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، بدلاً من
وضعها الحالي والذي لا يعدو كونها متلقياً ومنفذاً للسياسات التي تفرضها
هذه المؤسسات، وذلك على الرغم من عدم مراعاة هذه السياسات في كثير من
الأحيان للأوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالدول الإسلامية.
· التعامل
الانتقائي مع العولمة الاقتصادية بما يخدم أهداف وتوجهات ومصالح الدول
الإسلامية المشتركة في برنامج التكامل الاقتصادي، ومقاومة حالات الاندماج
اللاإرادي في الاقتصاد العالمي.
· الاستفادة
من الاستثناءات الممنوحة للكتل الاقتصادية والمنصوص عليها في اتفاقية
منظمة التجارة العالمية، بما يساعد على مواجهة العولمة الاقتصادية وعدم
استقطاب الدول الإسلامية داخلها (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iii].
ومع كل هذه المزايا المتوقعة للتكامل الاقتصادي إلا أن هناك بعض العقبات
أو العوائق التي تقف في وجه الدول الإسلامية أثناء سعيها لتحقيق هذا
التكامل، لعل من أبرزها :
أ - التفاوت في المستوى الاقتصادي واختلاف أساليب ووسائل وأولويات التخطيط بين دولة وأخرى.
ب - ضعف واختلال الهياكل الإنتاجية، والتشابه في الاعتماد على القطاع الأولي، مما يجعل هذه الدول أقرب إلى التنافس منها إلى التكامل.
ج
- اختلاف النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يؤدي إلى اختلاف
دور الدولة ومدى تدخلها في النشاط الاقتصادي من دولة لأخرى.
د
- سيادة فكرة القومية بحسب مفهومها الغربي وطغيان مسألة السيادة الوطنية
والإقليمية على فكرة الدولة الإسلامية، وتعد هذه المسألة من أكبر العقبات؛
ذلك أن مثل هذا الشعور يؤدي إلى أن تكون إجراءات التكامل الاقتصادي
انتقاصا من السيادة الوطنية التي تسعى هذه الدول للحفاظ عليها.
هـ - تدخل الاعتبارات السياسية في القرارات التكاملية.
و-
عدم وجود معايير موضوعية مقبولة لتنويع التخصصات وتقسيم العمل بين الدول،
وكذا عدم وجود معايير واضحة ومقبولة لتوزيع أعباء وعوائد التكامل.
ز - الجهود الكبيرة للشركات متعددة الجنسية في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، وبالتالي السعي لعرقلة أية جهود إقليمية في هذا الشأن (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iv].
وعلى الرغم من وجود هذه العقبات وغيرها، إلا أن مقومات تكامل الدول
الإسلامية كبيرة، بل وتتغلب مع الإرادة الصادقة على تلك العقبات، حيث أن
لدى الدول الإسلامية من العوامل المساعدة لقيام التكامل الاقتصادي ما يفوق
غيرها من الدول، ولعل من أبرز هذه العوامل ما يأتي :
أ-
وحدة العقيدة بين المسلمين والتي تعد أقوى رباط يمكن أن يجمع بين أي تكتل،
ذلك أن رباط الدين أقوى من كل الروابط العرقية والقومية والجغرافية
والسياسية... ، يقول تعالى: ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[v]، فالمسلمون يشعرون في قرارة أنفسهم أنهم أمة واحدة على الرغم مما حل بهم من مآسي وتفرق بسبب بعدهم عن عقيدتهم.
ب - توافر الموارد الاقتصادية وتنوعها وتوزعها بين الدول الإسلامية.
ج- اتساع السوق وكبر حجم السكان، والانتشار الجغرافي (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vi].
2- التدرج في تحرير الأسواق المالية :
تتصف أسواق الأوراق المالية في الدول الإسلامية بعامة - كغالبية الدول
النامية- بعدد من السلبيات التي تؤثر على دورها الاقتصادي، ولعل من أهم
هذه السلبيات :
أ-
أن نشأتها كانت معتمدة على المنهج الرأسمالي الربوي الذي لا يتوافق مع
الطبيعة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة للدول الإسلامية.
ب- ارتباط هذه الأسواق بالأسواق المالية الغربية، مما نتج عنه عدة آثار سلبية، منها :
1) التبعية شبه المطلقة في الفكر المالي من حيث الهياكل ونمط الإدارة ونوعية الأدوات المالية المتداولة.... الخ.
2) الاهتمام
بتطوير أدوات مالية تقليدية ( كالسندات ) تغذي السوق ولكنها لا تتوافق مع
حاجات الدول الإسلامية التنموية، ولا مع معتقداتها.
3) اعتماد
معظم الدول الإسلامية على الأسواق المالية الدولية، سواء في تمويل العجز
في موازين المدفوعات، أو في تمويل برامجها التنموية. وكذا في الجانب
الآخر، عند وجود فائض فإن الأسواق المالية الدولية هي المكان الملائم
لتوظيف تلك الفوائض، وأصبحت الأسواق المالية الإسلامية المحلية مجرد وسيط
بالعمولة.
ج
- اتصاف الأسواق المالية في الدول الإسلامية بالضيق وعدم العمق، وذلك ناتج
عن محدودية أنواع الأدوات المالية المتداولة، ومحدودية انتشار هذه الأدوات
بين المستثمرين.
د
- أن معظم التشريعات المنظمة للأسواق المالية في الدول الإسلامية تعد من
الأسباب المعوقة لفاعلية ودور هذه الأسواق، ويمكن إرجاع ذلك لأسباب عدة
لعل من أبرزها البيروقراطية الإدارية الموجودة في غالبية الدول النامية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vii].
ولذا، فإن على الدول الإسلامية في ظل واقعها الحالي، ولكي تتمكن من مواجهة
تيار العولمة الاقتصادية في مجال الأسواق المالية العمل على :
1.
التدرج في تحرير أسواق الأوراق المالية، وعدم التسرع أو الاندفاع نحو
تحقيق الاندماج المالي قبل تقوية بنية وهيكل الاقتصاديات السلعية الوطنية،
وكذا إصلاح أوضاع الأسواق المالية؛ سواء من حيث الضوابط التنظيمية أو
الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وحاجات التنمية
الاقتصادية في هذه الدول. وذلك من أجل أن تكون هذه الدول قادرة علي
الاستفادة الايجابية من هذا الاندماج، وكذا قادرة على مقاومة الصدمات
الخارجية المتوقعة بعد تحرير هذه الأسواق.
2. وضع ضوابط وقيود تنظيمية فيما يتعلق بتداول وتملك الأجانب للأدوات المالية المحلية.
3.
تنظيم عمليات الاقتراض الخارجي قصير الأجل بالعملات الأجنبية؛ فمن المعلوم
أن هذا النوع من رؤوس الأموال يتميز بخصائص عدة؛ من أهمها :
ـ
ارتفاع تكلفة التمويل، مما يستلزم استخدامه في مشروعات استثمارية تتمتع
بارتفاع عائدها بالقدر الذي يمكن من سداد تكلفة الاقتراض وتحقيق فائض
يستفيد منه الاقتصاد الوطني.
ـ
قصر فترة السداد بالإضافة إلى عدم وجود فترة سماح، وبالتالي فإنه يلقي
بأعبائه على الاقتصاد الوطني في وقت مبكر من الحصول عليه، الأمر الذي
يقتضي قصر استخدام الاقتراض قصير الأجل على تمويل مشروعات تتمتع بتحقيق
عائد سريع، مثل تمويل عمليات الاستيراد والتصدير أو المشروعات الصناعية
الخفيفة.
4.
العمل على إنشاء أو تأسيس سوق مالية إسلامية دولية تكون مسئولة عن تنظيم
وتطوير الأدوات المالية الإسلامية، وتتيح في نفس الوقت تداول تلك الأدوات
في الدول الإسلامية.
5.
العمل على استغلال الميزة النسبية المتوافرة لدى المصارف الإسلامية (عدم
التعامل بالربا)، كي تتمكن من مواجهة تيار العولمة والمنافسة غير
المتكافئة بين البنوك الدولية الكبرى، وبين البنوك المحلية ومنها البنوك
الإسلامية، والتي لا تزال غير مهيأة لمواجهة هذه المنافسة نظراً لمحدودية
أحجامها، وتواضع إمكانياتها الاقتصادية وضعف خدماتها مقارنة بالبنوك
الدولية، ولا يمكن للبنوك الإسلامية المواجهة إلا من خلال:
ـ استغلال الميزة النسبية الخاصة بالبنوك الإسلامية.
ـ العمل على تكامل أو اندماج البنوك الإسلامية.
ـ
تطوير الأساليب والممارسات المصرفية باستخدام أحدث التقنيات المتاحة في
العالم والعمل على ابتكار أدوات تمويلية واستثمارية جديدة.
ـ تعزيز الدور الاجتماعي للبنوك الإسلامية، والذي تغافلت عنه كثير من البنوك الإسلامية تحت دافع الربح (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[viii].
3- عدم الاندفاع نحو التخصيص :
يعتبر
الإسلام الدولة مؤسسة عليا لا غنى عنها لانتظام نمط الحياة ، وهو في هذا
يختلف جذرياً مع كل من الرأسمالية والاشتراكية فالدولة في النظام
الرأسمالي الحر يجب أن تظل محايدة من الناحية الاقتصادية، ولكن الأزمات
الاقتصادية الحادة التي مرت بها الرأسمالية أدت إلى إحداث تعديلات على هذه
النظرة، وأصبحت الدولة تقوم بدور أكبر في المجال الاقتصادي. كما يختلف
الإسلام في النظر للدولة عن الفكر الاشتراكي الذي يعد الدولة نتاجاً
برجوازياً ووجودها دليل على الاستغلال والتحكم. أما دور الدولة وتدخلها في
النشاط الاقتصادي في الإسلام فهو منوط بالمصلحة، بحيث لا يؤدي إلى إلغاء
المبادرة الفردية التي هي أساس النشاط الاقتصادي في المجتمع الإسلامي ومن
ثم فإن الدور الرئيس للدولة يتمثل في حماية حقوق الأفراد، وحفظ المصالح
العامة، والدفاع عن حدود الدولة الإسلامية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ix]
، أما بقية المجالات في متروكة للقطاع الخاص أو لعدد من المؤسسات
الاجتماعية الأخرى للقيام بها( كالزكاة والأوقاف... )، ولذا فإن التخصيص
كما ينادي به في العصر الحاضر هو منهج إسلامي أصيل، قبل أن يكون هدفاً
للسياسات الإصلاحية لصندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات والهيئات
الدولية. ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للدول الإسلامية في
العصر الحاضر، ونظراً لمفهوم الدولة المعاصر ودورها في الحياة الاقتصادية،
وفي ظل تهديد تيار العولمة الاقتصادية، فإن من الواجب على الدول الإسلامية
المحافظة على دور رئيس للدولة في النشاط الاقتصادي بحسب درجة النمو
الاقتصادي التي وصل إليها البلد، وقد يكتفي بالدور التوجيهي أو التخطيط
التأشيري، حتى لا ينحرف النشاط الاقتصادي تحت تأثير تحرير الأسواق والسلع
إلى ما قد يعود بالضرر على الاقتصاد الوطني.
4 - الأخذ بالأساليب العلمية والتقنية الملائمة :
من المستلزمات الضرورية لمواجهة تيار العولمة الاقتصادية السعي الحثيث
للأخذ بالأساليب العملية والتقنية الملائمة لحاجات التنمية الاقتصادية في
هذه الدول، وهذا يعنى أنه ليس بالضرورة أن تكون أحدث المخترعات والصيحات
في العالم هي الهدف، بل ما يتوافق وأوضاع وظروف هذه الدول ويلبي
احتياجاتها الفعلية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[x].
5 - الاهتمام برأس المال البشري:
تعاني الدول الإسلامية بعامة من تخلف مستوي التقنية وأساليب الإنتاج فيها،
مما يرجع في جانب كبير منه إلى ضعف برامج التعليم والتدريب وارتفاع نسبة
الأمية وضآلة جهود البحث العلمي وانعدام روح المبادرة والابتكار...الخ،
وتشير بعض البيانات المتاحة إلى أن :
-
نسبة الإنفاق على البحوث والتطوير العلمي في الدول النامية إجمالاً ( بما
فيها الدول الإسلامية ) تبلغ ( 1.6 % ) من مجموع إنفاق دول العالم على هذا
المجال.
-
نسبة الإنفاق العام على التعليم في الدول النامية بلغت ( 3.8 % ) من
إجمالي الناتج القومي عام 1997 م، بينما بلغت هذه النسبة في دول منظمة
التعاون الاقتصادي والتنمية. ( 5 % ) خلال نفس الفترة (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xi].
-
نسبة الإنفاق على البحث العلمي في الدول المتقدمة تتراوح بين (2-4 % ) من
إجمالي ناتجها القومي، بينما لا تنفق الدول النامية في المتوسط إلا( 0.3%)
من ناتجها القومي فقط (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xii].
ولذا،
فإن إعداد سياسات فاعلة لتنمية راس المال البشري، وبخاصة في مجالات
التعليم والتدريب والبحث العلمي، تعد من العناصر الرئيسة التي يجب
الاهتمام بها من قبل الدول الإسلامية.
6 - تفعيل الدور السياسي والاقتصادي لدول العالم الإسلامي:
حيث
يشكل العالم الإسلامي أكثر من خمس سكان العالم ، ومع ذلك فإن مشاركتهم في
صنع القرارات الاقتصادية والسياسية شبه معدومة ، ومن هنا يجب على الدول
الإسلامية السعي بشكل جدي ومنسق ( عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي مثلاً )
لتوحيد مواقفها تجاه الكثير من القضايا المعاصرة ؛ ومن ذلك تمكينها من
القيام بدور أكبر في المحادثات متعددة الأطراف في منظمة التجارة العالمية
، وتعد مبادرة الاتحاد الأوربي تجاه الدول النامية بعامة " كل شيء فيما
عدا السلاح " ، خطوة مهمة في هذا الاتجاه يجب استثمارها وتفعيلها .
خاتمة وتوصيات:
في ظل التطورات السريعة التي تطرأ على الاقتصاد العالمي في السنوات
الأخيرة يجب أن يكون أبناء الأمة وعلماؤها على يقظة تامة للكشف عن
التحديات والمشكلات التي تواجه دولهم.
وفي
هذا الإطار وقع اختيارنا لدراسة موضوع العولمة الاقتصادية وآثارها على
اقتصاديات العالم الإسلامي. وفي نهاية هذا البحث يمكننا استخلاص النتائج
وتقديم التوصيات الآتية :
1- إذا
كانت هناك ثمة مخاطر أو سلبيات للعولمة الاقتصادية يمكن أن تهدد مسارات
التنمية الاقتصادية في الدول النامية ومنها الدول الإسلامية، فإنها
بالمقابل تتيح فرصا مواتية يمكن الاستفادة منها في مجالات متعددة أهمها
زيادة الصادرات و وتسهيل نقل التكنولوجيا وإثارة الهمم لزيادة درجة
التنافسية الدولية. فسلبيات العولمة لا يمكن أن تحجب الضوء عن حفنة من
مزاياها وفوائدها.
2- إن
التصدي للعولمة الاقتصادية لا يكون من خلال رفضها, وإلا سيكون ثمن ذلك
فقدان الدور والقوة بل وربما المستقبل بأكمله مما يعني حتمية الاستجابة
المبدعة لمواجهة العولمة أو بمعنى آخر التفاعل الإيجابي معها.
3- إن فرص استفادة الدول الإسلامية من العولمة تتوقف على عدة اعتبارات هامة:
أ- إنجاز
مهمة التحديث الاقتصادي ورفع مستوى الكفاءة الاقتصادية, وذلك عن طريق رسم
السياسات التعليمية والعلمية التقنية الفعالة – إفساح المجال أمام القطاع
الخاص دون تخلي الدولة عن دورها الفعال في الاقتصاد في تحقيق الاستقرار
الاقتصادي الكلي – التدرج في تحرير الأسواق المالية – الاهتمام بالنشاط
التصديري ورفع مستوى جودة الإنتاج.
ب- تفعيل
التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، وذلك بهدف إيجاد كيانات
اقتصادية كبرى قادرة على المنافسة الدولية، كما أن التكتل الاقتصادي سيعضد
موقف الدول الإسلامية في التفاوض مع الدول الصناعية والمنظمات الدولية
لتحقيق مصالحها الاقتصادية.
......
يتبع
لكن
تتمكن الدول الإسلامية من مواجهة أخطار العولمة الاقتصادية والاستفادة
والتمتع بأكبر قدر من مزاياها وتفادي أو التقليل من آثارها السلبية، فإنها
– كمجموعة- ملزمة بتطوير عناصر القوة الاقتصادية والسياسية والتقنية
لديها، وذلك يتطلب عدم المصادمة معها، أو التقوقع والانكماش، بل السعي
للتعامل الايجابي مع هذه العولمة. ومن أهم الآليات والوسائل المساعدة لذلك
ما يأتي:
1 - التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية :
حيث يؤدى التكامل الاقتصادي إلى توزيع المنافع الاقتصادية بين الدول التي
دخلت في برنامج التكامل، كما أن ذلك سبيل إلى تحقيق الاستفادة من المزايا
النسبية المتوافرة في كل دولة، مما ينتج عنه زيادة الإنتاجية واتساع نطاق
التبادل التجاري بين هذه الدول. ويمكن إيجاز أبرز منافع التكامل الاقتصادي
في النقاط الآتية :
أ- اتساع
نطاق السوق مما ينتج عنه : زيادة القوة التفاوضية مع الكتل الاقتصادية
الأخرى ، بالإضافة إلى وفورات الإنتاج الداخلية والخارجية، أو ما يسمى
اقتصاديات الحجم الكبير وذلك لأن من أعقد المشكلات التي تواجه التوسع في
الإنتاج وزيادة الكفاءة الإنتاجية هي ضيق السوق. ولذا فإن اتساع السوق
واندماج الأسواق الوطنية يؤدى إلى مزيد من التخصص وتقسيم العمل بين الدول
المتكاملة وفق المزايا النسبية الحقيقية، وهذا يترتب عليه أو ينتج عنه رفع
الكفاءة الإنتاجية وزيادة المقدرة على المنافسة الدولية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[i].
ب
– ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وزيادة مستوى التشغيل والإنتاج، ذلك أن
التكامل الاقتصادي سينعكس ايجابياً على التوقعات المستقبلية لمتخذي
القرارات الاستثمارية، فاتساع الأسواق يؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين في
تصريف الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات، فزيادة الدخول، ومن ثم
زيادة الطلب الفعال، وزيادة التوظف، مما ينعكس في النهاية على معدل النمو
الاقتصادي بالارتفاع، وهذا بخلاف الأثر غير المباشر أو الارتدادي على
انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى داخل الدول الإسلامية، مما يترتب عليه
ارتفاع إضافي في مستوي الاستثمار والتشغيل، وكذا نقل الأساليب الفنية
الحديثة.
ج
– تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة في الدول المتكاملة، ذلك أن
التكامل الاقتصادي يستهدف إزالة كافة القيود المعوقة لحرية انتقال عناصر
الإنتاج بين الدول المشتركة في التكامل، وينتج عن ذلك الاستفادة الجماعية
المثلى من تنوع الموارد الطبيعية والمالية والبشرية، مما يمكنها من تحقيق
التنمية الاقتصادية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ii].
د - تنويع سلة الإنتاج والصادرات السلعية والخدمية في إطار من التنسيق بين الدول المشتركة في برنامج التكامل.
هـ
- زيادة التجارة البينية بفعل الترتيبات التكاملية بين الدول المشتركة في
التكتل أو التكامل الاقتصادي، مما يؤدى إلى تحسين معدلات التبادل الدولي
لصالح هذه الدول، وهذا يؤدي إلى :
·
انخفاض الاعتماد على الدول الأخرى ( خارج التكتل ) في التجارة الخارجية،
مما يعنى انخفاض درجة التبعية الاقتصادية للعالم الخارجي، ومن ثم انخفاض
مخاطر التقلبات والتذبذبات في أسعار الصادرات والواردات.
· التعامل مع الشركات متعددة الجنسية كجبهة إسلامية واحدة، أو كقوة أو كتلة اقتصادية واحدة، وليس كدول هامشية ضعيفة.
· المشاركة
في صنع القرارات داخل المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، بدلاً من
وضعها الحالي والذي لا يعدو كونها متلقياً ومنفذاً للسياسات التي تفرضها
هذه المؤسسات، وذلك على الرغم من عدم مراعاة هذه السياسات في كثير من
الأحيان للأوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالدول الإسلامية.
· التعامل
الانتقائي مع العولمة الاقتصادية بما يخدم أهداف وتوجهات ومصالح الدول
الإسلامية المشتركة في برنامج التكامل الاقتصادي، ومقاومة حالات الاندماج
اللاإرادي في الاقتصاد العالمي.
· الاستفادة
من الاستثناءات الممنوحة للكتل الاقتصادية والمنصوص عليها في اتفاقية
منظمة التجارة العالمية، بما يساعد على مواجهة العولمة الاقتصادية وعدم
استقطاب الدول الإسلامية داخلها (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iii].
ومع كل هذه المزايا المتوقعة للتكامل الاقتصادي إلا أن هناك بعض العقبات
أو العوائق التي تقف في وجه الدول الإسلامية أثناء سعيها لتحقيق هذا
التكامل، لعل من أبرزها :
أ - التفاوت في المستوى الاقتصادي واختلاف أساليب ووسائل وأولويات التخطيط بين دولة وأخرى.
ب - ضعف واختلال الهياكل الإنتاجية، والتشابه في الاعتماد على القطاع الأولي، مما يجعل هذه الدول أقرب إلى التنافس منها إلى التكامل.
ج
- اختلاف النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يؤدي إلى اختلاف
دور الدولة ومدى تدخلها في النشاط الاقتصادي من دولة لأخرى.
د
- سيادة فكرة القومية بحسب مفهومها الغربي وطغيان مسألة السيادة الوطنية
والإقليمية على فكرة الدولة الإسلامية، وتعد هذه المسألة من أكبر العقبات؛
ذلك أن مثل هذا الشعور يؤدي إلى أن تكون إجراءات التكامل الاقتصادي
انتقاصا من السيادة الوطنية التي تسعى هذه الدول للحفاظ عليها.
هـ - تدخل الاعتبارات السياسية في القرارات التكاملية.
و-
عدم وجود معايير موضوعية مقبولة لتنويع التخصصات وتقسيم العمل بين الدول،
وكذا عدم وجود معايير واضحة ومقبولة لتوزيع أعباء وعوائد التكامل.
ز - الجهود الكبيرة للشركات متعددة الجنسية في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، وبالتالي السعي لعرقلة أية جهود إقليمية في هذا الشأن (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[iv].
وعلى الرغم من وجود هذه العقبات وغيرها، إلا أن مقومات تكامل الدول
الإسلامية كبيرة، بل وتتغلب مع الإرادة الصادقة على تلك العقبات، حيث أن
لدى الدول الإسلامية من العوامل المساعدة لقيام التكامل الاقتصادي ما يفوق
غيرها من الدول، ولعل من أبرز هذه العوامل ما يأتي :
أ-
وحدة العقيدة بين المسلمين والتي تعد أقوى رباط يمكن أن يجمع بين أي تكتل،
ذلك أن رباط الدين أقوى من كل الروابط العرقية والقومية والجغرافية
والسياسية... ، يقول تعالى: ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[v]، فالمسلمون يشعرون في قرارة أنفسهم أنهم أمة واحدة على الرغم مما حل بهم من مآسي وتفرق بسبب بعدهم عن عقيدتهم.
ب - توافر الموارد الاقتصادية وتنوعها وتوزعها بين الدول الإسلامية.
ج- اتساع السوق وكبر حجم السكان، والانتشار الجغرافي (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vi].
2- التدرج في تحرير الأسواق المالية :
تتصف أسواق الأوراق المالية في الدول الإسلامية بعامة - كغالبية الدول
النامية- بعدد من السلبيات التي تؤثر على دورها الاقتصادي، ولعل من أهم
هذه السلبيات :
أ-
أن نشأتها كانت معتمدة على المنهج الرأسمالي الربوي الذي لا يتوافق مع
الطبيعة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة للدول الإسلامية.
ب- ارتباط هذه الأسواق بالأسواق المالية الغربية، مما نتج عنه عدة آثار سلبية، منها :
1) التبعية شبه المطلقة في الفكر المالي من حيث الهياكل ونمط الإدارة ونوعية الأدوات المالية المتداولة.... الخ.
2) الاهتمام
بتطوير أدوات مالية تقليدية ( كالسندات ) تغذي السوق ولكنها لا تتوافق مع
حاجات الدول الإسلامية التنموية، ولا مع معتقداتها.
3) اعتماد
معظم الدول الإسلامية على الأسواق المالية الدولية، سواء في تمويل العجز
في موازين المدفوعات، أو في تمويل برامجها التنموية. وكذا في الجانب
الآخر، عند وجود فائض فإن الأسواق المالية الدولية هي المكان الملائم
لتوظيف تلك الفوائض، وأصبحت الأسواق المالية الإسلامية المحلية مجرد وسيط
بالعمولة.
ج
- اتصاف الأسواق المالية في الدول الإسلامية بالضيق وعدم العمق، وذلك ناتج
عن محدودية أنواع الأدوات المالية المتداولة، ومحدودية انتشار هذه الأدوات
بين المستثمرين.
د
- أن معظم التشريعات المنظمة للأسواق المالية في الدول الإسلامية تعد من
الأسباب المعوقة لفاعلية ودور هذه الأسواق، ويمكن إرجاع ذلك لأسباب عدة
لعل من أبرزها البيروقراطية الإدارية الموجودة في غالبية الدول النامية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[vii].
ولذا، فإن على الدول الإسلامية في ظل واقعها الحالي، ولكي تتمكن من مواجهة
تيار العولمة الاقتصادية في مجال الأسواق المالية العمل على :
1.
التدرج في تحرير أسواق الأوراق المالية، وعدم التسرع أو الاندفاع نحو
تحقيق الاندماج المالي قبل تقوية بنية وهيكل الاقتصاديات السلعية الوطنية،
وكذا إصلاح أوضاع الأسواق المالية؛ سواء من حيث الضوابط التنظيمية أو
الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وحاجات التنمية
الاقتصادية في هذه الدول. وذلك من أجل أن تكون هذه الدول قادرة علي
الاستفادة الايجابية من هذا الاندماج، وكذا قادرة على مقاومة الصدمات
الخارجية المتوقعة بعد تحرير هذه الأسواق.
2. وضع ضوابط وقيود تنظيمية فيما يتعلق بتداول وتملك الأجانب للأدوات المالية المحلية.
3.
تنظيم عمليات الاقتراض الخارجي قصير الأجل بالعملات الأجنبية؛ فمن المعلوم
أن هذا النوع من رؤوس الأموال يتميز بخصائص عدة؛ من أهمها :
ـ
ارتفاع تكلفة التمويل، مما يستلزم استخدامه في مشروعات استثمارية تتمتع
بارتفاع عائدها بالقدر الذي يمكن من سداد تكلفة الاقتراض وتحقيق فائض
يستفيد منه الاقتصاد الوطني.
ـ
قصر فترة السداد بالإضافة إلى عدم وجود فترة سماح، وبالتالي فإنه يلقي
بأعبائه على الاقتصاد الوطني في وقت مبكر من الحصول عليه، الأمر الذي
يقتضي قصر استخدام الاقتراض قصير الأجل على تمويل مشروعات تتمتع بتحقيق
عائد سريع، مثل تمويل عمليات الاستيراد والتصدير أو المشروعات الصناعية
الخفيفة.
4.
العمل على إنشاء أو تأسيس سوق مالية إسلامية دولية تكون مسئولة عن تنظيم
وتطوير الأدوات المالية الإسلامية، وتتيح في نفس الوقت تداول تلك الأدوات
في الدول الإسلامية.
5.
العمل على استغلال الميزة النسبية المتوافرة لدى المصارف الإسلامية (عدم
التعامل بالربا)، كي تتمكن من مواجهة تيار العولمة والمنافسة غير
المتكافئة بين البنوك الدولية الكبرى، وبين البنوك المحلية ومنها البنوك
الإسلامية، والتي لا تزال غير مهيأة لمواجهة هذه المنافسة نظراً لمحدودية
أحجامها، وتواضع إمكانياتها الاقتصادية وضعف خدماتها مقارنة بالبنوك
الدولية، ولا يمكن للبنوك الإسلامية المواجهة إلا من خلال:
ـ استغلال الميزة النسبية الخاصة بالبنوك الإسلامية.
ـ العمل على تكامل أو اندماج البنوك الإسلامية.
ـ
تطوير الأساليب والممارسات المصرفية باستخدام أحدث التقنيات المتاحة في
العالم والعمل على ابتكار أدوات تمويلية واستثمارية جديدة.
ـ تعزيز الدور الاجتماعي للبنوك الإسلامية، والذي تغافلت عنه كثير من البنوك الإسلامية تحت دافع الربح (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[viii].
3- عدم الاندفاع نحو التخصيص :
يعتبر
الإسلام الدولة مؤسسة عليا لا غنى عنها لانتظام نمط الحياة ، وهو في هذا
يختلف جذرياً مع كل من الرأسمالية والاشتراكية فالدولة في النظام
الرأسمالي الحر يجب أن تظل محايدة من الناحية الاقتصادية، ولكن الأزمات
الاقتصادية الحادة التي مرت بها الرأسمالية أدت إلى إحداث تعديلات على هذه
النظرة، وأصبحت الدولة تقوم بدور أكبر في المجال الاقتصادي. كما يختلف
الإسلام في النظر للدولة عن الفكر الاشتراكي الذي يعد الدولة نتاجاً
برجوازياً ووجودها دليل على الاستغلال والتحكم. أما دور الدولة وتدخلها في
النشاط الاقتصادي في الإسلام فهو منوط بالمصلحة، بحيث لا يؤدي إلى إلغاء
المبادرة الفردية التي هي أساس النشاط الاقتصادي في المجتمع الإسلامي ومن
ثم فإن الدور الرئيس للدولة يتمثل في حماية حقوق الأفراد، وحفظ المصالح
العامة، والدفاع عن حدود الدولة الإسلامية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[ix]
، أما بقية المجالات في متروكة للقطاع الخاص أو لعدد من المؤسسات
الاجتماعية الأخرى للقيام بها( كالزكاة والأوقاف... )، ولذا فإن التخصيص
كما ينادي به في العصر الحاضر هو منهج إسلامي أصيل، قبل أن يكون هدفاً
للسياسات الإصلاحية لصندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات والهيئات
الدولية. ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للدول الإسلامية في
العصر الحاضر، ونظراً لمفهوم الدولة المعاصر ودورها في الحياة الاقتصادية،
وفي ظل تهديد تيار العولمة الاقتصادية، فإن من الواجب على الدول الإسلامية
المحافظة على دور رئيس للدولة في النشاط الاقتصادي بحسب درجة النمو
الاقتصادي التي وصل إليها البلد، وقد يكتفي بالدور التوجيهي أو التخطيط
التأشيري، حتى لا ينحرف النشاط الاقتصادي تحت تأثير تحرير الأسواق والسلع
إلى ما قد يعود بالضرر على الاقتصاد الوطني.
4 - الأخذ بالأساليب العلمية والتقنية الملائمة :
من المستلزمات الضرورية لمواجهة تيار العولمة الاقتصادية السعي الحثيث
للأخذ بالأساليب العملية والتقنية الملائمة لحاجات التنمية الاقتصادية في
هذه الدول، وهذا يعنى أنه ليس بالضرورة أن تكون أحدث المخترعات والصيحات
في العالم هي الهدف، بل ما يتوافق وأوضاع وظروف هذه الدول ويلبي
احتياجاتها الفعلية (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[x].
5 - الاهتمام برأس المال البشري:
تعاني الدول الإسلامية بعامة من تخلف مستوي التقنية وأساليب الإنتاج فيها،
مما يرجع في جانب كبير منه إلى ضعف برامج التعليم والتدريب وارتفاع نسبة
الأمية وضآلة جهود البحث العلمي وانعدام روح المبادرة والابتكار...الخ،
وتشير بعض البيانات المتاحة إلى أن :
-
نسبة الإنفاق على البحوث والتطوير العلمي في الدول النامية إجمالاً ( بما
فيها الدول الإسلامية ) تبلغ ( 1.6 % ) من مجموع إنفاق دول العالم على هذا
المجال.
-
نسبة الإنفاق العام على التعليم في الدول النامية بلغت ( 3.8 % ) من
إجمالي الناتج القومي عام 1997 م، بينما بلغت هذه النسبة في دول منظمة
التعاون الاقتصادي والتنمية. ( 5 % ) خلال نفس الفترة (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xi].
-
نسبة الإنفاق على البحث العلمي في الدول المتقدمة تتراوح بين (2-4 % ) من
إجمالي ناتجها القومي، بينما لا تنفق الدول النامية في المتوسط إلا( 0.3%)
من ناتجها القومي فقط (دول العالم الإسلامي والعولمة الاقتصادية)[xii].
ولذا،
فإن إعداد سياسات فاعلة لتنمية راس المال البشري، وبخاصة في مجالات
التعليم والتدريب والبحث العلمي، تعد من العناصر الرئيسة التي يجب
الاهتمام بها من قبل الدول الإسلامية.
6 - تفعيل الدور السياسي والاقتصادي لدول العالم الإسلامي:
حيث
يشكل العالم الإسلامي أكثر من خمس سكان العالم ، ومع ذلك فإن مشاركتهم في
صنع القرارات الاقتصادية والسياسية شبه معدومة ، ومن هنا يجب على الدول
الإسلامية السعي بشكل جدي ومنسق ( عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي مثلاً )
لتوحيد مواقفها تجاه الكثير من القضايا المعاصرة ؛ ومن ذلك تمكينها من
القيام بدور أكبر في المحادثات متعددة الأطراف في منظمة التجارة العالمية
، وتعد مبادرة الاتحاد الأوربي تجاه الدول النامية بعامة " كل شيء فيما
عدا السلاح " ، خطوة مهمة في هذا الاتجاه يجب استثمارها وتفعيلها .
خاتمة وتوصيات:
في ظل التطورات السريعة التي تطرأ على الاقتصاد العالمي في السنوات
الأخيرة يجب أن يكون أبناء الأمة وعلماؤها على يقظة تامة للكشف عن
التحديات والمشكلات التي تواجه دولهم.
وفي
هذا الإطار وقع اختيارنا لدراسة موضوع العولمة الاقتصادية وآثارها على
اقتصاديات العالم الإسلامي. وفي نهاية هذا البحث يمكننا استخلاص النتائج
وتقديم التوصيات الآتية :
1- إذا
كانت هناك ثمة مخاطر أو سلبيات للعولمة الاقتصادية يمكن أن تهدد مسارات
التنمية الاقتصادية في الدول النامية ومنها الدول الإسلامية، فإنها
بالمقابل تتيح فرصا مواتية يمكن الاستفادة منها في مجالات متعددة أهمها
زيادة الصادرات و وتسهيل نقل التكنولوجيا وإثارة الهمم لزيادة درجة
التنافسية الدولية. فسلبيات العولمة لا يمكن أن تحجب الضوء عن حفنة من
مزاياها وفوائدها.
2- إن
التصدي للعولمة الاقتصادية لا يكون من خلال رفضها, وإلا سيكون ثمن ذلك
فقدان الدور والقوة بل وربما المستقبل بأكمله مما يعني حتمية الاستجابة
المبدعة لمواجهة العولمة أو بمعنى آخر التفاعل الإيجابي معها.
3- إن فرص استفادة الدول الإسلامية من العولمة تتوقف على عدة اعتبارات هامة:
أ- إنجاز
مهمة التحديث الاقتصادي ورفع مستوى الكفاءة الاقتصادية, وذلك عن طريق رسم
السياسات التعليمية والعلمية التقنية الفعالة – إفساح المجال أمام القطاع
الخاص دون تخلي الدولة عن دورها الفعال في الاقتصاد في تحقيق الاستقرار
الاقتصادي الكلي – التدرج في تحرير الأسواق المالية – الاهتمام بالنشاط
التصديري ورفع مستوى جودة الإنتاج.
ب- تفعيل
التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، وذلك بهدف إيجاد كيانات
اقتصادية كبرى قادرة على المنافسة الدولية، كما أن التكتل الاقتصادي سيعضد
موقف الدول الإسلامية في التفاوض مع الدول الصناعية والمنظمات الدولية
لتحقيق مصالحها الاقتصادية.
......
يتبع
قديسة المطر- ♛ الفخامة ♛
- جائزه تسجيل للعام 10 اعوامتاج 100 موضوعجائزه عدد النقاطتاج المواضيععدد المشاركات بالمواضيع المميزهوسام التميزجائزة الاعضاء المبدعونجائزه المواضيع امميزه
- عدد الرسائل : 1133
العمل/الترفيه : الفكر..
الابراج :
الموقع : https://stst.yoo7.com
احترام القانون :
المزاج : تذكرني بكــره
نقاط : 17003
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
تعاليق : يغــار [ قلبـي ] كثر ماتحبك الناس
ومن طيبك أعذر كل منهو ][ يحبـك ][
مدام كل [ الناس ] بـك ترفع الراس
أنا أول أنسان وقف ][ يفتخر بك ][
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» السياسات الاقتصادية
» علم الاقتصاد والمشكلة الاقتصادية :
» 140 بحث متنوع ذو تخصص اقتصاد
» دور المشروعات العامة في التنمية الاقتصادية
» أعلام الاقتصاد الإسلامي
» علم الاقتصاد والمشكلة الاقتصادية :
» 140 بحث متنوع ذو تخصص اقتصاد
» دور المشروعات العامة في التنمية الاقتصادية
» أعلام الاقتصاد الإسلامي
منتـديات مكتـــوب الاستراتيجية للبحث العلمي MAKTOOB :: الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: رسـائل ماجستـيــر ودكتـــوراة و بـحـوث جـامعيـة الابحــاث الأدبيــة والإداريـــة :: ابحاث الاقتصاد والتجارة
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى